الشيخ يوسف بن نعمان بن محمد سعيد بن أحمد بن عبدالله السويدي , ولد (1270-1348 =1854- وتوفى 1929م) : وقد درس العلم على رجال الدين في بغداد ؛ وقد انتدب لمنصب القضاء في عدة من الوية ومناطق العراق ؛ اذ تقلد القضاء فترة من الزمان ... ؛ فقام بأعباء تلك المهمة خير قيام خدمة للباب العالي ؛ فقد تم تعيينه قاضياً شرعياً في أكثر من مكان من ولاية البصرة ؛ بأمر من السلطات العثمانية الغاشمة , وقد كان يحظى باحترامِ وتقدير السلطان عبد الحميد الثاني، الذي منحه راتباً يؤمّن به حياته، مع موارد خاصة في الزراعة والعقارات - اقطاعيات من المال السحت ؛ اذ وهب العثماني المحتل ما لا يملك - ، وذهب الى القسطنيطنية وحل ضيفا على بلاط الخليفة العثماني ... ؛ مبجلا محترما مدة تنوف على عشرة اشهر وفي اثنائها منحه الخليفة رتبة ( بروسة ) -رتبة البلاد الخمس الموصلة لباية الحرمين الشريفين - , وعزز ذلك بالطاف اخرى ... ؛ وبعد رجوعه من الاستانة انتخب عضوا لمحكمة الاستئناف في بغداد ثم عضوا في مجلس ادارة الولاية وكانت له فيها الكلمة المسموعة , والراي النافذ مع الجاه الواسع - ففي عام 1879 انتخب عضوا في مجلس بغداد البلدي( اذ كانت دائرة بلدية الكرخ برئاسة عبد الله الزيبق وعضوية أحمد الشاوي ويوسف السويدي وأحمد الشواف وعبد الله الخنيني وابراهيم التكريتي ومحمود أغا) - ... ؛و حصل على رتبة علمية - كما مر- استغنى من خلالها عن وظيفتهِ واستقر في بغداد ... ؛ وهي العائلة الوحيدة التي حصلت على فرمان -اي مرسوم عثماني - بدفن موتاها في مقبرة معروف الكرخي ...؛ وقد سكنت هذه العائلة محلة الشيخ صندل ومحلة خضر الياس في كرخ بغداد وكان لها بيت على ضفاف نهر دجلة ... ؛ و له من الأنجال خمسة ، اثنان توليا منصب رئاسة الوزراء وهما ناجي وتوفيق ، وعارف احد أعضاء محكمة التمييز وشخصية قانونية ، وشاكر من الأطباء ، والخامس ثابت اغتيل شابا في الحرب العالمية الأولى .
وبعد اعلان الانقلاب الدستوري في الدولة العثمانية - في ثورة (تركيا الفتاة) عام 1908 والتي أطاحت بحكم السلطان عبد الحميد الثاني ؛ والتي شارك فيها الوالي جمال باشا ) ، اختير عضوا في مجلس ولاية بغداد سنة 1909 وأصبح قريبا من الولاة المتأخرين لبغداد ومنهم الوالي ناظم باشا ... ، ومع ذلك ادعى البعض انه خاصم الوالي جمال باشا ( السفاح ) ؛ فكيف يجتمع القبول بالوظيفة مع عصيان اصحاب الانقلاب ؟! .
وحتى لو صدقنا بتلك الخصومة فلعل السبب في ذلك ؛ ذهاب ولاة امره واولياء نعمته خلفاء بني عثمان ؛ وليس الدفاع عن العروبة واستقلال الوطن كما يدعون ؛ فقد عملت هذه العائلة السويدية وطوال عقود مديدة من الزمن وبتعاقب رجالها وابناءها على توطيد الحكم العثماني في العراق بل والتصدي لكل صوت عربي وعراقي معارض ؛ بحجة حرمة الخروج على الخلافة العثمانية الاسلامية ... ؛ ومن الواضح ان اشد السلطات وطأة تلك التي تستعمل الدين لمصادرة الحد الادنى لحقوق الانسان و واجبات الدولة تجاه المواطن ؛ لذا عمل هؤلاء المرتزقة و وعاظ السلاطين بتشجيع حكام و ولاة الدولة العثمانية على مصادرة حقوق الناس في العيش الكريم , او التخفيف عنهم , او افساح المجال لهم بخصوص حرية الراي والمعتقد والتعبير وممارسة باقي الحريات الشخصية والدينية والسياسية ... الخ ؛ بل على العكس افتى هؤلاء المجرمون بجواز قتل وقمع العراقيين المعارضين والعشائر والقبائل العراقية والعربية واضطهادهم ومصادرة اموالهم ... ؛ ومباركة جرائم ومجازر الحكام والولاة بحق ابناء الامة العراقية .
