تتكون جريمة الاختلاس من أربعة أركان ، هي: الركن المفترض وركن المحل والركن المادي والركن المعنوي، رجوعاً لنص المادة ١٤٨ فإن محل جريمة الاختلاس يتمثل في الأموال، أو الأوراق أو غيرها، يتبين أن محل الجريمة ليس محصور بل جاء على سبيل المثال، وذلك عند ذكر المشرع "غيرها". يجب أن نبين أن مدلول المال هنا هو المدلول الواسع المذكور في نص المادة ٥٤ من القانون المدني حيث نصت

" ١- كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية.٢- والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها، أمّا الخارجة عن التعامل بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية". بيد أن المشرع الجنائي وضح مدلول المال العام في نص المادة ٤ من قانون العقوبات" في تطبيق أحكام هذا القانون، يُقصد بالأموال العامة ما يكون كله أو بعضه مملوكاً أو خاضعاً لإشراف أو إدارة الجهات التالية:


1- الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى. 

2-الهيئات والمؤسسات العامة. 

3-الجمعيات والمؤسسات الخاصة والجمعيات التعاونية. 

4- الشركات إذا كانت إحدى الوزارات أو أحد الأجهزة الحكومية الأخرى أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة تساهم بنصيب فيها.

5- أي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة".

 

كثير من هذه الأموال تُعد خاصة لكن المشرع أضفى إليها صفة العمومية حتى يوسع من مظلة الحماية الجنائية. وعلى الرغم من ذلك فهذا يعد مدلولاً ضيقاً بالنسبة لمدلول المال في القانون المدني، والمدلول المقصود في نص المادة ١٤٨ هو المدلول الواسع المذكور في القانون المدني وليس الضيق المذكور في قانون العقوبات، بدليل أن المشرع استخدم لفظ "اختلس أموالاً" وهنا جاءت أموالاً مجردة من أي صفة ولم يقل المشرع أموالاً عامة. بناء على ما سبق فلا يشترط أن يكون للمال قيمة مادية بل يتصور أن يكون له قيمة معنوية فيمكن أن تكون الرسائل والخطابات والمنشورات محل لجريمة الاختلاس من قبل ساعي البريد، فعبارة الأموال و الأوراق جاءت بلفظ عام فيمكن أن تقع الجريمة على أشياء اعتبارية وذات قيمة أدبية. وأكد المشرع ذلك بقوله "غيرها". أيضاً لا تهم كمية المال فسواء كانت المبالغ كبيرة أو صغيرة فتقوم المسؤولية الجنائية لكن يجب أن لاتصل إلى حد التفاهة؛ وذلك لان تفاهة الضرر من موانع المسؤولية الجنائية.

 هنا أود أن اتوقف وأبين نقطة خلاف كبيرة بل خطأ يجب تصحيحه ووضع الأمور في نصابها الصحيح فموانع المسؤولية تتعلق بالعلم والإرادة أي هي تتمثل في الركن المعنوي للجريمة، وتفاهة الضرر تتعلق بالركن المادي فلا يمكن أن تضع تفاهة الضرر من موانع المسؤولية بل يجب أن تكون تفاهة الضرر من الأعذار القانونية المخففة. كذلك لا يشترط أن يكون المال عاماً بل يمكن أن يكون المال خاصاً وهذا هو الفارق بين جريمة الاختلاس والاستيلاء. وهنا تكمن إحدي أساسيات علة التجريم فالأصل أن يكون المال محل جريمة الاختلاس عاماً لكن اسثناءاً يمكن أن تقع الجريمة على الأموال الخاصة إذا وجد المال في حيازته بسبب وظيفته، فالعلة هنا هي حماية الثقة العامة التي تأتي بسبب العبث والخيانة، والدليل على أن الجريمة غير محصورة في الأموال العامة هو نص المادة ١٤٨" كل موظف عام اختلس أموالاً، أو أوراقاً أو غيرها، وجدت في حيازته بسبب وظيفته"، فلم يضيف صفة معينة كما فعل في جريمة الاستيلاء. يجب أن يكون المال موجودًا في حيازة الموظف وبسبب وظيفته، وهذا هو الفارق بين الاستيلاء والاختلاس. أضف إلى ذلك، محل هذه الجريمة يجب أن يكون منقولاً وهذا أيضاً يعد سبباً من أسباب التجريم فالمنقول لا تتوافر لديه الحماية والثبات الموجودة لدى العقار، بناء عليه العقار بالتخصيص قد يكون محلاً لجريمة الاختلاس. أخيرا لا يهم معرفة مالك المال بل قد يكون مالك المال مجهولاً؛ لان المسألة لا تتعلق بحماية ملكية الفرد.