وصل الامر بالفرقاء (السياسيين) الى عدم الاطمئنان على ارواحمهم,في المناطق التي يسيطر عليها خصومهم, فالتجأوا الى الخارج لعقد اجتماعاتهم بشان الاوضاع الراهنة في البلاد, نجزم ان الخارج (الدول الداعمة للأطراف المتصارعة)هو الذي شجعهم على ذلك, لإطالة امد الازمة من خلال وضع العراقيل ومحاولة الحصول على منافع لهم, عبر تنفيذ بعض المشاريع المتوقفة او استجلاب اسلحة.
لم يعد هناك مكانا في العالم الا واجتمع به الفرقاء السياسيين والعسكريين والوجهاء والاعيان,ظاهر تلك الاجتماعات حل الازمة الليبية, وباطنها الاستمتاع بالمناظر الخلابة(طبيعية وغيرها) حول العالم والاستحواذ على بعض الاموال ليضمنوا لأنفسهم مستقبلا زاهرا لانهم يدركون جيدا انها فرصة العمر ,فلا رقيب ولا حسيب ولكل منهم ان يستحوذ على الجمل بما حمل.
جيء بالسراج لمدة سنة لتنفيذ نقاط محددة, فاذا به يستمر لأكثر من اربعة سنوات, استطاع خلالها استمالة اعضاء من مجلس النواب, بتعيينهم في السلك الدبلوماسي ومن ثم قدموا استقالاتهم من المجلس ومن ثم تقليل العدد المناوئين لحكمه, وكذا الحال بالنسبة للدبيبة الذي اعلن صراحة تمرده على مجلس النواب ودعا الى خروج مظاهرات في طرابلس مطالبة بإسقاط البرلمان الذي سحب منه الثقة, الذي تودد اليه سابقا من اجل نيل ثقته! تشرذم المجلس ولو يعد له وزنا في الحياة السياسية, فليبيا لاتزال تحت الفصل السابع وبالتالي فان ما يقرره الخارج هو الفيصل.
جميع من في السلطة متشبثون بالكراسي بسبب ما يحضون به من مزايا, واحاديثهم المتكررة بانهم يريدون اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في اقرب وقت هو مجاف للحقيقة, واعتراض هذا الطرف او ذاك عن بعض النقاط ما هو الا للمماطلة وكسب الوقت, ساعدهم في ذلك ان البلاد لم تعد تحظى بذاك القدر من الاهتمام من قبل الدول المتدخلة في الشأن الليبي.
ربما تغيرت الظروف الدولية بسبب حرب اكرانيا ورغبة الغرب في انهاء الازمة الليبية, واتضح ذلك من خلال تلويح المبعوث الاممي الى ليبيا بانه على المجلسين الاسراع في انجاز الورقة الدستورية والا فانه سيعمد الى تشكيل لجنة اممية تتولى ذلك وتسحب البساط من تحت اقدامهم.
ابوزنيقة, المنتجع المغربي اصبح مألوفا لدى النواب من المجلسين, وفي كل اجتماع يتم تقليل عدد نقاط الخلاف, عندما توجه الدول المتحكمة في الشأن الليبي اللوم للمجلسين, يخرج علينا بعض اعضائهما معتبرين ان ذلك تدخلا في الشأن الداخلي للبلاد.
لكن يبدو ان المجتمعين وجدوا انفسهم امام المثل القائل(وقفت الزنقة على الهارب) وادركوا جدية الاطراف الخارجية في الذهاب الى انتخابات تشريعية ورئاسية نهاية هذا العام على اقل تقدير, وبالتالي اعلنوا بالأمس انهم توافقوا على غالبية نقاط الخلاف ولم يبقى الا القليل, نتمنى التوافق وبأقصى سرعة على نقاط الخلاف المزعومة لكي يعبر الشعب الى بر الامان بعد اكثر من عقد ذاق خلالها شتى اصناف العذاب النفسي والجسدي.
ميلاد عمر المزوغي