نرفع هاتفنا الذكي لنلتقط به صورة نحتفظ بها لتذكرنا بلحظات مختلفة من حياتنا .. ولكن كيف تطورت هذه الكاميرا وما هي المراحل التحسينية التي مرت بها؟ .. هنا نعرض سلسلة لحقائق مهمة حول هذه الثورة التقنية الهائلة. والتي يعود تاريخ فكرتها إلى 400 قبل الميلاد ..  

يعود تاريخ التصوير الفوتوغرافي إلى القرن السادس عشر الميلادي، عندما تم اختراع الكاميرا المظلمة. ولكن فكرة الكاميرا المظلمة كانت موجودة قبل الميلاد ب 400 عام، عندما لاحظ الفيلسوف الصيني "موتزو" أن الضوء من جسم مضاء عند تمريره عبر ثقب صغير إلى جدار بغرفة مظلمة يخلق صورة معكوسة. 

ثم أتى في ما بين الأعوام ١٠١١-١٠٢١م العالم العربي المسلم الحسن ابن الهيثم ليأكد هذه الفكرة، فقد لاحظ وهو داخل السجن في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، دخول الضوء من خلال ثقب في جدار السجن وسقوطه على الجدار المقابل حاملاً معه صورة غير حادة الملامح ومقلوبة لشجرة. وقام ابن الهيثم بتسجيل ملاحظاته متوصلاً لوضع قوانين الضوء، ودونها في كتابه "المناظر"، ودونها تحت اسم “القمرة” وتعني الغرفة المظلمة ذات الثقب الواحد. ومن كلمة "قمرة" اشتقوا كلمة "كاميرا". 


وفي عام ١٨١٦م .. استخدم المخترع والمصور الفرنسي جوزيف نيسفور نيبس الورق المطلي بكلوريد الفضة لخلق أول صورة، لكنها لم تكن دائمة. حيث أنه بمجرد تعرض الورق للضوء، يصبح لون الصورة داكنًا ولا تستطيع مشاهدتها بشكل واضح. الصورة أدناه تعتبر أول صورة التقطت في العالم. ابتكر نيبس أيضاً أول صورة دائمة في العالم وذلك في عام ١٨٢٦م، والتي لا تزال موجودة حتى اليوم. تم التقاطها باستخدام حاجب الكاميرا وحساس للضوء. ويقال إن التعريض استغرق عدة أيام حتى يكتمل، وكان يجب أن يضيء بطريقة خاصة جدًا لرؤية الصورة. 

عام ١٨٣٣م ..  يموت المخترع نيبس فجأة، تاركًا ملاحظاته لتلميذه داغير الذي اهتم أكثر باستخدام الفضة في عمليات التصوير، بدأ داغير في تجربة تصوير الصور مباشرة، يستعمل في هذا النوع من التصوير، ألواح معدنية وتعرض لبخار اليود ثم توضع هذه الألواح في الكاميرا .. وسميت الكاميرا بالداغيرية.

عام ١٨٣٨م .. التقط لويس داغير أول صورة من نوع "الداغيرية" ..  عرفت الصورة باسم "بوليفارد ديو تامبل"، والصورة لأحد الشوارع في #باريس خالياً من السيارات ووجود عدد من المارة في المشهد. 

في عام ١٨٣٩م .. أتقن "هنري فوكس تالبوت" العملية التي أنشأها لتثبيت الصور الفوتوغرافية السلبية باستخدام (ثيوسلفات الصوديوم).  كانت هذه الطريقة أكثر فاعلية لإذابة أملاح الفضة اللازمة في عملية التصوير. 

عام ١٨٥٥م .. بدأت أولى مراحل تصوير الحروب .. حيث أصبح روجر فينتون أول مصور حرب رسمي، ومنبع جذور التصوير الصحفي. قام بتصوير حرب القرم ونشرت صوره في "لندن إلوستراتيد نيوز" لتكون أول صور عن الحرب في تاريخ البشرية. 

بين عامي 1855و1884، استمر التحسين على التصوير باستخدام مواد كيميائية أفضل .. فبحلول عام 1884، طور جورج إيستمان أول ورق لفيلم فوتوغرافي يمكن أن يحل محل الصفيحة الصلبة. لأول مرة، لم يعد على المصورين حمل صناديق ثقيلة كبيرة من الألواح المعدنية والمواد الكيميائية السامة. 

وفي عام ١٩٠٠م .. أصدرت شركة كوداك صندوق براوني الشهير، الذي أحدث ثورة في التصوير الفوتوغرافي مما جعله شيئًا متاحًا للجماهير .. وبيعت مقابل دولار واحد فقط عندما تم إصدارها - أي ما يعادل حوالي 33 دولاراً حالياً. 