وقيل ان جمال باشا ( السفاح ) احتجزه واضطر للإفراج عنه بأمر من اسطنبول ؛ فالرجل صاحب علاقات مع الاتراك اصحاب النفوذ اين كان توجههم ؛ كأسلافه فهؤلاء صنائع أولئك ; وقيل : كان الاتحاديون الحاكمون يعدونه من خصومهم ، وعندما قامت الحرب العالمية الأولى ودخلت الدولة العثمانية الحرب ، أخذوا بسياسة اضطهاد مخالفيهم ، فاعتقل سنة 1915 وسيق إلى لبنان حيث محاكم الحرب ، ونفي مع المعارضين او المشكوك بولائهم إلى إحدى قرى الأناضول ، وهناك توسط له كبار القوم فتم نقله الى الاستانة معززا مكرما ؛ ثم مكث فيها إلى أن انتهت الحرب العظمى وعاد إلى بغداد عام 1919 ؛ سالما غانما ... ؛ لكن البعض ادعى انه : شارك في الحركة الوطنية ضد تتريك البلاد العربية وحارب من أجل استقلال العرب... ؛ فنفاه جمال باشا إلى الأناضول، وعاد عام 1918م ... ؛ وكل القرائن تكذب ادعاءات القوم ولعل خصامه مع جمال باشا شبيه بخصومة طالب النقيب معهم ؛ ما هي الا خصومات سطحية ... .
معارضة هؤلاء الشراذم لأسيادهم الاجانب استطيع ان اطلق عليها ( معارضة 5 نجوم ) وسيمر عليكم لاحقا ما يؤكد ذلك .
وادعى القوم انه قاتل وحارب وعارض الانكليز في ثورة العشرين ؛ ولو كان الامر صدقا كما يدعون ؛ اين كان عندما احتل الانكليز الكويت والفاو قبل ست سنوات ؟!
لماذا لم يذهب للتصدي لهم هو او احد ابناء عائلة السويدي كما فعلت عشائر الجنوب وشيوخها ورجال الدين الشيعة ؛ فقد تصدى لهم شيخ عشائر بني لام الشيخ غضبان البنيه وشيخ عشائر البودراج الشيخ محمد الحطاب وشيخ عشيرة السواعد الشيخ حطاب الموسى ؛ ومن أشهر معارك عشائر العراق الاصيلة : هي معركة كوت الزين التي أستشهد فيها الكثير من أبناء القبائل العراقية وعلى رأسهم الشهيد الشيخ شلال الفضل الوائلي رئيس عام عشائر الشرش في القرنة -(البصرة ) - عام 1914 ... وغيرهم ؟!
وقد يتحجج البعض بانه كان منفيا في الأناضول ؛ الا ان نفيه كان في عام 1915 ؛ ومع ذلك كان باستطاعته اقناع الاتراك للذهاب الى جهاد الانكليز وهم في امس الحاجة الى ذلك كما استطاع بواسطة نفوذه الانتقال الى الاستانة .
والعجيب في امر هؤلاء الكذبة انهم نسبوا بداية اندلاع الثورة الى بغداد ؛ بينما الكل يعلم ان شرارة الثورة انطلقت من جنوب العراق و ذلك بسبب محاولة الحاكم السياسي الانكليزي لبلدة الرميثة ( هيات ) القاء القبض على شيخ عشيرة الظوالم الشيخ شعلان ابو الجون والزج به في السجن ؛ عقاباً لهُ على تحريضهِ الناس على الاستقلال وإعلان الثورة ضد الإنكليز .
