في لقاء للبعثي المنكوس سرمد عبد الكريم بقناة الجزيرة (برنامج الاتجاه المعاكس ) وقد تقيء بالقيح الطائفي والعنصري المقيت وتفوه بالترهات والافتراءات والاكاذيب السمجة والتي يحاول من خلالها التمجيد والاشادة بجرذ الحفرة دوحي بن صبحة وحزب البعث السافل  ... ؛ وسأذكر شهادته فيما يخص موضوعنا هذا فقط  ؛ اذ قال  : (( ... انا اتحدى ان يذهب شخص الان الى نواكشوط ؛ ويذكر الرئيس صدام بسوء ؛ سوف ينقض الناس عليه ... ؛ العرب لم يكونوا يعرفوا موريتانيا الى وقت قريب ... , لكن في الحرب الموريتانية مع السنغال كان صدام مع موريتانيا وعلى الرغم من تخلي كل الدول العربية عن موريتانيا ..., وساعد في بناء الاعلام والتلفزيون الموريتاني وغيرها من الانجازات ... الخ )) 

وها هو البعثي الهجين المرتزق والمدعوم من قبل الجهات الخارجية المشبوهة يعترف بهذا اللقاء ؛ بأن العرب لا يعرفون موريتانيا  . ولا  هم اخوتهم  بالعروبة , ولا شأن لهم  بالقبائل الموريتانية  الافريقية او العشائر النواكشوطية المريخية  ... ؛ بل وتخلت كافة الدول العربية عنها الا هذا اللقيط التافه ابن العوجة ... ؛ وقد فرح الموريتانيون بهذا السخاء الصدامي والعطاء التكريتي والمسروق من ثروات الاغلبية والامة العراقية ...؛ وبما ان الناس مجبولون على اتباع مصالحهم قامت موريتانيا بخطوة ذكية ؛  فقد   أعلنت موريتانيا قطع علاقتها الدبلوماسية مع إيران عام 1987 للضحك على ابن صبحة والاستحواذ على المزيد من الاموال والمساعدات العراقية ... ؛ ومذاك توطدت العلاقات بين موريتانيا والعراق، وأصبحت بغداد أحد المدافعين النادرين الشرسين عن موريتانيا... , و كان صدّام  يعتبر أن بلاده وموريتانيا تشكلان الحدود السياسية للعالم العربي، في إطار مشروعه القومي... فهو حارس البوابة الشرقية وهم حراس المؤخرة ( العربية ) الافريقية السوداء ... . 

والعلاقات العراقية الموريتانية تعود الى فترة استلام النظام البعثي التكريتي للسلطة ؛ فقد كان المركز الثقافي العراقي  من أهم المعالم الثقافية في نواكشوط، إبان حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وفيه اعتَنقت أجيال شابة فكرة القومية العربية، وتبنت المشروع البعثي بنسخته العراقية ؛ وذلك بسبب التبشير بأفكار البعث التافهة والممزوجة بالأموال السحت والدولارات ... وقبل  ذلك قام النظام   بفتح  الجامعات العراقية أمام الطلاب الموريتانيين، الذين توافدوا بأعداد كبيرة إلى العراق , مع توفير كافة مستلزماتهم الدراسية وبالمجان ... ، وعادوا منها مشبعين بالفكر القومي وبالبعث والاشتراكية - ( ومن هل الخرط ال دمر العراق والدول العربية ) - ؛  وتغلغل البعثيون الدميون والمتآمرون الجدد في عمق الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في موريتانيا ، فساهموا في أول انقلاب عسكري في موريتانيا في 10 يوليو 1978... وهذه نتيجة طبيعية ؛ فماذا ينتظر المرء من المجرمين غير الاجرام ؟! 