في عام ١٩٤٨م .. تم طرح أول كاميرا فورية على الإطلاق، وبيعت في غضون دقائق. تم اختراعها من قبل ادوين لاند، وكان اسمها "بولارويد" ولكن تكلفة الفيلم أصبحت عالية ولا يستطيع الناس تحملها، على الرغم من أنها شهدت انتعاشًا كبيرًا. 

عام ١٩٧٥م .. قدمت كوداك أول كاميرا رقمية على الإطلاق، اخترعها المهندس ستيف ساسون.  على الرغم من أنها لم يتم توفيرها تجاريًا أبدًا، إلا أنها سهلت الطريق لمستقبل التصوير الرقمي. استغرق الأمر 23 ثانية لالتقاط صورة بدقة 0.01 ميجابكسل ويمكن التقاط الصور بالأبيض والأسود فقط. 

وفي عام 1986، أنتجت كوداك جهازًا بحجم ظفر الإصبع قادرًا على حفظ وتسجيل 1.4 مليون بكسل. كان اختراع جهاز الاستشعار megapixel مكن الأشخاص التقاط الصور ومشاركتها بسرعة دون الحاجة إلى إهدار المال على تكاليف شراء فيلم التصوير. 

عام ١٩٩٦م .. أصدرت Kodak DC20 وكانت في الأساس أول كاميرا تستخدم نظام Point-and-Shooting على الإطلاق. كانت أول كاميرا رقمية ميسورة التكلفة، حيث بلغت تكلفتها حوالي 360 دولارًا، في حين كانت جميع الكاميرات الرقمية الأخرى أكثر من ضعف ذلك. 

وفي عام ٢٠٠٠م .. أصدرت كانون كاميرا  التي تحتوي على مستشعر 3.1 ميجابيكسل، ويمكن تصويره بسرعة 3 إطارات في الثانية، وكان DSLR الوحيد في ذلك الوقت الذي كان يكلف أقل من 1000 دولار. 

وفي عام ٢٠٠٢م .. غيرت Canon عالم التصوير الفوتوغرافي إلى الأبد مع إطلاق أول كاميرا DSLR كاملة الإطار - ولكن كانت باهضة الثمن .. حيث كانت تكلفة الطراز Canon EOS 1-DS تبلغ 7،999 دولارًا أمريكيًا. 

في عام ٢٠٠٨م .. بدأ عالم الكاميرات بالتطور بشكل كبير حين أطلقت باناسونيك  كاميرتها Panasonic Lumix DMC-G1 -وهي أول كاميرا ذات عدسة قابلة للتبديل بدقة 12.1 ميجابكسل- ، بل كانت أول كاميرا تستخدم نظام "micro four third" وهو نظام ذا مستشعرات أفضل وأكبر. 

وبحلول عام ٢٠١١م .. بدأت سلسلة Fujifilm X بكاميرا X100 - وهي عبارة عن كاميرا مدمجة ذات عدسة ثابتة مقاس 23 مم طراز APS-C. منذ ذلك الحين ،أصبح لهذه الشركة مكانه؛ لما أحدثته من ثورة في التصوير الفوتوغرافي الرقمي ذي التنسيق المتوسط وبأسعار زهيدة وفي متناول الجميع. 

في أكتوبر من عام ٢٠١٣م، أعلنت شركة Sony عن أول كاميرا بدون مرآة كاملة الإطار، وهي Sony A7 - والتي كانت بداية خط جديد في انتاج الكاميرات غير المزودة بمرآة وحساس كامل الإطار بدقة 33 ميجا بكسل وتصوير يصل إلى 10 إطارات في الثانية. 

وفي عام ٢٠٢١م .. أصدرت Fujifilm كاميرا متوسطة الحجم وبسعر زهيد مقارنة بنظيراتها من نفس النوع والمواصفات وهي:  Fujifilm GFX 50S II 

وفي وقتنا الحالي .. فلقد تطورت تقنية الكاميرا كثيرًا، وأصبح لدينا الآن كاميرات قادرة على التركيز باستخدام ميزة التحكم بالعين مثل (Canon EOS R3) والكاميرات "الثابتة" القادرة على تصوير فيديو بدقة 8K مثل (Nikon Z9)والكاميرات مع مستشعرات 100 ميجابكسل مثل (Fujifilm GFX 100S). 

وعلى الرغم من هذا التطور الكبير الذي شهدته هذه التقنية إلا أنه لا زال هناك من يستخدم الفيلم في التصوير  .. فهناك شركات لا زالت في وقتنا الحالي تقوم بإنتاج كاميرات ذات تصوير فوتوغرافي فوري مثل: Instax Mini 11 و Polaroid Now. ونستمر في التقاط الصور مهما كانت الوسيلة المستخدمة.