ركب البعض موجة المعارضة وتمثيل الاغلبية العراقية لأسباب عديدة ومعقدة ومعروفة , وارتكبوا الكثير من الاخطاء الفادحة والتي أودت بحياة الاف الشباب من العراقيين الاصلاء على يد الانظمة الطائفية والحاقدة في العراق ... ؛ و مهما رجعنا القهقرى الى الوراء لمراجعة مواقف وافكار و رؤى وارتباطات هؤلاء ؛ فانه يصعب تعداد هفواتهم وكبواتهم وفشلهم في مقارعة النظام الهجين في بعض الحالات والاطاحة به او تصفية رموزه وجلاديه ... ؛ نعم تحققت بعض الانجازات على صعيد معارضة النظام البائد لا يستهان بها الا انها جاءت نتيجة لدماء شباب الشيعة ورجال الاغلبية العراقية الاصيلة ... ؛ اما هؤلاء فكان شعارهم : ( اخي المجاهد عليك الشهادة ولنا القيادة ..!!! ) .
وطوينا تلك الصفحة بكل الامها واخطاءها وكوارثها كما يطوى الكتاب ... ؛ واستبشرنا خيرا بسقوط الصنم الطائفي والعنصري وهلاك جرذ الحفرة الهجين ؛ وقلنا : عفا الله عما سلف ؛ و عسى ولعل الدهر يلوي عنانه ... ؛ ويأتي بخير ... ؛ و خابت الظنون بكم ، وانقطعت الآمال منكم وابتعد الاحرار والغيارى عنكم ... ؛ فقد (رجعت ريما لعادتها القديمة ) فعلى الرغم من تغير الظروف وتبدل الاحوال وانقلاب الامور رأسا على عقب ؛ لم تتغير سلوكياتكم وتصرفاتكم وعقلياتكم وافكاركم البائسة والماضوية والسمجة والمكررة وكأنكم صفحات مستنسخة لا جديد فيها اذ اللاحق منكم يأخذ من السابق ويردد ما قاله كالببغاء عقله في اذنيه ... , وكالصخرة الصماء لا تبرحون مكانكم , العالم يتقدم الا انتم لا زلتم تمشون الهوينا مثل السلحفاة .
وقد حضر احد الاصدقاء مؤتمرا حزبيا لفصيل سياسي قد عمل في صفوفه لمدة 40 عام كاملة ؛ وهو الان يعمل سائق تكسي بالإضافة الى راتبه التقاعدي , وسألته كالعادة عما دار في هذا المهرجان او المؤتمر والذي انعقد بمناسبة ( ...) السياسية الاسلامية , وهذه المناسبة لا تعني العراق والعراقيين قط ؛ بل ذكرتني بأفعال حزب البعث والسافل دوحي بن صبحة الذي كان يبذل الغالي والنفيس من اجل ارضاء الاجانب والغرباء ومرتزقة وشذاذ البلدان العربية بينما كان فظاً غليظاً و جلفاً بخيلا مع العراقيين الاصلاء ؛ وناصبيا مع شيعة الامام علي واتباع ال البيت ... ؛ فكأنما هذه الاحزاب وجهان لعملة واحدة ؛ او شكلان مختلفان لحقيقة واحدة لا يمكن فصلهما ، فلا يختلفان عن بعضهما كثيرًا؛ الا في بعض التفاصيل والسلوكيات والشعارات ؛ ... ؛ فأجابني : أقمنا الصلاة و تناولنا وجبة الافطار وبعدها شربنا الشاي , وقام المسؤول بإلقاء خطبة ركيكة وتافهة وخالية من المضامين الفلسفية او السياسية او الدينية المهمة وذات المردود الايجابي على واقعنا المعاصر ... ؛ فكأنه في واد ونحن في واد اخر , - يعني باللهجة العراقية العامية : يخوط بصف الاستكان - , وبعدها اعتلى احد الخطباء المنبر والقى محاضرة مليئة بالخزعبلات والغلو ثم عرج على ذكر النقاط الرئيسية في التبليغ والتوجيه الحزبي لهذا الفصيل والمتمثل بأتباع اوامر رجل الدين الفلاني ... ؛ وعندما نزل الخطيب , عجت القاعة بالمجاملات وتبادل الاحاديث والذكريات واغلبنا بلغ من العمر عتيا , ولا توجد اية دماء شابة او جديدة الا النزر القليل واغلبهم من ابناء رجال الحركة او الحزب او الفصيل – ما شئت فعبر - , ... .
