الشيخ  علي بن  الشيخ محمد  سعيد بن  الشيخ عبد الله السويدي 

وقد تعلم المعارف الدينية على يد والده , وعمه الشيخ عبد الرحمن ؛ ومن ثم تصدر للتدريس الديني ؛ وله كتاب  ( الرد على الامامية ) وهذا الكتاب يأتي ضمن سلسلة الكتب الطائفية البغيضة والتي قام بتأليفها وتدريسها شرذمة من الغرباء والدخلاء من رعايا الاحتلال العثماني لتفنيد اراء ومعتقدات الشيعة وتسفيه قيم ومثل ومقدسات الاغلبية العراقية ؛ ولهذه العائلة   قصب السبق في هذا المضمار ثم تأتي بعدها عائلة الالوسي العثمانية الوهابية ؛ فهؤلاء عيال على أولئك ؛ اذ تذكر المصادر المتعلقة بالشيخ محمد بن عبد الوهاب – مؤسس الوهابية -  مراسلات بينه وبين الشيخ العثماني عبدالرحمن السويدي ، وهو عمُّ الشيخ علي السويدي – استاذ الالوسي وابو زوجته – ( 1)... ,  وقد ذكر الآلوسي في رسالته "غرائب الاغتراب"  : أن أستاذه السويدي قد اتُّهم بأنه وهابي العقيدة ، وبأنه حرّض والي بغداد سليمان باشا الصغير إلى اتباع الدعوة الوهابية (2 )، وهو ما اضطره لاحقاً للهرب إلى دمشق ... ؛ ولا شك أن السويدي كان سلفي العقيدة كما يظهر من كتابه "العقد الثمين في بيان مسائل الدين ... ؛ وقد  لعب السويدي الدور الأبرز في المنحى السلفي عند الآلوسي ، والذي برز من خلال تفسيره "روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني" (3) ... ؛ ومن المعلوم ان هؤلاء الدخلاء كلما ابتعدوا عن العراقيين الاصلاء وقيمهم وثقافتهم ؛ اقتربوا من الغرباء والاعداء ونشروا فكرهم المنكوس بغضا بأهل العراق ورموز الامة العراقية والشيعة  ؛ فها هو يؤلف كتاب في العقائد – كما مر انفا -  : (العقد الثمين في بيان مسائل الدين ) صوب فيه الكثير من عقائد السلف ودافع فيه عن شيخ الاجرام والتعصب الطائفي والمبغض لأهل العراق ولرمز العراق الامام علي وبنيه واتباعه ... ؛ الشيخ ابن تيمية , وقد طبع الكتاب في مصر سنة ١٨٣٠م ... ؛ قال الآلوسي عنه: ((وهو في العقائد السلفية، وهو كاسمه حوى الفوائد الجلية)) (4)  ؛ وكتب في التاريخ  كتاب :  ( تاريخ بغداد ) ومن المؤكد ان التاريخ الذي يسطره امثال هؤلاء ما هو الا افتراءات وادعاءات وتزوير للأحداث وقلب للوقائع وتزييف للحقائق ؛ والقرائن التاريخية تؤكد ذلك ... ؛ تلبية لرغبة أسيادهم العثمانيين والمماليك المأبونين ورجال الدين الوهابيين والطائفيين ... ,  و تنفيسا عن نزعاتهم الطائفية والعنصرية و التخريبية الخبيثة ...؛ وان  قصة واحدة  حقيقية مقنعة خير من عشرات الروايات المزيفة ؛ لأنها رسالة  لم تشوه , لم تلطخ بتزوير المتملقين ولاعقي احذية السلاطين ولم تمسخ بالأقلام الصفراء لكتبة الخط المنكوس من اتباع الباب العالي العثماني او المملوك الاجنبي النصراني او شيخ الوهابية البريطاني . 

