مهنة الحمالين بين الفقر والقهر

 اسعد عبدالله عبدعلي

بعد صلاة الفجر, يلبس جليل ملابس العمل الرثة, مع حذاء عسكري كي يساعده في عبور مستنقعات الماء الآسن, ويتسلح بلبس كفوف يديه كي تعينه على دفع عربته, ويتعصب بقطعة قماش سوداء كي ينسى الم رأسه المزمن, ويتجه جليل الى علوة جميلة, متمسك بعربته ومنتظرا الرزق, بان يحمل بضائع المتسوقين الى حيث يطلبون, مع انه الشاب بالخامسة والثلاثون ربيعا, لكن الحياة لم تهبه أكثر من عربة ومهنة الحمال, وهو يقول : تلك العربة الخشبية وساعداي هما طريقي نحو  كسب رزقي فما أهم ما املك, منذ خمسة عشر سنة وأنا حمال, اعرف انه قدري فلا اضجر أو أتكبر بل أتكيف معه.

مع إن العالم من حولنا تطور وازدهرت حياته, لكن في العراق توقف الزمن, وبقيت الحاجة الى مهن بعينها, وهي تقاوم الزمن وتبقى حية موجودة, ومنها مهنة الحمالين, لكن من دون إن تحصل المهنة على ضمانات أو حماية, والأسواق تحتاج الى هكذا مهن بشكل كبير, مثل الشورجة وعلوة جميلة وعلوة الرشيد وباقي الأسواق, فطبيعة الجغرافية للأسواق التي تعتمد البناء العشوائي وضيق الشوارع , بالإضافة لازدحام الشوارع القريبة من الأسواق الرئيسية, مما يمنع دخول السيارات أو وصول الشاحنات الكبير الى بعض المخازن, ومن جانب المتبضع يحتاج لحمال كي يخرج بضاعته من السوق الى خارج السوق,  فتحولت المهنة الى أمر أساسي في الأسواق.

واليات المهنة متنوعة, فبعض الحمالين يستخدم ظهره فقط لنقل البضائع, حيث يحمل بضائع الناس على ظهره أو كتفه ويسرع بإيصالها الى المكان الذي يريده صاحب البضاعة, وبعضهم لديه عربات خشبية بإطارين كي تحمل البضائع بشكل عمودي وهي متخصصة في نقل علب الكارتون الكبيرة, وبعضها بأربع إطارات وهي منتشرة أكثر في نقل الخضراوات والفواكه والبضاعة المفردة للمتسوقين, وهي ما بين الخشب أو الحديد بشكل معين يتناسب مع نقل البضائع.

ومقابل هذا العمل يحصل الحمال على أجرة بسيطة, ويبقى الحمال ينتقل من زبون الى أخر الى نهاية اليوم فيسرع للسوق لشراء حاجات بيته.

هناك دوافع معينة وضغوط حياتية قاهرة هي من دفعت ببعض الشخوص للممارسة هذه المهنة, وكما هو معلوم إن لكل إنسان حلم, فيا ترى بماذا يحلم الحمالون, وما هي ابرز معاناتهم, وما هي مشاكلهم اليومية, تساؤلات نبحث عن إجابة لها.

●مهنة الحمال حفظ كرامة عائلتي

أول من التقيت كان المواطن ثائر.ط (40 سنة ) من سكنة حي المعامل فقال: مع أنها مهنة مرهقة جدا, فهي تحتاج لقوة وجهد بدني مع صحة من دون اعتلال وقد استنزفت كل حياتي, فمنذ خمسة وعشرين سنة تركت المدرسة وانأ  في المتوسطة, وكنت مجتهدا محبا للتعلم, لكن بعد إن تعسر حال أهلي نتيجة مرض أبي, فقد أصابه مرض لعين أقعده في البيت, فكان علي إن اعمل وارمي بكل أحلامي في سلة الأوساخ, وهكذا فعلت, أنا ألان تقريبا احصل يوميا على خمسة عشرة إلف دينار كمعدل, واعمل من الصباح الباكر الى الظهيرة, فاشتري حاجات البيت وأوفر ثمن النفط والإيجار واشتراك المولدة, وادفع إقساط الثلاجة والتلفزيون, ومن بعضها اجمع مبلغا لاشتري أيضا علاج والدتي المريضة بالسكر والضغط والربو, وكذلك أسد بها المتطلبات الاجتماعية للعائلة, من حضور إعراس او مأتم, كل هذا أحققه من بركة عربة الحمالة التي هي سر حفظ كرامتي, إنا افتخر بعملي ولا اخجل منه, بل افتخر به ما دام عمل شريف ورزق حلال بالجد والتعب, بل اشعر إني أفضل من مئات المسئولين ممن سرقوا أمال الشعب, وهم يتقاضون رواتب خيالية.  

