ينقلك من مكان إلى مكان آخر حول العالم .. يمزج لك ما يدور في الدول من أحداث ومناسبات .. يعطينا فكرة عن المجتمعات المختلفة وما يدور بها من قضايا .. إنه بريسكوب التطبيق الجديد لبث الفيديو الحي والذي تم إنشاؤه من قبل شركة تويتر العملاقة مواقع التواصل الإجتماعي وذلك في يوم الخميس 26 يناير 2015م، حيث ذكر الموقع في وصف التطبيق بأنه يتيح للمستخدم بث فيديوهات حية من جميع أقطار العالم وعند بدء البث الحي سيجري إخطار المتابعين على موقع تويتر بالانضمام إلى البث المباشر والتعليق والإعجاب في الوقت الحقيقي. ومن الميزات التي يحتويها التطبيق أنه يسمح للمتابعين إعادة مشاهدة الفيديو خلال مدة لا تتجاوز 24 ساعة، كما يمكن حفظ الفيديو المسجل في الاستديو الخاص بالمستخدم.

وبعد تأسيسه بأربعة أشهر وصل عدد مستخدميه إلى أكثر من 2 مليون مستخدم ويصل حالياً عدد مستخدمي هذا التطبيق زهاء عشرة ملايين مستخدم تقريباً، وذلك فقط بعد سنة ونصف من إنشاءه.

وأعلنت شركة آبل عملاقة الأجهزة الذكية في وقت سابق أن تطبيق تويتر (بريسكوب) قد حصل على أفضل تطبيق لهواتفها عام 2015م.

ويذكر كيفين بيكبور وهو أحد الذين أسسوا تطبيق بريسكوب أن فكرة إنشاء التطبيق بدأت بعد الأحداث السياسية التي حصلت في تركيا وبالذات مظاهرات ميدان تقسيم ضد الحكومة التركية وذلك عام 2013م، حيث لم يكن للمظاهرين فرصة لنقل رأيهم أو وجهة نظرهم للعالم. ويقول كيفين: "بريسكوب يتيح للمستخدمين قطع طريق الرقابة أو جعل إساءة استخدام السلطة مشاهدة ومرئية بشكل مباشر". وقال توني روجر أستاذ علوم الاتصالات والمعلومات من جامعة كاتالونيا المفتوحة: "إن سرعة وسهولة نقل المعلومة عبر الهواتف الذكية والشفافية في النقل الحي، والربط مع موقع تويتر، وإمكانية إدراج تعليقات في حين البث على الهواء مباشرة هي مفاتيح لنجاح هذا التطبيق لإيصال رأي المجتمع حول القضايا السياسية والاجتماعية التي يعانون منها".

وشهد التطبيق انتشاراً واسعاً في الدول العربية وذلك بسبب ازدهار موقع تويتر في المنطقة العربية وخصوصاً في دول الخليج ، لا سيما في السعودية والإمارات والكويت والبحرين إضافة إلى الأردن.

وقد لاقى التطبيق موجة عارمة من النقاش ما بين مؤيد للتطبيق وأهمية وجوده في المنطقة وما بين معارض له. ومن ضمن المعارضين شركات الاتصالات، وهي التي لها تاريخ طويل وسجل حافل بمثل هذه الممارسات، والمتمثلة في حجب بعض التطبيقات، مثل: حجب مكالمات واتساب التي لا زال العديد من مواطني تلك الدول يرون أنها نوع من سيطرة تلك الشركات على وسائل الاتصال والتواصل.

ومن الناحية الاجتماعية يرى العديد من أساتذة علم الاجتماع أن تطبيق (بريسكوب) ساهم بشكل كبير في نشر المعرفة والثقافة بين الشعوب المختلفة، بالإضافة إلى نقل الصورة الحقيقية للحياة في عدة دول حول العالم، ولكن هناك بعض الباحثين الاجتماعيين يرون إلى أن التطبيق خلق عدد من القضايا الاجتماعية السلبية وخاصة على المجتمعات المحافظة ومن ضمنها غياب الرقابة وعدم شعور بعض المستخدمين بالمسؤولية، ففي حديث لمطورة التطبيق جوستين ايسجار حذرت فيه الآباء والأمهات من تطبيق (برييسكوب)، وتصر على أنهم بحاجة إلى مراقبة استخدام أبنائهم للتطبيق لكي لا يستغلون من قبل ضعاف النفوس.

