مما لا شك فيه ؛ ان كل الموازنات العراقية السابقة والحالية لا تمثل مصالح العراق والامة العراقية والاغلبية العراقية المغبونة ؛ بقدر ما تمثل تحقيق املاءات واوامر الامريكان و تقوية النفوذ البريطاني ؛ وتحقيق مصالح دول الجوار والاقليم ؛ وضمان استثمارات القوى الدولية الكبرى ؛ فقد ذكرت احدى الصحف الروسية ان عدد الدول المستفيدة من الثروات العراقية – بصورة مباشرة وغير مباشرة – 45 دولة تقريبا ؛ واظنكم سمعتم بفقرات هذه الموازنة والتي تضمنت اقرار مساعدات مالية لجزر القمر وغيرها ... ؛ وكل هذه الاجراءات المنكوسة والقرارات التعسفية تتم برعاية الامريكان ؛ وهدفها الحاق الضرر بالعراق وافلاس الامة العراقية .
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وسقوط نظام البعث الصدامي الاجرامي ، سعت سلطة الاحتلال الامريكي إلى تشكيل نظام عراقي ديمقراطي برلماني ؛ مع شرط المحافظة على نفوذ الامريكان في هذه التجربة السياسية الجديدة ؛ ولم يكتف الامريكان بالتدخل الشكلي بل طلبوا من العراقيين ؛ بقاء واستمرار نفوذ الولايات المتحدة فيه على المستوى البنيوي.
و لعل من اهم ظواهر النفوذ والتدخل الامريكي في العراق ؛ السيطرة التامة على الحركة الاقتصادية في بلاد الرافدين ؛ اذ وضع العراق بعد عام 2003 تحت الوصاية الامريكية والبند السابع ... ؛ وتحت ذريعة المطالبة بالتعويضات لبعض الدول المتضررة من سياسات صدام ضدها ؛ تم وضع أموال العراق المتأتية من بيع النفط - الإيرادات النفطية - في البنك الفدرالي الأمريكي كي تحميه من مطالب التعويض – كما تتدعي - ؛ و تم تأسيس البنك المركزي العراقي ذي القانون 56 لسنة 2004 وفق صلاحية الإدارة المؤقتة لسلطة الائتلاف التي تدير العراق ... , ومنذ ذلك الوقت والى اليوم تذهب الإيرادات النفطية نتيجة بيع العراق للنفط الى البنك الفدرالي الأمريكي بعد استقطاع 5 % من تلك الأموال كتعويضات لدولة الكويت، والتي تم سدادها كاملة ؛ وللعلم الكويت من الدول القليلة التي رفضت اسقاط الديون عن العراق .
وبعد ذلك تتحول الى حساب البنك المركزي العراقي , بعد ارسال طلب من وزارة المالية العراقي الذي يوضح اين سيتم صرف تلك الأموال , وحيث يتم تدقيق تلك الطلبات من قبل الفدرالي وهذه العملية تستغرق بحدود 20 يوم... ؛ و تنقل تلك الأموال الى البنك المركزي العراقي في بغداد بطائرات محملة بتلك الأموال وعن طريق الطائرات ؛ وحيث ان كل طائرة تحمل نصف مليار دولار ؛ الأمر الذي يرتب على هذه العملية أجور نقل وحماية وتامين تُدفع من الخزينة العراقية للأمريكان ؛ بالإضافة الى الكثير من التداعيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الخطيرة التي يتسبب بها هذا الاجراء الامريكي .
للعلم وكما قلنا سابقا ان سبب وضع الأموال في الفدرالي الأمريكي وعلى لسان القادة الامريكان هو لحفظ الأموال من الحجز من قبل طالبي التعويض من النظام السابق، لكن هذا الامر فيه عدة ملاحظات منها :
أ – ان العراق قام بتسديد جميع الديون المترتبة عليه نتيجة استرجاع نظام صدام للكويت وما ترتب عليه من تعويضات المتضررين من نظامه.
ب – من غير الممكن ان تحجز أموال العراق من قبل أي مدعي او نظام او شركة دون قرار قضائي دولي صادر من محكمة العدل الدولية او مجلس الامن ؛ وهذا يستبعد هذا الاحتمال إضافة الى عدم وجود دعاوي الان.
ج – ان أموال البنوك المركزية ومنها البنك المركزي العراقي هي أموال سيادية، وعادة ما يكون الحجز على أموال الحكومة أي التابعة لوزارة المالية وليس التابعة للبنك المركزي، وهذا أيضا ينفي حاجة الوصاية الامريكية .
