البطالة و زيادة اعداد الشباب بدون عمل من الظواهر التي يكثر عنها الحديث في مصر و ما بين احصاءات حكومية او منظمات مجتمع مدني يفتقر اغلبها للدقة و المعايير العلمية للاحصاء يظل الحديث عن البطالة ما بين متهم للنظام و الدولة بعدم توفير فرص عمل مناسبة للشباب و بين اصوات تجزم بعزوف الشباب عن العمل بالرغم من توافر الفرص 

وما بين شباب اختر الموت كرها او املا في النجاة من خلال الهجرة الغير الشرعية لخلق مستقبل افضل و حياة جديدة وما بين شباب فضل الجلوس بالمنازل و القهاوي لقتل فراغه على امل ان تأتيه فرصه عمل 

ولكن حقا هل يريد الشباب العمل أم لا و هل هناك فرص متاحة أم لا وهل من حلول للثروة البشرية المعطلة 

يمكن رصد الحالات  التالية و منها ما هو قاسي ولكن قد تظهر اجابات من خلالها و أغلبها من واقع سوق العمل 

* في بعض الأسر الفقيرة و التي ينطبق عليها لفظ الفقر شكلا و موضوعا نجد أن من يعمل هي الأم و التي تقوم بالاعمال المنزلية لدى الغير و تقوم على عملها في الاغلب من الثامنة صباحا حتى الرابعة او الخامسة مساء بينما يمكث الزوج و  الابناء ذكورا أو إناث بالمنزل دون عمل أو رغبة بالبحث عن عمل ملائم يدر دخلا ثابتا حتى لو بصورة مؤقته بالطبع هناك حالات خاصة كفقد الزوج أو صغر سن الاولاد لكن الواقع الاغلب عكس هذا 

و في بعض الحالات يقوم من تعمل الام لديهم بتوفير فرص عمل سواء للزوج أو الاولاد بمرتب معقول و لكن يأتي الرفض بحجة ضعف الاجر  -سؤال اعتراضي هل العمل باجر متدني أفضل ام عدم توفر اجر اصلا - 

* كافة المحلات التجارية في أغلب الانشطة دائما ما تجدها تطلب بائعين أو بائعات و الجديد مع عدم إشتراط الخبرة و اليوم يتراوح الاجر مابين 700 الي 1500 جنيه في الفترة الواحدة ثمان ساعات أو عشر ولا يجد اغلبهم من يقبل بالعمل اما تحججا بضعف الاجر او الجهد المبذول او ضياع الاجر في المواصلات 

وكذلك الحال في المصانع التي تقوم بتوفير وسائل انتقال و وجبات غذائية و تقوم بعضها بدفع مرتبات مرتفعة و حوافز انتاج و دائما المشكلة عدم توفر العمالة و خاصة المؤهلة

*  الشباب المؤهل و الحاصل على شهادات جامعية البعض منهم اليوم يسعى للحصول على مرتبات عاليه بالرغم من افتقاره الخبرة المؤهلة لسوق العمل و يرفض في سبيل ذلك وظائف عدة رغم اننا جميعا تدرجنا في وظائفنا و بدءنا بمرتبات بسيطة و كان الهدف الاساسي بجوار كسب الرزق و هذا واجب هو التعلم واكتساب الخبرات و التطوير للمواهب و القدرات قدر الامكان 

* الشباب الذي دفع حياته ثمنا لهجرة غير شرعية او المستعد لدفع نفس الثمن رحم الله من توفى منهم طبعا و لكن هل يعقل ان يقوم شاب بتجميع مبلغ يتراوح ما بين ثلاثون او خمسون الف و يكون الخيار امامه هو اختيار الموت او الامل في النجاة بينما امامه بدائل عدة لمشاريع صغيرة او متناهية في الصغر بمبالغ اقل من ذلك بكثير على سبيل المثال لو استئجر اي محل في حدود 900 الي 1500 جنيه  و قام بشراء بضاعة في حدود خمسة عشرة الف و بدء نشط تجاري محدود و في التجارة تسعة أعشار الرزق 

هل هو اليأس ام عدم الرغبه في بذل مجهود ام هي الرغبه في تحقيق مكاسب سريعة 

* الوظائف المتاحة في المحافظات البعيدة او المشاريع القومية خارج نطاق الحيز العمراني بالرغم من توافر الاجر المناسب و الاقامة و الاعالة لا تجد من الشباب من يريد الذهاب و التغرب خارج محافظته مع انه على اتم الاستعداد للسفر و العمل بدول اخرى رغم تدني مستوى الدخل و طبيعة العمل التي احيانا تكون بها قدر من الاهانه الادمية و اليوم مع ترادي الاوضاع العالمية اصبحت معظم الدول بالمنطقة المعيشة بها مرتفعة و يجد الشاب ان المحصلة لم تكن كما يظن و ليس بالوضع الافضل 

* الشباب و الاسر السورية ضربت مثالا رائعا في مصر بمدى توفر ابواب الرزق و فرص العمل علما ان منهم من بدء برأس مال لا يذكر و التجارب كثيرة و حققوا نجاحات ملحوظة في نفس الاوضاع التي يشتكي منها الشباب

* من الصادم ان هناك ما زال شباب منتهى حلمه العمل بالوظائف الحكومية المتدنية الاجر و في سبيل التعيين قد يقوم بدفع مبالغ لضعيفي النفوس ممن يسهلون الوظائف مع ان هذا المبلغ قد يكون نواة مشروع يدر دخلا اعلى مما سيجنيه

* هل من المنطق ان يكون حلم شباب كثير الحلم بالعمل كسائقي تاكسي بالشركات الجديدة و في سبيل ذلك يتكبد اقساط و ديون لفترة طويلة علما ايضا ان المقدم الذي يقوم بتوفيره هو ايضا نواة لمشاريع كثيرة

قد تكون الاجابة على الاسئلة ان الشباب عازف عن العمل لاسباب عدة منها المنطقى و منها الغير منطقى او ان يرى البعض ان الشباب غير مسئول و ان العبء على الدولة و لكن تظل الحقيقة ان فرص العمل متوافرة و هناك عجز في العمالة في كافة الانشطة رغم ارقام البطالة و قد تكون جولة بالسيارة صباحا على القهاوي و الشوارع كفيلة بالرد عن حجم الشباب العازف عن العمل 

قد تكون احد الحلول اقامة بنك للوظائف كبنك الطعام المصري تلك التجربة الرائعة يتم فيها تجميع بيانات كافة الشباب الراغب في العمل و تأهيل من يلزم منهم لسوق العمل و كذلك تجميع الشركات الراغبة لتعيين موظفين لديها و اجراء اختبارات وفق معايير محددة للاختيار و تكون دون رسوم  و اكيد هناك شركات وطنية كثيرة ايديها ممدودة للشباب 

العمل عبادة و السماء لا تمطر ذهبا و لا فضه