(1)

كيفية التعامل مع الاصدقاء المزيفين

المعرفة اساس النجاح في كل مجال ؛ و المعرفة وحدها لا تكفي، ما لم  يصاحبها التطبيق ؛ فمن الصعب التعامل مع الأشخاص الوهميين والاصدقاء المزيفين ما لم نعرف سماتهم وصفاتهم ؛ ومن ثم نتعامل معهم وفقا للمعطيات والمعلومات النظرية التي تخصهم ...  , وقبل  تكوين الصداقات مع الاخرين  عليك التحدث معهم ومراقبة سلوكهم والتمعن في صفاتهم الشخصية ؛ اذ ان معرفتهم تجنبك اقامة علاقة حميمة معهم .  

 وبعد الاختبار والمعرفة ؛ حاول أن تبتعد عن  الشخص الوهمي والصديق المزيف  قدر المستطاع وانسحب منه بهدوء ؛ فأن فرض نفسه عليك بالقوة والالحاح وقلة الذوق ؛  فأجبره على الرحيل ؛ لتفسح المجال لصداقات حقيقية ؛ لان الباطل يزيل الحق , والكذب يدفع الصدق , والوهم يزحزح اليقين ... .

في هذه الحياة، نتعامل  مع العديد من الشخصيات التي نواجهها يومياً ... ؛  شخصيات تختلف أمزجتها وتفكيرها وثقافتها وعاداتها وسماتها ، فهناك شخصيات تخفي في باطنها ما تظهره لمن حولها ، تلك العينات من البشر التي ترافقك وهي غير مؤمنة بنجاحاتك ؛ بل وقد تبغضك احيانا ، و تحاول تعكير صفوك وتحطيم طموحاتك ، و تريد ان  تخلق منك إنساناً ليس لك أي قيمة في هذا الوجود ؛  وتحاربك لكي لا تنال ما تحلم به أو ترغب في تحقيقه .... ؛ فالمظاهر خداعة – كما يقولون -  فليس كل ما تراه هو الصورة الحقيقية ، فاذا امعنت النظر سترى المخفي وتكتشف الحقيقة وتعرف المستور   ... ؛ فبعض الاشخاص باطنها يختلف عن ظاهرها اختلافا جذريا ... ؛ اذ يمتلك البعض عدة وجوه لا يظهرونها كلها الا عند المواقف الحرجة  وعندما يشتد الخطب وتتضارب المصالح ... ؛ و لكن مهما حاول البعض اخفاء حقيقته ومعدنه ... ؛ لابد من انكشاف امره  ؛ فالوقت كفيل بإظهار الحقائق كلها .

سلّ نفسك مجموعة من الأسئلة المهمة  حتى تتمكن من اكتشاف الصديق المزيف، وكيفية التعامل مع صداقته المزيفة  .... .

عليك دائما التفكير في حقيقة  هذه الصداقة هل توفر لك الراحة أم لا ؟

هل تشعر مع هذا الصديق بأنه يحبك ويهتم بشأنك  أم لا ؟

هل يقضي معك الوقت ويقف بجانبك ويملئ عليك حياتك ولا يجعلك تشعر بالوحدة أم لا  ؟

وهل تجده معك في الأوقات الصعبة التي تمر بها في حياتك، والتي تحتاج فيها إلى الرفقة والصحبة الصافية أم لا ؟

هل يمدك بالطاقة الايجابية أم يشحنك بالطاقات السلبية ؟ 

وهل هو رجل ثرثرة واقوال فقط أم صديق مواقف وعهود والتزامات ؟ 

ومن خلال إجابتك لتلك الأسئلة سوف تستطيع أن تعرف الصديق الحقيقي من الصديق المزيف   ... ؛ الذى إذا طالت صلتك به ؛  قد تضيع عليك فرص أرقى وأحسن للتعرف على الصديق الحقيقي الذي قد يملا عليك حياتك ويشعرك بالأمان  ؛ وترتاح لصحبته ... . 

نعم قد يخطأ الاصدقاء – كما ذكرنا ذلك كثيرا -  عندها حاول أن تسامحهم إذا أرادوا فرصة أخرى ، و حاول إصلاح الأمر : إن كان هناك سلوك محدّد يزعجك من صديقك حاول أن تتحدث معه لإصلاح هذا السلوك ، وفي كثير من الحالات يساعدك الحوار مع صديقك على فهم مشاعرك أكثر والتأكّد منها، و محاولة إصلاح الصداقة ترتبط باهتمامك بالعلاقة وتاريخ الصداقة بينكما   ؛ و لكن  كن حذرًا ... فاذا تكررت الاخطاء مع سبق الاصرار فان هذا يدل على الصداقة المزيفة ... .  

وعندما تصادف الاصدقاء المزيفون في العمل او السكن او غيرهما ؛  فمن الأفضل أن تطلعهم على معلومات محدودة عن نفسك ، وتحافظ على مسافة بينك وبينهم قدر الإمكان... واخفي انجازاتك عنهم ولا تكشف لهم سرا ... ؛ و تجنب اللقاءات المباشرة ,  و تجنب التواصل والدردشة معهم على الشبكات الاجتماعية ايضا ... ؛ فأن صعب عليك الامر فقم بإنهاء العلاقة معهم  ... ؛ و لكن الأفضل أن يكون إنهاء الصداقة هادئاً وبطريقة الاختفاء التدريجي وقطع التواصل بالتدريج.

واعمل على تحديد  مشاعرك : ففي بعض الحالات قد يكون شعورك تجاه صديق ما مرتبط بك أنت وليس بالصديق ، فعندما تغيّر اهتماماتك وحاجاتك من العلاقة ... ؛ قد يجعلك – هذا التغير -  تنظر إلى الصديق بطريقة مختلفة، ولذلك يجب أن تحدّد مشاعرك وتراجع المواقف التي تجعلك تعتقد أنك في صداقة مزيفة قبل اتخاذ قرار ... . 

