ن
نينوى

‏‏‏‏شاعرة . وفي القلب جنائن معلقة .

مدة القراءة: دقيقتين

وهم الخلود

عدتَ لتجد الأشياء على حالها ، مكتبك ، سريرك ، كتبك ، أوراقك التي دونت فيها أرقام أصدقاء قدامى ، ثيابك ، عطرك ، وسائدك التي طالما عانقت خيالاتك وأحلامك ، كل الأشياء تقريباً بإستثناء صورتك ، ذلك الإطار الخشبي الصغير يحوي صورة شاب لا يشبهك سوى في قسماتك ، حتى عندما حاولت إيجاد تقارب بينكما خانتك المرآة ، إختلاجات كثيفة تهدر أمامك ، تتخبط فيها بصمت وحيرة ، تتنهد ، تلقي بجسدك المنهك على السرير ، تغمض عينيك لربما غفوة تأخذك إلى واقع مغاير لما أنت فيه ! ..

كتب لها : تلك الدمية التي طالما حلمتِ بها ، رأيتها اليوم في واجهة إحدى المحلات ، أردت شراءها لكِ لكن البائع أخبرني أنها ليست للبيع ! .. 

اليقظة الأولى لم تكن هنا ، لقد استيقظت منذ زمن لكنك تتجاهل ميقات تلك اليقظة ، لربما وددت لو أنك ظللت غارقاً في أوهامهم التي نسجوها لك حتى لا تتذوق مرارها الوعي ، لديك طريقة تفكير مختلفة عنهم ، تلك الطريقة كانت نافذة انعتاقك ، أنت الآن حر ، وسط خيارات محدودة ، فحياتك لم تعد لك وحدك ، هناك من يقاسمك الأيام ويتكئ على كتفك ، مهما تجاهلت أصواتهم الصغيرة والرقيقة ، تظل صورهم عالقة على زجاج عينيك .

كتبت له : الأشياء الثمينة ليست للبيع ، لا أحد يستطيع شراء حياة ليست له ..

أنت اليوم رقم كتلك الأرقام التي تتكدس في مذكرتك ، وملفاتك ، وجهازك المحمول ، وبرغم ذلك لا تجد من يتكبد عناء التواصل معك عبر ذلك الرقم المميز ، الأرقام لا تتغير ، الأرقام خالدة وشاهد على أصحابها ، كالعمر وسجلك المدني ، لطالما تبجحت بلغة الأرقام وأنها لغتك التي يتحاور بها أصحاب العقول الحسابية الدقيقة والفذة ، لم يخطر ببالك أنك في مرحلة ما لن تحتاج سوى للغة الحب لتنتشلك من وحدتك ، وتواسي عجزك ، وتجعل من الألم رحلة عبور .

كتب لها : لكنّي رجوت البائع أن يدلني على محل يبيع مثل تلك الدمية ، أو أن يحضر لي مثيلاً لها ، لم يعدني بشئ لكنه سينظر في طلبي ..

لماذا نظن بأن الأشياء ستبقى على حالها إلى الأبد ! .. وأن التغيير الذي يكتسح العالم سيتجاوزنا ! .. أليس من الغباء أن نتجاهل طبيعة الحياة ونظن بأنها ستقف لأجلنا ! .. التغيير قادم لا محالة ، لكن إدراكك جاء متأخراً ، ولن يكرر الزمن محاولته .

كتبت له : بعض الخسائر لا يمكن تعويضها ، ليست كل الأشياء تشترى بالمال ..

ن
نينوى

‏‏‏‏شاعرة . وفي القلب جنائن معلقة .

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات