‏‏Image title

هل تعرفون فريق ميديتيلاند الدانماركي ؟؟ لربما اقصي معلوماتنا ومعرفتنا عن هذا النادي انه ذاك النادي الذي هزم مانشستر يونايتد بالدانمارك وبلقاء العودة بالاولدترافورد تالق الصغير راشفورد وكانت شهادة ميلاد نجم صاعد بكرة القدم

‏ولربما المطلعين اكثر سيقولون انه ذلك الفريق الذي اتي منه اللاعب المتالق بيوني سيستو لاعب سيلتا فيجو حاليا - انتقل لهم بالصيف الحالي - والذي هو مطمع للاندية الكبري

‏لكن لنقرا عن هذا النادي وسياساته الغريبة والفريدة :


نادي FC Midtjylland الدنماركي الصغير يتخذ تجربة فريدة بكرة القدم ، انه يعتمد علي التحليل الاحصائي في مركز عملياته وبالتعاقدات مع اللاعبين وتقييم اللقاءات

‏لنري الان كيف يعمل هذا النادي معتمدا علي البيانات لا البشر !!

‏من الصعب الان العثور علي نادي اكثر اثارة للاهتمام بعالم كرة القدم اكثر من نادي افي سي ميديتيلاند FC Midtjylland الدنماركي .

‏ اذا كنت غير مقتنع بهذا فما عليك الا ان تقضي بعض الوقت متحدثا مع راسموس انكرسون Rasmus Ankersen رئيس النادي والبالغ من العمر 32 عاما .


‏بعد دقيقتين من حديثك معه ، سيعرفك علي الخطط الكبيرة للنادي بحماس كبير ، وبعد 5 دقائق سوف يشاركك افكار اكثر اثارة للاهتمام من معضم المديرين التنفيذيين بكرة القدم ، وبعد 50 دقيقة سيضهر بوضوح ان نادي افي سي ميديتيلاند ليس فقط مجرد نادي كرة قدم بل انه معمل ومختبر لتجربة راديكالية .

‏ التجربة - كما ذكرها الرئيس انكرسون بحوار استمر 80 دقيقة - هي اختبار لفرضية ممكن تنجح بكرة القدم اعتمادا علي التحليل الاحصائي للعبة ، وهنا عملية صنع القرارات العاطفية والغير منطقية والغير موضوعية لا مكان لها وتستبدل بالمنهج والطريقة العلمية ، وبهذا ممكن تمنح نادي صغير ميزة تنافسية ضد المنافسين الاكبر والاغني .

‏" نحن نعتقد ان التحليل الدقيق للبيانات حول الدوريات والمباريات والفرق واللاعبين يمكنها ان تمنحنا ميزة " هكذا يقول انكرسون
‏الكثير من الخبراء الان يقولون ان كرة القدم تذهب الي ان تكون" ثورة ارقام و بيانات" لكن انكرسون يقول :

‏" التطور المستند علي التحليل البياني الاحصائي ما زال محدودا ، انها ليست ثورة بل هي اقرب للتطور التدريجي ، الثورة يجب ان تاتي من القمة حيث ان الرئيس يجب ايضا ان يكون محلل للبيانات وليس بعض الاشخاص بالنادي وحدهم"

Image title

 

 ‏لا تقنن بعشوائية !!
‏بعد 9 اشهر من تولي انكرسون قيادة النادي فانه سرعان ما بدت المؤشرات الايجابية ، انكرسون ومحللي البيانات بالنادي تركوا بصمة واضحة للغاية في جميع انحاء النادي الدنماركي . لاعبين تم التوقيع معهم حيث الارقام ساعدت بالتعرف علي انهم مظلومين كرويا ، تقييمات المدربين للمباريات يكون عن طريقة ارقام رياضية صرفة عبر موظفي النادي ، الركلات الحرة الان اصبحت شيئا مشروع علمي حيث شهريا تعقد اجتماعات بين المدرب واللاعبين وانكرسون ومستشارين خارجيين في بعض الاحيان للتدرب علي التسجيل من الركلات الحرة ولا عجب ان تعرف انه احيانا يسجل نادي ميديتيلاند 4 اهداف من ركلات حرة كما حدث مؤخرا باحد لقاءات الدوري .