ثم سألته قائلا : أسالك بالله العلي العظيم , هل انتم تحبون العراق وتعملون من أجله , وهل تعملون من أجل الاغلبية العراقية ؟
أجابني قائلا : اما قادة الفصيل فلا هم لهم سوى تنفيذ الاوامر والاملاءات الخارجية بحجة التقليد والاتباع الديني ومن ثم تحقيق مصالحهم الشخصية , اما الكوادر الحزبية فأغلب ( المكاريد ) المجاهدين الغيارى يحبون العراق ويفضلون مصلحته , ويهتمون لشؤون الاغلبية العراقية الا انهم لا حول ولا قوة فهم ليسوا اصحاب قرار ... ؛ واما البعض الاخر فيقولون : ان كل بلاد الاسلام بلادهم , فلو رفع لواء الاسلام في الاسكيمو لذهبوا الى هنالك ولا توجد عندهم اية مشكلة ... ؛ اما العراق فهو بالنسبة لهم مجرد محطة وكذلك ايران محطة وغيرهما , فلا يهم ان بقوا 40 سنة في ايران و20 سنة في العراق و10 سنوات في لبنان او اليمن ... وهكذا , ولا يعترفون بفكرة الوطن والوطنية قط .
فقلت له : ممن تأخذون افكاركم ومن تتبعون , وكيف تكونت هذه الايدلوجية- او العقيدة - التي تؤمنون بها ؟
فأجابني : من كتب علماء الشيعة واغلبهم ايرانيو الجنسية ونظريات مراجع الدين الشيعة الايرانيين , ونتبع مراجع التقليد , وعقيدتنا هذه جاءت نتيجة لعوامل عديدة ومنها ما ذكرته لك انفا ... .
قلت له : لو كان كلامكم حق ومطابق للواقع والحقيقة ؛ لعمل به جميع الشيعة والمسلمين وبلا استثناء كالصلاة والصوم والحج ... الخ ؛ الا اني ارى ان القرائن وسياقات الاحداث ومعطيات الواقع والساحة الايرانية او التركية او السعودية او المصرية ... الخ ؛ تخالف ما تؤمنون به وتكذب ما تقولون ... ؛ فها هو الشيعي الايراني لا يضحي بإيران قط من اجل أي دولة شيعية في العالم بل لعله يقف مع ارمينيا المسيحية ضد اذربيجان الشيعية او يعقد بعض الاتفاقيات مع نظام المجرم الناصبي صدام , او يتبادل التمثيل الديبلوماسي مع السعودية ... ؛ بل انه لا يقلد أي مرجع عربي حتى وان كان اعلم الاحياء والاموات – كما يتشدقون بذلك - , ويعشق ايران بكل محافظاتها ومدنها وقراها وجبالها وسهولها وبحارها ... ويحترم كافة اقوامها وفئاتها واعراقها بغض النظر عن عقائدهم واديانهم ... ؛ فهو يفضل كرمنشاه الكردية على اليمن الحوثية , وزاهدان الوهابية على البصرة الشيعية , ويزد المجوسية على البحرين العربية ... الخ .
