كان حتماً يشتاق ..!

لكنه لم يكن يبالي كثيراً ..

كان يتمناها ..يرغبها كثيرا .. يُصبر ذاته لأجلها .

حين أخذته الدنيا ونسيها قليلاً ..بكى قلبه كثيرا ..

كان يشعر بالتبلد والموت حين ينساها ..

ذات مرة امتلأ بالألم ..حاصره الفراغ ..

رغب بغيرها فندم على ذلك شهورا..

كان يحبها كأقصى أمانيه ..

يعلم أن أمانيه كثيرة لكنها تظل دائماً أول أمنياته وآخرها ..

وقف مرةً يتأمل الغروب .. وكأن الشمس كانت تودعه بأشعتها الذهبية الراحلة ..

لون السماء حينها ما عاد يفارقه ..تواري الشمس خلف الجبل كطفلةٍ خجولةٍ خالجها الحياء فتدارت بأمها ..

حتى تلك الأشجار الراقصة مع نسمات الريح ..

يتـأمل قليلاً فتشوقه نفسه إليها كثيراً ..

أحلامه الهائجة كل يوم .. ستتحقق هناك..

على ضفاف أنهار الفردوس ..حين وصل فكره لتلك النقطة ..ابتسم ابتسامة حنينٍ وشوق .. جعلت قدميه تخذله ليرغب في الجلوس ..

أسند رأسه لتلك الشجرة وكأنه ترامى في حضنها ..

فاحتوته بأغصانها وضمته بين أوراقها..

أغمض عينيه يحلم بتلك الحياة..

ينظر إلى الأرض فإذا باللؤلؤ والياقوت يتناثران على الزعفران بلونه الأحمر البرتقالي ..

هتف بعلو صوته : تراب الجنة ذاك .

وتخللت الدموع مقاسم وجهه وهو لا يصدق ما تراه عينيه.. !

رائحة المسك وحدها كانت تداعب قلبه فرحاً ..

وإذا بالقصور على مد بصره تتفاوت لبناتها بين الذهب والفضة ..

أبهر نظره البناء .. بُنيت من لبنة من فضة تتبعها لبنة من ذهب ..ويكأن الحُسن والديكور والجمال لم يُعرف من قبل ..

ويحقُ له ! ..

نظر عن يمينه فإذا لؤلؤة كبيرة طولها في السماء ستون ميلاً ..التف حولها مدهوشاً بجمالها فإذا بها مجوفة ..

وإذا بها خيمة أحد المؤمنين ..

دمعت عينيه ورقص قلبه طرباً ..أهذه اللؤلؤة العظيمة خيمة مؤمن .. !

ما رآه يجعله يبكي ندماً بل دماً ..

أي لذةٍ في الدنيا كانت أهم من تلك اللذة الأبدية ..؟!

بات يتفطر على تلك الساعات التي أمضاها غافلاً ..

كل ذلك مر بخاطره سريعاً ..

دخل ليرى كيف يعيش أهل الجنة ..أهل النعيم ..

فإذا بهم على صورة القمر ليلة البدر ..لا يتغوطون ولا يبولون ولا يمتخطون ولا يبصقون..

نظر لأمشاطهم فإذا بها من الذهب ..ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ..

جذب عينيه شجرة تنبت ثماراً .. الثمرة الواحدة تتفتق عن اثنين وسبعين نوعاً مختلف من الطعوم والألوان لا يشبه أي واحدة منها الأخرى ..

تبسم متذكراً ذاك الأعرابي الذي أقبل يوماً على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله لقد ذكر الله في القرآن شجرةً مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرةٌ تؤذي صاحبها .فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): وماهي ؟ قال: السدر فإن لها شوكاً .فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ):[في سدر مخضود] (الواقعة:28) يحصد الله شوكه فيُجعل مكان كل شوكةٍ ثمرة ،فإنها تنبت ثمراً تفتق الثمرة معها عن اثنين وسبعين لوناً ما منها لونٌ يشبه الآخر" رواه الحاكم وصححه.

#طاب نعيمها