دستور ليبيا... وثيقة الوحدة الوطنية الليبية!

يدور الاهتمام في هذه السنوات عن مسار الانتخابات وسبل إنجاحها  في ظروف صراعات سياسية وعسكرية ومليشيات مسلحة ومتعددة، لقد فقدت ليبيا فيها دستورها و وضع في سلة المهملات منذ انقلاب سبتمبر من عام 1969

 نحن نعلم من تاريخ ليبيا، آن دستور ليبيا هو الدستور الذي دخل حيز التنفيذ في السابع من أكتوبر 1951 مباشرة قبل استقلال ليبيا الرسمي في 24 ديسمبر 1951 حيث نص الدستور على أن ليبيا دولة ملكية دستورية والملك إدريس الأول ملكا عليها في ذلك الوقت.

اليوم نعتبر أن دستور ليبيا هو الوثيقة الحقيقية التي من شأنها أن تعيد لنا الوحدة الوطنية الليبية، وهو  مرجع الانتخابات الشرعية ومرجع السلطات الحكومية والمؤسساتية الليبية الشرعية  في البلد مع التعديلات وتصحيح مسار النظام السياسي الليبي الحالي.

دستور ليبيا يتمشى مع متطلبات وطموحات الشعب الليبي في عصر يعتبر أن الدولة الملكية الليبية والجمهورية الليبية والجماهيرية الليبية انتهوا مع حكامها جميعا، ويستبدل دستور ليبيا النظام السياسي بنظام سياسي وطني جديد يفتح لنا مفاتيح الخروج من الأزمات السياسية والظروف الصعبة المصاحبة حالة عدم الاستقرار.

دستور ليبيا هو الوثيقة المكتوبة الأولى في ليبيا ويجب علينا المحافظة عليها و شنها مع التعديلات القانونية ليصبح بعد ذلك القانون الأعلى لدولة الليبية المعاصرة، والباب اليوم مفتوح أمام المشرعين عبر الاستفتاء العام على مواد التعديل وعلى كل الاحتمالات الداخلية باعتبار الوثيقة الدستورية للحكومات الليبية المؤسسة بفصلها عن السلطات الأخرى.

ومن اجل ضمان الحريات السياسية والاجتماعية والاستقرار والأمان لابد من الإشارة الى ما فقدت ليبيا من حريات سياسية في الماضي وما فقدت ليبيا من وعي سياسي يعمل على تقبل الإنتاج الفكري في الإسهامات الوطنية، بالقياس ما عكسه لنا النظام الجماهيري من حكم الشعب نفسه بنفسه عبر المؤتمرات الشعبية الأساسية في رفع اللوحات المرقمة.

وبرغم من التراث في ثقفتنا العربية والإسلامية والأفريقية، ليبيا ضاعت مع ضياع دستور ليبيا وفشل البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في إقرار قاعدة دستورية حتى يومنا هذا ما خلقت لنا أزمة حكومات،

دون وجود دستور ليبيا لعام 1951 الذي نص في مواده أن ليبيا دولة مستقلة لها دستور وقانون وتشريعات تعمل على المحافظة على وحدة البلد من الانقسامات الجغرافية الثلاثة.لا نستطيع الذهاب الى خطوات نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية والحكومية دون الرجوع الى فكرة دستور ليبيا الأول والوثيقة الدستورية لمحق ما خلقه التجارب السياسية السابقة في عهد " من تحزب خان" و " اللجان في كل مكان " وغيرها مهاترات الكتاب الأخضر المبشر بعصر قمع الجماهير.

أن أكثر طرف يدعم الانتخابات الليبية هو دستور ليبيا، وإذا ما استمرت الحال على ما عليه من تفكك سياسي وقاعدة دستورية  كما يشار عليها في هذه الفترة، وصلنا الى الطريق المسدود في الإرشاد الدستوري والدولة الليبية، عهد حكم أول دستور يخرج على سطح المسار السياسي الليبي لكي ينعم أبناء الوطن بحرياتهم السياسية والديمقراطية.

قاعدة دستورية وعجز الحكومات الليبية من خلق التجربة السياسية التي تحصن فكرة السياسة الليبية المستقرة تدبير أمورها الاقتصادية والاجتماعية في حركة تنوير وإرشاد لدولة السابع عشر من فبراير التي طالما كان يحلم الشعب الليبي ويمجد قدومها بفعل الحركة الشعبية الليبية.

والتدبير السياسي يحتاج الى استقرار سياسي والاستقرار السياسي يحتاج نخبة ليبية واعية ومطلعة على أصول أول دستور ليبي  خرج على وجه الأرض، وهذا المقال ما يليه يأتي ضمن قراءة تاريخ ليبيا المجيد والإباء الكرام في إرساء أو دولة ليبية بعد الاستقلال من الاستعمار الأجنبية.

نحن لا ننظر بالنظريات المثالية التي لا تطبق على ارض الواقع من ديمقراطية مباشرة أو حكم شعب نفسه بنفسه بدون توجيهات الأخ القائد، لكن نطرح فكرة دستور ليبيا لعام 1951 كمشكاة لتبصير منهج الديمقراطية الحديثة والعلمية عبر الفكر الحقوقي والإيديولوجي المتعدد في الحزبية التعددية، بعد مطالب الشعب الليبي التي تدعوا الى التمسك بالأنظمة السياسية المستقرة.

الثورة الشعبية الليبية قامة وأسقطت حاكم ليبيا الذي اسقط دستور ليبيا في سلة المهملات عدما صادر الدستور والحكم، وأصبح القائد الأوحد لا ينازعه احد، نصح الوعي الوطني العام، ولعل الأدوار الشعبية خلقة لنا تفاعل فرضته متغيرات العصر المساندة للإرادة المجتمعية رغم إرادة الحاكم في قهر شعبه وخطبه الرنانة.

ومن هنا فإن أي نصح بالغا ما وصل الأولين من أرسا أول دستور لليبيا لا تكون لنا قيمة تاريخية أمام شعوب العالم، لذلك اختفى القائد والصقر الوحيد من على الساحة السياسة والنظر الى دستور ليبيا، وثيقة قانونية تعمل على توحيد الكيان الليبي والمجتمع الليبي بتراث الفكر العربي والإسلامي.

الحاجة اليوم ملحة على الرجوع الى دستور ليبيا، والعجز ليس في الدستور بل في القوى الوطنية لاسترجاع دستور ليبيا مرة أخرى، فمطالب الشعب الليبي بالقيم الدستورية الشرعية كانت المفاجأة، والإحباط كان في القوى السياسية التي لا تريد العودة الى الشرعية الدستورية!

   

بقلم رمزي حليم مفراكس