تبقى أقسى الأبواب الموصدة .. باب توصده أنت خلف من سكن كيانك وضم روحك .. وتعلم أنه لن يُفتح أبدا .. ولن يَعود أبدا .. باب القبر

بابٌ تعلم أن الألفة والحنان سجت خلفه .. وبقيت لك الوحشة والغربة

وأن السكينة بالقرب انتهت .. والدعاء الذي كنت تلقى أماراته وشواهده حيثما كنت ووقتما تحتاج .. مضى إلى غير رجعة .. ويبقي أثره ..

وأن الحضن الذي كان يحتويك بمجرد التفكير فيه ولو على بعد .. فيطمئنك ويهدهد نفسك .. قد ثوى خلف الباب .. وتحت التراب.

وحتى تلك المكالمة التي كنت تُوْدع فيها روحك كلها.. بتلك الكلمات البسيطة والعبارات المقتضبة..  .. انقطعت عنك .. إلى الأبد

أحسبك تسكنين العلا في رحمة الله يأ أمي .. والله حسيبك .. 

حثوت التراب على لحد أمي

وكفاي رهباً تموج اضطرابا

ومنياي أني بلحدي وتبقى

ومنياي أن لو أكون الترابا

لعلي أبيت وبي أنس قربٍ

وأونسها في ظلامٍ أهابا

وناديت أمي عساها تلبي

وأصغي ولكن فقدتُ الجوابا

ترابا أُهيل الأماني بجوفي

فأغلى أمانيّ كانت سرابا

وتجري دموع المآقي وتأسى

ويجهش نبض الفؤاد انتحابا

ولو أن دمعا يعيد الحياة

لأجريت نهرا فأحيا اليبابا

فأمي هي الكوثر العذب كانت

مسمىً وإسماً وسمتاً مهابا

فلا رِيّ يعقب أمي لروحي

وفي القلب صدعٌ أطار الصوابا

أعزي فؤادي بذكرٍ حميدٍ

تركتيه في الناس حلواً رضابا

وآثار غرسٍ سرت في الحنايا

وعمراً قضيتيه فينا احتسابا

بلقيا بجنات عدنٍ دعائي

دعاء حري بأن يستجابا

إلى رحمة الله يأوي يقيني

ومن لاذ بالله أجنى وطابا

فطيبي أيا نبع حنوٍ مقاماُ

فقبرك يشرع للخلد بابا 

28-02-2023

#أقدار_سير