وسط حلقات الصراع الإقليمي، والتوترات الدولية , وتقاطع مصالح الدول الكبرى ؛ بالإضافة الى الهيمنة الامريكية والبريطانية , والخروقات الامنية وعلى امتداد الحدود العراقية , والتآمر والخيانة والعمالة الداخلية , والحملات الاعلامية الكبيرة والواسعة للفضائيات المشبوهة ومنابر الفتنة والتفرقة والطائفية ومواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الشبكة العنكبوتية الصدامية والبعثية والارهابية ... ؛ ناهيك عن انشغال حمقى الشيعة و مرتزقة الاغلبية بمصالحهم الشخصية والعائلية والفئوية والحزبية ... الخ ؛ يعيش العراق تحديات كبيرة وخطيرة ... .
وبما ان التجربة السياسية الحالية وبكل ما رافقها من اخطاء وخروقات وتدخلات خارجية ؛ لا تقاس بجحيم الحكومات الطائفية العميلة والتي حكمت العراق ولمدة 83 عاما ؛ وانها حققت بعض المكاسب البسيطة للأغلبية العراقية واغلقت ابواب العراق بوجه العديد من الدول التي كانت تسرق ثروات العراقيين الجنوبيين باسم العروبة والقضية الفلسطينية وغيرها من الذرائع الباطلة ؛ وبدلا من ذلك عملت بعض الحكومات والشخصيات السياسية على تحويل تلك الاموال الطائلة والتي كانت تنفق على حروب الوكالة والنيابة وعلى مرتزقة وشذاذ البلدان العربية والمافيات الدولية الى الداخل العراقي ؛ حيث بلغ عدد الذين يتقاضون رواتب من الحكومة العراقية 10 مليون مواطن عراقي وتعتبر هذه النسبة الاكبر عالميا , وغير ذلك الكثير من الانجازات التي ما كانت تتحقق لولا جهود وتضحيات احرار وابطال الاغلبية العراقية ؛ لذلك شكلت هذه التجربة الديمقراطية ومشاركة الاغلبية العراقية في الحكم وبصورة فاعلة وليست صورية برغم العوائق والموانع والعراقيل المعروفة والمؤامرات المكشوفة ضدها ؛ خطرا على ايتام واعوان وانصار النظام الصدامي والبعثي , وكذلك بعض الانظمة العربية والدول المجاورة ؛ بالإضافة الى امتعاض الساسة الانكليز وعدم مباركتهم لهذه العملية السياسية ومعارضتهم لها جملة وتفصيلا .
فضلا عن ان الامريكان ليس لهم امان مطلقا ؛ ولعل تجربة رجوع حركة طالبان الارهابية لحكم افغانستان والسيطرة عليها وتخلي الامريكان عن اصدقاءهم والمتحالفين معهم , وعن شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان هناك ؛ من اوضح الادلة على ذلك .
ناهيك عن التآمر الكويتي المستمر ضد العراق والمدعوم بريطانيا ؛ و دفع البعض باتجاه خلق دولة كردية انفصالية او متمردة لتكون شوكة في خاصرة العراق ... ؛ واستعداد وتهيء الاعداء وشراذم ومجرمي الفئة الهجينة لأخذ الثارات وارتكاب المزيد من المجازر والمذابح والاعدامات والتهجير والتطهير العرقي والطائفي بحق ابناء الاغلبية والامة العراقية الاصيلة .
وان استمر الحال بهذا الشكل المنكوس والتآمر الواضح ؛ فلابد من اتخاذ قرارات سريعة ومصيرية من قبل قادة واحرار وجماهير الاغلبية والامة العراقية ؛ ولا يفهم من كلامي هذا اني اؤيد حكم بعض ( الغمان والثولان والمخانيث والخريه ) او ادعم الشخصيات الفاسدة والجبانة والفاشلة من المحسوبين على الاغلبية العراقية ويشهد الله على انهم من ألد الخصام ومن اقذر العملاء وارخص المرتزقة .
نعم انا مع تغيير الحكومات ولكن بشروط اساسية ورئيسية ومهمة ؛ ومنها : ان تكون دائرة التغيير محصورة بالأغلبية العراقية الاصيلة – بغض النظر عن كون الحكومة ليبرالية او اشتراكية او اسلامية ... الخ - كما كانت محصورة ضمن ابناء الفئة الهجينة لمدة 83 وفي العهدين الملكي والجمهوري ؛ بالإضافة الى زيادة استحقاقات ومكاسب الاغلبية العراقية وحماية وجودهم ومصالحهم وضمان حريتهم وكرامتهم , وتقليل امتيازات الاجانب والدخلاء والغرباء والعملاء ؛ اما اذا اراد الاعداء قلب الطاولة وتغيير المعادلة وبصورة جذرية ؛ عندها لابد من اتخاذ القرارات الثورية المصيرية ؛ ومنها : تحييد كافة القادة والمسؤولين والموظفين المرتبطين بالأمريكان والانكليز والدول والمخابرات المعادية والتركيز على البعثية والارهابيين والطائفيين والانفصاليين ؛ وكذلك ملاحقة ورصد تحركات الاقلام المأجورة والابواق الاعلامية والفضائيات المنكوسة والجيوش الالكترونية المشبوهة في الداخل والخارج , والاهم من ذلك كله الاسراع بإبرام الاتفاقيات الامنية والعسكرية مع الصين و روسيا وايران وسوريا وغيرها , وتقوية الحشد الشعبي والفصائل المسلحة الاسلامية وغيرها , وتوحيد الصف الشيعي وتطهيره من الخونة وعملاء الاعداء بالإضافة الى كسب ود ابناء الطائفة السنية الكريمة من العراقيين الاصلاء والتحالف معهم وتشكيل جبهة وطنية تضم كل مكونات الامة العراقية ... ؛ وان استنفذت كل الحلول فأخر العلاج الكي كما يقول العرب ؛ عندها يجب الذهاب الى اعلان الحرب على كافة مصالح ومقرات وسفارات الاعداء في العراق وتخريب وتفجير كافة الابار النفطية والغازية والمصالح الاستعمارية .
