اللاجئ والنازح والمهاجر في ضوء اختلاف دلالة المفهوم
أ.علي سعيد عرفات
الهجرة لغةً: هي مصدر الفعل هاجر، وتُجمع على هجرات ، وهي خروج الفرد من أرض وانتقاله الى أرض أخرى بهدف الحصول على الأمان والرزق، أو انتقال المرء من بلد الى بلد آخر للعيش فيه بصفة دائمة، وهو ما ذهب اليه ابن فارس وابن منظور وجاء في موسوعة كولمبيا أن الهجرة هي عبور شخص أجنبي الى دولة جديدة بهدف الإقامة الدائمة فيها، جاء في قاموس كامبريدج أن المهاجر هو شخص انتقل الى دولة أخرى أجنبية للإقامة فيها بشكل دائم.
- الهجرة اصطلاحاً قد تعددت تعريفاته نظراً لاختلاف زوايا النظر لدى علماء الاجتماع والقانون والسياسة، ولكن أغلب التعريفات اتفقت على ان (الهجرة) تعني انتقال الجماعات او الأفراد من مكان الإقامة والمنشأ الأصلي لهم إلى مكان إقامة آخر دون إكراه، لسبب يحقق مصالحهم.
- من وجهة نظر علماء الاجتماع هي انتقال الانسان من موطنه الأصلي وبيئته المحلية إلى وطن آخر للارتزاق، وكسب وسائل العيش أو لسبب آخر. ويرون أن الهجرة تكون بغرض الإقامة الدائمة نسبياً، ولا يشترطون أي شروط تتعلق بمسافة الانتقال، كما لا يشترطون وجود أسباب محددة للهجرة.
من وجهة نظر سياسية : قد عرفتها دائرة الإحصاء العامة الأردنية "بانها أنها انتقال الأفراد من منطقة إلى أخرى، سواء كان ذلك داخل حدود الدولة أو خارجها، ويستثنى من ذلك البدو الرحل، والسياح، والموظفين، الذين لا ينوون تغيير مكان إقامتهم".
من وجهة نظر قانونية بحسب القانون الدولي ترى المفوضية العامة للأمم المتحدة أن المهاجرين هم اشخاص يختاروا الانتقال ليس بفعل التهديد المباشر بالاضطهاد أو الموت، بل لأجل تحسين ظروفهم المعيشية ، أو من أجل أغراض التعليم أو لم الشمل، أو أسباب أخرى.
مفهوم اللجوء اللاجئ لغةً: هو اسم فاعل من الفعل (لجأ) ولجأ الشخص إلى المكان: أي قصده واحتمى به.
ويعرفه آخرين بالقول إنه هو الهارب من مكان اقامته مجبراً ومضطراً، هذا في القاموس العربي. أما في الإنجليزية يعني الشخص الذي أجبر على مغادرة بلده هروباً من الحرب او الاضطهاد أو الكارثة الطبيعية.
اللاجئ اصطلاحاً: طلب العصمة والحماية للإنسان أو الجماعة في مكان غير مكان الإقامة الأصلي، بسبب وجود خطر يهدد الإنسان او الجماعة في المعتقد أو النفس، أو الأموال والممتلكات.
لقد نظرت المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية التي ترعى شئون اللاجئين إلى تعريف اللاجئ كل من زاوية نظره المختلفة؛ لذا هناك اختلاف واضح في تعريفات اللاجئ واللجوء. التعريف من وجهة نظر القانون الدولي: كل شخص اضطر لمغادرة دولته بسبب الخوف على حياته أو حريته من التعرض للاضطهاد لأسباب سياسية، او سبب الحرب، أو الكوارث الطبيعية كالزلازل او الفيضانات. وقد عرفته اتفاقية 1951م في المادة (1/أ الفقرة (2) بأنه: "كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته، نتيجة أحداث وقعت قبل 1951/1/1م، وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العرق او الدين أو الجنسية، أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة، أو لرأيه السياسي، فيلجا لبلد غير بلده يطلب الحماية. لكن هذا التعريف لم يكن كافياً من وجهة خبراء الأمم المتحدة، حيث قاموا بتعديل هذه المادة في بروتوكول 1969م المكمل للاتفاقية، بحيث لا تكون مشروطة زماناً أو مكاناً بما يقيد الأشخاص الذين أشارت إليهم اتفاقية 1951م في تعريفها للاجئ.
التعريف من وجهة نظر وكالة الأمم المتحدة (الأونروا): قد عرفت (اللاجئ) بأنه كل شخص كان محل اقامته المعتاد في فلسطين الانتدابية لمدة عامين على الأقل بين 1946/7/1 إلى 1948/5/15م، والذي فقد منزله وسبل عيشه نتيجة حرب عام 1948م، ولجأ إلى احدى الدول التي تقع في واحدة من أماكن عمليات الوكالة الخمسة التي ترعى فيها اللاجئين الفلسطينيين، وتم ادراج اسه ضمن المستندات الرسمية للوكالة. ويمكن لأحفاد هؤلاء التسجيل في وثائق الوكالة. وبالتالي يلاحظ وجود قيود زمانية ومكانية تحكم تصنيف الوكالة للفلسطينيين بحسب مكان تواجده قبل الهجرة وبعدها.
التعريف من وجهة نظر دائرة شئون اللاجئين الفلسطينيين عرفت اللاجئ بأنه: "أي كان في 1947/11/29م أو بعد هذا التاريخ مواطناً فلسطينياً وفقاً لقانون المواطنة الصادر بتاريخ 1925/7/24م ، والذي مكان اقامته فلسطين في مناطق أصبحت لاحقاً تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي" بين: 1948/5/12م و 1949/7/20م ، ثم اجبر على ترك مكان اقامته بسبب الحرب، ولم يستطع العودة إليه بسبب إجراءات الاحتلال وفقد مصدر رزقه حتى 1948/7/20م لنفس السبب، وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين وفق التعريف سواء كانوا على قيد الحياة أم لا.
مفهوم النزوح النازح لغةً: هو اسم فاعل من (نزح) أي رحل عن بلده الأصلي إلى مكان آخر، والنازح هو من أبعد عن موطنه عنوة وأكره بالإجبار على الخروج من موطنه.
النازح اصطلاحاً: هو الشخص الذي أجبر على الانتقال من موطنه الأصلي إلى موطن داخل بلده، بسبب النزاع المسلح، أو أي حالات عنف أخرى تسببت في انتهاك حقوق الانسان. أو بسبب كارثة طبيعية أو مفتعلة ولكنه بقي داخل حدود دولته ولم يخرج لأخرى.
من وجهة نظر الأمم المتحدة: هم أشخاص أجبروا أو اضطروا للفرار أو مغادرة منازلهم أو أماكن اقامتهم المعتادة؛ لتجنب آثار النزاع المسلح أو حالات العنف العام، او انتهاكات حقوق الإنسان، أو الكوارث الطبيعية والبشرية، والذين لم يعبروا حدوداً دولية معترف بها دولياً.
مستقبل النازحين واللاجئين الفلسطينيين فى ضوء اختلاف دلالات المفاهيم أعتقد أن هناك تباين واختلاف في توصيف حالتي اللجوء والنزوح للفلسطينيين الذين هاجروا عنوة من موطنهم الأصلي لمواطن جديدة منها داخل حدود فلسطين، ومنها ما هو خارج حدودها، وقد يسبب ذلك انعكاسات سلبية على مستقبل النازحين واللاجئين الفلسطينيين من جانب الحقوق، حيث يطلق توصيف (لاجئين) على سكان فلسطين الذين هاجروا بعد حرب 1948م عنوة بفعل الحرب إلى مناطق داخل حدود فلسطين التاريخية مثل: قطاع غزة والضفة الغربية، والتوصيف الأصح بحسب التعريفات من منظور القانون الدولي أنهم (نازحين). وكذلك غالبية الذين هاجروا لدول خارج حدود فلسطين التاريخية يطلق عليهم (نازحين) وهم بحسب القانون الأصح أن يطلق عليهم (لاجئين)، وهذا الخلط بحسب مختصون قد يؤثر على حقوق الفلسطينيين بانتفاء صفة النازحين عن المهاجرين من مناطق 1948م للمناطق التي احتلت في العام 1967م ، وكذلك الأمر مشابه مع اللاجئين خارج فلسطين فبوصفهم (نازحين) قد تنتفي عنهم صفة اللجوء وبالتالي قد يكون لذلك انعكاسات سلبية على حق العودة. وبالتالي هذا يتطلب تصحيحاً من قبل الجهات الفلسطينية المختصة وذات العلاقة، ويحتاج لمراعاة التوصيف الصحيح أثناء الإدلاء بالخطابات في المؤسسات الدولية والإقليمية، وفي المحافل الرسمية وغير الرسمية الدولية والمحلية.