اما الادعاء بكون اصل الثورة من بغداد ؛ فهذا محض ادعاء وتوهم ؛ لان بعض او لعل اغلب التظاهرات التي خرجت في بغداد والتي نظمها اعيان بغداد العثمانيين وضباط الجيش العثماني الخاسر ومرتزقة الاحتلال والعوائل الهجينة التي جاءت الى العراق ؛ في عهد الدولة العثمانية ... ؛ من الذين تأثروا بالدعاية الآتية من الدولة العثمانية ؛ فقد شجعت انتصارات كمال أتاتورك في الاناضول الآمال للكثير من الرعايا العثمانيين وابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة والاكراد من الذين كانوا يبغضون العهد الجديد والذين كانوا يتمنون عودة الأتراك الى العراق وطرد الإنجليز ... ؛ وبدأ الدعاة القادمين من تركيا ينشرون الدعايات بأن الدولة العثمانية قادمة لتخليص العراقيين من أيدي الإنجليز وقد لقيت هذه الدعاية رواجا في العراق تحت وطأة التذمر الذي كان منتشرا بين بعض رعايا العثمانيين ؛ الا ان الانكليز بدهائهم المعروف عرفوا حقيقة هؤلاء ؛ فما هم الا مرتزقة مجهولي الاصل والجذور ولا يمتون للعراق بأية صلة الا انهم كانوا يملكون زمام الامور في العراق باعتبارهم اليد الضاربة للأتراك في بلاد الرافدين ؛ فقام الانكليز بأغرائهم بالمناصب والاموال واضفاء الشرعية والهوية الوطنية العراقية عليهم ... ؛ بالإضافة الى ان اغلب ابناء الفئة الهجينة تخلوا عن الدولة العثمانية وارتموا في احضان الانكليز عندما شاهدوا بوادر انهيار الامبراطورية العثمانية المريضة .
فهؤلاء خروجهم يختلف اختلافا جذريا عن خروج الاغلبية العراقية ضد الانكليز ؛ كاختلاف صلاة علي والحسين عن صلاة معاوية ويزيد ؛ ونفس الدور مارسه ايتام وازلام البعث والنظام التكريتي الصدامي بعد سقوط صنم الاجرام عام 2003 ؛ فقد شنوا العمليات الارهابية والتفجيرات الاجرامية بحجة الجهاد ومقاومة المحتل ؛ وبمجرد اقرار رواتب مجزية لهم ومشاركة بعضهم في ادارة الحكومة ؛ توقف كل شيء وتبخر الجهاد وذهبت شعارات مقاومة المحتل ادراج الرياح .
ولعل الشيخ يوسف اعتملت في صدره مشاعر النقمة لان اولياء نعمته ذهبوا وذهبت معهم كافة امتيازاته ... ؛ او من باب مجاراة الغضب الجماهيري – حشر مع الناس عيد - ؛ فقد جاءه الناس الثوار باعتباره رجل دين معروف وعثماني سابق ؛ و ساهم مع الثوار في نشاطهم من باب ( مكرها اخاك لا بطل ) ، ... فقامت قوات الاحتلال البريطاني بمداهمة محلة خضر الياس - قيل لاعتقال الشيخ يوسف ظنا منهم انه بطل الثوار ..!! - ؛ فنشبت معركة ضارية بين أهالي المحلة والقوة العسكرية سقط فيها ضحايا – وقيل : سقط من القتلى من السامرائيين سبعة - ؛ وكعادة السويديين المعروفة , هرب من بيته بحجة مخافة القاء القبض عليه ؛ تاركا ثوار بغداد يواجهوا مصيرهم لوحدهم ... ؛ فلاذ بعشيرة المشاهدة ، ثم بمدينة سامراء ؛ ثم تنقل بين ربوع البوادي الى ان حل في ربوع الشام - سوريا - واستقر فترة في دمشق ؛ وادعى البعض : انه هرب إلى مركز الثورة في الفرات الأوسط ، ثم رحل إلى سوريا فمصر ... ؛ وهذه هي عادتهم : الهروب من المواجهة ومع ذلك عده كتبة الخط المنكوس من ابطال الثورة , والثوار الاحرار , ورجل المبادئ ؛ بل ادعوا انه قاد المجاهدين , وقالوا عنه انه عارضهم دفاعا عن العروبة والاستقلال ؛ ولعل سائل يسأل لماذا لم يتذكر العروبة والاستقلال في ايام الاحتلال التركي ... ؟! .