‏الاسترايتيجية تظهر الان بصورة رائعة حيث نادي ميديتيلاند اصبح من ضمن افضل اندية الدوري الدانماركي واصبح منافس شرس للعمالقة افي سي كوبنهاجن FC Copenhagen و نورشيلاند .

‏لك ان تتخيل انه معدل تسجيل فريق ميديتيلاند من الكرات الثابتة هو هدف لكل لقاء وهو اعلي معدل باوروبا !!
‏ ولكن رغم ان الفريق ضمن متصدري الدوري ويحرز كثيرا جدا من الضربات الثابتة - ميديتيلاند احرز 4 اهداف من ركلات ثابتة في لقاء واحد وتكرر ذلك في 3 لقاءات اخري - لكن انكرسون له راي اخر :

‏" لا تقنن بعشوائية ، تسجيلنا ل 4 اهداف من ضربات ثابتة بلقاء واحد وتكرر ذلك ب 3 لقاءات اخري هو شئ جيد ورائع ومثير للاعجاب لكنه غير مستدام ، لان الكثير من النجاح هنا به جزء كبير من الحظ ،وقيادة النادي الجديدة تعهدت علي عدم الحكم علي اداء الفريق عبرطرق مبتذلة وغير دقيقة مثل جدول الدوري ونحن لدينا معاييرنا التي نحكم من خلالها"

‏" دائما اقول للمدربين واللاعبين لا اعتقد اننا نكون في حالة جيدة حينما يقول جدول الدوري ذلك ، بل عندما يقول نموذجنا اننا بحالة جيدة"


‏الرهان علي العلم بكرة القدم

‏التجربة الثورية هنا بدات بالصيف قبل الماضي ، عندما اشتري الانجليزي Matthew Benham - والمراهن الكبير بتويتر - حصة اغلبية في نادي اف سي ميديتيلاند الشبه مفلس حينها ، وكان بنهام قد حقق ثروة كبيرة جدا بفوزه علي المراهنون الرياضيون باستخدام التحليل الاحصائي .

‏في عام 2012 اشتري بنهام نادي برينتيفورد Brentford بانجلترا - القابع بالدرجة الثانية بانجلترا - وهو النادي الذي كان يشجعه منذ الطفولة ، وليعرف ما اذا كان نموذج التحليل البياني ممكن يثبت نفسه بالادارة الفعلية لاندية كرة القدم ، فمنذ تولي بنهام لبيرنتيفورد ، النادي صعد للشامبيونشيب بانجلترا وهو الان ينافس علي الصعود للبريميرليج .

‏انكرسون اصبح صديق لبنهام بعد قراءة كتابه الفريد :" التعرف علي المواهب الرياضية وتنميتها " .
‏انكرسون كان يعرف نادي ميديتيلاند جيدا حيث كان قد لعب له وهو شاب ، وبدا يدرب بعد اصابة تعرض لها في اول مباراة له مع الكبار والتي قضت علي مسيرته كلاعب .

‏ بنهام اشتري نادي ميديتيلاند وعين انكرسون كرئيس للنادي ، الرئيس كنت رسالته واضحة للمرؤوسين : القرارات قصيرة اوطويلة المدي لن يتم اتخاذها بالطريقة التي يتم اتخاذها الان ، بل بطريقة سببية تحليلية يكون بها فريق نموذج بكرة القدم الاوروبية مستوحاة من نموذج بنهام والذي سمح له بالتغلب علي اعتي المراهنين واصبح غنيا بما فيه الكفاية لشراء 2 من الاندية المحترفة بكرة القدم بانجلترا والدانمارك .

‏كيف تتفاعل منظومة نادي ميديتيلاند ؟ يقول انكرسون :

‏" صدمة خفيفة ، لقد تمكنا من عمل تغيير جذري بمنهج اكثر قبولا"

‏" اذا كنت لا تملك المال فيجب ان تستمع الي الناس الذين يمكنهم ان يمنحوك المال ورغم اننا لم نتكيف كلية مع النموذج الجديد بعد ، لكني اقول دوما للمدربين ثقوا بتموذجنا ، لو كانت طريقتنا بالتفكير غبية لما كان بنهام يمتلك الان ناديين لكرة القدم بانجلترا والدانمارك"



‏Tim Sparv ، ليس كل النجوم ينتدبون عبر الاحصائيات !!