(2)

تأثير الصداقة المزيفة

الصداقة المزيفة تقوم باستنزاف كل شيء بداخلك ، تدمرك عاطفيا ومعنويا ، فالصديق المزيف يتفنن في كيفية تدميرك  من جميع جوانب الحياة ، فهو لن يشعر تجاهك بأي مشاعر حب وود صادقة ، فلا يهمه أكثر من أن يهدمك  ويخذلك ويدمر حياتك  , وعندما تقع ينظر إليك بنظرة الشماتة ؛ وقد يكون ذلك بسبب الغيرة والحقد  والحسد الذي بداخله تجاهك او بسبب تكوينه الشخصي وتربيته السيئة ... ؛ فالبعض  منا يقع فريسة للأصدقاء المزيفين، مما قد يوجع قلوبهم ويفقدهم الثقة في انفسهم  ؛ وفي وجود صداقة حقيقية في المجتمع ... .

وسوف اوجز لكم تأثير الصداقة المزيفة ببعض النقاط ؛ وهذا لا يعني كلها بل بعضا منها :

  • العزلة والوحدة : وجود الصديق المزيف على قائمة الأصدقاء قد يمنعك من التفكير بالبحث عن أصدقاء جدد أكثر صدقاً منه، وقد يجعلك تعتقد أن المشكلة بالصداقة نفسها وليس بالصديق المزيف، فتتجه إلى العزلة وتتجنب علاقات جديدة...  ؛ فهذه  الصداقة الزائفة  قد تؤدي بك إلى عدم الثقة بغيره من الأشخاص ، وتجعلك تكره الصداقة بسبب ما قد تتعرض له مع هذا الصديق الخائن، ؛ ولعل الأشخاص المزيفون هم أكثر  من  يدفعك للبقاء وحيداً ... ؛ وقد قال أسامة ابن المنقذ فيهم :

لنا صديقٌ يغُرُّ الأصدقَاءَ ... وما رأيتُه قط في ودِّ امرئ صَدَقا

صديقُه أبداً منه على وَجَلٍ ... كراكبِ البحرِ يَخشى دَهرهُ الغَرَقا

  • تجعلك مزيفاً : الصداقة المزيفة تدفعك في معظم الأحوال لاكتساب بعض صفات الشخص المزيف، وتجعلك تسايره في الكذب والخداع والتهرب والمماطلة، وربما تصبح هذه سلوكيات ثابتة لديك ... ؛ وقد قيل قديما : الصاحب ساحب ؛ والمرء على دين خليله .
  • تشعر أن المشكلة عندك : تولد الصداقة المزيفة شعوراً بعدم الاستحقاق أو السذاجة وسوء التقدير والاختيار، وقد يلعب الصديق المزيف دوراً مباشراً بتغذية مشاعر الذنب لديك .
  • تضحيات من طرف واحد واستنزاف مستمر لطاقتك :  فمن صفات الصديق المزيف – كما مر سابقا - ؛  أنّك لن تحصل على شيء من هذه الصداقة مهما منحتها ، وبما أن الصديق المزيف متطلب و ( مصلحجي ) ؛ فهو غالباً يدفعك لتقديم المزيد وللتضحية دون مقابل.
  • تجعلك تشعر بالإحباط : فتصرفات الصديق المزيف وسلوكه يقودك غالباً إلى الشعور بالإحباط والمشاعر السلبية المتجددة ، كما تخلق علاقة الصداقة المزيفة شعوراً بالضيق والخيبة متزامناً مع المواقف التي تكشف زيف العلاقة.
  • تسمّم حياتك : بما أن الصديق المزيف يستنزفك عاطفياً ويدمر معنوياتك ويحسدك على ما لديك من نعمة ولا يقف إلى جانبك في وقت النقمة ؛ كل ذلك يعني أنك في علاقة سامّة تجعل حياتك متوترة ومسمومة، وربما تؤثر علاقتك مع الصديق المزيف على علاقاتك الأخرى مع أشخاص جديرين بالصداقة.
  • وفقًا لبعض الدراسات ، يمكن أن يؤدي وجود علاقة مع هؤلاء الأصدقاء المزيفين  إلى زيادة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب ومستويات القلق... ؛ فهؤلاء  من الممكن أن يضروا بصحة الجسد والروح ويزيدوا مستويات التوتر في الجسم ؛ وصدق شاعرنا الكبير المتنبي عندما قال 

وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنَالُكَ نَفْعُهُ ... وَمِنَ الصّداقَةِ ما يَضُرّ وَيُؤلِمُ.

  • التصرف علي عكس طبيعتك : اذا وجدت نفسك تتصرف علي عكس طبيعتك؛ في ملابسك أو في طريقة حديثك، فهذا بالتأكيد تأثير الأصدقاء  المزيفين ؛ فمن الطبيعي ان تتصرف علي طبيعتك مع أصدقائك وليس العكس . 

 

واخيرا :  بما ان الصديق المزيف يستنزف طاقتك ويحبطك  ؛ مما يجعلك ترحل عن التجمعات واقامة العلاقات الاجتماعية ... ؛ خذ فترة نقاهة  بعد إنهاء الصداقة مع الصديق المزيف ... ؛ فعليك أن تعطي نفسك فترة استراحة للتخلص من المشاعر السلبية للصداقة السامّة ، ويجب أن تعيد النظر في طريقة اختيار الأصدقاء وأسس بناء العلاقات الاجتماعية ، مستفيداً من تجربتك مع الأشخاص المزيفين ... .