وقد عده البعثي المنكوس والمتطفل على الدراسات التاريخية والسياسية والاجتماعية الخبير القانوني طارق حرب – والذي يهرف بما لا يعرف - : من رجال اليقظة الفكرية ...!! ؛ علما ان الرجل لم ينشد شعرا او يؤلف كتابا ولم يعرف بكونه فيلسوفا او مفكرا او استاذا ؛ نعم قيل ان له مذكرات شخصية سماها : ( الخاطرات ) .
وبعدها اعلنت بريطانيا العفو عن هؤلاء – ( ابطال الثورة الكلاوجية ...!! ) - ورجعوا ؛ لأنها اصلا مسرحية ذات فصول يكمل بعضها بعضا , اذ انه رافق مرشح الانكليز , الملك المستورد فيصل في رحلته من سوريا الى العراق ؛ على ظهر الباخرة الانكليزية نورثبروك من مدينة جدة الى مدينة البصرة سنة 1921 لكي يكون ملكا على العراق ... ؛ وبعدها أصبح مقربا من الأسرة الملكية والشخصيات النافذة في المجتمع و من الانكليز بطبيعة الحال ... ؛ ورجع للعراق وكانت له مشاركة بارزة في وضع لبنات الحكومة الهجينة العميلة وبعلم ومباركة وباخرة الانكليز ..!! ؛ ومما مر تعرف حقيقة الامر .
وعند تأسيس البرلمان العراقي عين عضوا في مجلس الاعيان وانتخب لرئاسة المجلس ؛ فكان أول رئيس (لمجلس الأعيان العراقي) الذي أسس فـي سنـة : (1341هـ ـ 1921م) وقد ظل في هذا المنصب إلى أن توفي ... ؛ و هو بمثابة مجلس الشيوخ واحد مؤسسات الحكومة الدستورية إلى جانب مجلس النواب (البرلمان) في العراق آنذاك ...؛ بل ان عائلته سميت عائلة الرؤساء ؛ حيث كان هو رئيسا لمجلس الاعيان , وكان ابنه ناجي يوسف السويدي رئيسا للوزراء سنة 1929 وكان ابنه الثاني توفيق يوسف السويدي رئيسا للوزراء لثلاث مرات سنة 1929 و1946 و1950 ... ( بالمختصر اخذوا الحكومة : فلاحة ملاجة – كما يقول المثل الجنوبي - ) .
وهذا دليل دامغ على مقاومته للإنكليز المحتلين ؛ وكرهه لهم , وبغضهم له ... ؛ و هذه الادوار السياسية المكشوفة ؛ الاحرار تعرف حقيقتها ؛ فهؤلاء الشراذم في كل قدر لهم فيه مغرفة ... , و ولي نعمتهم القوي المنتصر دوما وابدا ... .
وهذه المسرحيات السياسية الزائفة والادعاءات الكاذبة كانت تنطلي على السذج والبسطاء الرعاع وقليلي الخبرة بعالم الخدع الشيطانية والالاعيب السياسية ؛ وبما ان الولد سر ابيه ؛ اراد توفيق السويدي ان يمثل نفس الدور الوطني المصطنع الذي كان لأبيه ؛ الا ان ملفات السفارة البريطانية – فيما بعد - فضحته وكشفت امره ؛ فقد وصفت تحركات وادعاءات وشعارات توفيق بن يوسف السويدي الوطنية والسياسية : (( توفيق السويدي أراد أن يظهر عداءه الزائف للبريطانيين )) وكذلك كان الاب الماكر ؛ فهذه العائلة المرتزقة قد زقت العمالة والخيانة والتمثيل والنفاق السياسي زقا .
