شاب في الثلاثينات من عمره, عاش في إطراف مدينة الحلة, حاصل على شهادة بكالوريوس في  القانون, ويشغل منصبا رفيعا في وزارة النفط, يحسده عليه الآخرون, فمثله توفرت له الظروف, ان يعيش الحياة المترفة, والعيش الرغيد, وينصرف الى ملذات الحياة, التي يعيشها البعض, في مثل سنه ومنصبه.

   وكان أسامة مطيعا لمرجعية النجف الأشرف وملتزما بتوجيهاتها, فلما انطلقت فتوى المرجعية المباركة, في الجهاد الكفائي, انطلق معها أسامة, هو وثلة مؤمنة من شباب  محافظة بابل, ليشكلوا قوة "أبي الأحرار القتالية", والتي اعتمدت على التمويل الذاتي, في تجهيزها وتسليحها وتمويلها, فكان إفرادها يجاهدون بأموالهم وأنفسهم معا.

   ومع كل بدء عمليات لتحرير منطقة, من دنس داعش, يهب أسامة تاركا كرسيه, مرتديا ملابس حربه, وحاملا سلاحه ليشارك في هذه المعارك, فشارك في معارك جرف النصر ثم اتجه الى بلد ومنها الى تكريت ثم الى بيجي التي أصيب فيها أكثر من مرة ولكنه رفض إخلائه الى أن تحقق النصر ثم توجه الى جبال مكحول ليقاتل هناك في اعتى الظروف الجوية قساوة .

    وما أن أعلنت عمليات تحرير الفلوجة إلا وهب أسامة ورفاقه ليشاركوا فيه وليسطروا فيها أروع البطولات والانتصارات مشاركين إخوانهم في القوات الأمنية وفصائل الحشد الأخرى عمليات التحرير والقضاء على زمر الإرهاب الداعشي ويزفون فرحة طال انتظارها.

   ثم جاءت المعركة الأهم والأبرز, والتي أنهت قوة داعش في محافظة الأنبار, وغيرت مجرى حياة أسامة , أنها معركة الخالدية, التي كانت زمر داعش متحصنة فيها, ومتسلحة بكل ما لديها من عدة وعدد, فكان قاطع أسامة مشتركا مع احد الوية الحرس الوطني, الذي كان مهمته تحرير سبعة بيوت, كانت زمر داعش قد تحصنت فيها, ولكن هذا اللواء قد عجز عن تحرير البيوت, بعد أن أعطى الكثير من الشهداء والجرحى .

    وهنا انبرى أسامة, وآمر قوته "أبو طيبة", ليتوليا تحرير هذه البيوت, وينقسما الى مجموعتين, تتألف كل مجموعة من عشرة إفراد, ويبدءوا  صولتهم باتجاه هذه البيوت, فكان أن وصل "أبو طيبة", الى البيت المكلف به وحيدا, بعد أن جرح البقية,  أما مجموعة أسامة, فأصيب ثمانية من رفاقه ووصل اثنان, وهناك بدأت معركة, حين يرويها أسامة, تتخيل نفسك انك تعيش وسط أحداث فلم حربي, لم تشاهده من قبل .

   فكان القتال على المتر الواحد, ومن غرفة الى غرفة, حتى تم تحرير المنزل, والصعود الى سطحه للسيطرة على ما حوله, فلم يشعروا إلا والدواعش خرجوا من الأنفاق, وأحاطوا بالمنزل وخرجوا من نفق داخله , فاتصل أسامة بالطيار "عابس ", طالبا منه أن يعالج الدواعش خارج المنزل, وهو ورفيقه يتكفلون بمن في الداخل, فبدأ "عابس " يحصد برشاشة الطائرة من في الخارج, وأسامة يرمي الرمان اليدوي في صالة المنزل, حتى قتل من فيها, ثم انتقل القتال من غرفة الى غرفه, حتى وصلوا الى غرفة المطبخ, فقتلوا من فيها أيضا , وبعد إكمال المنزل, خرجوا ليواجهوا من بقي من التكفيريين, فكان أن رمى احدهم رمانة يدوية , التقطها أسامة وردها عليهم ,فجاءته الثانية لتصيبه إصابة أدت الى بتر يده اليمنى, وتلك كانت إصابته الخامسة.

  واليوم حين تجلس مع أسامة, فانك ترى الابتسامة لا تفارق شفاهه, والعز والفخر لا يفارق محياه, يستعجل الشفاء ليعود مع إخوته ورفاقه, حتى وان كان بيد واحده, معبرا عن حال المجاهدين, الملبين لفتوى المرجعية المباركة, ومدى عشقهم لتراب السواتر, وتفانيهم من اجل وطنهم, والإصرار على تحرير آخر شبر من ترابه المقدس .