على الرغم من القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي كان يتمتع بها الشيوعيون العراقيون الاصلاء ؛ بالإضافة الى التأييد الشعبي للزعيم عبد الكريم ؛ فرضت المخابرات الامريكية على الامة العراقية خيارا صعبا ؛ كان امر من الحنظل واقسى من الشوك ؛ الا وهو مجيء عصابة حزب البعث السافل والانقلاب على الزعيم واغتياله غدرا ؛ وقد فجعت جماهير الشعب عندما سمعت بخبر الانقلاب السريع والمفاجئ ؛ ونزلت الجموع الجماهيرية عن بكرة ابيها الى الشوارع وهي تردد الشعارات المؤيدة للزعيم ؛ ومنها : (( ماكو زعيم الا كريم ... كواويد بعثية )) ... ؛ ولم يكن عدد هؤلاء الانقلابيون الاوباش يتجاوز بضعة مئات كما صرحوا هم انفسهم بذلك الا انهم جاؤا بقطار امريكي – وفقا لاعترافات السعدي وغيره - ؛ وكانت قاعدتهم منحصرة بأبناء الفئة الهجينة والدخلاء والغرباء ؛ اذ خرجت مسيرة صغيرة تقودها نساء احدى المناطق البغدادية القديمة بالإضافة الى بعض الاشقياء والمأبونين و( نمايم بغداد ) وسقط المتاع وهن يرددن هذا الشعار الفاحش والذي يدل على الانحطاط الاخلاقي لهذه الفئة الهجينة : (( هذا ال ط ي ز للبعثية بس خلصونه من الشيوعية ..!! )) ولا تستغرب عزيزي القارئ من هذا المستوى الهابط لهؤلاء الدخلاء والغرباء من ذوي الاصول الاجنبية والعثمانية والعجمية والغريبة ... ؛ و استمرت سيرة الفئة الهجينة واستمر القيء الطائفي والشوارعي ؛ ولعل اغلبنا قد سمع بأذنيه وشاهد بعينيه ؛ كيف قادة نساء الاعظمية الطالبات وهن يرددن هذا الشعار الفاحش - ايام حكومة الدكتور عادل عبد المهدي - : (( عادل طلع دودة )) ... ؛ ومن منا لا يعرف اين يكمن الانحطاط والسقوط الاخلاقي ومن هم المأبونين والمنحطين والشاذين ؛ كان الاجدر بهن قول الحقيقة الا وهي : (( صدام دودة وخاله خيري دودة ... فالكل يعرف تاريخ دوحي بن صبحة )) ؛ صدق من قال : رمتني بدائها وانسلت .
تبنت الولايات المتحدة اسقاط حكم عبد الكريم قاسم ؛ ودعمت عصابات البعث والقومجية في عمليات الاعتقال والاغتيال والاعدامات الجماعية والتصفيات الجسدية والتعذيب والمطاردات ؛ وكذلك امرتهم بأقصاء وتهميش وافقار الاغلبية العراقية الاصيلة ومحاربة كل ابناء الامة العراقية الاصلاء وتدمير العراق ؛ وكان ما كان ؛ من قصص الاغتيالات والازمات والمطاردات والحروب وعذاب السجون وتعذيب المعتقلات والمقابر الجماعية والتطهير العرقي والطائفي والاسلحة الكيماوية وتجفيف الاهوار والمجاعات والحصار والدكتاتورية وقمع الحريات ... الخ .
وبعد ان استنفذ النظام البعثي مقومات وجوده ؛ وادى المهام المطلوبة منه على اتم وجه ؛ اسقطه الامريكان ؛ وذلك بسبب ذيوع اخبار وقصص انتهاكات النظام لحقوق الانسان وجرائمه ضد الانسانية ؛ وانتشار الجاليات العراقية في معظم دول العالم الغربي ؛ بالإضافة الى غليان الداخل العراقي ومشاعر الغضب الشعبي والاستياء الجماهيري .