النتائج والاستنتاجات
ان الخطوة التي قامت بها أمريكا باستصدار قرار يضع مبيعات النفط العراقي في حساب لها فيه عدة اهداف تسعى امريكا لتحقيقها من ذلك وهي:
1- ضمان التعامل بالدولار الأمريكي في مبيعات النفط العراقي.
2- ان وضع أموال العراق في البنك الفدرالي الأمريكي فيه عدة فوائد لهم وهي:
أ- ان هذه الأموال الضخمة المودعة في البنك الفدرالي الامريكي؛ يعني دعم لذلك البنك .
ب- فيه فائدة لاحتمالية اقراض البنك الفدرالي من ذلك المال العراقي بفوائد مقابل انها لا تدفع أي فائدة للعراق.
ج- في نقله للعراق عادة يتم خصم أجور نقل الأموال وبالتالي يتم افادة شركات تابعه لهم.
د- عند نقل الأموال يتم اخذ تامين على الأموال من عدة أمور منها : السرقة والحريق وغيرها وكل تلك المصاريف هي من الأموال العراقية العامة .
3- ان السيطرة على مبيعات النفط وتأسيس البنك المركزي ونافذة البيع المباشر من قبل السفير الأمريكي والحاكم للعراق ابان الاحتلال وهو بريمر كان القصد منه السيطرة الاقتصادية على العراق تماما.
4- ان صرف الأموال من البنك الفدرالي لا يكون الا بطلب من الحكومة – وزارة المالية بتفاصيل عن موارد صرف تلك الأموال ؛ وهذا يعني انها تتحكم في موارد الصرف داخل العراق وبالتالي ان حركة الاعمار مرهونة بالإرادة الامريكية ؛ وهذا ما شهدناه من تقييد الحكومة في مجال قطاع الكهرباء وغيره .
5- ان النظام المالي في العراق هو وسيلة ضغط للسيطرة على مسار الدولة وشكلها وهذا ما رأيناه في الضغط على الحكومة التي تشكلت في مطلع عام 2023 حتى أصبحت الحكومة طوع السفيرة الامريكية في بغداد ؛ وحتى ان السفيرة تلتقي بالمسؤولين بالدولة أكثر مما يلتقي رئيس الوزراء بهم... ؛ بل ان رئيس الوزراء رضخ اخيرا ؛ للضغوط الامريكية وطعن في احدى فقرات الموازنة والمتعلقة بميزانية الحشد الشعبي وارجاع المجاهدين العراقيين من الذين فسخت عقودهم سابقا ؛ على الرغم من دفاعهم المستميت عن الاراضي العراقية , و شدة ما لاقوه من صعاب واذى في سبيل الدفاع عن الوطن .
وباجتماع عاملين سلبيين تكون النتيجة جهنمية وليست سلبية فحسب ؛ فالأول يتمثل في التدخل الامريكي السلبي في الشأن الاقتصادي العراقي ؛ والثاني يكمن في ادارة الملفات الاقتصادية العراقية من قبل الجهلة والعملاء والمرتزقة والسراق والفاسدين وقليلي الخبرة والوعي ...؛ فماذا تتوقع من حكومات ؟ هذه النماذج -(النمايم ) - البائسة اصحاب قرار فيها ؛ اذ طل علينا من احدى الفضائيات العراقية ؛ مسؤول في وزارة الري والموارد المائية ؛ قد تم تحذيره من خطورة الجفاف وانعدام الموارد المائية ؛ فأجاب مبتسما كالأبله : (( لا تخافوا لدينا صلاة الاستقساء ..!! )) .
و لا زالت الحكومة العراقية تمد القطاع الحكومي العام بالعديد من الموظفين الجدد ؛ فقد استحدثت 500 الف وظيفة الى القطاع العام ... , و بهذا سوف يكون عدد الموظفين في العراق يتجاوز من 4,5 مليون موظف ؛ لذا عد العراق الأعلى عالميا في عدد موظفي القطاع العام ؛ نسبة إلى مجمل القوى العاملة بالاعتماد على دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية ... , وقد كشف عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر في وقت سابق عن حقيقة نسبة عدد الموظفين , اذ قال : أن عدد الموظفين في الدولة العراقية يزيد على النسب العالمية بنحو 9 أضعاف ... ؛ بالإضافة الى رواتب المتقاعدين وموظفي الاجهزة القمعية الصدامية والجيش العراقي السابق والشهداء والسجناء وضحايا الارهاب والمشمولين بالرعاية الاجتماعية ... ؛ اذ ان هنالك نحو :5 ,3 ملايين عراقي يتقاضون رواتب تقاعدية من الدولة ؛ وأن ما يقرب من 1.5 مليون عراقي يتقاضون رواتب ضمن ما يعرف بالرعاية الاجتماعية ، وبالتالي فإن مجموع العراقيين الذين يتقاضون رواتب شهرية من الدولة يقدر بـ 9,5 ملايين عراقي يعتمدون في معيشتهم على الدولة بصورة مباشرة وهو ما قد يشكل نسبة 23% من سكان العراق الذي تقدر وزارة التخطيط عدد سكانه بنحو 42 مليون نسمة ... .