ويقول الشاب محمد : أنا فرح جدا بمهنتي, فانا أولا أساعد الناس وأسهل عليهم أمورهم وثانيا هو أجور من عرق جبيني, فلست مثل الوزراء الفاسدون أو المدراء اللصوص, أني حمال احصل على رزقي من جهدي وخدمتي للناس, ولولا هذه المهنة لهدرت كرامة أهلي, لا اهتم بما يقال من البعض, حول تحقيرهم للمهنة, لكن أنا سعيد بها وهذا الأهم عندي.

ويضيف أبو تقوى : أنا حمال ولا اخجل من عملي, وليس في عمل الحمال عيب أو حرام بل هو خدمة إنسانية مقابل اجر, انه جهد حقيقي ليس فيه غش, وهو أكرم من عمل مدير عام فاسد, يهدر أموال الدولة ويتلاعب بمصير الناس, لكن المشكلة في المجتمع الذي يحتقر الشريف ويكرم اللص, المهم أنا اعتز بنفسي وعملي ولا يهمني كلام من تكلم, بل أرد على كل متقول, فقط أتمنى أن يكون لنا حماية وضمان صحي.    

●اقرب الناس ألي يتحرجون من عملي

يقول أبو محمد من أهالي حي النصر (45سنة) : نعم أنا اعمل حمالا في الشورجة, انقل بضائع الناس الى سياراتهم التي لا يمكنها أن تدخل الأزقة الضيقة هناك, لكن المشكلة التي أعيشها هو استنكار أولادي لعملي, وشعورهم بالدونية من ذكر عملي أمام الآخرين, حتى صارحني ابني الكبير (14سنة) بأنه يريد ترك المدرسة والعمل بدل عني, لأنه لا يريدني أن أكون حمالا للآخرين, لكن رفضت وطالبته بالنجاح والاستمرار في دراسته, نعم المجتمع لا يرحم وينظر لمهنة الحمال بالدونية مع أنها اشرف من مهنة الوزير الفاسد.

التقينا بالمواطن عزيز جاسم ( 32 عام) : أنا من سكنة حي طارق واعمل حملا منذ سبع سنوات في علوة جميلة, فبعد أن توفي والدي كان علي أن اترك الدراسة, فالبيت يحتاج الكثير, فلم أجد وسيلة للعيش الا أن اعمل حمالا, نعم العمل متعب لكن لا وسيلة أخرى للعيش, وعملي يمتد ساعاته من الصباح الباكر السادسة صباحا, الى الثالثة عصرا, والحمد لله ما احصل عليه يسد حاجات أسرتي, لكن أدرك مدى تحرج إخوتي من عملي, فيخجلون من ذكر طبيعة عملي للاخرون, باعتباره عمل مهين! مع انه كان بر الأمان لهم ولكل العائلة بعد وفاة أبي! ولم تتح لي فرصة أفضل, قد نسوا إني أنا من حفظ كرامتهم بعملي هذا, أتمنى أن أجد عمل أفضل, لكن لم أجد الا مهنة الحمال.

ويضيف المواطن رعد. ك: أنا متعب نفسيا من مهنتي كحمال فالمجتمع لا يرحم, كنت اسمع نكات تطلق علي في المناسبات الاجتماعية من قبل بعض الأقارب, فقررت بعدها إن ابتعد عن حضور المناسبات الاجتماعية كي ارفع عن نفسي الحرج, أن المجتمع لا يتفهم أن الحمال مهنة شريفة, وهي أفضل من السرقة أو الدعارة, لكن مجتمعنا يهاجم الشرفاء ويحترم اللصوص, حاولت أن أجد عمل أخر لكن لا يتاح لي غيره.

●مهنة الحمال أكثر نفعا من الشهادة

يقول خالد ألحلفي: أنا خريج كلية الإدارة والاقتصاد قسم سياحة, ولم أجد فرصة للتعيين وحاجات البيت لا تنتظر, بعد أن تعبت من البحث عن العمل, قررت أخيرا الالتحاق بابن عمي لأعمل حمالا في الشورجة, فاشتريت عربة وتحولت من خريجي جامعي الى حمال في السوق, حيث لم تنفعني شهادتي, بل أتحسر على السنين التي ضاعت من عمري وأنا ادرس واتعب مقابل لا شيء,  نعم اخجل من ذكر مهنتي لكن ماذا افعل والبلد يبخل علينا بفرصة عمل محترمة, اعتقد أن الظلم مازال يسيطر على البلد.