ولعله يعد من اوائل الطائفيين النواصب في الحقب الاخيرة ؛ من الذين زرعوا بذور النصب والعداء والبغض لآل البيت وشيعتهم في العراق ... ؛ وهو بهذا الفكر المنكوس والنهج الاعوج هيء الارضية لانبثاق قرية العوجة الاجرامية وبروز رجالات الفئة الهجينة من مجرمي الدور وتكريت وغيرهما , و ظهور بوادر تأسيس ظاهرة النهج الطائفي في مناطق الطائفة السنية الكريمة  ؛  وسياسة الاقصاء والتهميش والكراهية والعنصرية والطائفية والافقار والتطهير العرقي والمذهبي والمناطقي ... ؛ المعتمدة من قبل سلطات وحكومات الفئة الهجينة بعد العام 1920 ... ؛ وان كانت هذه الظواهر التخريبية موجودة في عهد الاحتلال العثماني ؛ فالقصد من هذا القول ان الفترة العثمانية ممثلة برجالها ومرتزقتها الطائفيين قد كانوا من الاسباب المباشرة لظهور النتائج الطائفية والعنصرية بصورة جلية في عهد تأسيس الدولة العراقية المعاصرة .  

وفي هذا الصدد يذكر الاستاذ الباحث الاجتماعي علي الوردي في لمحاته  ؛ والاستاذ المؤرخ  عبد الرزاق الحسني في تاريخه ؛  ولونكريك في كتابه اربعة قرون  من تاريخ العراق ؛ و كتاب حرب العراق للواء محمود نديم  ؛ و كتاب تاريخ الدولة العثمانية لفريد وجدي : ان الطائفة الشيعية كانت مبعدة عن الحياة تماما فلم تنشئ في مدنها ولا مدرسة ابتدائية واحدة ولا مستوصف علاجي وكانوا يعاملونها بمنتهى الاقصاء والعنف فلا يقبل لهم طلبة في مدارس الدولة ولا يعين لهم موظف في اجهزة الدولة ويمنعون من دخول المدرسة العسكرية ودار القضاة حتى ان الحكومة العثمانية كانت ترشح اثنين من الطائفة اليهودية على الرغم من ضآلة عددهم لمجلس (المبعوثان ) في اسطنبول اي مجلس نواب ولايات السلطنة العثمانية ولم ترشح شخصية شيعية واحدة رغم غالبيتهم السكانية ... ؛  وفوق هذا لم تكن السلطات العثمانية تتورع من شن الحملات العسكرية على المدن وقرى ومزارع الوسط والجنوب بحجج اخذ الضرائب وما يرافقها من دمار وسفك ونهب ... ؛ وتنازلت عن الاحواز الشيعية العراقية للإيرانيين بهدف التقليل من نسبة الشيعة في العراق  !! .

واعلموا ان موظفي وعوائل وشخصيات الدولة العثمانية ؛ جاؤا  بطخية عمياء و ولدوا بليلة ظلماء ... ؛ وكأنهم خرجوا من شقوق الارض سراعا ؛ مجهولي الجذور والاصول ؛ جيء بهم من الاصقاع البعيدة , ومن كل حدب وصوب ؛ وتقلدوا المسؤوليات المختلفة وتبوؤا المناصب الحكومية   في كافة بقاع بلاد الرافدين ؛ وتم ترتيب انسابهم والقابهم فيما بعد ؛ فأعداد المشجرات النسبية وإضفاء العناوين والالقاب الحكومية والدينية – بالنسبة لهم -   أسهل من شربة ماء  ؛ وقد زرعوا كالحشائش الضارة بالمحاصيل الزراعية  في بلادنا , فهم موجودون في كل المؤسسات الحكومية والعسكرية والدينية والاجتماعية والاقتصادية ... الخ , وشاركوا في كافة الانشطة والفعاليات ,  وحاكوا الخطط الخبيثة والمؤامرات ضد الاغلبية والامة العراقية ... ؛ ومدح بعضهم بعضا ,  واشاد الغريب بنظيره  , وحن الدخيل الى شبيهه ؛ وتواصوا بالتكاتف والتعاضد وكتمان اصولهم وستر عيوبهم  واتباعهم للحكام والغزاة والطغاة  – بغض النظر عن اصولهم الاجنبية  وجرائمهم ضد العراق والعراقيين -  اتباع الاعمى للبصير , وخدمتهم والتعاون معهم ضد الاغلبية والامة العراقية . 

وبناء على ما تقدم لا تستغرب عزيزي القارئ من مدح  الشهاب الالوسي لشيخه وعمه السويدي  في (غرائب الاغتراب) (والمجموعة الوسطى)  فشبيه الشيء منجذب اليه ؛ والغربان الطائفية على اشكالها تقع ؛ اذ قال فيه : ((. . . كان الشيخ المشار إليه. . . لأهل السنة برهاناً وللعلماء المحدثين سلطاناً ما رأَيت اكثر منه حفظاً ولا أعذب منه لفظاً ولا احسن منه وعظاً ولا افصح منه لساناً ولا أوضح منه بياناً. . . ولا أكبر منه بمعرفة الرجال علماً. . . ولقد مضت لي معه أيام كرعت فيها من حميا مجالسه أهنا مدام. . . وقد كان في مبدأ طلبي وأوان صلاحيتي لمجالسة أمثاله. . . قاطناً في دمشق الشام. . . وكانت تفد أخباره على مسامعي حتى لقيته. . . وقرأُت عليه نخبة شرح الفكر في مصطلح أهل الأثر. . . ونال مزيد القرب عند الوزير سليمان باشا الصغير حتى انه لم يصدر إلاَّ عن رأُيه ويرى إرشاد غيره عين غيه فلم يتغير عن أخلاقه الحسان وحسن معاملته للعوام والأقران. . . ثم انه لم يبق إلاَّ القليل حتى عزم على الرحيل وقصد الرجوع إلى الشام. . . فلم تمض مدة حتى قطفت يد الأجل نواره وأطفأت ريح المنية أنواره فتوفي ليلة الخميس ٢٧ رجب سنة ١٢٣٧هـ - ١٨٢١م.)) ... ؛ والالوسي لا يشعر بالخجل عندما يكشف لنا حقيقة العلاقة المشبوهة بين الوالي الاجنبي المملوكي وبين صاحبنا الطائفي ؛ فهؤلاء هم المصداق الجلي للمثل العراقي الشعبي : ((كلمن ياخذ امه يصير عمه )) فهم دائما وابدا مع الحاكم بغض النظر عن احواله وسياساته واخلاقه وجرائمه وجرائره ومجازره  ... ؛ فلو اعتلى كرسي السلطة ابليس لبايعوه على السمع والطاعة .

و لا نستطيع الجزم بصحة هذه المعلومات ولا بوثاقة هذا النقل التاريخي ؛ لأسباب عدة , ومنها :  لأنها لم تنقل الا عن طريقهم وهم معروفون بالتعصب والطائفية والادعاءات والغلو وحياكة القصص والاكاذيب والافتراءات  , ونصرة مذاهبهم بالحق والباطل ... ؛ اذ لم تنقل و تثبت بالشهرة :  بمعنى أن يتعدد رواتها ، و يتعدد نقلتها ، بحيث لا ينقل اللاحق عن السابق ... ، فالشهرة تثبت من خلال تعدد المؤرخين وان يكون لكل مؤرخ مصادره الخاصة به   ... ، فإذا تعدد الرواة ، تعدد النقلة ، و كانت الشهرة طريقا من طرق الوثوق بالخبر والحدث... ؛ فهؤلاء القوم يسقطون العقيدة على التاريخ ؛ والرؤية الشخصية على الاحداث والوقائع ... ؛ وعليه لا تتعجب عندما  مدح الدجال  المجرم عزت الدوري المجرم صدام قائلا : (( لولا اني اعلم ان النبي محمد خاتم الانبياء لقلت عنك سيدي القائد انك نبي ...!! )) او قوله في الانتخابات الصورية في عقد التسعينات : (( سيدي الذي لا ينتخبك فهو مريض )) فهذا الدجال وعلى الرغم من بغض وكراهية الاغلبية العراقية لقائده السفاح جرذ الحفرة وكذلك كراهية واحتقار الملايين من الشرفاء في العالم  له , ومعرفة كافة النخب الثقافية والاعلامية والسياسية بمدى اجرام وبشاعة النظام الصدامي ومجازره وانتهاكاته البشعة لحقوق الانسان  ؛ يدعي ذلك ولا يستحي ... ؛ فهؤلاء عندما يمدحون رجالاتهم تكذبهم الوقائع والاحداث وكذلك سير  رجالاتهم  والمليئة بالموبقات والمثالب ... ؛ واخلاقهم المنحطة وعنصريتهم وحقارتهم وطائفيتهم واجرامهم ... ؛ فمن عوامل قبول الخبر انسجامه مع البيئة الاجتماعية وثقافتها وعاداتها وتقاليدها ... ؛ وعليه هذا التبجيل والتمجيد والاطراء الخيالي والمدح الطوباوي تكذبه بيئة هؤلاء  الاجتماعية وعاداتهم وتصرفاتهم اليومية وسلوكهم ... ؛ فمثلا عندما غنى المطرب يوسف عمر أغنية (( مات اللمبجي داود وعلومه ... )) وهي قصيدة للملا عبود الكرخي ؛ نصدق بهذا الخبر وفحوى هذه القصيدة  - فهي محفوفة بالقرائن والسياقات التاريخية والاجتماعية التي تؤكد ذلك -  ؛ لأنه متوافق مع البيئة الاجتماعية ومنسجم مع اوضاع منطقة الميدان او الصابونجية وقتذاك  ... الخ  . 

وبعضهم وصفه ب : هو الشيخ علي أفندي السويدي ابن محمد سعيد أفندي ابن عبد الله أفندي المعروف بالسويدي(5)  , وعليه يكون لقبه الشيخ السيد الافندي المعمم البغدادي الدوري السويدي العثماني العباسي المغولي التتاري ...؛  هذه عادتهم تكثير الالقاب والاطناب بالمدح والاطراء  لإخفاء الاصل المجهول وتعويضا عن الشعور بالاغتراب والنقص  ؛ والعمالة والعبودية للحكام ...؛  وهذه العادة تكثر بين العجم – بالمعنى الاعم - .  

ومن شعره :

وأحسنُ رأْي المرء ما كان حازمًا  ... بفصل خطاب يصطفيه المهندُ

ولا فضل إلا في ذرَى السيف ...  والقنا ولا حُكم إلا حكمه المتأيدُ

ان سيرة رجال الدين العراقيين – سنة وشيعة – القدامى والاوائل ؛ تتسم بالرحمة والرفق واللين والدعوة الى اصلاح ذات البين و وأد الفتنة , والابتعاد عن ركاب الحكام والظالمين والطغاة بل ومعارضتهم وذمهم ... ؛ اما هذا الصنف المشبوه والعمائم المنكوسة من رجال الدين المرتزقة فهم كانوا ولا زالوا من دعاة حل النزاعات بالصارم البتار والاحتكام الى السيف في فض الازمات والاعتراضات على الحاكم الظالم والوالي الجائر ؛ فها هو يحصر الفضل في ضرب السيف وطعن القنا ويقولها صريحة : لا حكم الا حكم السيف ... ؛ فهؤلاء الغرباء والدخلاء لا يعرفون الا العنف الدموي  المقترن بالحقد الطائفي والعنصري ؛ ومصابون بذلك الفايروس الحامل للقسوة والمانع للمودة والرحمة .

لم يكن العنف في يوم من الأيام ولن يكون فطرياً بل كان دوماً قدراً أحمقاً مكتسباً في النفس البشرية ... ؛  فلم يكن الإنسان عنيفاً يوم ولدته أمه بل أن عنف الطبيعة  والبيئة التي نشأ فيها والتربية السيئة التي ترعرع في احضانها وعسر الحياة  وعنف الآباء  والاقرباء هو الذي يغرز العنف في خلايا الدماغ حتى حملته صبغياته الوراثية فكاد أن يكون موروثاً... ؛ وعليه اصبح واضحا لديكم اعزائي القراء سبب تناقل ابناء الفئة الهجينة والمنكوسين لهذا الفايروس الخطير ... ؛ فهم ورثوا العنف والقسوة والاجرام والارهاب وامراض الحقد الطائفي والعنصري  كابرا عن كابر .

و العنف صورة من صور القصور الذهني حيال موقف ما ... ، وهو  وجه آخر من اوجه النقص التقني في الأسلوب والابداع في حل ومواجهة معضلة ما ... ؛  وقد يصل العنف لمراحل الانهيار العقلي والجنون ... ,  كما قد يكون وسيلة من وسائل العقوبة والتأديب المقرون بالحقد والجهل بإيجاد طرق قانونية بديلة لعلاج الجرائم او الاخطاء او المخالفات ... ,  أو صورة من صور تأنيب الضمير على جرم أو خطيئة مرتكبة  ... ؛ ولن يتعدى في كل أحواله القصور الذهني والفكري لدى الإنسان وهو في حالة من حالاته اضطراب في افرازات الغدد الهرمونية في جسم الفرد وعدم تناسب أو انتظام في التوزيع الهرموني داخل الجسم الذي قد ينتج أحيانا عن سوء في التغذية أو سوء اختيار نوعيتها ... ؛ وأياً ما تكون العلة الفيزيولوجية أو البيئية فالعنف مرفوض حضارياً واخلاقياً وسلوكياً واجتماعياً ... ؛ ولكن ما اقتنعت فئة او طائفة او شخصية  بالعنف إلا وكانت لها  جذور  مرضية  نفسية وعقد وتربية وتنشئة اجتماعية سلبية  والتي ذكرناها انفا . 

