تتكون جريمة الاختلاس من أربعة أركان ، هي: الركن المفترض وركن المحل والركن المادي والركن المعنوي. وابتداءً بالركن المفترض، تأخذ جريمة الاختلاس المركز الثاني من جرائم الفساد بعد الرشوة. ومن أبرز علامات هذه الجريمة هي أنها لا يتصور وقعوها دون موظف عام فهو الوتد الذي تقوم عليه باقي الأركان، لكن يُثار التساؤل من هو الموظف العام؟ تعريف صفة الموظف العام فضفاضة وواسعة جداً وتحتمل الكثير من المعاني. وعندما نذكر مصطلح الموظف العام فنذهب رأساً إلى قانون الموارد البشرية المدنية القطري رقم ١٥ لسنة ٢٠١٦ ويتضح عند الرجوع إليه بأنه خلا من تعريف الموظف العام، وكل ما في الأمر أنه وضع نطاقًا للموظفين العموميين فشملهم بصفة معينة في المادة ١ حيث نصت على “كل من يشغل إحدى الوظائف طبقاً لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية". وعند إحالتنا إلى اللائحة التنفيذية رقم ٣٢ لسنة ٢٠١٦ لقانون الموارد البشرية المدنية نجد أنها بينت الصفة وليس تعريفه. لكن عند التمحيص في تعريف الموظف العام نجد أن الفقه الإداري عرف الموظف العام "الشخص الذي يقوم بصفة قانونية بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة عن طريق الاستغلال المباشر".


جاء المشرع الجنائي وكف اليد عن البحث في مصطلح الموظف العام، فالموظف العام وفق نص المادة ٣ من قانون العقوبات القطري رقم ١١ لسنة ٢٠٠٤ بأنهم: "القائمون بأعباء السلطة العامة، والموظفون، والعاملون في الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى والهيئات والمؤسسات العامة.

ويُعد في حكم الموظف العام:

المحكمون والخبراء ومديرو التفليسة والمصفون والحراس القضائيون.

رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة، والمديرون، وسائر العاملين في الجمعيات والمؤسسات الخاصة والشركات، إذا كانت إحدى الوزارات أو أحد الأجهزة الحكومية الأخرى أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة تساهم بنصيب فيها.

كل من يقوم بآداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناءً على تكليف صادر إليه من موظف عام.

رؤساء وأعضاء المجالس التشريعية والبلدية، وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين.

الموظف العام الأجنبي: أي شخص يشغل وظيفة تشريعية أو تنفيذية أو إدارية أو قضائية لدى بلد أجنبي، سواء كان مُعيناً أو مُنتخباً، أو أي شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بلد أجنبي، بما في ذلك لصالح جهة أو منشأة عامة.

موظف بمؤسسة دولية عمومية: أي موظف أو مستخدم مدني دولي أو أي شخص تأذن له مؤسسة أو منظمة دولية عامة بأن يتصرف نيابةً عنها.

وفي جميع الأحوال، يستوي أن تكون الوظيفة أو العمل أو الخدمة دائمة أو مؤقتة، بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً.

ولا يحول انتهاء الخدمة أو زوال الصفة دون تطبيق أحكام هذا القانون، متى وقعت الجريمة أثناء الخدمة أو توفر الصفة".

وفق المشرع القطري عندما وضع تعريف الموظف العام في القسم العام بالباب الأول في الأحكام التنفيذية في نص المادة 3، فتعريف الموظف ينسحب على جميع الجرائم التي يذكر بها مصطلح الموظف العام في قانون العقوبات، فعند ذكر مصطلح الموظف العام في قانون العقوبات القطري فإنه يسري على جميع النصوص سواء كانت في القسم العام (من المادة 1-97) أو القسم الخاص (98-299). هنا المشرع القطري تلافى ثغرت المشرع المصري وسدها، فالمشرع المصري عرف الموظف العام في القسم الخاص في نص المادة ١١١و١١٩ من قانون العقوبات المصري، ومصطلح الموظف العام هنا مقصور في الباب الذي ورد فيه. يشترط هنا في صفة الموظف العام أن تتوافر وقت ارتكاب السلوك الإجرامي (فعل الاختلاس)، أي تكون الصفة موجودة أثناء فعل الاختلاس، فهنا اكتمل الركن المفترض، بناء عليه إذا كان الموظف يتمتع بالصفة أثناء ارتكاب السلوك ثم زالت عنه الصفة فلا يتخلص الموظف العام من المسؤولية الجنائية وهذا يستنبط من نص المادة ٣ من قانون العقوبات " ولا يحول انتهاء الخدمة أو زوال الصفة دون تطبيق أحكام هذا القانون، متى وقعت الجريمة أثناء الخدمة أو توفر الصفة". نحن نخالف الاتجاه الفقهي الذي يرى أن بعد توافر الصفة فليس للمحكمة أن تمحص في صحة تعيين الموظف، المخالفة جاءت استناداً على أنه صفة الجاني تُعد شرطًا مفترضا لوقوع هذه الجريمة فيجب على المحكمة أن تتأكد من هذه الصفة وإلا كان الحكم معيب بالقصور بالتسبب، فكما قلنا سابقاً فالموظف العام هو وتد هذه الجريمة، أضف إلى ذلك أنه يجب أن نضع دور لنظرية الموظف الفعلي (فهي تميز بين الموظف الذي يشوب قرار تعيينه بعيب بسيط مثل عدم قيام الموظف بأداء اليمين أو كان قرار التعيين بمشوب بعيب جسيم جوهري مثل الموظف صاحب شهادة مزورة).