مما يؤثر عن علي رضي الله عنه أن أعرابيًا جاءه فقال له إني ممتحن فعلمني شيئًا أنتفع به، فقال رضي الله عنه: يا أعرابي إن للمحن أوقاتًا ولها غايات، فاجتهاد العبد في محنته قبل إزالة الله تعالى إياها = زيادة فيها.
ولكن استعن بالله واصبر وأكثر من الاستغفار فإن الله عز وجل وعد الصابرين خيرًا.
فانصرف الرجل، وقال رضي الله عنه على إثره:
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى/فأول ما يجني عليه اجتهاده.
هذا أثرٌ شريف، وفيه إشارةٌ سلوكية عالية، فللبلاء أجلٌ محدود، ولانكشافه ساعةٌ مقدرة لا تتأخر عنه ولا تتقدم، كما أن ساعة نزوله كانت في زمان مقدّر وأجل مضروب قبل أن يُخلق العبد وبلاؤه بآلاف السنين، ولا يكشف الضر ويرفع البلوى إلا الله سبحانه، وهو يهيئ أسباب انكشافها متى ما حانت ساعتها، وله في ذلك طرائق لا يحيط بها إلا هو جل في علاه.
ولكل أجل كتاب.
ومن أمارات ضعف العقل والإيمان أن يجهد المرء في كل سبب لكشف بلائه قبل أوان ارتفاعه، ضاربًا الصفح عن مراد ربه منه في هذا البلاء من التوبة والصبر والرضا والضراعة واللجأ وغيرها من المقامات، وعن الحِكم والغايات والرحمات التي قدر الله بلاءَه سببًا للوصول إليها، وهو باب لا يحيط به إلا هو سبحانه، ولا ينصرف عن تتبعه إلا محروم.
سبحانه ربنا الكريم الجميل.
ومن تأمل في أسماء وصفات ربنا الجميل سبحانه، وأطال الوقوف عند معانيها وآثارها، وأجال نظره في تنوع هذا الوجود المدهش والحوادث المتعاقبة والمتغايرة فيه على غير مثال سابق، ومرّ على قصص ذوي البلايا كيف كشف الله عن كثير منهم بلاءاتهم بأسباب لم تخطر على أذهانهم = انفتح له بابٌ عظيمٌ من معرفة الله لو لم يخرج من رحلة بلائه إلا به لكان كافيًا، واستراح من هذا التكلف والجَهد، جاريًا مع القدر، منطرحًا على باب مولاه، متحزِّمًا بالرضا والصبر.
اللهم اجعل مقاديرك سبيلًا لنا للفهم عنك، وبابًا لنعيم معرفتك والزلفى إليك، واجعلنا محلًّا لرضاك لا ترى منا ما يسوء، لا تجدنا إلا حيث أمرتنا، صابرين في الضراء، شاكرين في السراء، محققين لمرادك منا ما بقيت الأنفاس
نزيف السعي في الطريق الخطأ
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين