4/2/1438هـ

الفيل والصاروخ ...قصتان متغايرتان والجرم واحد.

الفيل والصاروخ... حادثتان تحملان الحقد والدم وإن اختلفت الصور والمشاهد.

الفيل والصاروخ... حكايتان تفيضان عبرا وفوائد.

بين أصحاب الفيل وأصحاب الصاروخ... لا بد أن تنقشع حجب الجهالة.

بين أصحاب الفيل وأصحاب الصاروخ ... لا بد أن تتفرق سحب الغشاوة والضلالة.

فحين فجع أهل مكة سنة (570 م) بمقدم أبرهة بأفياله ليهدم الكعبة، يفجع المسلمون عام (1438 هـ)  بحوثي يدعي الإسلام يطلق صواريخه على مكة ليهدم الكعبة.

في وقت كان العلماء يحذرون أشد التحذير من بلاء الرافضة عموما وهؤلاء الحوثيين خصوصا، وينادي جمع من أبناء جلدتنا بالتقارب ، والاعتراف بهم كمذهب خامس يضاف للمذاهب الأربعة!

حاشا وكلا... فلقد أبان هذا الفعل المشين عن صحة ما احتوته كتبهم - مما يحاولون إخفاءه عن عوامهم خصوصاً وعن المسلمين عموما – من حقد دفين على الحرمين الشريفين وعلى المسلمين بوجه عام والعرب منهم بوجه خاص!

فاستمع رعاك الله:

يقول المجلسي في بحار الأنوار ج 53 ص40"كأني بحمران بن أعين وميسر بن عبد العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة".

ويقول النعماني في الغيبة ص 156: "كيف بكم (يعني الحجبة على الكعبة كما يعبر النص) لو قطعت أيديكم وأرجلكم وعلقت في الكعبة، ثم يقال لكم: نادوا نحن سراق الكعبة"

ويقول مفيدهم في الإرشاد ص411: "إذا قام المهدي هدم المسجد الحرام ... وقطع أيدي بني شيبة وعلقها بالكعبة، وكتب عليها: هؤلاء سرقة الكعبة"

ويحكي في الغيبة أيضا ص 209  عن مهديهم  أنه : "يجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً، فأول ما يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة، وينادي مناديه: هؤلاء سراق الله. ثم يتناول قريشاً فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف"

 ويقول صاحب البحار بحار الأنوار 52/338" : إن القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أساسه".

لماذا كل هذا؟

لقد عرفنا مرادك يا أبرهة في صرف حج الناس إلى القُلَّيس التي بنيتها، فما مرادك يا حوثي ؟

لقد افتروا على أبي تراب علي رضي الله عنه أنه قال: "يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحبُ أحدا من فضل، مصلاكم: بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم .. ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه". [الوافي للفيض الكاشاني، باب فضل الكوفة ومسجدها المجلد الثاني ج2 ص215].  

أفهمتم عباد الله...

لا قيمة لمكة أمام كربلاء ... حين تقرأ هذا النص فيقشعر بدنك من مستوى الكذب الذي يحتويه!

قالوا.. قال جعفر الصادق: "إن أرض الكعبة قالت: من مثلي وقد بني بيت الله على ظهري، يأتيني الناس من كل فج عميق، وجعلتُ حرم الله وأمنه، فأوحى الله إليها أن كُفي وقِري، ما فضلٌ فضلتِ به فيما أعطيت كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا مَن تضَمَّنهُ أرضُ كربلاء ما خلقتك، ولا خلقت البيت الذي به افتخرتِ، فقري واستقري، وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم" [كامل الزيارات ص 270 بحار الأنوار ج101ص 109].

أيها المسلمون... حادثة الصاروخ اللعين يجب أن لا تمر مرور الكرام، بل يجب أن نستغلها في كشف مخططات أهل الرفض والزندقة ، وتوضيح أهدافهم علنا كما يهاجمون إسلامنا ومقدساتنا علنا،،،

وعلى زمرة من دعاة التقريب والتقارب أن يتنبهوا للمستنقع الذي يجرهم أولئك للولوغ فيه.

أما نحن ...

فعلى يقين بإيماننا وديننا وحفظ الله لمقدساتنا...

ولكن مع التوكل لابد من الأخذ بالأسباب، ولا يكفي أن نقول: ( للبيت رب يحميه) ثم نعود للهونا وغفلتنا.

حكى ابن كثير وغيره في حوادث سنة سبع عشرة وثلاثمائة (البداية والنهاية ج11 ص160):

" فيها خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي، فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم، واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها، وفي المسجد الحرام في الشهر الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقًا كثيرًا، وجلس أميرهم أبو طاهر - لعنه الله - على باب الكعبة والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في يوم التروية الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول:

أنا بالله وبالله أنا *** يخلق الخلق وأفنيهم أنا  .....إلى أن قال ..

فلما قضى القرمطي - لعنه الله - أمره، وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثير منهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام، ........، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة، ونزع كسوتها عنها وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه فسقط على أم رأسه فمات إلى النار، فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب.


ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده وقال: أين الطير الأبابيل؟؟! أين الحجارة من سجيل؟؟! ثم قلع الحجر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم، فمكث عندهم اثنتين وعشرين سنة حتى ردوه كما سنذكره في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، فإنا لله وإنا إليه راجعون". ا.هـ

فأنت ترى... أن الله لحكمة أرادها قدر أن يفعل القرامطة ما فعلوا، ولم يعاجلهم بالعقوبة بل أخرهم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الأبصار، والله سبحانه يُمْهِلُ وَيُمْلِي وَيَسْتَدْرِجُ ثُمَّ يَأْخُذُ أَخْذَ عَزِيزٍ مقتدر، كما قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثم قرأ قوله تَعَالَى (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ).

 عباد الله:  لعل من الحكم التي أرادها الله في تسليط من شاء على بيته الحرام :

  •  أن يفيق المؤمنون من سباتهم ويعودوا للتَّمَسُّكِ بِكِتَابِ ربهم وَسَنَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليتحقق لهم النصر والتمكين
  •  قَالَ تَعَالَى ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ))

وَقَالَ تَعَالَى ((وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ))

  • ومنها: أن يصدقوا في تعاملهم مع ربهم، وتوكلهم عليه، ويأخذوا بأسباب النصر من القوة والعتاد ((وَمَنْ يَتَوَكّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ))
  •  ومنها: المسارعة لنبذ التفرق والاختلاف، مع الأخذ بالوحدة والاجتماع مع ولاة الأمر من العلماء والأمراء قَالَ تَعَالَى ((وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))
  • ومنها: التضرع لمن بيده النصر ، وعنده أسباب الفوز ، واللجوء إليه بالأكف الضارعة أن يمكن لهذا الدين ، ويدحر أعداءه من الرافضة واليهود والنصارى والمجرمين المتلبسين به تشدداً في الدين أو تفلتاً من حكمه المتين.
  • فَاللَّهُ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ ، وَوَعَدَ بِالِإجَابَةِ فَقَالَ (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )).
  • ومنها: أن يفتش المسلمون دوما عن (أبي رغال) الذي دلّ أبرهة على طريق الحرم، فيحذروه ويتفطنوا لكيده، فإن في كل زمن ((أبو رغال))!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين...