إن تربية الأبناء تحمل مفاهيم كثيرة من زيادة السلوكيات السوية الحميدة، ولذا فإن ديمومة الممارسات التربوية لا تنتهي أبداً. وبالتالي هي ملازمة لحياة البشر لينتقل من مقام تربوي لآخر.

ولأن التربية بكل ثناياها تجمع ولا تفرق، وتضم ولا تبعثر، فهي ضم النافع لمثله، وكما نعلم أن التربية تملك زمام النهضة التنموية والحضارية والاقتصادية ؛ و لذا لا يمكن أن يوجد تطور اقتصادي دون تربية اقتصادية، لأن التربية تُعد الركن الأساسي في البناء والتجديد.

و قد يتسائل البعض: لمـاذا الاهتمام بالتربية الاقتصادية ؟!!

إن الاهتمام بالتربية الإقتصادية من شمولية الإسلام الذي تعلمناه في ديننا ونقصد بالشمولية هنا هي القواعد والقوانين والنُظم التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع والأمة.

ولأن الإسلام منهج متكامل وتشريع شامل لكل مجالات الحياة ، فالحمد لله القائل { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا } .

كما أن المربي الفطن الواعي يجب أن يعلم أن التربية الاقتصادية ليست مجرد أرقام وحسابات واستثمار! بل هي تربية يُعد فيها الإنسان ليكون عنصراً اقتصادياً نافعاً ضمن منظومة كاملة من التشريعات الربانية لكل جوانب شخصية الإنسان خليفة الله في أرضه.

لذا يجب أن نعلم أن التربية الاقتصادية تعلم النشء الاعتماد على النفس ، وتحمل المسؤولية وفهم الحياة وفقه الواقع والنضج المعرفي والخبرة في التعامل مع الناس.

وبناءً عليه فإن الاهتمام بالتربية المالية وغرس السلوكيات الاقتصادية في سن مبكر يعتبر وسيلة فاعلة وأساسية لإنشاء جيل واعٍ وناضج فكرياً ومادياً واجتماعياً ؛ يستطيع إدارة حياته باستقلالية ومهارة، ويتحرر فيما بعد من الاعتماد الكلي على أهله في محطات الحياة الأساسية من تعليم و زواج و علاج.

إن من عوائق التربية الاقتصادية افتقار الوالدين لثقافة اقتصاد البيت المسلم الذي يشمل المبادئ والأحكام الشرعية التي تحكم المعاملات الاقتصادية للبيت المسلم، من كسب وإنفاق وادخار واستثمار و زكاة وصدقات وهبات و وصايا وميراث وإقراض واقتراض وضبط العلاقات المالية بين الزوج والزوجة والأولاد ونحو ذلك. كل ذلك لتوفير الحاجات الروحية والمادية لإفراده من أجل أن يحيى هؤلاء حياة طيبة في الدنيا والفوز برضى الرحمن في الآخرة .

همسة

[ التربية الاقتصادية حق للأجيال القادمة من الأجيال الحاضرة ]

كتبته : رقية الحارثية