على الرغم من اعتبار القطاع الحكومي ؛ هو القطاع الأكثر ضغطا على الموازنة العامة للدولة و التي تذهب بمجملها كرواتب للموظفين ؛ بحيث أن الرواتب بصورة عامة تستهلك نحو 75% من قيمة الموازنة العامة للبلاد ... ، لا يوجد اي إنتاج حقيقي للقطاع العام يوازي هذه المصروفات العالية والاموال الطائلة ؛ علما أن البنك الدولي كان قد قدر معدل ساعات عمل الموظف بالعراق بنحو 17 دقيقة في اليوم فقط بالاعتماد على عدد الموظفين الكلي نسبة لليد العاملة ؛ وهذا بحد ذاته يعتبر نوع من انواع البطالة المقنعة او الترهل الوظيفي او سوء الادارة والتوزيع والتخطيط ...!! .
في الوقت الذي يعاني فيه القطاع العام من الترهل والتضخم والانفجار ؛ يفتقر القطاع الخاص في العراق لأبسط مقومات الدعم الحكومي والتشجيع الوطني على الرغم من اهميته وضرورته ؛ فبالنسبة لحجم اليد العاملة الوطنية التي تضاف سنويا للسوق العراقية ، يقول بعض الخبراء : إن هناك زيادة سكانية كبيرة في العراق ، اذ تدخل سوق العمل سنويا ما يقدر بـ 250 ألف شخص من أصحاب الشهادات الجامعية، فضلا عن حوالي 500 ألف شخص من أصحاب المهن وعديمي الخبرة ، مع الأخذ بالاعتبار أن سوق العمل لا تستوعب سنويا إلا بحدود 100-150 ألف فرصة عمل ، أي أن هناك فائضا في عدد اليد العاملة يقدر بنحو 150 ألفا لأصحاب الشهادات ونحو 250 ألف شخص من أصحاب المهن وعديمي الخبرة، بمجموع 350 ألفا يضافون للعاطلين عن العمل سنويا ... ؛ ويرجع الخبراء سبب استمرار ارتفاع معدلات ظاهرة البطالة ؛ لعدم امتلاك العراق قطاعا خاصا في مجالات الصناعة والزراعة والنقل والسياحة والبناء والنقل البحري والصيد وتربية الحيوانات والاستثمار ... ، باستثناء بعض الأعمال الصغيرة ... ؛ والسبب في كل هذه الازمات والتخلف والانتكاسات القيادات الفاشلة والعميلة والفاسدة وكذلك موظفي ومسؤولي الاجهزة والدوائر والوزارات والمؤسسات الحكومية ... ؛ بالإضافة الى التدخلات الامريكية والبريطانية , و ( لوبي ) دول الجوار والاقليم التي تصدر بضائعها للعراق .
بعد كل الذي ذكرناه انفا ؛ هل تتصور عزيزي المتابع ان تفتح الحكومات العراقية ابواب بغداد على مصراعيها وكذلك حدود العراق البرية والبحرية والجوية امام جحافل العمالة الاجنبية , فهل من المنطقي والمعقول ان تتخذ الحكومات العراقية مثل هكذا اجراءات تخريبية ؟!
حتى شاعت هذه النكتة بين العراقيين في مواقع التواصل الاجتماعي , والتي تدل على الواقع الاقتصادي البائس الذي يعيشه العراقيون ولاسيما الشباب منهم : (( المطاعم في بغداد صايرة .. العامل بنگالي والكابتن مصري والكاشير سوري والشيف لبناني .. والمجدي بالباب عراقي !! )) .
اذ يشكل تزايد عدد العمالة الأجنبية غير المنظمة تحدياً آخر للاقتصاد العراقي ، يؤدي إلى تزايد البطالة بين العمالة الوطنية وخروج مبالغ مالية شهرية كبيرة بالعملة الصعبة من البلاد، فضلاً عن استغلال التحويلات المالية الخاصة بالعمالة الأجنبية في استحداث وسائل تهريب جديدة للدولار، من قبل شبكات غسل الأموال ... , وتقدَّر الأموال الخارجة من العراق كتحويلات مالية للعمال الأجانب بأكثر من 8 مليارات دولار سنوياً، حسب تقديرات غير رسمية، فضلاً عن الرواتب العالية التي يتقاضاها معظم العاملين الأجانب في الشركات النفطية وغيرها من الشركات العاملة في العراق بشكل غير مبرر حسب تصريحات رسمية ... ؛ والغريب في الامر ان العامل الاجنبي يتقاضى اجرا اكثر من العامل العراقي ... ؛ و كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق ، عن أن عدد العمال الأجانب في العراق تجاوز حاجز المليون عامل ، والمسجلين من بينهم وفق إجازات عمل رسمية في العراق بحدود 71 ألف عامل فقط ... !! .
ومن دون مكافحة الفساد ومحاربة العمالة والخيانة , وقطع ايدي السراق والفاسدين والمنكوسين وتقليل وتقليص الامتيازات والمخصصات الحكومية الخاصة بالمسؤولين والمتنفذين ؛ وتفعيل وترشيق وتنشيط القطاع العام بما يخدم مصالح العراق والعراقيين ؛ بالإضافة الى ضرورة تفعيل وتشجيع ومساندة القطاع العراقي الخاص ؛ من خلال تعديل مجمل القوانين التي تعنى بالاستثمار وتأسيس الشركات وهيئة الأوراق المالية ... ، مع الاخذ بنظر الاعتبار مراعاة اصحاب القطاع الخاص وذلك من خلال توفير الدعم المادي والمعنوي لهم وتسهيل كافة المعاملات القانونية وتهيئة البنى التحتية التي تخدم قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والاستثمار والنقل ... , وحماية المنتجات الوطنية , والحد من ظاهرة الاستيراد الفوضوي ؛ وتشجيع الاستثمارات الاجنبية التي تصب في مصلحة العراق والامة العراقية ؛ وذلك لمواكبة سوق العمل الخاص ... ؛ فأن الانفجار الشعبي والغضب الجماهيري والعصيان المدني والحراك الشبابي آتٍ لاَ مَحَالَةَ .
ومن جرائم الامريكان وعملائهم الاخرى بحق الاقتصاد العراقي ؛ مزاد العملة والذي فعله في العراق أول مرة عقب الاحتلال الأمريكي الحاكم المدني بول بريمر، وتعد نافذة العملة الوحيدة في الشرق الأوسط ... , اذ تفتح نافذة المزاد كل يوم في البنك المركزي العراقي ويدخل العديد من البنوك للمزاد؛ إذ يقوم البنك المركزي العراقي عادة ببيع الدولار للمصارف الأهلية العراقية بعد الحصول على عائدات النفط ... , بدورها ؛ تبيع المصارف الأهلية الدولار للشركات العراقية حسب طلبات الاستيراد، في حين يؤكد العديد من المراقبين أن جزءًا كبيرًا من طلبات الاستيراد احتيالية دون استيراد سلع بالمقابل ... ؛و يبيع البنك المركزي الدولار بأسعار مدعومة؛ إذ يصل فرق سعر الـ 100 دولار في البنوك والصرافات الأخرى إلى 3 آلاف دينار، فنشأت منذ 2003 بنوك عملها الوحيد هو المشاركة بنافذة بيع العملة وهو ما يدر عليها أرباحا هائلة بسبب فرق سعر الصرف... , و تحوم حول عمليات بيع العملة في العراق العديد من شبهات الفساد ؛ إذ تبلغ مبيعات البنك المركزي العراقي 120-250 مليون دولار يوميًا ، هذا المبلغ دفع العديد من الشخصيات المتنفذة لفتح ثغرات والالتفاف حول القوانين لاستنزاف الأموال عبر "مزاد العملة"، وفق خبراء؛ إذ إن الإرادة السياسية هي المتحكم فيها عن طريق مصارف وبنوك عراقية وظيفتها الحقيقية المشاركة في مزاد العملة فوصل حجم الأرباح لبعض المصارف في السنوات الماضية إلى مليون دولار يومياً لـ 20 مشاركة في الشهر ما يعني 20 مليون دولار بالشهر الواحد ... ؛ وأثير موضوع فساد مزاد العملة مطلع 2015 حين كشف رئيس اللجنة المالية البرلمانية آنذاك ، المرحوم أحمد الجلبي، ما يخسره العراق من المزاد، وعدم ارتباطه بالضريبة والإدخال الجمركي وكونه مصدرًا لتمويل العديد من الأحزاب ، فضلا عن أن نسبة كبيرة من الوصولات المقدمة للجنة المالية للمشاركة بمزاد العملة مزورة وبينت الوثائق الرسمية كيف تقوم المصارف بتزوير الوصولات وما هي المواد التي يدعون بأنهم يستوردونها باسم المشاركة وخلصت الوثائق إلا أنه منذ 2003 ولغاية 2015 تم تهرب 200-250 مليار دولار عن طريق نافذة بيع العملة ... ؛ و قال النائب السابق في البرلمان العراقي رحيم الدراجي في تصريح سابق : أن المصارف المشاركة في عمليات التزوير تقف خلفها جهات سياسية فاسدة لنهب المال العام وتمارس عمليات التزوير حتى وصلت إلى مرحلة أخذ أسماء موتى من استعلامات مقبرة النجف لاستعمالها بتسجيل وصولات استيراد بضائع للعراق ... !! .
