من حكايات اولاد حارتنا !
"""""""""""""""""""""""""""""
فجأة !
وبينما كنا نستمتع بمشاهدة اللحظات الحميمية والرومانسية للربيع العربي! - اكتشفنا أن العصفور المُلون الذي نمسكه في يدنا طوال السنين الماضية ليس بعصفور حقيقي !! ، إنه ليس سوى عصفور مصنوع من البلاستك !! ، لعبة أطفال لا غير !!، لقد ضحك البائع الساحر على ذقوننا واستغفلنا واقنعنا بأنه عصفور حقيقي بل وبأنه أجمل عصفور في العالم!! ، ولسحر كلماته بدا لنا أنه عصفور حي من دم ولحم وريش بل خُيل الينا من سحره أن هذا العصفور يغرد كل صباح بانغام جميلة مبهجة!! ،
ظللنا
نعيش مع هذا الوهم الكبير عدة سنين حتى اكتشفنا ذات صباح أن العصفور الذي نمسكه بأيدينا ونتناقله فيما بيننا ليس سوى عصفور مزيف مصنوع من البلاستك!، تمثال ولعبة عيال !!... صرخ فينا صارخ : هل أنتم مجانين !!؟ ، هاهي تلكم الشجرة أمامكم تقف فوق اغصانها عشرة عصافير جميلة ملونة حقيقية !! ، ما لكم !؟ ، الا تبصرون ريشها الملون الأحمر والأصفر والاخضر البهيج !!؟ ما لكم وما جرى لكم!!؟؟ الا تسمعون صفيرها وشقشقتها وغنائها الشدي اللطيف!!؟ ، القينا نظرة سريعة نحو تلكم الشجرة ورأينا بالفعل أن فوقها عدة عصافير جميلة ملونة ! ، عشر عصافير رائعة الجمال تحط هناك فعلًا فوق الشجرة !!
فجأة!
شعر كل منا ، نحن الأخوة العشرة، بأنه يريد أن يستأثر بكل هذه العصافير!! ، كل منا اشتهى امتلاكها كلها !! ..... نظر بعضنا لبعض فجأة نظرة تنضح بالمكر والغدر ، ثم انطلقنا نعدو نحو الشجرة وكل منا محاولًا الوصول اليها قبل الآخرين! ، بعضنا كان يحاول عرقلة الآخر ، بعضنا تمكن بمكر ودهاء من التسبب في سقوط البعض! ، بعضنا وبشكل وحشي مباشر قام بدفع اخيه بقوة وعنف وطرحه أرضًا ، شتمه بأقذع الألفاط ثم ركض بكل جنون وسرعة نحو الشجرة ! ، بل حتى الذين تمكنوا من الوصول الى الشجرة قبل سواهم أخذوا يتصارعون هناك بشكل عنيف ومخيف! ، بل وحتى من تعلق بجذع الشجرة او تسلقها قام البعض الآخر بشده وجذبه الى الأسفل فسقط على الأرض يتخبط ويئن من شدة الوجع !! ....... كثر الهرج والمرج ، الصياح والصراخ ، الشتم والسب واللعن !! ، جن جنون الجميع وهم يحاولون تسلق الشجرة للحصول على أكبر عدد من تلك العصافير العشرة الجميلة ذات الريش الجميل البهي وذات الصوت الساحر الشدي، ولكن وسط كل ذلك العراك ، وبسب الهرج والمرج وأصوات صراختنا فجأة طارت العصافير العشر مذعورة وغادرت المكان ! ، رأيناها بأم أعيننا وهو تنطلق بسرعة نحو عباب السماء .
طارت!
طارت العصافير العشر عاليًا وطارت حتى اختفت وغارت وغابت عن أعيننا!! ، جلسنا هناك تحت الشجرة نلتقط انفاسنا من شدة الاعياء وظل بعضنا يلوم البعض الآخر ويحمله المسؤولية عن ضياع هذا الكنز الثمين!! ، وقال بعضنا وهو يتظاهر بالحكمة بتاريخ رجعي لو أتفقنا منذ البداية ان نتقاسم العصافير بالعدل لما حدث ما حدث ، فكان بمقدور كل منا أن يحصل على عصفور حقيقي جميل ، بديع الريش والصوت لكن الطمع والهلع هو ما أوصلنا الى هذا الحال المشين!! ، نظر اليه الآخرون وقالت له أعينهم في سخرية : ( هل اصبحت حكيمًا بعد فوات الآوان!!؟ ، ألم تكن أولنا ركضًا وأكثرنا صراخًا !!؟) ، هو أيضا نظر اليهم بعين كسيرة ونفس حسيرة ثم ابتلع لسانه وسكت .
ظللنا
تحت الشجرة صامتين واجمين والزمن يمر حزينًا ثقيلًا!، ومع الشعور بالاعياء بدأ الاحباط يتسرب لقلوبنا ولكن بعضنا ظل يحتفظ ببعض الأمل ، ففي كل صباح كان يجلس تحت ظل الشجرة على أمل أن تعود تلك العصافير الجميلة الثمينة الى الشجرة مرة اخرى! ، فهل تراها ستعود !!؟ ... لكن الأمر المؤلم والذي اكتشفناه لاحقًا أننا بينما كنا غارقين في شجارنا ومحاولة كل منا الوصول إلى الشجرة والاستئثار بكل تلك العصافير العشر التي تقف على أغصان تلك الشجرة، كان ثمة (لص خبيث ماكر) قد استغل انشغالنا بذلك الشجار المحموم وتسلل لبيتنا وسرق عصفور البلاستك الجميل ثم طار به نحو المجهول!!
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
سليم نصر الرقعي