وبما انك اعترفت بأن فكركم مأخوذ منهم وانتم تطبقوه في العراق بينما هم يفعلون العكس في بلادهم ؛ فهنالك احتمالات لإزالة الالتباس ومعرفة الحقيقة : اما ان هذا الفكر مزيف لذلك لا يطبقه الايرانيون الشيعة ؛ او ان هذا الفكر مخصص لكم انتم فقط وهم غير معنيين بالأمر ؛ او ان الامر قد التبس عليكم واعتقدتم ان هنالك تقاطع بين الفكرتين الاسلامية الشيعية والوطنية العراقية , او تعتقدون بأن كل مسلمي وشيعة العالم على خطأ الا انتم مهتدون وهم ضالون ؛ وهذا خلاف الفرض الاول لأنكم عبارة عن مقلدة وامعات وليس لكم مدرسة فكرية ودينية خاصة بكم فأنتم عيال على الايرانيين كما قلتم في بداية الامر , وهم يعتبرون انفسهم ائمة وقادة الشيعة وايران كعبة التشيع كما صرحوا بذلك مرارا وتكرارا .
اما السني التركي والسعودي والمصري فهؤلاء ؛ الاول منهم يعتبر تركيا مقر الخلافة الاسلامية ومع ذلك يفضل تركيا على العالمين , والثاني يعتبر نفسه سيد العرب وداره مقر الوحي وبلاد الحرمين وهو ممثل المسلمين ومع ذلك لا يفرط بشبر من اراضي السعودية وكل العرب والمسلمين يعملون في السعودية كالخدم والعبيد , والثالث يعتبر نفسه ممثل العرب والناطق بأسمهم وبلاده بلاد الحضارات و الازهر الذي يحج اليه المسلمون للتعلم واخذ المعارف الدينية ومع ذلك يصرح ليلا ونهارا وسرا وجهارا بأن مصر ام الدنيا وكل شيء فدا مصر ... .
اذن لماذا انتم ايها العراقيون الشيعة والسنة من المؤدلجين بالأفكار الاسلامية والقومية والحزبية المنكوسة وانتم يا ابناء الفئة الهجينة ؛ تكاد تستحوذون على لقب ( التملق والذيلية والتبعية العالمية وخيانة وكره وبغض العراق وتفضيل الاخرين على العراقيين ) ... ؛ لماذا تسيرون خلف الاجانب والغرباء والدخلاء كالعبيد الاذلاء بحجة الدين او المذهب او تحت ذريعة القومية وغيرها , حتى بلغ الامر بالسني المنكوس والهجين الحاقد ان يرى الاعرابي والشيشاني والداغستاني والمصري والفلسطيني ... الخ يغتصب العراقية الايزيدية والشيعية التركمانية بل ويأتي بالعراقيات من الطائفة السنية بحجة جهاد النكاح ... ؛ ولا يستحي من نفسه ولا يخجل من عار التاريخ ولا يرف له جفن ؛ وكذلك الشيعي الذي يصرح في الفضائيات انه يحرق العراق من أجل ايران , او يطالب العراق بأن يفتح ابواب الوطن امام الزوار الايرانيين وعلى شرط ان يعطى كل شيء لهم بالمجان بينما يخسر الزائر العراقي في ايران الاف الدولارت ولا يطالب الايرانيين بالمثل ...!!
هل من المعقول : كل هؤلاء المسلمون وشيعة العالم وكل هذه الدول الاسلامية لا تعرف الاسلام والتشيع ولا تقفه الدين الاسلامي الا هذه الشرذمة من العراقيين الذين يفضلون كل بلدان العالم على العراق ويقدمون كل اقوام المعمورة على العراقيين ؛ بالأمس كان القوميون والبعثيون يتبرعون بثروات الجنوب العراقي للبلدان العربية ويفضلون شذاذ ومرتزقة البلدان العربية والاعراب وادعياء العروبة على العراقيين الاصلاء ... ؛ واليوم تأتي هذه الزمرة المنكوسة كي تكمل مشوار الخط المنكوس في العراق ... ؛ وهل من المعقول انك انت ايها العراقي السني المنكوس او الشيعي المنكوس اشرف واكثر تدينا واسلاما من الايراني الشيعي الذي يحب ايران بلده مثلما يحب عقيدته وكذلك السعودي والمصري والتركي فهؤلاء يحبون بلادهم وهم ملتزمون بإسلامهم في نفس الوقت ؛ الا هؤلاء المنكوسون فهم يرون ان مبدأ الاسلامية والمذهبية والقومية يتقاطع ويتعارض مع مبدأ الوطنية والامة العراقية .