واستبشر العراقيون خيرا بسقوط الطاغية السفاح وزبانيته اللقطاء ؛ وجاء بعض الساسة العراقيين وهم يمشون خلف الدبابة الامريكية لئلا يعبث الامريكان بالبلد او يغيروا رأيهم كما فعلوها مع العراقيين عام 1991 ؛ جاؤا وهم يعلمون بوجود بقايا عناصر المخابرات الصدامية وجيوب المرتزقة الذين جاء بهم نظام البعث وكذلك انتشار البعثية المجرمين ؛ وغيرها من المخاطر ومع ذلك جاؤا ؛ واطلق عليهم ايتام البعث وازلام صدام : (( الذين جاؤا على متن الدبابات الامريكية )) وذلك للإساءة وتشويه معالم التجربة الديمقراطية ؛ والعجيب في امر هؤلاء المنكوسون انهم تناسوا أمر القطار الامريكي - سيء الصيت - وركابه العملاء الدخلاء ؛ وسلطوا الاضواء على الدبابة الامريكية ومن جاء معها مضطرا كمن اضطر لأكل لحم الخنزير والميتة ... ؛ ومن الحيف وعدم الانصاف مقارنة أولئك بهؤلاء , فالفرق بينهما كبير جدا ؛ اذ لا يوجد انجس واحقر وارذل واكثر اجراما وارهابا وخيانة وعمالة من ركاب القطار الامريكي .
وتناهى الى اسماعنا ان اشباه عملاء الامس ؛ من البعثيين والارهابيين والفاسدين والحاقدين والمنكوسين ينتظرون دورهم في صعود القطار الامريكي الجديد ؛ وهم الان موجودون في المحطات كالأصنام او بيادق الشطرنج ينتظرون تنفيذ ادوارهم واماكن تواجدهم في القطار الامريكي .
وان كان البعض منهم ؛ لا يتمالك نفسه من شدة فرحه بالعمالة وسعادته بالخيانة ؛ فيخرج علينا من شاشات الفضائيات كالقرقوز بسبب ومن دونه ؛ ويتشدق بالتصريحات النارية الصفراء والشعارات المستهلكة الجوفاء ؛ تملقا لأسياده الامريكان والانكليز .
نعم ان القطار الامريكي قد يرجع الينا من جديد ؛ ولكن هذه المرة سوف يكون ركابه أسوء بألف مرة من البعثيين والقوميين القدامى الذين نزلوا منه في العراق عام 1963 وعام 1968 ؛ بالإضافة الى مجيء عصابات الارهابيين السوريين وغيرهم معهم على نفس الرحلة المتوجهة الى شرق سوريا ثم بغداد ؛ انطلاقا من الاراضي التركية والقواعد الامريكية .
والا بماذا تفسر سلوك الامريكان وبعض عملاء الداخل مع البعثيين ؛ فقد منحوا ازلام النظام البائد رواتب تقاعدية مجزية , وغضوا الطرف عنهم , وتم تعيينهم في اغلب دوائر الدولة , ولم يحاسبوهم على الجرائم الرهيبة , بل ان الامريكان اوعزوا الى الجيوش الالكترونية والاقلام المأجورة بتبييض صفحة صدام والبعث والاشادة بالمجرمين والجلادين والظالمين ؛ ونظرة خاطفة لمواقع وسائل التواصل الاجتماعي تكفي لإثبات ما قلناه انفا , واخر الخطوات المنكوسة للامريكان : السماح لأعضاء القيادة البعثية العليا وعائلة واقارب صدام من مجرمي تكريت والعوجة ؛ ببيع ممتلكاتهم الكثيرة والكبيرة والمسروقة اصلا من الخزينة العراقية والمنهوبة من العراق ...!!
ولكن الامل معقود بأبناء الامام علي وابطال بلاد الرافدين وغيارى الامة العراقية واحرار الاغلبية العراقية الاصيلة في التصدي لهذا القطار المشؤوم وقتل من فيه ؛ وتفجير سكة الحديد التي من المتوقع ان يسير عليها .