أن العدوان التركي المستمر بحق العراق ارضا وشعبا ؛ إنما يمثل إرهاب دولة واحتلال اجنبي يمارس فعلياً على أرض الواقع أمام اسماع وانظار العالم اجمع؛ والكل يعلم بأن الانتهاكات التركية الغاشمة تهدف لفرض وقائع جديدة بالقوة والغطرسة والبلطجة العسكرية ... , وان الخروقات والاعتداءات التركية الأخيرة، تسعى إلى إعادة خلط الأوراق بحجة مطاردة حزب العمال الواهية ، واستثمار التطورات الإقليمية، وانشغال المجتمع الدولي بالأزمة الاوكرانية ، لفرض وقائع جديدة على الأرض ، باستخدام أدوات القوة والتحدي ، ومواصلة الاعتداءات، والدفع باتجاه التأزيم، لخدمة مطامع اردوغان التوسعية و سياسة تركيا المتطرفة ، لجرّ الشعب العراقي لمجابهة غير متكافئة.
وطالما عبّر مسؤولون اتراك متعاقبون بوضوح عن نيتهم في الاستيلاء على بعض المحافظات العراقية ودعموا ذلك من خلال أفعالهم، بما فيها بناء القواعد العسكرية في العراق وشن العمليات العسكرية المستمرة .
بالإضافة الى مخططات تركيا وسعيها المستمر للسيطرة على ثروات محافظات شمال العراق – ما يسمى بإقليم كردستان - ومنها الغاز ... ؛ ناهيك عن اطماع تركيا في سنجار ؛ ويغذي الأطماع التركية أهمية موقع سنجار بالنسبة لطريق الحرير الجديد؛ حيث خلق ذلك تنافساً إيرانياً – تركياً – بل ودوليا على المنطقة.
وكتب المحلل السياسي الكردي، خورشيد دلي في موقع "العين" سابقا : مع أنّ الدولة العثمانية انتهت فإنّ "نظرة تركيا الأردوغانية لا تختلف كثيرا عنها تجاه سنجار، إذ أنّ القوات التركية الموجودة في قاعدة بعشيقة بالقرب من سنجار، فضلاً عن الأخرى الموجودة على الجانب الآخر من الحدود، لم تتحرك لنجدة الإيزيديين في أثناء الهجوم الدموي لداعش عليهم عام 2014، بل عندما تصدى حزب العمال الكردستاني لداعش في هذه المنطقة، جعلت تركيا منه قضية للتصعيد والتهديد الدائم بالقيام بعملية عسكرية، وسط عمليات اغتيال وقصف لم تتوقف طوال السنوات الماضية في المنطقة".
ويؤكد ابن سنجار، الباحث الإيزيدي عيسى سعدو على اتخاذ تركيا من حزب العمال ذريعة لغزو المنطقة : "أنقرة تتذرع بوجود حزب العمال لكي تغزو سنجار، واستغلت مذبحة قارا للتمهيد لغزو محتمل للمنطقة عبر تصريحات أردوغان والمتحدث باسمه إبراهيم قالن".
ويرى الباحث عيسى سعدو أنّ "الجيش أوكل مهمة الدفاع عن سنجار إلى قوات الحشد لاعتبارات سياسية" ؛ اذ دفع الحشد الشعبي بتعزيزات عسكرية إلى سنجار، ولم يدفع الجيش العراقي بتعزيزات الى تلك المنطقة .
ونشر موقع "العالم" الإيراني سابقا ، نقلاً عن مصادر من الحشد الشعبي؛ أنّ قوات الحشد تواصل التواجد في سنجار، وتتصدى لكلّ محاولات إبعادها، كوّنها عقبة أمام الأطماع التركية – الأمريكية... ؛ ونقل الموقع عن البرلماني عن محافظة نينوى، محمد الشبكي، ما وصفه بأنّ "الحشد الشعبي تمكن من كسر الزحف الأمريكي التركي في مناطق سهل نينوى وسنجار"، حسب قوله... .
