التشاؤم ليس ترفا فكريا ، ولا نظرة سوداوية ، ولكن محاولة جادة لفهم الحياة .
لا يمكن أن تفهم الحياة الا من منظور التشاؤم ، وبالتالي لا يمكن تقبلها الا من هذا المنظور ..
في هذه الحياة كثيرا ما يصدق التشاؤم ، بينما يقودك التفاؤل إلى الحزن .
ديل كارينجي الذي وردت كلمة التفاؤل في كتبه آلاف المرات ، وصاحب كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" .. مات منتحرا ، واميل سيوران رسول التشاؤم في القرن العشرين وصاحب كتاب "مساوئ أن تُولد" مات بعد أن عُمر تسعين سنة .
يقول سيوران " لا ينتحر إلا المتفائلون ، المتفائلون الذين لم يعودوا قادرين على الاستمرار في التفاؤل " .
بحسب رأي سيوران إن أبعد الناس عن فكرة الانتحار هم أمثاله من المتشككين المتشائمين، فإذا كانوا بالأساس لا يملكون دافعًا للحياة، فأي دافع عساه يدعوهم إلى الموت؟.
كان سيوران صاحب نكتة ، وكان بشوش الوجه ، ولا يرى إلا ضاحكا ، رغم فلسفته التي تعج بالكآبة والعدمية ، وهذا لا يعني أنه لا يطبق آراءه على واقعه ، بل العكس هو يطبقها بإتقان.
عندما نفقد بواعث الأمل في هذه الحياة لا يتبقى لنا إلا السخرية منها والضحك عليها ، والملل هذا الشيء القاتل ، لن يتسرب إلى نفس تعج بالتشاؤم والمرارة .
أما القراءة في كتب المتشائمين والمتشككين فهي راحة وحافز للحياة ، يرى توماس مان أن "كل كتاب جيد ضد الحياة هو حث على العيش" ، ويقول سيوران : كلما قرأت كلام المتشائمين أحببت الحياة أكثر" .. إنها الكآبة التي تملؤك بالحياة .