ونصيحتي للمنكوس السني والشيعي : ان لم يعجبك العراق استبدله بالصومال او الاردن او ايران او السعودية او تركيا او افغانستان او بريطانيا ... الخ , وبما الارض ارض الله ؛ ارحل من العراق الى بلاد الله الواسعة ؛ حتى ترتاح وتريح ... ؛ فالعراق يحتاج الى من يضحي من اجله ويقدمه على الاخرين وهو اولى بالتقديم ؛ فهو بلد الحضارات الاولى , وهو بلد العروبة وجماجم وملوك وممالك العرب , وهو كعبة التشيع وعاصمة الامام علي , وهو مقر الخلافة الاسلامية ... الخ ؛ وهو الحضن والملاذ الآمن الذي تأوي إليه أرواحنا، والبيت الكبير الذي يجمع الأهل والأحبة أحياء وأمواتا ، إذ نولد فيه ونتربى ونترعرع ونكبر في كنفه ونتمنى أن نموت وندفن فيه، فالوطن هو الرابطة التي تشدنا أينما حللنا وارتحلنا؛ لأننا نحن البشر من دون وطن ننتمي إليه مثل الطيور بلا أعشاش وأوكار تأوي إليها، لهذا ينبع حب الوطن من عمق القلب، ويتجسد في الكثير من الأشياء، ومن غير المعقول حصر الوطن وتقزيم دلالته ليصير مجرد أرض وأشجار وتراب وغير ذلك من الأمور غير المجردة، لأنه يبقى أكثر من ذلك على اعتباره مجموعة من الأشياء المادية والمعنوية التي لا يمكن فصلها أبدا... ؛ وإلفُ الإنسان لوطنه وحبه له أمر فطري جبلي، وسبب هذا الإلف والمحبة وجود القرابات والصحبة، وذكريات الصبا، وتقارب الطباع والعادات الاجتماعية، واتفاق اللهجة وغيرها، لهذا نقول بأن: حب الوطن هو شعور داخلي يحتل كل خلية من أجسادنا، إحساس عميق يجعل من المستحيل أن نتخلى عن وطننا أو ننساه أو ننسلخ منه، وبالخصوص إذا كان يحمل ذكريات كثيرة ومشاعر فياضة تثير تفكيرنا وتحرك وجداننا وضمائرنا، إنه من أهم الأشياء الجميلة والرائعة التي تبصم على تميزنا، لذلك نجد العديد من البشر حول العالم يحتفظون بالوطن بداخل قلوبهم، وهذا ما نراه بوضوح في المواطن الذين تم تهجيره من وطنه إلا أنه و بالرغم من ذلك مازال يحتفظ بوطنه في داخله(1) ... ؛ وحب العراق لا يعني بغض الاسلام او اهمال التشيع والعروبة ؛ كيف وهو اول البلاد اسلاما وكعبة التشيع وجمجمة العرب ؛ كما ان حب الإسلام والتشيع والعروبة لا يعني اهمال العراق او بغض الوطن او التقصير بحقه , او تشويه سمعة العراقيين واحتقارهم وازدرائهم ...؛ فقد تعني الخيانة والعمالة : تضييع الوطن واهماله وتعريضه للخطر بسبب سوء الحكم والتدبير والتخطيط , و وضع الرجل الفاشل في المكان الحساس وتبديد الثروات الوطنية في غير محلها , وبغض اقوامه ومدنه ومناطقه وناسه واهله وحضاراته وقيمه وتقاليده الايجابية ... الخ .
.........................................................................................
- أخذنا من حب الوطن ما لن نحسد عليه / أمين أمكاح / بتصرف .