واستكمالا للمخطط التركي الغاشم والاستراتيجية العسكرية التوسعية ؛ قامت القوات التركية الغازية مؤخرا ؛ بتنفيذ عملية عسكرية من خلال ارسال طائرة مسيرة للجيش التركي ؛ استهدفت سيارة مسؤول أمني" في وحدات حماية سنجار التابعة للحشد الشعبي ، في وسط القضاء الواقع في شمال العراق، الأربعاء، "ما أدى إلى مقتله هو وحارسه" ؛ ويأتي ذلك بعد يومين من قصف مماثل في سنجار لطائرة مسيرة تركية قضى فيه مسؤول عسكري وعنصران من الفصيل نفسه ... ؛ علما إن وحدات حماية سنجار المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي العراقي قد قاتلت تنظيم "داعش" إلى حين هزيمته في 2017... ؛ وتتعرض منطقة سنجار، الذي تتركز فيه الأقلية الأيزيدية في العراق، لهجمات تركية متكررة بحجة استهداف مقار لحزب العمال الكردستاني... .
وفي ظل هذه الظروف المعقدة، وما تحيكه الذهنية الاردوغانية التآمرية الظلاميّة، وما تريده من شرور للشعب العراقي والعراق العظيم وحقوقه التاريخية ، غير القابلة للتصرف أو الاغتيال ؛ لابد من مواصلة الضغط على الجانب التركي بمختلف الوسائل والطرق الحكومية والجماهيرية الممكنة ، لوقف الاعتداءات والانتهاكات، فوراً، وعدم تكرارها ؛ و ضرورة استخدام كل الوسائل القانونية والدبلوماسية اللازمة للجم الاعتداءات التركية المتكررة بحق أبناء الشعب العراقي .
وبما أن تركيا تتذرع باتفاقية كانت أنقرة قد أبرمتها مع النظام التكريتي الخائن البائد ، بالرغم من ان هذه الاتفاقية لم يتم تجديدها بعد 2003 ولم تودع منها نسخة في الأمم المتحدة ؛ يجب على الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بإلغاء كل اتفاقيات الذل والعار مع تركيا ؛ وإجبار القوات التركية على الرحيل.. أم نظل نسمع جعجعة فارغة ولا نرى طحينا ... ؛ وكذلك يجب على البرلمان العراقي اصدار قرارات ملزمة بإخراج القوات التركية من العراق و تدويل الازمات المستمرة مع الاتراك ... .
وقد شدد الخبير الامني ، عدنان الكناني : على ضرورة اعداد جيش متكامل من حيث التجهيز والتسليح ليكون جيشا يوازي جيوش البلدان المحيطة بالعراق، لافتا الى ان التسليح والتدريب والتجهيز من شأنه ان يخلق جيشا قادرا على مواجهة أي اعتداء خارجي والتركي احدها .
وكما قال الشاعر :
لقد أسمعت لو ناديت حيـًا... ولكن لا حياة لمـن تنادي
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت... ولكن أنت تنفخ في الرماد
فالحكومات العراقية المتعاقبة وكذلك سلطات اقليم كردستان تغض الطرف وكأن الامر يحدث في جمهورية الكونغو ؛ اذ أن الانتهاكات التركية لشمال العراق تجري وسط صمت معيب من قبل اغلب حكومات بغداد وأربيل ؛ وهذا يشير لحالة ضعف كبيرة ، تستغلّها أنقرة لتنفيذ عملياتها المستمرة ... ؛ فردود فعل الحكومات العراقية على الهجمات التركية لم تتجاوز حدود البيانات الصحفية، والتنديد بتهديد أمن المدنيين من قبل وزارة الخارجية، والتي طالما تعلن أنها ستتخذ إجراءات مقررة بعد إكمال التحقيقات اللازمة بشأن هذا الاعتداء او ذاك ...!! .