وذكرت أيضاً أن المحتوى المتوفر على التطبيق لا يمكن السيطرة عليه وأن المستخدم بإمكانه أن ينشر ما يريد وبذلك يكون أبناء المجتمع المحافظ عرضةً بشكل كبير لبعض المشاهد الغير مرغوبة أو التي تحتوي على عنف جسدي أو لفظي، فمن الأجدى للآباء والأمهات أن يتابعوا أبناؤهم وما يشاهدونه على هذا التطبيق.

وهناك أمثلة عديدة تبرهن على أن المَشَاهِدْ أو الفيديوهات الحيَّة التي تعرض على التطبيق لا يمكن حجبها، وأنها متاحة للمشاهدة العامة، فيستطيع أي شخص حول العالم مشاهدتها ولربما يقود المشاهدين إلى تطبيق ما يرونه على قنوات البث في هذا التطبيق.

وفي حادثة حصلت مع بداية السنة الميلادية الحالية أقدمت فتاة فرنسية على الانتحار ملقية بنفسها على خط السكة الحديدية أثناء عبور القطار، والسبب أنها تعرضت لعملية اغتصاب ولم تستطع إيصال صوتها إلا بهذه الطريقة. وقد قامت بتوثيق عمليتها على تطبيق (بريسكوب)، حيث قام أحد متابعي الفتاة بإبلاغ الشرطة عن الحادثة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية قامت فتاة ببث مباشر على تطبيق بريسكوب لاغتصاب صديقها لمراهقة تبلغ من العمر 17 سنة. ووفقاً للائحة الاتهام الموجهة إليها، فقد وقع الاعتداء الجنسي في مدينة كولومبوس في شهر فبراير الماضي وعلمت السطات بها من خلال بلاغ تقدم به شخص قال: إنه شاهد البث المباشر لجريمة الاغتصاب على تطبيق بريسكوب.

وفي حادثة أخرى حصلت في المملكة العربية السعودية قامت الجهات الرسمية السعودية بالإطاحة بثلاثة شبان يتعاطون مادة الحشيش المخدر على تطبيق (بريسكوب)، حيث ذكر الخبر والذي نشر في صحية عاجل الإلكترونية أن المديرية العامة لمكافحة المخدرات تصدت لمروج للمواد المخدرة واثنين معه ظهروا جميعاً في برنامج بريسكوب (PERISCOPE) وهم يتعاطون الحشيش بمنطقة الحدود الشمالية وتم القبض عليهم عن طريق معلومات إلكترونية.

وبناءً على الأمثلة السابقة يتبين أن وسائل التواصل الاجتماعي، وبالذات تطبيقات بث الفيديو الحي، من الممكن أن تنشأ بعض السلبيات في المجتمعات المستخدمة لها، وذلك بسبب ما تحويه من معلومات مبنية على قناعات الذي يقوم بالبث بعيداً عن رقابة ومتابعة من قبل الشركة المنشأة للتطبيق. والوطن العربي ليس ببعيد عن مسألة الانفتاح الذي يوفره تطبيق بريسكوب، فمن خلال متابعة بسيطة لعدد من الذين يبثون فيديوهات على بريسكوب وجد أن أكثر المواضيع المطروحة غير مفيدة وبعيدة عن معتقدات وتقاليد المجتمع، ناهيك عن الألفاظ الغير لائقة التي تصدر من الذين يبثون على التطبيق والعبارات الغير مقبولة التي يكتبها المعلقون على الفيديوهات المعروضة، فبعض الألفاظ لا يستطيع المجتمع تقبلها والبعض الآخر مليء بالعنصرية والاحتقار للمجتمعات الأخرى.

لذا على أفراد المجتمعات العربية توخي الحذر في استخدام تطبيقات البث الحي وعلى الجهات الأكاديمية في الوطن العربي أيضاً القيام بدراسات علمية واسعة حول موضوع خطورة ما يعرض في وسائل البث المباشر على الإنترنت، وذلك بسبب قلة الدراسات العربية في هذا المجال وتناقش هذا الموضوع.