قال الكاتب جلال الخوالدة : (( الذي لا يُجيد كتابة كلمة واحدة مكونة من 4 حروف لكنه يتقن ايجاد 4 أخطاء فيها؛ يستحق لقب تافه بجدارة )) لعل اغلبنا يعرف هذه الحقيقة : أن البناء صعب جدا صعب، والهدم سهل جدا سهل؛ فما يبنى في مئات الأعوام من المدن والقرى والقصور والدور يمكن هدمه في لحظات... ؛  وما يبنى من الأخلاق والقيم والمثل في قرون يمكن هدمه في أيام وليال... ؛ فلا يوجد اسهل من النقد الهدام واظهار العيوب والمثالب وملاحظة الاخطاء ... ؛ وفي الوقت نفسه قد يعجز هذا الشخص السلبي والذي لا يرى سوى الاخطاء والسلبيات والموبقات عن انشاء جملة مفيدة او القيام بعمل جيد او النهوض بالمسؤولية العامة لإنجاز احدى المهام الوطنية او الانسانية والتي تصب في مصلحة الوطن والمواطن . 

ومن الصعب اكمال البناء والنهوض به ؛ إن كان هناك ألف بان ووراءهم هادم واحد ... ؛ واما  إن كان الباني واحداً والهادم ألفاً ... ؛ عندها سوف تكون المهمة صعبة جدا ؛ اذ ان  ألف بان لا يقوموا لهادم فكيف ببان خلفه ألف هادم ...؟! 

لذلك تذمر اسلافنا من هذه الظاهرة المزعجة والسلبية وقالوا في المثل الشعبي العراقي : (( واحد يبخر وعشرة ي ف س و ن )) فأينما تولي وجهك ترى السلبية والاشخاص السلبيين ؛ فها هي  وسائل الاعلام والفضائيات و وسائل التواصل الاجتماعي والصحف ... الخ ؛  في غالبها تهدم ، و بعض أفراد المجتمع  يهدم،  وكوادر تربوية وتعليمية في المدارس والجامعات وظيفتهم الهدم  ، و عمال نظافة  عملهم هدم الشوارع  والاماكن العامة ... ؛ واعلاميون ومثقفون لا يتقنون سوى الهدم وتسليط الاضواء على السلبيات والفضائح ... ؛ وساسة بلاد ومسؤولي حكومة لا ينطقون الا بالسوء والسلبية والتبريرات ... الخ .

  نعم هنالك بناة قلة إذا قيسوا بهؤلاء الهادمين ؛ و يوجد افراد ايجابيون مقابل أولئك السلبيون المنتشرون في كل مكان ؛ وهذه الدعوات السلبية وشعارات الهدم واليأس ونشرات الاخبار والبرامج المليئة بالأخبار والاحداث والصور السيئة وذات الدلالات السلبية  ؛ انما هدفها يتلخص في نشر الطاقة السلبية ومشاعر اليأس والخوف والقلق والتردد والحيرة بين الناس ؛ بالإضافة الى تثبيط العزائم وعرقلة المساعي الوطنية والانسانية النبيلة للنهوض بالواقع بحجة استحالة الاصلاح ... الخ . 

هؤلاء السلبيون ينشرون البؤس واليأس والقنوط والسلبية بين المواطنين ؛ بل ويقفون حجر عثرة امام اي تغيير ايجابي ؛ فعيون هؤلاء عن الإيجابيات والانجازات كليلة ولا تبدي لهم  سوى المساوئ والازمات ... ؛ ونقل لي احد الاصدقاء قائلا  : كنت في مجلس جمعني بالعديد من الضباط من ذوي الرتب العسكرية العالية في وزارتي الدفاع والداخلية بالإضافة الى مسؤولي بعض الوزارات ... ؛ وبدأ الحديث بينهم وانتهى وهم لا هم لهم سوى التحدث بالسلبيات والخيبات والاحباطات ... الخ ؛ ولم اسمع منه كلمة ايجابية واحدة تخفف من هموم المواطن او تنشر الامل في نفوس العراقيين ... ؛ فبادرتهم بالسؤال التالي : اغلبكم كنتم تعملون في دوائر النظام البائد وعملتم من اجل ادامة ذلك النظام الدموي الهمجي لولا رحمة الله بهذا الشعب المسكين ؛ وكنتم تتقاضون رواتب وتحصلون على امتيازات لا تقارن بما انتم عليه الان من رفاهية واموال طائلة وحرية وسفر وبيوت ومزارع ... الخ ؛ واليوم انتم في الحكومة الحالية وها انتم تنتقدون الحكومة و دوائرها ... ؛ لاول مرة اشاهد مسؤول حكومي ينتقد حكومته ... ؛ فأنتم امركم لا يخلو من احتمالين : الاول : انكم سبب الدمار والخراب وكل المظاهر السلبية المنتشرة في البلاد باعتباركم جزء من الحكومة بل انتم الحكومة نفسها ... ؛ والثاني : انكم لا علاقة لكم بكل ما يجري – ( يعني بالعامية العراقية لا تحلون ولا تربطون وهذا الامر عيب وزحمة بحقكم ) – ولا تحركون ساكنا ... ؛ و وفقا للاحتمالين الخطأ يبدأ منكم ويعود اليكم ... لذلك ورد عن النبي قوله : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... )) فالشخص الفاشل هو الذي لا يستطيع العمل والانجاز والبناء وبث الروح الايجابية ... ؛ ولا يتقن سوى بث الشكاوى والهموم والطاقة السلبية ويلاحظ السلبيات والاخطاء فحسب ... ؛ وهذا لا يعني اننا نغض الطرف عن النقد البناء او تسليط الاضواء على الانتكاسات والازمات والظواهر السلبية ؛ وانما الموازنة بين الامرين , وذلك حفاظا على  الروح المعنوية والوطنية العامة .

و يصف الكاتب جلال الخوالدة  التافه : بأنه الشخص الذي يتبنى سلوكًا سطحيًا واحاديا – ان جاز التعبير فهو ينظر الى جانب واحد من الحقيقة والواقع -  ، حيث يُعتبر الشخص تافهًا عندما يكون  قادرا على اظهار عشرات الاخطاء الا انه في الوقت نفسه لا يستطيع كتابة جملة مفيدة او سطرا مهما ؛ او انجاز عملا ذي قيمة ؛ فهؤلاء يهربون من المسؤولية العامة من خلال سلوكهم هذا ؛ اذ ان وظيفتهم تنحصر في نشر السلبيات والشائعات والدعايات وتسليط الاضواء على الاخطاء والكبوات فقط  ... ؛ فالتافه – وفقا لرأي الكاتب – الشخص الذي لا يتحمل الحقيقة ولا يلتزم بها , اذ ينظر للأمور بعين واحدة ؛ ان نظرته تنحصر بالسلبيات والاخطاء والاخبار السيئة ... ؛  ولعل هذا الامر يشير الى حساسية هذا الشخص تجاه الحقيقة والواقع والهروب منه الى زوايا الاهمال المتعمد وعدم رصد حركة المجتمع بصورة كاملة وشاملة  والتركيز على الامور السيئة تلبية لدوافع نفسية او مرضية احيانا ... ؛ و من خلال ما تقدم تعرف اصرار البعض على اظهار الصور البائسة والاحداث المؤلمة والقصص المأساوية والمفتعلة في فضائياتهم المنكوسة  و وسائل اعلامهم  المسمومة والمختلفة ؛ وذلك من اجل ارباك المشهد العراقي الداخلي و تدمير معنويات المواطنين ونقل الصور السيئة عن العراق للخارج .