‏ العيد من افكار وخطط انكرسون وبنهام لم تنفذ بعد ، يقول انكرسون :

‏" من المهم الا نعمل صدمة حادة جدا"

‏لكن الطريقة الكمية بنادي ميديتيلاند اثرت بالفعل علي العديد من القرارات داخل وخارج الميدان ، واحدة منها كان قرار شراء متوسط الميدان الدفاعي الفنلندي TimSparv تيم سبارف والذي استند قرار ضمه علي نموذج التقييم لناديه السابق Greuther Fürth جروثر فيورث الالماني ، يقول انكرسون :
‏" انتداب سبارف هو تطبيق لسياسة ليس كل النجوم ينتدبون عبر الاحصائيات ، فسبارف لا يحمل ارقام مذهلة للاعبين في مركزه مثل الفوز بالنزاعات واعتراض الكرات وتكسير الهجمات لكن بحالة سبارف ادارة النادي تعتقد انها جيدة"

‏" لدينا لاعب خط وسط مدافع اخر بالفريق وهو اللاعب Izzuna ايزونا وهو لاعب مثير للاعجاب ، قوي جدا ورياضي ويقوم بالكثير من اعتراض الكرات ومدربي الخصوم غالبا يهابون ما يفعل ، اما سبارف فهو لا يملك هذه الصفات لكن نحن نري ان تمركزه عظيم ويري المشاكل قبل حدوثها لذا هو لا يحتاج لعمل تاكلنج او للجري كما يفعل متوسطي الميدان الاخرين"
‏سبارف تم انتدابه لنادي ميديتيلاند من ناديGreuther Fürth جروثر فيورث الالماني والذي كان بدوري الاضواء البوندسليجا لكنه هبط للدرجة الثانية ، يقول انكرسون :

‏" نموذجنا يقول ان فريق جروثر فيورث الموسم الماضي لديه ما يكفي للعب بالبريميرليج ، ونموذجنا يرتب جميع فرق اوروبا كما لو كانوا في فريق واحد ، ورغم ان جروثر

‏ لم يلعب بالبريميرليج لكنه واجه هامبورج الذي واجه بايرن ميونيخ الذي واجه مانشستر سيتي بالشامبيونزليجا والذي بدوره واجه بقية فريق البريميرليج".

‏ نموذج فريق ميدينيلاند له طريقة مختلفة بتقييم الفرق والمسابقات فهو لا يعترف بوجود فارق كبير بين البريميرليج والشامبيونشيب مثلا ، وبين الدوريات الاكثر شهرة والدوريات الاقل شهرة ، لذا عند تقييم جروثر فيورث واخذ تقييم عالي تم النظر لاكثر اللاعبين ظهورا ومشاركة بالفريق لضمه وكان توم سبارف الفنلندي .

‏سافر انكرسون لاسبانيا للاجتماع مع لاعب يلعب بفريق بالدرجات الدنيا Segunda Division ، وبناءا علي النموذج فرغم ان اللاعب يلعب لفريق بالدرجات الدنيا لكنه اقوي بكثير من موقفه الحالي ، يقول انكرسون :

‏" انا لست ذاهبا لاشاهده يلعب فنحن نعرفه جيدا ، انا ذاهب لاقناعه بالانتقال للدانمارك" .