وقيل : ان مجلسه من اشهر المجالس والدواوين في بغداد ... ؛ وقد ذكر الكاتب كاظم الدجيلي : انه رأى نسخة هذا النسب الاصلية – نسب عائلة السويدي - عند يوسف افندي السويدي وتاريخ كتابتها يرتقي الى سنة 975 هـ / 1567 م ؛ وهي موقعة بتواقيع جماعة من العلماء المشهورين في عصرهم منهم : الشيخ عبد الرحمن الرحبي مفتي الشافعية في بغداد ، ومنهم محمد سعيد القادري ، والمولى الحكم (اي القاضي ) ببغداد محمد رشيد ، والشيخ علاء الدين الموصلي ، والشيخ عبد الله الانصاري وغيرهم ... ؛ وهذه الشهادة لا يوثق بها لعدة اسباب ومنها : سهولة اعداد نسخة وكتابة ما يشاء المرء فيها ؛ لاسيما عندما يكون المطلع عليها لا يمتلك اية خبرة في معرفة النسخ القديمة وتقدير تواريخ كتابتها بالطرق العلمية ... ؛ فمن قال ان هذه النسخة ليست من صنع وتزوير المدعو نفسه ؛ وما الدليل على انها تعود الى ذلك التاريخ ؛ وهل عرضت تلك النسخة على المختصين والخبراء وعرفوا عمرها الزمني وتاريخ كتابتها ...؟!
في حياتنا نقابل العديد من الأشخاص الذين يمدحون أنفسهم بأسلوب مبالغ فيه ؛ باعتقادهم أنّها ثقة بالنفس , او بأن تكرار الادعاءات يصيرها حقائق مسلمات ؛ ولاسيما في عالم الكذب والدجل السياسي والديني في العراق ؛ وبالذات بين ابناء الفئة الهجينة وبقايا العثمنة والعجم والمؤسسة الدينية المنكوسة ؛ اذ ان سيرتهم في هذا المجال تعتمد على امرين لا ثالث لهما : الاول مدحهم لأنفسهم ؛ والثاني مدح بعضهم بعضا .... ؛ وكلنا يعلم بأن العظماء والاحرار والصادقين والاصلاء لا يمدحون أنفسهم , ولا ينتظرون المديح من أحد فهم معتزون وفخورون بذواتهم دون تعالي وغرور ودون الحاجة لبرهان .
بينما هؤلاء الشراذم ينطبق عليهم المثل الشعبي العراقي : ( مداح روحه ذممامه ) ... ؛ ومر عليكم في الحلقات السابقة كيف يتم توثيق تلك الشخصيات والعوائل الغريبة والدخيلة والمجهولة ... ؛ وهذه التوثيقات لا قيمة لها لأنها لا تكشف عن الحقيقة ؛ اذ ان طريق الحقيقة منحصر بصاحب الادعاء ولو سارت الامور بهذا الشكل لعم الهرج والمرج ؛ ومثل ما قال المثل المصري الشعبي : ((قالوا للحرامي احلف قال جاني الفرج )) نعم هنالك استثناءات يجوز ويصح فيها ان يمدح المرء نفسه او يببن حقيقة امره للآخرين ولكن بشروط عديدة نصل من خلالها الى اليقين بصحة الادعاء .
وكل هذه الترهات والادعاءات تهدف الى تلميع صورتهم واخفاء حقيقتهم وابعاد الانظار عن الادوار السلبية التي مارسوها ضد الامة والاغلبية العراقية والاضرار التي الحقوها بالعراق والعراقيين فكل هذا البلاء والتخبط السياسي الذي عشناه ونعاني من تداعياته اليوم بسببهم ؛ فهم اول من بذر بذرة الطائفية والعنصرية والعمالة والخيانة والاقصاء والتهميش ومحاربة العراقيين الاصلاء وجلب الدخلاء والغرباء لإحداث تغييرات ديموغرافية خبيثة ومنكوسة في بلاد الرافدين بالتعاون مع الاتراك سابقا والانكليز لاحقا ؛ والانظمة الحاكمة العميلة الهجينة فيما بعد ...؛ وقد ترك هؤلاء الاوغاد تأثيراً سياسيا سيئا وسلبيا على المراحل اللاحقة ؛ اذ ذاقت الاجيال العراقية المتعاقبة مرارة نتائج هذا الخط الفاسد المنكوس والنهج الاجرامي الاعوج .
