الأيام الماضية شاهدت لقاء مع رئيس الجزائر (تبون) تحدث فيه عن استعادة الأموال المنهوبة في حقبة (بوتفليقه) وما قبله والتي معظمها نهبها جنرالات الجيش الجزائري (العظيم)(!!؟؟) وقال أن معظمها تم استردادها وهي تقدر بمليارات الدولارات وأن العمل جارٍ على استعادة ما هو في الخارج !!... هذا عن الجزائر أما عن السودان فمع هذا الصراع المسلح على الحكم بين العسكر هناك بدأت المعلومات تخرج للعلن عن ثروات وأملاك وشركات الجيش السوداني وضباطه وأملاك قوات الدعم السريع ومناجم الذهب التي تحت سيطرة قائدها (!!؟؟) وتحدثت الأخبار أن الجيش السوداني يسيطر على مفاصل الاقتصاد السوداني بشكل عميق!!، وهو الأمر الموجود في مصر أيضًا!!، فالجيش المصري وجنرالاته يملكون زمام ومفاصل الاقتصاد المصري !!.... وفي ليبيا في عهد القذافي كان للضباط الكبار (رفاق القذافي) و(الأمن الداخلي) نفوذ وأذرع تسيطر على مفاصل الاقتصاد (!!) إلى درجة أن القذافي اجتمع بهؤلاء الضباط بشكل علني في لقاء حي تم بثه على المباشر(!!؟؟؟) ، حضرته بنفسي في حينه، حذرهم من استشراء الفساد المالي بينهم وقال لهم يخاطبهم: (( أنت حصلت مليون دينار !!، خلاص ، اعتبر هذا نصيبك أنت وعائلتك من النفط!!، معاش تزيد !!) ثم حذرهم من حصول (ثورة اجتماعية) على هذا الفساد وادعى بأنها إذا حدثت فإنه سيكون على رأسها ويدعمها (!!!؟؟؟)...  ولعل هذا حال جيوش ((حماة الوطن!!!؟؟) في بقية الجمهوريات العربية !!!.... بل لعل هذا حال الكثير من كبار وقيادات ضباط الجيش والأمن في ليبيا حاليًا بعد فبراير سواء في الغرب أو الشرق والجنوب!! 
الواقع - وللأسف الشديد - أن العسكر في العالم العربي وخصوصًا في الجمهوريات العربية الفاسدة والفاشلة بشكل عميق، فضلًا عن طموحهم السياسي في الحكم من خلال استغلال قوة المؤسسة العسكرية فإن شهيتهم انفتحت نحو الاستفادة من نفوذهم ومواقعهم في الكسب المادي والاثراء !!، ربما تكون (الثروة) هي الغرض الأساسي عند معظمهم أكثر من (السلطة)!!، وأنا لست ضد حق أي مواطن أن يكون له طموح سياسي أو مالي لكن لا يحق لضباط الجيش تحقيق طموحاتهم الشخصية من خلال استغلال نفوذ وقوة وسلاح الجيش الوطني، فهذه خيانة وطنية فاضحة!، فالجيش مهمته محددة وهي حماية الوطن وليس أن يكون طرفًا في التنافس على السلطة وعلى الثروة !!


والحقيقة التي لابد من مواجهتها هي أننا نحن العرب - خلال عمرنا الحضاري والسياسي الحالي - ووسط هذه الفوضى المحلية والدولية - ليس أمامنا إلا ثلاث خيارات فقط : 
(1) حكم العسكر بغطاء جمهوري قد ينتهي لحكم عائلي كما كان يجري قبل ثورات الشوارع العربية (الربيع الكاذب أو المغدور!)
(2) أو حكم الاسلام السياسي(السنة أو الشيعة) وربما بتحالف بين العسكر وبعض فئات الاسلام السياسي كما كان في السودان في عهد المشير (البشير) وكما في الجزائر والعراق حاليًا.
(3)  أو حكم عائلي ملكي وراثي، إما (ملكي مطلق) كما في السعودية أو (ملكي دستوري برلماني) كما في المغرب.

هذه خياراتنا المحدودة والممكنة ولا خيار لنا خارجها سوى الوقوع في الفوضى العارمة!، وبالنظر لواقع العالم العربي اليوم وبالمقارنة بين حال الجمهوريات وحال الممالك العربية، فإن العقل السياسي والمصلحة الوطنية تقضي بأن خيار النظام الملكي البرلماني الدستوري هو أفضل وأكرم خيار للوطن خلال هذه الحقبة المضطربة من تاريخ العرب!!، فالسياسة فن الممكن، وفن اختيار أهون الشرين وأخف الضررين وأحلى المرين!!، ورمضانكم مبارك وكريم.
************************
سليم نصر الرقعي