بعد اعوام من القطيعة, ويقين كلا الطرفين بانهما لا بد من ايجاد سبل لإدارة الخلاف بينهما, والمحاولات الحثيثة من العراق وسلطنة مسقط لتهدئة الامور والسير في ركب التنازلات المتابدلة,تمكنت الصين من جمع الخصمين على الطاولة واعلان عودة العلاقات بينهما التي وبدون شك ستساهم في حل العديد من مشاكل المنطقة ومنها الحرب في اليمن, واستمرار الازمة السياسية في لبنان, لان لكل منهما انصاره, لعبة المصالح لن تتوقف, لكنها ستعترف بحق الاخرين في اللعب على الساحة التي اصبحت محل صراع الدول الاقليمية ومن خلفها الدول العظمى.
الدولتان تمثلان جناحي الامة الاسلامية حيث تمثل السعودية الجانب السني وايران الجانب الشيعي, فالسعودية تملك أدوات تأثير ديني واقتصادي كبير، لكونها تضم مكة والمدينة اهم معلمين اسلاميين، وأحد أكبر وأهم منتجي النفط في العالم، وتتمتع بثقل ديموغرافي كبير نسبياً, اما إيران فإنها دولة تمتلك قدرات وموارد بشرية ومادية وعلمية وتكنولوجية كبيرة نسبياً، بالمقارنة بباقي دول الخليج, يمكن القول إن من مصلحة إيران القيام بكل ما هو ضروري للحيلولة دون حدوث تقارب سعودي مع الكيان الصهيوني، ولضمان عدم مشاركة السعودية في أي مخطط يستهدف ضربها. ومن مصلحة السعودية خشيتها من تعرض منشآتها النفطية الضخمة للتدمير في حال إقدام الصهاينة أو الولايات المتحدة أو كليهما على شن عمليات عسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي والصاروخي بعيدة المدى والطائرات بدون طيار. ولأنها لا تستطيع في هذه الحالة الاطمئنان كلياً إلى ضمانات الحماية الأميركية، بدليل تمكن جماعة الحوثيين من توجيه ضربات موجعة للمنشآت النفطية السعودية، فمن شأن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع طهران على مستوى السفراء، المساعدة على تجنب وقوع أية اخطاء في الحسابات قد ينجم عن سوء التقدير أو سوء الفهم.
بالتأكيد هناك من لا يسعده التقارب بين الدولتين, ومنها الدولة العبرية ودول التطبيع معها, فهؤلاء يشككون في استمرار العلاقة بين الدولتين ويحاولون باي وسيلة لعرقلة التفاهم, لانهم يعيشون على المتناقضات وسيختفون فجأة ويعودون الى سابق مواقعهم الهامشية.
التقارب بين ضفتي الخليج سينعكس ايجابيا على امن المنطقة واستقرارها, خاصة وان العالم اصبح يتشكل من جديد والسعي الى عالم متعدد الاقطاب,لن يكون هناك مستقبلا من يفرض سيطرته على الغير وجر المنطقة الى حيث يشاء, اذا ما شعرت دول المنطقة بشيء من الاطمئنان, فانه ولا شك لن تكون هناك حاجة لانفاق القسم الاعظم من ميزانياتها في شراء الاسلحة المختلفة لتصاب بالصدأ والتخريد, بل لانفاق تلك المخصصات المهدورة على التنمية التي تعود بالنفع على شعوب المنطقة, كما انه لن تكون هناك حاجة الى الاحتماء بالأجنبي, والعمل على فك الارتباط العسكري معه, والطلب اليه اخلاء القواعد العسكرية من الاجانب ليعودوا ادراجهم الى بلدانهم.
ندرك جيدا ان هناك الكثير من العراقيل التي ستوضع في طريق التكامل بين شعوب المنطقة التي يجمعها دين واحد وان اختلفت المذاهب, ربما تكون هناك بعض الاختلافات في الرؤى لكنها لن تكون عائقا لإعادة اللحمة بين الشعوب, نتمنى ان يفوت الطرفان الفرصة على اعداء الامة ويسعيان الى لم الشمل والاستفادة من الموارد المتاحة لصالح شعوب المنطقة.
ميلاد عمر المزوغي