أمريكا والوجوه المتعددة وأحسنها قبيح !...

رحيم الخالدي

يستعمل الفنانين رسم كاريكاتيري، يعبر عن شخصيتين فقط، الوجه الضاحك وله إسمٌ فني، ويسمى بالكوميديا، والوجه الباكي، يسمى التراجيديا، وليس لهم غير هذين الوجهين، وهذا شائع في الوسط الفني العالمي، وفي خلف الكواليس هنالك أدوار كثيرة، ولهم أعمال متعددة، وعليهم إظهار الشخصية كما موجود في الدور الذي يؤديه الممثل، وهذان التعبيران يختصان بالمسرح فقط، التي تعمل عليها شخصيات تؤدي أدوارها ممثلين يجيدون الدور، ولكن مع تطور السينما ظهرت أسماء كثيرة، وأشهر اسم يسمى "الأكشن"، وهذا لاقى رواجاً كبيراً بين الأوساط الفنية، وتربع على عرش أعلى الواردات، في شبّاك التذاكر، بينما الفن المسرحي لا يهمه شيء سوى إيصال الفكرة، ووارداته لا تصل لربع واردات الأكشن.

دأبت أمريكا بسياستها في الشرق الأوسط للسيطرة على مقدرات الشعوب، وبأدواتها إستطاعت تغيير الخارطة حسب نظريتها السياسية، أنه يجب أن تكون لهم قاعدة في كل مكان، وأول قاعدة في أفغانستان من خلال إنشاء تنظيم القاعدة، وإمدادهم بالسلاح والمال والفتاوى، بذلك إستطاعوا إخراج روسيا منها، ولكن هذا التنظيم بقي رهن الإشارة، وبذريعة أسلحة الدمار الشامل بعد إحتراق ورقة صدام، بعد أن خدمهم كل السنين المنصرمة، تم إحتلال العراق! وإستمر إحتلاله لمدة ليست بالطويلة، وعندما بدأت الأمور تأخذ طريقها للإعمار، ظهر هذا التنظيم بحجة طرد المحتل! ولا أعرف كيف يتم طرده من قبل الأفغان والشيشان، وكل من تواجد في العراق بتلك الحجة، ليست لهم علاقة بالعراق أصلاً ؟.

رفض العراق إقامة قواعد عسكرية لم يرق للمحتل، وبحسب قرارات الأمم المتحدة تم عقد إتفاق أمني، ليكون بموجبه الحماية الأمريكية للعراق، لأنه في طور التكوين وتم حل كل المؤسسات العسكرية بقرار أمريكي، وتكون الحماية لحين تمكين جيش مسلح قادر على حماية بلده، لكن الذي جرى هو تنصل أمريكا من تعهداتها، مما حدا بهم تجنيد أولائك الإرهابيين من جديد، ليدخلوا الموصل ويكونوا تنظيم جديد بأسم الدولة الإسلامية! وكل فتاويها مستوردة من المملكة السعودية، التي لم تألوا جهداً بتغذية هذه الجماعات بالأموال والسلاح والأمور اللوجستية، وما يثير الفضول أن أمريكا وبكل تكنولوجيتها لم تستطع حسب إدعائها أن ترى الإرهابيين! وهم يدخلون الموصل ويحتلونها، ويستبيحون كل شيء مع الإستحواذ على كل تلك المعدات، وظهرت على القنوات الإعلامية تلك الأعذار، أن العراق لم يطلب المساعدة! ونسوا أنهم مُوَقِّعونْ على إتفاقية .

تحرير الفلوجة وقفت أمريكا بوجهه بكل قوتها! وإشترطت عدم دخول الحشد، وهي بإستطاعتها قتل كل الإرهابيين سواء جمعاً أو فرادى، لكنها تريد الإبقاء على كل الفاعلين، لأنها صرفت عليهم أموالاً طائلة، وأعدادهم إعداداً عسكريا ليس له مثيل، وإنتهت معركة الفلوجة بتحريرها من قبل القوات العراقية، وقُتِلَ كثيرٌ من الإرهابيين، لكن الذين تم تهريبهم خارجها أكثر من الذين بقوا، وإستطاعوا تأمين مكان لهم لمعارك قادمة، ناهيك عن العتاد والسلاح وباقي الأمور اللوجستية، التي تهيئها لهم فهي كثيرة، ومنها إرسال طائرات أمريكية تقوم بإنزال تلك المعدات بالمظلات، وقد تم مشاهدتها أكثر من مرة في سوح المعارك، لكن النصر الذي تحقق كان أكبر من تحدياتهم في العراق، لأن الحشد كان مصمم على طرد الإرهابيين، والإرادة غلبت التخطيط الخبيث .

التدخل في الوقت الحرج ديدن السياسة الأمريكية، واليوم تبرز على الساحة تصريحات على أن الهجوم لا يكون إلاّ بوجودها، بذريعة مساعدة القوات العراقية، وهي التي بالأمس هيأة لهم الجو المناسب لإحتلال الموصل، وترى بعينها كيف سيطر الإرهابيين على المعدات والعربات والعتاد التابع للجيش العراقي، الذي كلّف الميزانية العراقية المليارات، فهي تلعب كل الأدوار، ولا يمكن "حزرها" فَلأِيِّ جانب تقف؟ فمن التصريحات تراها تقف ضد الإرهاب قولاً فقط، ولو كانت صادقة فلماذا تصرِّح علنا على لسان أوباما شخصياً، أنهم ساعدوا الإرهابيين في سوريا، ويدعون أن هذه المجاميع معارضة، فأي معارضة هذه التي تقتل وتفجر وتستولي على مقدرات الشعب ؟ الذي ذاق كل الويلات من هذه المجاميع، التي لا تعرف للرحمة عنوان، وسواء في سوريا أو العراق فهما سيّان .

أمريكا تلعب كل الأدوار، مرّة في العراق، وأخرى في سوريا، وغيرها في ليبيا، وآخرها في اليمن، فقط مصر خرجت من اللعبة! لأمور تخص إسرائيل، وإفلات الأردن والمغرب وتركيا، ليس جديداً ولا مستهجناً لان هذه الدول لها إرتباطٍ مباشر بالصهيونية العالمية، والقيادة الإسرائيلية  تضاف إليها دول الخليج! التي لها علاقات قديمة ومتينة بنفس الوقت، وقد بانت ملامحها، من خلال التصريحات الأخيرة لخاشقجي، الذي وضع على عاتقه إعلانها من دون إستحياء أو خجل، ورموا خلفهم شعار فلسطين عربية، وأبدلوها بــ فلسطين عبرية !.