1_ في القرآن الكريم :
تكررت كلمة فتنة في القرآن مع مشتقاتها كثيرا ووردت بمعاني كثيرة منها :
أولا : الفتنة هي الكفر سيما عندما يهدد الدين ويوشك أن يظهر عليه : "
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴿١٩٣ البقرة﴾
وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَالْقَتْلِ ﴿١٩١ البقرة﴾
ثانيا : الفتنة تخلف عن الجهاد وعن نصرة الدين والمستضعفين :
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِسَقَطُوا ﴿49 التوبة﴾
ثالثا : الفتنة كبائر الذنوب التي تنقض الدين كالسحر
وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَاتَكْفُرْ ﴿١٠٢ البقرة﴾
رابعا : الفتنة عذاب من الله للظالمين ومن مالأهم ورضي بهم :
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴿٢٥ الأنفال﴾
خامسا : الفتنة كل عمل يلهي عن طاعة الله :
"وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿٢٨ الأنفال﴾
سادسا: الفتنة ابتلاء وتمحيص :
"وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴿٦٠ الإسراء﴾
"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴿٣٥ الأنبياء﴾
سابعا : الفتنة صد عن الله وتشكيك في آياته :
وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴿49 المائدة﴾
"فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴿٧ آل عمران
ثامنا : الفتنة خوف :
""وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴿40 طه﴾
"ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُم َّجَاهَدُوا ﴿110 النحل﴾
2_ في الحديث :
أولا : الفتنة ذنوب تغشي القلوب فتطمس نورها :
أخرجَ مُسلم في كتابِ الإيمان من حديث حُذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه : قال : قال النبي صلى الله عليه وسلّم : تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نُكت فيه نُكتة سوداء وأي قلب أنكرها نُكت فيه نُكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف مَعروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه .
ثانيا : الفتنة ما أصاب الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم من نقض لعرى الاسلام وأولها الحكم :
روى الإمام أحمد والدارمي والطبراني في "المعجم الكبير" والحاكم عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ : ( يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَانْطَلِقْ مَعِي ) ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قَالَ : ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ ؛ لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ ، مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ النَّاسُ ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا نَجَّاكُمْ اللَّهُ مِنْهُ ، أَقْبَلَت الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ أَوَّلُهَا آخِرَهَا الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنْ الْأُولَى ) ....، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَبُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قَضَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ حِينَ أَصْبَحَ ".
ثالثا : الفتنة موت أكابر هذه الأمة وأئمتهم
أخرج البخاري عن حذيفة قال : بينا نحن جلوس عند عمر، إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي في الفتنة؟ قال: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكفِّرها الصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا، بل يكسر، قال عمر: إذا لا يغلق أبداً، قلت: أجل. قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما يعلم أن دون غد ليلة، وذلك أني حدَّثته حديثاً ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأله: من الباب؟ فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: من الباب؟ قال: عمر.
رابعا : الفتنة ملازمة الأمراء والحكام
، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَمَوَاقِفَ الْفِتَنِ " ، قِيلَ : وَمَا مَوَاقِفُ الْفِتَنِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : " أَبْوَابُ الأُمَرَاءِ ، يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ عَلَى الأَمِيرِ فَيُصَدِّقُهُ بِالْكَذِبِ وَيَقُولُ مَا لَيْسَ فِيهِ " .أبو نعيم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " سَيَكُونُ بَعْدِي سَلَاطِينُ الْفِتَنِ عَلَى أَبْوَابِهِمْ كَمُبَارِكِ الْإِبِلِ لَا يَعْطُونَ أَحَدًا شَيْئًا , إِلَّا أَخَذَ مِنْ دِيَّتِهِ مِثْلَهُ " . المستدرك .
3 _ خلاصات :
أولا : ليس فيما سبق ما يشير أبدا الى كون الفتنة تدافعا بين الحق والباطل انما التدافع شرع لدرئها .
ثانيا : الفتنة ليست هي القتل انما هي أشد منه وأكبر لأن القتل منع لحفظ النفس والفتنة منعت لحفظ الدين وحفظ الدين مقدم على حفظ النفس فقد شرع الجهاد وفيه قتل للنفس حفاظا على الدين .
ثالثا : غياب العدل كسر للباب الموصد أمام الفتنة . والاستبداد أهم أسبابها .
رابعا : الفتنة فتنتان : فتنة الرجل في أهله وماله وهي أهون تكفرها الصلاة والصدقة وفتنة الحكم وهي أشد لا يزيلها الا العدل والشورى ورعاية حقوق العباد .
خامسا : ترتيب الأولويات أمر ضروري درءا للفتنة الكبرى وان أدى الى الوقوع في فتنة أقل .لا نكون كالجد بن قيس الذي ترك الجهاد خوفا من فتنة نساء الروم فسقط في الفتنة .
سادسا : أحرص الناس على الفتنة هم من في قلوبهم زيغ وهم الكفار الذين يصدون عن سبيل الله .
سابعا : الاحتجاج السلمي دفاعا عن الضعيف والمسكين دين من الدين . ألم تقرأ في سورة الماعون أن عدم الحض على طعام المسكين هو تكذيب بالدين " أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين " سورة الماعون 1
ثامنا : الفتنة نقيض كل خير بدءا من الجهاد وهو ذروة سنام الاسلام الى أعمال اليوم والليلة التي يلهي عنها المال والولد .