فيما يتعلق بمحاولاتي وتجاربي الشعرية او القصصية، فإنني في الغالب لا اخطط لكتابة شعر او قصة ولا اتصورها في عقلي بشكل واع بشكل مسبق من بدايتها لنهايتها انما هي فكرة وخاطرة وليدة اللحظة الادبية الوجدانية التي تقدح شرار القصيدة او القصة ثم حينما أبدأ في خلقها واختلاقها اترك قياد العمل لما يمكن تسميته التسلسل الذاتي اللاشعوري الحر للفكرة الادبية كما لو أنني اصبحت أسير روح فيما يعرف بتحضير الأرواح!! ، وطبعًا الامر ليس كذلك بل هناك قوى وجدانية ادبية في النفس تعمل خارج نطاق الوعي والعقل الواعي تسمى في مصطلحات علم وفلسفة النفس بالعقل الباطن وهي التي - في تقديري - لها دور في الهام العمل الأدبي حيث كان بعض العرب في الجاهلية يسمونها شيطان الشعر!!، هذا بخلاف الشاعر والقاص والأديب المحترف، صاحب الصنعة والقدرة والخبرة والمهارة الفنية، فهذا امره مختلف عن هذه الحالة التي ذكرناها ، فهو قد وصل الى مرحلة من التمكن في هذا المجال الأدبي بحيث لم يعد ينتظر قدوم الالهام وما يفيض عليه (العقل الباطن) من خواطر وأفكار وخيالات وما يقدحه في النفس والذهن من شرارات وإضاءات أدبية وفكرية ، فهو بحكم امتلاكه لأصول وزمام الصنعة الادبية أصبح قادرًا على صناعة ما يريد، متى يريد، كيفما يريد، ولا يكون للإلهام اللاشعوري والتداعي الحر للأفكار الدور الأساس في خلق وابتكار وابداع وتشكيل العمل الادبي والفني لديه بل هو يصنع عمله الادبي والفني بشكل ارادي واع من اوله حتى آخره بكل جدية واقتدار! وهذا هو الأديب والشاعر المحترف!
سليم نصر الرقعي