‏قواعد جديدة : الكشافة لا يمكن ان يشاهدوا اللقاءات المباشرة

‏ وهذه واحدة من القواعد المتبعة بالنادي الدنماركي : لا تصدق عينيك ، يقول انكرسون :

‏" ككشافة ، لقاء واحد لا يخبرك بكل شئ ، اذا انت بنيت رايك من خلال حضور عدد قليل من اللقاءات للاعب فسيتم طمس الرؤية الخاصة بك ، لان هذا عينة صغيرة ونحن نثق ونعتقد ان الاكثر فعالية هو رؤية الكثير من المباريات بالفيديو"

‏ " كشافتنا تقوم بعمل مختلف ، ونحن نقول لهم ان وظيفتك ليس ان تقول ان هذا اللاعب جيد او لا فنحن نعرف هذا بالفعل ، فوظيفة الكشافة ان تعرف ما اذا كان اللاعب لائقا من وجهة نظر شخصية ونفسية"

‏ومع ثورة البيانات ، والتغييرات الجذرية بعملية التوظيف والتعاقدات ، فان النادي يعمل بشكل مختلف للغاية مع اللاعبين الموجودين بالفعل داخله ، فانكرسون وبنهام يعتقدون ان اللاعبين يمكنهم ان يتدربوا بصورة اكبر واكثر فعالية مما هم عليه الان : يقول انكرسون :

‏" لاعبي الجولف مثال ، لاعبي الجولف يمارسون التدريبات علي الswing يوميا ، فلماذا لايفعل ذلك لاعبو كرة القدم "

‏ نادي ميديتيلاند يدرب اللاعبين دوما علي الكرات الثابتة ومنذ شراء بنهام/انكرسون للنادي فسمعة النادي بالدانمارك انه الاكثر اهتماما واستغلالا للكرات الثابتة ونادي ميديتيلاند يرون ان الكرات الثابتة تهدي اهدافا سهلة ورخيصة وكرة القدم عموما لا تستغل الكرات الثابتة .
‏الكرات الثابتة يتم مناقشتها بالتدريبات وبالاجتماع الشهري الرسمي مع انكرسون والمدربين و 3 من اللاعبين الحاليين واحيانا يتم جلب خبير خارجي للتعليق ، يقول انكرسون : " لقد تم جلب لاعب كرة القدم امريكي سابق من NFL للتعليق".

‏هذه المحفزات لها تاثير واضح علي ارضية الملعب ، فباحد اللقاءات ضد فريق Esbjerg اسبيرج ، مساعد المدرب Brian Priske - والمسؤول عن الكرات الثابتة - كان يقوم من علي مقاعد البدلاء لارشاد اللاعبين كلما تحصل او استقبل ميديتيلاند كرات ثابتة وهو منظر غير معتاد بالرياضة حيث المعتاد ان المدرب فقط هو من يقوم من علي مقاعد البدلاء .

‏لاعبو ميديتيلاند لهم تكتيك معين عند تنفيذ الضربات الحرة ، وباول ركلة تم تنفيذها بسوء من اللاعب لكن الثانية كانت هدفا وبعدها انتهي هذا اللقاء 3:0 لميديتيلاند وباللقاء التالي بعدها ب 5 ايام انتصر ميديتيلاند علي فريق Randers FC بهدف بالدقيقة 88 عبر كرة ثابتة .
‏الان هم وصلوا للهدف المحدد للنادي وهو مرحلة المجموعات من اليوروباليجا جنبا الي جنب مع سياسة انتقالات ذكية واستراتيجية افضل للتسويق


‏لا للبشر

‏هل سيعمل هذا النهج الجديد؟

‏من الواضح ان انكرسون يثق بافكاره ، يقول :

‏" لا يوجد نموذج مثالي ، سنواجه الفشل وسنرتكب الاخطاء ولكننا علي ثقة انه النموج الافضل واذا تشبثنا به فاننا سنقوم باخطاء اقل من الاندية الاخري "

‏انكرسون يامل من خلال هذا التفكير ان يتغلب علي اكبر واغني اندية البلاد وهو تفكير ليس مختلف قليلا بل مختلف بصورة جذرية ، يقول :

‏" لقد بنينا النادي علي سؤال : كيف يمكن ان يكون نادي كرة القدم دون عين واذن بشرية ، بالطبع انت بحاجة للبشر لكن ان قلنا بالبداية انه سيكون مزيجا بين الاحصائيات والبشر فانه لن يكون جذريا بما فيه الكفاية لاحداث التغيير المرجو "


كتابة : ⁦‪@ESLAM_BIGCITY‬⁩