وكعادة البعثيين في كل مكان وزمان رفعوا شعار : ( موريتانيا عربية ) علما ان الكثير من العرب - قديما - لا يعرفون بذلك الامر الذي اكتشفه القائد الضرورة ... ؛ وتميزت علاقة البعث الموريتناني بالتقلب والتحول من حال الى حال حسب تغيرات السياسة هناك وتبدل الحكام ؛ واثار رفع هذا الشعار المسموم والذي لا ينسجم مع الحالة الموريتانية الافريقية غضب النخب الوطنية الموريتانية فضلا  عن شيوع مشاعر الغضب والسخط والاستياء بين  الزنوج الافارقة وغيرهم من الذين ايقنوا بأن المد القومي العربي وتنامي الشعور العروبي  في موريتانيا ؛ سوف يمثل تهديداً لهويتها ووجودها ولمصالحها أيضاً... ؛ وبسبب هذه الدعوات المسمومة والمدعومة من النظام البعثي العراقي الهجين ؛ تفاقم  الاحتقان العرقي بين العروبيين البعثيين والزنوج الفرانكفونيين  ... ؛ و قد وصل الى حد  اندلاع الأحداث العرقية بين العرب والزنوج ...  ؛ بل ان  الأزمة  كادت أن تتحول إلى صراع مسلح بين موريتانيا والسينغال عام 1989... ومن ثم اندلعت الحرب بين الطرفين ببركة حزب البعث وصدام . 

وفي غمرة تلك الأحداث أعلن صدام  وقوفه الكامل إلى جانب موريتانيا، وأرسلت الحكومة العراقية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى موريتانيا... ؛  وأوفدت مستشارين وخبراء عسكريين في وقت كان الجيش الموريتاني يحشد قواته على الحدود مع السنغال. وتوجت العلاقات الموريتانية العراقية بتعيين العقيد ولد الطائع، لقياديين بعثيين بارزين وزراء في الحكومة الموريتانية .

وكان للعلاقات القوية التي جمعت صدام بموريتانيا تأثيرها البارز في تدهور العلاقات بين موريتانيا وإيران، ودول خليجية وعربية أخرى... فالرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع ، كان يعبر في أكثر من مناسبة ، أن علاقة الأخوة والتحالف التي يرتبط بها نظامه مع النظام  البعثي العراقي هي أولوية الأولويات بالنسبة إليه... ,  ولهذا السبب ازدادت عزلة موريتانيا عربياً ، بسبب دعمها للحرب العراقي ضد الكويت ، وإفريقياً بسبب الأحداث العرقية مع السنغال ، ودولياً بعد رفع دعاوى قضايا في أوروبا ضد نظام ولد الطائع ، تحت غطاء فرنسي لاتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان بحق الزنوج الموريتانيين... في المقابل تراجعت قدرة العراق على دعم موريتانيا، نتيجة الحصار السياسي والاقتصادي ، الذي تعرض له نظام صدام  بعد حرب الكويت. فضاق الخناق على نظام الرئيس ولد الطائع، وقرر التخلي عن حليفه العراقي، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع العراق في نوفمبر 1999... ؛ وبعد افلاس العراق والتضييق عليه من قبل اسياده تخلى عنه الافارقة الموريتانيين ؛ والتحقت موريتانيا بركب الدول المعادية للعراق ؛ وهذه الحادثة تذكرني بالمثل الشعبي العراقي : (مال الخسيس يروح فطيس) وذهبت اموال ومساعدات وجهود حزب البعث التكريتي الصدامي في نشر الدعوة ( المريخية الخرطية )  أدراج الرياح ... ؛ اذ لم يستفد العراق من هذه الاجراءات الغبية والسياسات الفاشلة اي شيء بذكر ؛ سوى رفع صور ( القشمر والزوج والاحمق )  المشنوق جرذ الحفرة في نواكشوط احتفاء بذكرى شنقه , ولتقديم العزاء للقيادة القطرية في القطر الافريقي الاطلسي الشقيق ... .