ولان هذه التوثيقات المشبوهة والمشجرات النسبية الضعيفة والتي اثبتها مرتزقة الدولة العثمانية والذين اجتمعوا بأمر الوالي الاجنبي العثماني ... ؛ لا يمكن لنا ان نصدق بها , او ان ندعي انها تكشف الحقيقة وتبين لنا الواقع ؛ لأنها مجرد ادعاءات شخصية ومقرونة بتحقيق المصالح والمنافع المشبوهة والمقصودة ؛ بينما المفروض ان تعرف تلك التوثيقات بآثارها الخارجية والواقعية لا بادعاءات اصحابها وتخيلاتهم وظنونهم ... ؛ و ذلك لان هذه القرائن الخارجية والشهرة الواقعية والشيوع المفيد للاطمئنان واليقين ؛ واضحة ومعلومة للناس ولا يحتاج اثباتها عن طريق ادعاء هذا او ذاك ؛ او شهادة يتيمة من هذا الموظف العثماني او ذلك الغريب المرتزق ... .
وتواجد هذه الشخصيات وابناءها واحفادها في العراق واستمرار وجود هذه العوائل لا يعني حقيقة نسبها وامرها ؛ فكلنا نعرف ان هنالك عوائل وشخصيات مرتبطة بالمحتل الاجنبي وتأتمر بأوامره , ومنتشرة في اصقاع المعمورة ولهم تاريخ طويل بالعمالة والخيانة وجذورهم واصولهم لا يعرفها سوى المحتل الاجنبي الذي جاء بهم لهذه البلاد ... ؛ لذلك نلاحظ تبادل الادوار السياسية والدينية بين هؤلاء العملاء وكأن الامر منحصر فيهم فقط والبلاد خالية من الكفاءات والشخصيات ..؟! .
وتحولت هذه الظاهرة إلى هوس وسلوك متكرر على مدار تاريخ العراق المعاصر ... ؛ وقد دفعني هذا الامر للبحث عن اصول وجذور هؤلاء ودراسة سلوكهم وسيرهم ؛ فوجدت اغلبهم مصاب بمرض النرجسية ؛ لذا تراهم يتحدثون عن انفسهم وعوائلهم كثيرا , ويمجدون بعضهم بعضا , ويذكرون العروبة بسبب ومن دونه , ويلهجون بأمور هم بعيدين عنها كل البعد , ويدعون قدم عراقيتهم ؛ وهذه الظواهر تندرج ضمن ظاهرة النرجسية الاجتماعية وغياب الهوية الحقيقية والشعور بالاغتراب ... ؛ بل ان بعض هؤلاء الغرباء والدخلاء اصيبوا بداء العظمة ؛ فضلا عن مرض النرجسية الذي يدفع صاحبه للتعالي والغرور والاهتمام بنفسه فقط والتركيز على ذاته واهمال الشعور الوطني او الاهتمام بهموم وامال وتطلعات المواطنين والشعب ... ؛ ولعل سلوك مجرمي تكريت والعوجة في العهد البائد من اوضح الشواهد والقرائن على ما ذهبنا اليه انفا .
وعليه لا تستغرب من انفراد المدعو توفيق السويدي بذكر معلومات عن ابيه لا يعلمها احد غيره , فقد تحدث عن ابيه في كتابه : ( وجوه عراقية ) ؛ واصفا جهاد ابيه في ثورة العشرين وتنقله بين الكاظمية وكربلاء والنجف والشامية ، وما بذله من جهود جبارة في تنظيم صفوف الثورة وكبح جماح نزوات بعض الزعماء ...!! .
وعندما مات شيع تشييعا كبيرا – من ابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة - , ورفع نعشه على عربة حكومية , واطلقت المدافع الانكليزية عندما اودع الى مرقده الاخير ؛ عرفانا من الانكليز للمرحوم لأنه قتل منهم المئات وافشل مشروعهم السياسي في العراق , ولم يشارك في حكومات العمالة والخيانة ...!!
