يعمد كثير من الناس في مناسبات الزواج أو نزول أحدهم منزل جديد، أو عند وجود مولود جديد، أو تخرج أحدهم من الجامعة، أو تقلده منصبا أو ظيفة ما، إلا إنتقاء هدية لإحدى هذه المناسبات، وكنت دوما ما أُفكر بأطقم السفرة وبعض قطع الأثاث التي تأتي لأمي (حفظها الله)، ونظطر في النهاية إلى ركنها في غرفة التخزين العلوية، نظرا لإكتظاظ المطبخ بهذه الأواني!
وكنت أرى منذ برهة ليست باليسيرة أن إهداء أحدهم مبلغا ماليا (بحسب القدرة والإمكانات) هو أفضل من إعطاءه حاجة هو لا يستفيد منها، ومن أكبر المعارضين لي في هذا لميدان هي أختي (رغد)، إذ تُعارضني بحجة أن الهدية تُعبر عن الإهتمام، بمعنى رمزيتها لا قيمتها، والحق أنه لو توافر كل الأثنين لكان خيرا.
وقبل أيام معدودة كنت أقرا للشيخ الطنطاوي (رحمة الله) كتاب "فصول اجتماعية" حتى وصلت لإحدى موضوعاته بعنوان (الهدية،ص٢٣)، وتحدث فيها عن جملة من الأفكار، سأوردها اختصارا:
- أن تُهدى هدية يحتاج إليها المُهدى.
- أن الهدية مطلوبة شرعا، بشرط أن لا يكون ثمن الهدية فيه تضييق على المُهدي.
- الإقتداء بالإفرنج في قضية الهدايا، فهم لا يهدون إلا النافع من الحاجات.
- إذا تحرجت من إهداء المال، ضع المال لدى دكان أثاث وخذ وصلا ليشتري منه المُهدى ويأخذ ما يحتاج.
- أن تُعطي كلا بقيمته، لا بثمنه.
وفي النهاية توصلت بعد حديث الطنطاوي (رحمة الله)، إلا أن لا حرج في إهداء المال، وهو أفضل للمُهدى ليتصرف به وفقا لمنفعته واحتياجه، فإن مبلغا مع مبلغا، يستطيع به أن يشتري به كنبا يروقه، أو ملابسا لطفله المولود، وذاك خيرا من أن تأتيه لوحة فنية لا حاجة له بها، أو كرسي طعام للطفل مع وجود اثنتين أخريات جاءن هدايا، أو كومة من أطقم السفرة، وهذا ملموس ومشاهد.
لذا فتوقفوا عن إعطاء مالا فائدة منه، وأعطوا المُهدى مالا، أو إشتروا له شيئا بعينه تعرف أنه يحتاجه.