بل توجت موريتانيا العربية البعثية مسيرتها العروبية  بافتتاح  سفارتها في تل أبيب عام 1999 ؛ و قد فجر  هذا التحول الدراماتيكي  الأزمة بين النظام والبعثيين الموريتانيين ... وتماشياً مع التوجه الجديد ، سرّح ولد الطائع كبار الضباط البعثيين من الجيش والقوى الأمنية ، وجرد المسؤولين الحكوميين المنتمين للبعث من مهامهم ، وزج بعدد غير قليل من قيادات القوميين في السجون والمعتقلات ، ولاحقت الشرطة الناشطين والمتعاطفين معهم ... ,  وأعلنت السلطات الموريتانيّة حلّ حزب الطليعة البعثي ، واعتقال مؤسسيه ... ؛  ثم حلّت حزب التجديد ، واتهم نظام ولد الطائع البعثيين بالسعي إلى قلب نظام الحكم في البلاد...؛  وأعلن في المقابل دعم موريتانيا للغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003... .

 وفي 8 يونيو نفذ ضباط موريتانيون ذوو خلفية بعثية وناصرية محاولة انقلابية دامية ، للإطاحة بالرئيس ولد الطائع... ؛  ورغم فشل الانقلاب فقد مهد الطريق أمام محاولات انقلابية متتالية ، أدت في النهاية إلى إزاحة ولد الطائع عن سدة حكم البلاد في 3 أغسطس 2005 ، ليعود البعثيون بقوة إلى المشهد السياسي في موريتانيا ، ويعود معهم تمجيد صدام  وإيديولوجيا حزبه ... ؛ و لا يقتصر تأثير شخصية صدام  ودعايات ماكنته الاعلامية  في الموريتانيين على الإعجاب الكبير به ، بل إن  الدعاية العراقية في أوساط الموريتانيين لا تزال تؤثر حتى اليوم في نظرتهم لتاريخ العراق واعتمادهم الكامل على الرواية الرسمية لنظام صدام ، وعند الحديث عن الأحداث التي شهدها العراق إبان فترة حكمه... ؛  ومن المفارقات التي لا تخلو من طرافة –(  نفس قصة حسنة ملص في اذاعة مصر ) -  ، أن كلمة "كردي" أصبحت تطلق في موريتانيا  على الشخص  الذي يجمع كل الصفات السيئة ... ؛  بينما ينسب إلى الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز، إطلاق تسمية "البشمركة" على الصحافيين الموريتانيين ، يتهمهم بالولاء للخارج... ؛  وهي التسمية التي أصبحت شائعة جداً في الوسط الإعلامي ، للإشارة إلى النموذج السيئ للصحافي عموماً (1)....!! . 

وكانت نتيجة هذه المساعدات والاموال العراقية تخليد الموريتانيون رحيل المجرم السفاح صدام  كل عام مرتين : مرة في عيد الأضحى، ومرة في 30 ديسمبر ذكرى إعدامه ... ؛ بالمختصر المفيد هؤلاء ينهبون اموالنا ويكرهوننا ويمجدون كل شخص يلحق الاذى بنا ... ؛ اذ اضحت ثروات العراقي الاصيل يتحكم بها الحاكم الهجين والذي يتبرع بها للغرباء والاجانب ... ؛ و فوق كل هذا نشتم ويساء لنا ؛ يعني ينطبق علينا المثل الشعبي العراقي : ((مثل السمج مأكول مذموم )) .

 اما كان الاولى بهذا النظام الفاشل والتافه بكل المقاييس وبزعيمه الارعن العميل ؛ صرف هذه الاموال على مدن وقرى جنوب و وسط العراق المدمرة ؛ وتقديم تلك المساعدات الى عوائل ضحايا الحروب والايتام والفقراء ...؟! 

...............................................................................................

  • 1-لماذا أحب الموريتانيون صدام حسين ؟ لماذا أحب الموريتانيون صدام حسين؟ / عبد الله البو أحمد عبد .