أما المواطن جاسم. ص يقول: بعد حصولي على شهادة معهد التكنولوجيا لم أجد فرصة للتوظيف على تحصيلي الدراسي, حاولت كثيرا فلم يفتح لي باب الأمل, وأنا من عائلة فقيرة نعيش في إحدى عشوائيات السدة, عندها قررت أن اعمل حمالا مع ابن جاري الذي نصحني للعمل معه بدل البطالة التي لا تفيد فقلت سيكون عملا مؤقت الى أن احصل على فرصة أفضل وها هي خمس سنوات وأنا حمال, لم تنفعني دراستي في كسب دينار, ومهنة الحمال هي من أنقذتني.   

أما المواطن صادق. م ( يبلغ 28 سنة ) فيقول :منذ أربع سنوات تخرجت من  كلية العلوم قسم الأنواء الجوية, وبقيت انتظر تحقق حلم التعيين سنوات من دون جدوى, فتخصصي قليل الفرص التي تأتي له, ولي زوجة وطفلين ويعيش معي أبي وأمي المسنان, وكلهم ينتظرون مني إن أوفر حاجات البيت , فماذا افعل والبطالة لا تحتمل والحياة ومطالبها تعقدت بشكل كبير, لم أجد حلا لكل مشاكلي الا العمل حمالا في الشورجة, عندي عربة خشبية احمل بها أغراض التجار والمشترين داخل الفروع الضيقة للسوق, والحمد لله احصل على ما يعينني أنا وعائلتي, أنا أراه فرصة جيدة لي خلصتني من سنوات الديون وحفظت كرامتي, أما حلم التعيين لم اعد أفكر به لان نظام التعيين في العراق ينخر به الفساد, فالبكالوريوس لم تنفعني بقدر عربتي.

● المهنة تفتقد للضمان الصحي

التقينا في علوة جميلة بالشاب ضياء وهو يدفع عربة فارغة, فقال: أنا اعمل حمالا وللتو أوصلت بضاعة لسيارة خارج العلوة, الحمد الله عملنا يسد حاجاتنا, فقط أشير لنقطة مهمة أننا نحتاج لضمان صحي, أي أن يوجد كيان نراجعه ويحفظ حقوقنا فعندما نتمرض كيف نعيش ونحن نعيش بالأجر اليومي, وإذا تعرضنا لحادث إثناء العمل فمن يعوضنا, وإذا كان العلاج الصحي مرتفع فمن يساعدنا كي نحصل على الدواء, فإننا نحتاج للضمان الصحي الذي يشكل حماية مهمة لنا, فألان الأمر مخيف جدا, بسبب عدم وجود جهة تتكفل بحمايتنا. 

يقول المواطن أثير الجبوري ( من سكنة منطقة الصدرية) : بحثت كثيرا عن عمل بعد أن أغلق المعمل الذي كنت اعمل فيه, لكن وقعت أسير البطالة لسنتين, فالفرصة لا تأتي الا لذو الحظ العظيم, والحقيقة مللت كثيرا الوضع, فلقد توقفت كل حياتي, كنت سأقبل بأي عمل يتاح لي, عندها كان إمامي خيار أن اعمل حمال في الشورجة, حيث نفرغ شاحنات النقل الى المخازن وبالعكس, عمل متعب وشاق وأيضا يحتاج لتركيز, كي لا تتلف البضائع وهي غذائية دوما, نعم احلم بعمل أفضل وأكثر إيرادا واقل تعبا, ولم أبقى أسير الحلم بل أسعى وان شاء الله أجده, لكن الشيء المهم الذي الفت النظر إليه أن عملنا كحمالين يتضمن بعض المخاطر, لكن عملنا من دون ضمان, فأتمنى آن يكون هناك ضمان صحي للحمالين, فالبعض يتعرض لحوادث أثناء العمل , لكن لا توجد جهة معينة تتابع أمورنا وتدافع عن حقوقنا نحن الحمالين.

