كم اتمنى أحيانًا أن ترجع عقارب الساعة للوراء لأعود طفلًا بريئًا كما كنت!، اعود لزمن الطفولة، لأرى هذه الدنيا بعيون الأطفال، سأراها كبيرة واسعة، شاسعة، جميلة، سعيدة، آمنة، تضج بالحيوية وبكل ما هو مثير كما كنت اراها في طفولتي، سأرى الكبار أقوياء، أمناء، عدولًا، طيبين، عطوفين، كما كنت أراهم في طفولتي!!..... 

آه!، كم اتمنى لو ترجع عقارب الساعة للوراء كي أرى هذه الدنيا بتلك العيون الطفولية وتلك النظرات الساذجة البريئة الطيبة! ، لكن للاسف الشديد، عقارب الساعة لا تعود للوراء أبدًا إلا ان يشاء الله!، لكنني، وأنا في غمرة أمنياتي، وحنيني لزمني الجميل، داهمني فجأةً سؤال من المجهول فقال: (وهل كل الاطفال ينظرون للدنيا كما كنت تنظر اليها في طفولتك!!؟؟) ماذا عن الاطفال المعذبين والمشردين والذين وجدوا انفسهم في بيئات قاسية مؤلمة تعسة!؟؟ إما بسبب الفقر المدقع المؤلم، أو بسبب آباء قساة، جفاة غلاظ ، شبه معتوهين، يضربون اطفالهم بكل عنف وقسوة ويوبخونهم ويشتمونهم بأقذع الالفاظ لأبسط الاسباب!؟؟ ماذا عن الاطفال الذين وجدوا انفسهم في اتون حروب أهلية جنونية تأكل الأخضر واليابس، ويرون اخوتهم او آبائهم يتم ضربهم، وقتلهم أو اغتصابهم او ذبحهم امام أعينهم !!؟؟ هل هؤلاء اطفال سعداء ينظرون للدنيا بمثل تلك العيون وتلك النظرات التي كنت انظر بها الى الدنيا في طفولتي، في زمني الجميل!!؟؟ 


إنني، أنا الرجل الستيني اليوم ، في كهولتي، انظر للدنيا بعين غير عين طفولتي!، ليست نظرة متفائلة جدًا، ولا هي نظرة متشائمة جدًا ، إنما هي (بين بين) !!، لكن عيوني (عين رأسي، وعين قلبي، وعين عقلي) تظل جميعها متطلعة الى السماء كل يوم، وتظل تطل من (نافذة القرآن) ، على الدار الآخرة ، دار السلام، هنالك! ، هناك !، حيث عالم الابرار الجميل مع الله البر الرحيم الجليل، حيث (الوطن الحقيقي السعيد) الذي تحن اليه فطرة كل انسان سليم الفطرة!!
قال تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في الارض ولا فسادًا، والعاقبة للمتقين))!
♡♡♡♡♡♡
أخوكم المحب