فالعنف دليل من دلائل النفس غير المطمئنة وصورة للخوف من الطرف الآخر مهما تعددت أشكال ذلك الخوف ، وانعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن ، ووجه من وجوه ضيق الصدر وقلة الحيلة ... ؛  وهو أي العنف في مثل هذه المراحل يكون مؤشراً لضعف الشخصية ونقصان في رباطة الجأش وتوازن السلوك (6) ... ؛ ولو تأملنا سلوكيات وتصرفات ابناء الفئة الهجينة والمجرمين المنكوسين وازلام وايتام النظام البعثي التكريتي الصدامي ... ؛ لوجدنا ان الصفات والسمات المذكورة انفا تنطبق عليهم تمام الانطباق  ... ؛ ولعل من اهم اسباب تصرفاتهم الاجرامية واختيارهم للعنف ؛   السبب النفسي (السايكولوجي) الذي يعوق هؤلاء الدخلاء والغرباء عن الميل للسلام  ؛ هو ببساطة شعورهم بأنهم محاطون بالكراهية من حولهم واحساسهم بالاغتراب وانعدام الهوية والارتباط بهذه التربة الطيبة  والامة العراقية وعاداتها وتقاليدها ؛ منذ الثورات العراقية الاولى وهجمات العشائر الوطنية ضد  اسلافهم من الغزاة ومرتزقتهم وعبيدهم وغلمانهم وسباياهم وموظفيهم ... الخ  ؛ في بلاد الرافدين . 

اسباب هجرته الى الشام

رحل الشيخ علي السويدي  إلى الشام حيث كانت بغداد قد ثارت فيها تهمة الشيخ على السويدي بالموبقات وكثر القيل والقال بحقه ، وأنه وهابي النزعة، وأنه دعا إليها سليمان باشا والي بغداد ، وحضه على الخروج على الدولة العثمانية ... ؛ وقال احدهم بهذا الصدد : ((وكان قريب العهد من فتوة الدعوة الإسلامية وبدايتها في نجد ... , وقد تأثر بالشيخ محمد بن عبد الوهاب في وقت كانت البيئة في بغداد راكدة جدا، فالتصوف ضرب بجرانه على الصدور والعقول، فما راق له المقام في بلده... )) (4) 

وهنالك سبب آخر  ايضا ؛ فقد كلف بالذهاب إلى البصرة لمحاسبة واليها، وضبط واردات جمركها، فأوجب ذلك في حقه القيل والقال حتى زاد الناس في ذلك وأكثروا ؛ فخرج إلى الشام تاركا دياره ومسقط رأسه وبقي يدرس ويفيد ويعلم حتى أتاه أجله... .  (4)

ومما سبق تعلم ان سبب هجرته من بغداد وهروبه من العراق  - خائفا يترقب - ؛ ومقاطعة الناس له وذمهم اياه : امران : الاول فساد عقيدته , والثاني انحراف سلوكه وفساده المالي والاداري ... ؛ فقد جمع الرذيلتين معا العقيدة الناصبية وسرقة اموال العراق ... ؛ وسوف يمر عليكم في الحلقات اللاحقة كيف استولى احفاد وابناء هؤلاء على المال العام في العراق .

وفاته

وقد توفي بدمشق – (بالشام ودُفن في سفح جبل قاسيون بمقبرة عاتكة  )  - ؛ عن  عمر يناهز سبعا وستين سنة ؛ و لم يذكر احد تاريخ ولادته سوى الزركلي – ولعله اشتبه في ذلك – وقال ان ولادته : (تاريخ الولادة1170 هـ ؛ و تاريخ الوفاة 1237 هـ ؛ فيكون عمره 67 سنة )  وتبعه في ذلك الدكتور سلمان الظفيري (7)   ... ؛ وقد اكد البعض ندرة المعلومات عنه قائلا : (( ...  ومن المؤسف أنني لم أستطع الوقوف على مراحل حياة الشاعر المترجم أكثر من ذلك لفقدان المعلومات لدى أسرته، وكانت وفاته حوالي سنة 1801م  ؛  - (   ١٢٣٧ﻫ،    ) - (7) وقيل المصادف : 1822 وقيل 1821  م ...؛ و مما قاله كاظم الدجيلي بهذا الصدد : (( وقد أعقب أربعة أولاد وهم الشيخ محمد أمين والملا صالح وإسماعيل ومحمود ولم نعثر على تاريخ ولادته رحمه الله رحمة الأبرار ... )) 