وزير المالية السابق، علي عبد الأمير علاوي، قال عقب استقالته إن نافذة بيع العملة للبنك المركزي العراقي، جزء مهم في نشر الفساد المالي في البلاد وهناك كتل سياسية كبيرة متورطة به وتتخذ من أسماء وشخصيات مشاركة في المزاد واجهة لها".
وعلل علاوي عدم كشفه أسماء القوى السياسية المتورطة، قائلاً : "لا أملك الحصانة القضائية وحتى إجراءات الحماية القانونية غير كافية لكشف الأسماء".
ومما لاشك فيه ان كل هذه الاحزاب والشخصيات والمافيات والجماعات والكتل السياسية ... ؛ والتي يخاف الجميع من ذكر اسماءها بصريح العبارة ؛ مرتبطة بالأمريكان والانكليز ودول الجوار والاقليم والقوى الدولية الكبرى .
والعجيب في هذه الموازنة الاخيرة – موازنة الثلاث سنوات - ؛ ان البرلمان العراقي لم يكتف بكل الاموال الطائلة التي خصصت له سابقا , والامتيازات الكبيرة والكثيرة ؛ فقد اضاف البرلمان العراقي بند بخصوص فقرة جديدة لتخصيص مبلغ 350 مليون دولار سنويًا و ذلك لمصاريف البرلمان ... ؛ بالإضافة الى تشريع القوانين والبنود والفقرات القانونية التي تصب في مصلحة الطبقات الثرية والمتنفذة و ( اللوبيات ) الغنية ؛ بحجة تشجيع الاستثمار ... ؛ وكل هذه القوانين انما شرعت لصالح الرأسماليين في العراق ولكن على حساب ومجهود ( قوة عمل ) الطبقة العاملة العراقية ؛ وبأقل الأجور و الرواتب و كذلك في ظل أسوء الظروف والشروط الحياتية و البيئية للعمل ؛ كما تعاني منها الطبقة العاملة البائسة في بلدان الخليج و شرق آسيا وغيرها من البلدان الفقيرة في العالم ؛ وما تعاني هذه الطبقة من إجحاف و استعباد ؛ و ذلك من أجل تراكم رؤوس أموال الرأسماليين المستثمرين و زيادة أرباحهم ان كانوا عراقيين او أجانب ... ؛ ومن هذه التسهيلات : امتلاك الأراضي والعقارات و التسهيلات بخصوص استيراد مواد الخام واعفائهم من الرسومات الجمركية ... , ومنح القروض والمساعدات المالية الأخرى ما بعد اتمام %25 من المشروع... , وإعفاء العقارات المتعلقة بالمشاريع من كل الرسومات و الضرائب ... , ومنح هذه المشاريع الطاقة الكهربائية و المائية و المستلزمات الأخرى و بأسعار رخيصة جدًا وفقًا لما يفرضه قانون الاستثمار العراقي ... ؛ اذ ينص القانون الاستثماري في العراق على وجوب إعطاء تسهيلات في مسألة التأمين و توظيف الأيدي العاملة ان كانت عراقية ( محلية) او اجنبية ( خارجية ) .