قطعا سوف يستغرب القارئ العربي من هذه الدعوة ؛ ومن هذه الافكار التي تتقاطع مع افكاري في الدعوة الى الدولة المدنية ومشروع احياء الامة العراقية واحترام الحريات العامة والخاصة وصيانة حقوق الانسان ... الخ ؛ الا ان للظروف احكام والسياسة والواقع شيء و والتطلعات الثورية والمشاريع الفكرية والثقافة شيء اخر ؛ ولعل المثل العراقي الشعبي ينطبق على حالتنا هذه : (( يردس حيل الما شايفها ... والشايفها يشد عمامه ) ... ؛ فأنا هنا لا اتكلم عن تجربة سياسية ديمقراطية ثابتة ومستقرة , والكل يسعى من خلالها الى اصلاح الاخطاء بالطرق السلمية والدعوات السياسية والثقافية والفكرية الواعية , والسير نحو الاصلاح والتنمية بخطى ثابتة ومتتالية حتى وان كانت بطيئة ... الخ ؛ انا هنا اعيش هاجس عودة المقابر الجماعية والمسالخ البشرية والاعدامات بالجملة والانتكاسات والازمات والمجاعات والحروب الرهيبة والمعارك المرعبة المستمرة والسجون والمعتقلات وتكميم الافواه وقمع الحريات ومصادرة الاموال والممتلكات ... الخ ؛ فأنا اعلم علم اليقين ان الاعداء واتباع الخط المنكوس لا يريدون لنا الخير مطلقا ؛ وكل التغييرات السياسية التي يسعون لتحقيقها هي ضد مصالح العراق والاغلبية والامة العراقية ولعل التجارب السياسية والانقلابات العسكرية في التاريخ العراقي المعاصر من اوضح البراهين على ما ذهبنا اليه ؛ وبما ان بعض الشر اهون رضينا بهذه الحالة السياسية الحالية املا بعلاجها مستقبلا ؛ ولكن مع مجيء العصابات والمافيات البعثية والصدامية وذباحة وقتلة الفئة الهجينة تتغير الاوضاع وتنقلب الاحوال ونرجع قرون الى الوراء , وعندها ينطبق علينا المثل العربي : (( ولات حين مندم ) ؛ و نرجع الى ( نفس الطاس ونفس الحمام ) ؛ اذ يصبح العراقي الاصيل مواطن من الدرجة العاشرة بينما يسرح ويمرح الاجانب والغرباء والدخلاء في العراق ويتحكمون بنا كيفما يشاؤون ... الخ .
فعندما يتوجس احرار العراق خيفة من تغيير المعادلة السياسية وافشال التجربة الديمقراطية ؛ لا لأجل عيون الساسة والاحزاب الفاشلة والفاسدة والعوائل المنكوسة ؛ وانما بسبب الخوف من القادم الأسوء ؛ الذي قد يجيء إلينا مع العملاء الجدد الذين يتجمعون هذه الأيام في لندن و واشنطن وبعض العواصم الاوربية والعربية ، ويتفاهمون ويتحالفون استعدادا لارتكاب المزيد من التخريب والتدمير واحداث البلبلة وافتعال الازمات والمسرحيات السياسية المشبوهة والمنكوسة ... .
نعم لا يمكن التعويل على الامريكان والبريطانيين في حفظ العملية السياسية وصيانة التجربة الديمقراطية وتقديم العون للأغلبية والامة العراقية والعمل معا على اصلاح التجربة السياسية من الداخل وتحقيق مطالب الشعب في الاستقرار والحرية والتنمية والازدهار ومحاربة واقصاء البعثيين المجرمين والطائفيين الارهابيين ؛ ولكن لابد لنا من التعامل معهم ومحاولة التوصل الى حلول منصفة وعادلة تحفظ دماء ومصالح الاغلبية والامة العراقية ؛ فأن غدروا كما هي عادتهم ؛ فلابد عندها من اتباع الخطوات المذكورة اعلاها ؛ فأحيانا تحتاج معالجة الامراض الخطيرة الى اجراء عمليات جراحية مؤلمة ؛ ولكل شيء ضريبة .
وفي المقابل اني ارى أن التعويل الرئيسي على نجاة العراق واصلاح التجربة الديمقراطية والعملية السياسية ؛ يكمن في احياء الروح الوطنية وانبثاق مشروع الامة العراقية وتوحيد الصفوف الداخلية وتوعية الجماهير ورفع مستويات الوعي السياسي والحضاري لديها وبث روح العمل والابداع والتحدي والاصلاح والمشاركة في الشخصية العراقية , والشروع بتطهير وزارة الدفاع والداخلية والاجهزة الامنية من كافة العناصر العميلة والفاسدة ؛ بالإضافة الى تزويد تلك الوزارات بأحدث المعدات والتقنيات العسكرية والامنية لمواجهة التحديات والمخاطر الخارجية والداخلية .