ثم التقيت بالاقتصادي ظافر الإبراهيمي ( أدارة أعمال ) فقاالمشاكل.شاكل البلد تنبع من غياب التنظيم, ويجب أن نعترف اليوم, أن هناك فئات مسحوقة تعاني من ضغوطات كبيرة جدا, نتيجة متطلبات الحياة المعقدة وارتفاع الأسعار ومحدودية دخل, ونشخص المشكلة هنا بالحمالين, فلا الدولة تضع حلول للقضاء على الفقر, ولا المنابر والإعلام يشخصون جهة محتاجة كالحمالين كي يحلون مشاكلها ويطالبون بحقوقها, ولا منظمات المجتمع المدني تقوم بدورها في الدفاع عن حقوق الناس, اعتقد اللامبالاة بالكثير من شؤون حياتنا هي السبب, نحتاج الى أشعار الآخرين بمحنة هؤلاء والكتابة عنهم وإيصال صوتهم وبما أني اقتصادي فأشير الى أهمية وضع سقف مناسب للأجور, يتناسب مع أسعار السوق, مع أهمية وجود ضمان اجتماعي لهؤلاء الفقراء من قبل وزارة العمل والرعاية, فتقوم بوضع معلومات كاملة عن هؤلاء كي تحميهم في المستقبل, اليوم نحن محتاجين بشدة الانتقال الى ساحة الفعل بدل التنظير ومجرد الكلام .فمشاكل بلدنا لا متناهية وبالمقابل لا يوجد سعي لتخفيف كم المشاكل.

●أحلام وهموم الحمالين

ويضيف المواطن بشار. ق  ( من سكنة حي الكفاءات) : للان أنا أعيش حزن كبير, فمنذ سنة تقريبا وأنا بهذه المهنة بعد أن تركت الدراسة وإنا في صف الرابع الإعدادي, فعائلتي فقيرة جدا, ولي اخوين بمهنة الحمالين, فقط أنا حاولت أن أكمل تعليمي وكان أبي يكفل مصاريفي, لكن العام الماضي تعرض لحادث دهس أدى الى أن يصبح أبي جليس البيت, وانقطع رزقه بعد أن كان يكسب من بيع الملابس على الرصيف في سوق بغداد الجديدة, وعندها تغيرت حياتي فإخوتي يرفضون فكرت تكفل مصاريفي, والدراسة تحتاج لمصاريف, بالنهاية قررت أن أسير بسيرة إخوتي وأكون حمال في علوة جميلة, مع الاستمرار بالدراسة, وها هي سنة متعبة جدا مرت, نعم ألان اكسب المال وأحاول أن أوفر مبلغ لأنجح  في امتحانات البكلوريا.

أما المواطن وليد.ط ( من سكنة حي المعامل في أطراف بغداد ) يقول : أنا أؤمن بان كل إنسان له مصير محتوم, والفقر مصير محتوم لنا هكذا أدركت في النهاية, وأنا مصيري أن أكون حمالا, فالفقر مصير قبيح يكون معه كل شيء غير جميل, كنت احلم بان أكون طبيبا العلاج أبي وجدتي, الذين طال زمن مرضهم, لكن الفقر لم يمهلني كثيرا على مقاعد الدراسة, فما أن أكملت السادس الابتدائي حتى تم إجباري على العمل حمالا, اجر عربة لنقل بضائع المتسوقين من علوة جميلة, عندما أرى أصدقائي صباحا وهم يحملون كتبهم, ويتجهون لكلياتهم أحس بحسرة كبيرة, وعندما أشاهد الشباب كيف يقضون أوقاتهم, وأنا مكتوب علي جر العربة أتحسر كثيرا, فكل أحلامي تبخرت.

●هجرة أبناء المحافظات والعمل كحمالين في بغداد

التقيت في الباب الشرقي بالمواطن شاكر أبو رغد, فسألته عن مهنته كحمال فقال: أنا من محافظة الديوانية, من قرية تشتغل بالزراعة الشلب, والزراعة في تدهور مما جعلني أعيش تحت خط الفقر لفترة طويلة, والمجتمع لا يرحم والدولة لا تهتم بنا, وبحثت عن عمل في قريتنا والقرى المجاورة, لكن لم احصل على فرصة عمل, وأنا من عائلة غير ميسورين الحال, ولم أكمل تعليمي مثل اغلب شباب القرية, فلجأت الى بغداد طلبا للرزق وهنا وجدت فرصة عمل كحمال في سوق الشورجة , واسكن في غرفة بفندق قريب من مكان عملي أنا وبعض شباب محافظتي, الذين جاء بهم نفس الهم, والحمد لله احصل على رزق مناسب, وأرسل به الى أهلي ليسدوا حاجاتهم, اعتبر الحمالة فرصة مهمة توفرت لي, بعد فترة بطالة طويلة, أما عن الحلم فأتمنى أن أجد عمل في محافظتي لأكون بالقرب من أهلي. 