إن الموازنة المالية و قوانينها المتعلقة بهذه الميزانية - الخاصة بثلاث سنوات - ؛ و بعلم او ربما بتوجيه من الصندوق النقد الدولي IMF) ) ؛ فان الحكومة العراقية ستضطر لاحقًا إلى رفع الضرائب العامة على الطبقات الغفيرة من الجماهير و التقليل من الانفاق العام و كذلك الرواتب و تشجيع القطاع الخاص و ترسيخ قاعدة الليبرالية الجديدة للاقتصاد الرأسمالي و دعم الطبقة الغنية و الرأسماليين و إعفائهما من معظم الضرائب او تقليلها وتحميل كاهل الشعب العراقي الشغيل والعامل ضخامة الضرائب المفروضة عليها وسوء الخدمات العامة الصحية و التعليمية و الرفاهية من جراء تخفيض الإنفاق العام و تطبيق المواد حول قانون الموازنة المالية و ضخامة هذه الميزانية و طبع المستندات والاوراق المالية ؛ مما سيعرض الاقتصاد العراقي إلى أزمة كبيرة و زيادة في نسبة العجز المالي ؛ لان القانون العراقي أعطى و منح الفرصة الكاملة للمستثمرين على تداول الاسهم والسندات الورقية في الأسواق العراقية و الذي هو بالتالي سيزيد من نسبة التضخم وبالتالي ستضعف القوة الشرائية لمحدودي الدخل وخصوصا الطبقة العاملة ... .
انظر عزيزي المتابع ماذا تفعل امريكا واذنابها بنا ؛ بينما أعلن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في 9 مارس 2023 عن اقتراحه لموازنة العام المالي المقبل الذي يبدأ في أول أكتوبر 2023 وينتهي في 30 سبتمبر 2024 ؛ والتي وصفها البعض بانها تستهدف الاثرياء ... ؛ فقد أثارت خطة الموازنة الأمريكية الجديدة جدلاً واسعاً بين الاغنياء والرأسماليين الامريكان , وذلك بسبب زيادة الضرائب على الأثرياء , بالإضافة إلى إلغاء بعض الإعفاءات المقدمة للشركات والمستثمرين، وزيادة الضرائب على الشركات , بيد أن تلك الزيادات الضريبية سيوجه جزء منها لصالح زيادة أجور موظفي الدولة الفيدرالية ... , و زيادة الأموال المخصصة للخدمات العامة , وخفض أسعار الأدوية وتكاليف الرعاية الصحية، وتوسيع نطاق الوصول إلى رعاية الأطفال، وزيادة الاستثمارات المخصصة للتصنيع، والحد من الاحتيال والهدر على نحو يوفر مئات المليارات من الدولارات ... , كما يهدف مشروع الموازنة المقترح إلى تخصيص أكثر من 800 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ والاستثمار في الطاقة النظيفة، بجانب تخصيص 200 مليار دولار لتوفير أماكن مجانية لمرحلة ما قبل المدرسة لجميع الأطفال في سن الثالثة والرابعة، وكذا 22 مليار دولار لبرنامج توفير إجازة طبية للأسرة مدفوعة الأجر، ونحو 160 مليار دولار للنقل العام والسكك الحديدية ... .
ومن خلال ما تقدم عرفت عزيزي المتابع ان الامريكان لا يريدون الخير الا للشعب الامريكي فقط , ولا يهمهم أمر العراق والعراقيين بقدر ما يهمهم نهب ثروات وخيرات البلاد وابقاء الاوضاع المتأزمة على ما هي عليه ؛ وذلك من خلال تسليط الحكام والمسؤولين العملاء علينا او من خلال محاربة القادة الوطنيين والاحرار العراقيين ؛ لعرقلة مشاريع التطور والنمو والازدهار والاستقرار .
واخيرا : ان هذه التدخلات الامريكية و المجازفات الاقتصادية والمغامرات المالية ؛ قد تؤدي بالعراق الى اعلان الافلاس والانهيار , و زيادة المديونية , وقد تفرض سياسة الإرشاد المالي والتقشف , و سوء الكثير من الخدمات العامة و ارتفاع الضرائب و غلاء الأسعار و مزيد من البطالة و البؤس الاقتصادي والاجتماعي وتدهور الأوضاع بشكل عام اكثر مما هو عليه الوضع حاليا .....................................................................
المصادر
- الهيمنة الأمريكية على المالية العراقية.. دور البنك الفيدرالي الأمريكي / الدكتور بلال الخليفة .
- مشروع قانون الموازنة المالية في العراق لسنة 2023 و انعكاساتها على حياة المضطهدين / صابر محمد / بتصرف .