خوسي مورينيو أكبر من يورغن كلوب بأربع سنوات فقط لكن في عرف كرة القدم تشعر بأن علاقتهم كأنها مدى الحياة. ففي كفة هنالك مواجهاتهم التكتيكية: فأسلوب كلوب القاسي والمتحمس والعصري في الضغط العالي (أو العكسي) حين واجه ليفربول والسيتي توتنهام هذا الموسم بأسلوب صادم وآخذٍ للأنفاس، شعرنا بأنها كأنها كرة اليوم، أنضج الأفكار تم وضعها في الملعب ضد بعضها البعض. أسلوب مورينيو تقليديٌ أكثر. ولكننا لانصنفه بأنه لايصلح الآن ولكن، مع كلا فريقي المدربين والذين يستعدان للتواجه في الأنفيلد غداً، فهو كالإحساس العام بالضرر الذي قد يقدمه مدرب اليونايتد.
المدرب الأرجنتيني العظيم كارلوس بيانشي، والذي فاز بأربعة ألقاب ليبرتادوريس مع فيليز سارسفيلد وبوكا جونيورز، وضع في مرة 10 قواعد غير مكتوبة للمدرب الناجح لمجلة (Management Deportivo). ولا واحدة منهم أشارت لاستراتيجية على أرضية الميدان. بالنسبة له أكثر ما كان يهم هو زرع روح القيادة. القيادة تعني القيادة لكن لبيانشي فقد كانت تعني أ:ثر من ذلك بكثير، كانت عبارة عن تقوية الشخصية بحيث جعل اللاعبين يهابونك ويحترمونك. فهذه استراتيجية مشتكركة جزئياً بين كلوب ومورينيو.
كلوب أبوي ومليء بالكاريزما. رؤيته يحتفل بعد انتصار 2-1 ضد تشيلسي في الستامفورد بريدج كان لرؤية أن المدرب محبوب من قبل لاعبيه وغالبية محبي ومعجبي ليفربول. سلوكه على الخط الجانبي، مشاركته الملحوظة في المباراة، توضح بأنه واحدٌ منهم. أخلاقه في المؤتمر الصحفي مبهجة دائماً ولكن هنالك شيء وراء عفويته. فبعد مشاهدته يقوم بسلسلة من المقابلات التلفزيونية ستجد أن حتى هتافه بكلمة "ها!" هي شيء قام بالتخطيط له مسبقاً. هذا ليس اتهاماً له بالنفاق أو للقول بأن هنالك شيء كاذباً عن شخصيته الاجتماعية لكنه أداءٌ موجه لتحقيق أداء ونتيجة معينة.
تحدث مع أي شخص لعب مع مورينيو في بورتووستجد نفسك كأنك تتحدث مع شخص من طائفةٍ دينيةٍ ما. هنالك عاطفة وأيضاً رعب. "كان يعرف الجميع بشكلٍ عميقٍ جداً لدرجة أنه كان يستطيع التحكم بعواطفنا في كل الحالات،" قال الحارس فيتور بايا، الذي وصف كيف أن تخطيط مورينيو كان دقيقاً جداً لدرجة أنه في أوقات كان يبدو عليه أنه كان يستطيع التنبأ بالمستقبل. روي هودسون وضح في أحد مقالاته كيف أن مورينيو يتفق مع تعريف المنظر السياسي ماكس ويب عن "السلطة الكاريزمية" والتي يستعملها الديماغوجيين. عبارة "السبيشل ون" كانت عبارة عن: معرفته بأن الإعلام سيلتقطها وهذا شيءٌ أضافه لصورته الإعلامية التي أرادها بأنه شخصٌ مليءٌ بالثقة ومحب للسيطرة.
للمدربين الذين يعتمدون على القيادة، المشكلة تأتي حين يتواجد ثقبٌ في الفريق. كما لاحظ مدرب بنفيكا الأسبق بيلا غوتمان، فالمدرب مثل مروض الأسود: "في اللحظة التي يشعر فيها بأن طاقته التنويمية ضعفت، وأول إشارة من الخوف تخرج من عينيه، عندها سيضيع حتماً".
في هذا الموسم مورينيو، غاضب وعابس، وفي بعض الأوقات بدا متردداً، وخالياً تماماً من قسوته المعتادة. وأسوأ من ذلك، فحينما كان قاسياً، كما كان في تعامله مع باستيان شفاينشتايغر، ما جعلنا نشعر وكأنها خدعة. هنالك استقالة بدلاً من الصدمة: مورينيو يقوم بألاعيبه مرة أخرى. مقابلاته ومؤتمراته الصحفية لم تعد تؤدي نفس المفعول: نفس الاستراتيجيات تتكرر وبدلاً من أن تعطي نوعية من الحماس والتي صممت من أجله، الإعلام الآن يركز على الاستراتيجية.
المطالبة بتطوير مستمر هو شيء متعب. قلة قليلة من المدربين استطاعوا البقاء على مستوى عالي لقرابة العقد من الزمن وأولئك أخذوا قسطاً من الراحة بعد ذلك، وعلى سبيل المثال كما فعل السير أليكس فيرغسون بين عامي 2003 و2006. مورينيو هو مدرب بمواهب استثنائية. فقد يجد طريقه مرة أخرى للقمة كما فعل، بطريقة مرهقة ومدمرة، في مدريد بعدما هزم برشلونة لحصد لقب ليغا 2012. لكن في هذه اللحظة تشعر وكأن الزخم يقف ضد البرتغالي، لمدرب تعتمد طريقته على الفهم والإدراك، وهو ما يسبب قلقاً بالغاً.
الموسم الماضي، مع أن المانيو تفوقوا على ليفربول في كلتا مباريات الدوري، كان هنالك شعورٌ عام بأن كلوب قدم الحداثة في كرة القدم ولويس فان غال كان تقليدياً أكثر. الأول كان عمودي اللعب، بينما الآخر كان أفقياً الفرق في التطبيق بينهما جعل ليفربول ينتصر على أرضه في الدوري الأوروبي على المانيو 2-0.
هنالك شعور ضئيل بأن هنالك شيء تغير هذا الموسم. اليونايتد يبدون أقل محافظة مما كانوا عليه مع فان غال لكنهم مازالوا يبدون خاملين مقارنة بالسيتي، ليفربول وتوتنهام. ربما هذا، كما ادعى مورينيو، ببساطة الحالة التي يجب عليه فيها إعادة تأهيل لاعبيه المثقلين بأفكار فان غال.
لكن أسلوبياً، منذ أول تعويذة له في تشيلسي، مورينيو وقف وحيداً، ضد الضغط والاستحواذ. وهذا أيضاً، من الممكن أن يحسب ضد قياديته: حين تكون الصورة القيادية أساسية، الأسلوب والضمان، الواقعية والسمعة، يأتون يداً بيد. كان هنالك وقت حين تحدث مورينيو عن الراحة مع الكرة، وعن التحولات وصنع المثلثات في وسط الميدان والتي بدت جديدةً بشكلٍ مثير. لقد كان رائداً متمرداً من العصر الجديد.
لكن كرة القدم تقدمت للأمام. كلوب عصريٌ أكثر وهذا ضخم صورته. مورينيو، مازال على نفس أسلوبه المألوف، وفي خطر بأن يصبح من الماضي.
كتب المقال: nedhal_1420_N7@