إما المواطن عبدالله. ا ( يبلغ الثلاثين من العمر ) فقال: أنا من سكنة محافظة السماوة, لم أكمل تعليمي, ولم احصل على عمل جيد داخل محافظتي, فالإعمال قليلة جدا هناك, وتعبت من كثرت الجلوس بالبيت فالبطالة تميت الإنسان, لذا قررت قبل سنة تقريبا الالتحاق بأولاد عمي في بغداد حيث يعملون حمالين تفريغ شاحنات المواد الغذائية في الشورجة, أن مدينة بغداد عالم واسع, وهنا الفرصة كثيرة للعمل والحياة, وانغمست بالعمل كحمال,  نعم هو متعب, لكن بالمقابل احصل على مال وها هو المهم, بدأت أوفر واشتريت غرفة نوم لأني مقبل على زواج . فمهنة الحمالين هي طوق النجاة لي, وأنا سعيد بها الى حد اليوم, طبعا احلم بالأفضل, وان شاء الله أصل الى عمل أفضل .

●المجتمع يحتقر الحمال

يقول المواطن رافد .س ( من سكنة مدينة الصدر ) فقال  : لولا الفقر والحاجة وعدم توفر فرص للعمل لما عملت بهذه المهنة ولسببين أولا لأنها مهنة متعبة ورزقها قليل , وثانيا بسبب نظرة الناس الدونية لمن يعمل بها , فكأنها شتيمة كلمة حمال, وأنا اخفي طبيعة عملي كي لا أكون موضع لسخرية الآخرين, مر علي خمس سنوات وأنا بهذا العمل , لقد تعبت كل هذه السنوات . وأكثر تعبي نفسيا بسبب الناس, احلم أن أجد عمل أخر كي أريح نفسي من الهم.

ويقول المواطن ارشد.ك : مجتمعنا لا يتفهم ولا يرحم, فلولا الحاجة لما عمل الحمال حمالا, بل كان اختار عمل أفضل, لكنه القدر السيئ هو الذي يجبر البعض للعمل بهذه المهن التي يحتقرها المجتمع, في احد المرات كنت فيعرس وحاول احد الأقارب الإساءة لمهنة الحمالين والقصد الإساءة لي فتشاجرت معه وضربته وخرجت من العرس, البعض يريدان يشعرني بالعار فقط لأني حمال.

●أهمية تشريع قانون رواتب تقاعدية للحمالين

ويقول ماجد الكتاني : من حق كل مواطن عراقي كبير في السن إن يحصل على راتب يساعده, اعتقد المهن المتعبة للعمال, ولا تحمل ضمان ولا تقاعد, مثل الحمالين, فإذا كبر بالسن ذلك الحمال فمن أين يأتي بالمال لسد حاجاته,هل يستجدي؟ هكذا تخطط الحكومات لمستقبل كبار السن في العراق من الطبقة الفقيرة, في قوته حمال وفي هرمه شحات, أن البلد تحكمه نخبة فاسد لا ترى ما يحصل من ظلم كبير لملايين الناس, عسى أن يفرجها الله علينا قريبا, والحل للفقراء برواتب تحفظ كرامتهم.

يضيف المواطن خالد عبد (من سكنة مدينة الصدر) : الفقر هو اكبر خطيئة قامت بها الحكومات, حيث تسببت بتفاقم الفقر من دون أن تدفع جهدها نحو حل مشاكل الناس, لي جار أتعبته هذه المهنة كثيرا ,وله عائلة كبيرة فقط هو معيلها , لكنه ألان مريض وكبير بالسن ولا يقوى على الاستمرار بها , لكن كيف يعيش ؟ هنا تأتي مأساة مهنة الحمالين فلا تقاعد لهذه المهنة! فمن تمثل له قوت يومه كيف سيعيش أن أصبح غير قادر على العمل ؟هنا أتمنى من النقابات ووزارة العمل أن تسن قانون تقاعد لمن يعمل بهذه الحرف كي تحفظ كرامة الإنسان في سن الشيخوخة كي لا نرى صور التسول طلبا لسد حاجات عوائلهم .

في الختام:

 المطلب الأهم في الموضوع هو عمل رواتب مناسبة لكبار السن في العراق جميعا خصوصا من الطبقة الفقيرة, كي نحفظ كرامة كبار السن, فلو يشرع قانون لكل من لا راتب له إذا بلغ الستون يتحصل مباشرة على راتب تقاعدي يحفظ ماء وجهه, هذا الأمر أجده أساسي لتحقيق العدل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اسعد عبدالله عبدعلي

كاتب وأعلامي عراقي

الايميل الدائم / [email protected]