الحقيقة التي لا يحب ان يراها المؤدلجون والمنكوسون ان الشيخ يوسف افندي خدم المحتل العثماني ثم البريطاني ؛ بل وانجب اولادا كانوا اكثر منه عمالة وخيانة وتلون ... ؛ فهم من اركان الدولة ومن مقدمي ساستها كما يقول الالوسي .
وقد رثاه الكتاب والشعراء ؛ ومنهم الشاعر جميل صدقي الزهاوي في قصيدته : (الفقيد همام ) والتي يقول فيها :
بغداد ثكلى والفقيد همام ×××والحزن طام والمصاب جسام
سهم أصاب من العراق صميمه ××× فمشت إلى أطرافه الآلام
أبتدأ الشاعر قصيدته ببغداد واصفا اياها بالأم بعد فقدها لولدها ؛ ثم لم يشأ الشاعر تكرار أسم بغداد في البيت الثاني فأستعاض عن ذلك بقوله : سهم أصاب من العراق صميمه وهي بغداد ايضا , وذهب الشاعر الى ان الالم والحزن على فقدان يوسف افندي لم يقتصر على بغداد بل شمل العراق بأسره من شماله الى جنوبه – ( ومن هل الخرط الفارغ والكذب السمج ) - .
ورثاه الشاعر الهجين ناجي القشطيني ايضا ؛ واليكم بعض الابيات التي قالها بحقه :
الله أكبر قد فقدتم من بهِ ××× كانت تميس وتزدهي الأيام
فالمجد يندب والبالد مآتم ××× فيها العراق بكى وناح الشام
يا منقذ الوطن العزيز بعزمهِ ××× يامن له وسط القلوب مقام
أبتدأ الشاعر هذا المقطع الشعري بالتكبير ( الله اكبر ) وكأننا في معركة بدر او حنين , كي يضفي زخما عاطفيا وسلفيا على الحدث والذي من شدة هوله ليس بوسع المرء الهجين والمواطن الدخيل الا أن يلجأ الى الله ويلوذ به , كي يثبت فؤاده من الزيغ بسبب عظم الخطب ؛ و لم يقتصر الحزن عليه في العراق وإنما بلغ الشام بل وصل الى الاسيكمو والقطب الجنوبي المتجمد ... ؛ ثم ادعى انه انقذ الوطن بعزمه ؛ والحقيقة انه ضيع الوطن بجهله وعمالته وطائفيته ... ؛ – ( ومن هل الكلاوات والجنجلوتيات ) - ...!! .
واكراما لذكرى الفقيد الوطني - ( ال نص ردن ) - ؛ اطلقت الحكومة الملكية على احدى ساحات بغداد في الكرخ – بالقرب من دائرة التقاعد حاليا - اسمه : ( ساحة يوسف السويدي ) والتي تم تغيير اسمها بعد ثورة عام 1958 ؛ والساحة الان اسمها : ( ساحة الشهداء ) .
.............................................................
المصادر :
- 1-المسك الاذفر / الالوسي .
- 2-مقالة : : يوسف السويدي / رفعة عبد الرزاق محمد .
- 3-أنساب وتراجم الأشراف العباسيين / منتدى الأنساب في مجلة المنهاج / إعداد السيد : باسل أحمد حبيب الأتاسي
- 4- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث / ج 5 / علي الوردي .
- 5-عائلة السويدي العائلة البغدادية الوحيدة التي كان فيها ثلاثة رؤساء / طارق حرب .
- 6-د. مؤيد الونداوي، العراق في التقارير السنوية للسفارة البريطانية.1992.
- 7-د. جارلس تريب، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، 2002.
- 8-د. ماري باترك، سلاطين بني عثمان، 1986.
- 9-عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العرقية ج1.
- 10-كامل الجادرجي، مذكرات كامل الجادرجي ، 1970.
- 11-مجلة لغة العرب/ ج 2 / (1912 ) / ص 219 .
- 12-رثاء أعلام السياسة في العراق في عهد الانتداب البريطاني / محمد حسون نهاي .
- 13-جريدة المؤتمر 20 تموز 2007 - حميد المطبعي . و جريدة المشرق 20 أيار 2012 - محمد كريم الموسوي .