ومما ذكره البعض حول عدم ذكر تفاصيل حياته : ((والشيخ رحمه الله رغم علمه الواسع لم يحفظ لنا الرواة من تلاميذه إلا اثنين من الكبار:

الأول : نجله العلامة محمد أمين السويدي، الذي قال عنه الآلوسي: "كان عليه الرحمة في العلم إماما، وفي الفضل هماما، فشرح متن والده في العقائد السلفية، وسماه التوضيح التبيين، وهو كتاب جليل عليه في هذا اليوم التعويل، وقد ألفه في حياة والده.

الثاني: العلامة أبو الثناء الآلوسي صاحب التفسير، وقد كان ختنه وتلميذه، وانتفع به، وقرأ عليه واستفاد منه، وللأسف فإن المعلومات شحيحة عن هذا العالم المجدد الذي عاش في بغداد يوم أن كانت بعيدة عن النشاط العلمي والحركة العلمية... )) (4) 

واما بخصوص الرواية – من روى عنهم ورووا عنه - : فقد أخذ عن الشيخ العجلوني وأخذ هو عنه، وأخذ كذلك عن والده الشيخ محمد سعيد، وعن العلامة الشيخ عبد الرحمن الكزبري الكبير، وعن السيد مرتضى الزبيدي .(7) 

ثناء القوم عليه :

وعلماء العراق – من هم ؟! مجرد ادعاءات -  يثنون على الشيخ علي السويدي ولا سيما الآلوسيون، فإنه الرائد لهم في طريق الدعوة الأثرية السنية، ولا سيما علامة الآلوسيين ومشيد مجدهم المفسر الكبير أبو الثناء، فإنه أكثر في الحديث عن شيخه ووالد زوجته الشيخ المترجَم، وكتب عنه في كتبه منوها بفضله... وممن أشاد به كذلك من علماء الأسرة العلامة محمود شكري والعلامة علاء الدين علي ... (4) 

ولعل هذا الثناء من الالوسي والمتزوج من بنت الشيخ علي السويدي على عمه وشيخه في الطائفية والتعصب الديني ؛ يذكرني بأحد الامثال الشعبية المصرية : ((مين يشهد للعروسة غير أمها )) . 

ومدحه الشيخ محمد بهجت الأثري قائلا : (( العالم المحدث الحافظ السلفي الجليل الشيخ علي السويدي )) ... ؛ وزاد اخر في الطنبور نغمة , قائلا : ((والقرن الثالث عشر الهجري لم يبرز في العراق فيه مجددا عالما واسعا في العلم كالعلامة السويدي؛ فهو بحق العالم العراقي المجدد في ذلك القرن... وقد دهش لعلمه الحكام والعلماء والخاصة والعامة، ومع ذلك لم تحتمله البيئة لغلبة الجمود عليها وضعف الحركة العلمية السنية فيها، فاضطر للسفر والرحيل وألقى عصا التسيار في دمشق الشام... ؛ ... ومما يدل على قوته ومكانته أن الوزير العثماني سليمان باشا كان لا يصدر إلا عن رأيه، ولا يقبل إلا مشورته، وهو مع ذلك كان أثريا مفعما بالعلم والدعوة وهموم التجديد، فقد كان من المصلحين في القرن الثالث عشر الهجري ومن أنصار الإصلاح الديني والاجتماعي بالعراق والشام... )) (4) 

الى متى يكذب هؤلاء ؟! ... , العراق لفظه كما يلفظ البحر الزبد , وطردته بغداد شر طردة بسبب افكاره الهدامة واراءه الظلامية ومعتقداته السلفية الوهابية ... الخ ؛ والمدعو الظفيري يقع في تهافت اراءه وتناقض ادعاءاته فمن باب يقول : (وقد دهش لعلمه الحكام والعلماء والخاصة والعامة ) ومن باب اخر يدعي ان سبب طرده : (لم تحتمله البيئة لغلبة الجمود عليها وضعف الحركة العلمية السنية فيها ) ولو انصف لقال : لم تحتمل بغداد الكبيرة هذا المهرطق الوهابي وذلك لغلبة الانفتاح عليها وضعف الحركة الوهابية والناصبية فيها ... ؛ وادعى الظفيري ان صاحبه السويدي من انصار الاصلاح الديني والاجتماعي في العراق ... ؛ ويا له من اصلاح وهابي سلفي ناصبي عظيم ؟!  ؛ وكان الاجدر به اصلاح نفسه المريضة وتخليصها من ادران الوهابية واوساخ التعصب الديني والطائفية ... ؛ ونحمد الله ان اصلاحه الاجتماعي والديني لم يتم وافشله الله ؛ فلو نجح اصلاحه وقتذاك لعاش اسلافنا بين مشاهد  : قطع اليد وضرب الرأس بالسيف ؛ كما في السعودية الوهابية وطالبان الافغانية  وتنظيمات فدائي صدام الاجرامية وداعش الارهابية  ...؛ وباقي جرائم الحركات الدينية والسياسية المشبوهة  والتي تأثرت بدعوات هؤلاء المرضى ... ؛ وان كان في الخازوق العثماني  وقتذاك كفاية ...!! ؛ هؤلاء الاوباش والهمج الرعاع يصدق عليهم المثل الشعبي الجنوبي العراقي  : ( ما اخره من عبيد الا مبارك ) فأحدهم انجس واقذر من الاخر ؛ اذ عاش اسلافنا بين خيارين كلاهما مر . 

 كثيرون هم الذين يطلبون منا – كالمدعو الظفيري – وبلا حياء او ذرة من الخجل ؛ ان ندين شعب كامل لأجل عيون الحاكم , او نشجب تصرفات امة عريقة بسبب عدم رضا الولاة والطغاة عنها , او نتحامل على مجتمع ما لأنه لم يؤمن بأفكار وهرطقات وخزعبلات هذا المتفيهق  المخرف او ذاك المتشدق  المتعصب ... الخ ؛ وعليه لا تستغرب من ان كتابات وعاظ السلاطين ورجال الدين الدجالين مليئة بمدح الحكام وذم الشعوب  والجماعات والطوائف ؛  ولذلك  ترى كل حاكم يسعى إلى شرعنة سلطته بالاستعانة برجال الدين، والعسكر والمرتزقة ، اذ يتخذهم مطية لبلوغ مآربه  ... , ويُدبر بهم أحوال العباد والبلاد، لأجل تحقيق الإجماع والطاعة ، وهو ما يصبو اليه  ... ؛ اذ يعزو المنكوسون هجرة الشيخ  علي السويدي العثماني الوهابي و العميل المرتزق ؛  بسبب جهل وتخلف المجتمع البغدادي وعدم تفاعله مع افكار الشيخ الوهابية ورؤاه السلفية العتيقة الماضوية  . 

...............................................................

  • 1-انظر: الرسائل الشخصية لمحمد بن عبد الوهاب، ص 36.
  • 2-الألوسي، أبو الثناء محمود، غرائب الاغتراب ونزهة الألباب، بغداد، مطبعة الشابندر، 1327ه، ص 16.
  • 3-استعادة ابن تيمية: عائلة الآلوسي في العراق ودورها في نشر الفكر السلفي /  ناصر ضميرية . 
  • 4-العلامة الشيخ علي السويدي( 1170هـ ـ 1237 هـ ) للكاتب سلمان الظفيري .
  • 5-مقتطفات من كتاب: أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث، تأليف: أحمد تيمور باشا . 
  • 6-سايكولوجية العنف  / د. علاء الدين القبانجي .
  • 7-حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي . / و الاعلام للزركلي- / و العلامة الشيخ علي السويدي( 1170هـ ـ 1237 هـ ) للكاتب سلمان الظفيري .
  • مصادر اخرى ومنها : 

-إيضاح المكنون - إسماعيل باشا البغدادي - ج ١ - الصفحة ٥٤٠

-إيضاح المكنون - إسماعيل باشا البغدادي - ج ٢ - الصفحة ١٠٥

- هدية العارفين - إسماعيل باشا البغدادي - ج ١ - الصفحة ٧٧٣