طبقات الوعي - بين رصد الواقع وتأويله

==============

باِستعراض منتظم لمحتوي صفحات التواصل الاِِجتماعي علي كافة تطبيقاته ، ترصد وعياً غامراً ومتصاعدا بين فصائل المجتمع المدني وطبقاته ، للمشكلات الحياتية والعامة للمواطن وتصاعد حدتها ، بل اِنتباهاَ ملحوظاَ للأصول السلوكية السياسية المتعَمدة بفعل فاعل لتجاهل الحلول البحثية المطروحة ، والاِصرار علي نهج الاِستمرارية لنفس السياسات الاِقتصادية والاِجتماعية التي أنتجت تلك المشكلات العميقة تاريخياَ ، وعلي نفس الصعيد ترصد وعياً جماهيرياَ تجريبياَ لاِنتهاج صانعي القرار علي كافة المستويات لسياسات التسويف المُتعمد وترحيل الحسم ودفعه بأساليب وجرعات التخدير النفسية ومقايضة الأزمة بحلول تزيد الأمر تعقيداَ علي الأجل البعيد ، واِتخاذ القرارات التكتيكية الغير مدروسة والعشوائية للحفاظ علي الوضع القائم في حدود السيطرة السياسية لحين ميسرة من خارج النظام من غير تغيير كبير ، ذلك علي هوامش السياسات الاِستراتيجية الغائبة طويلة الأجل الواجب اِقرارها وتنفيذها وصولاً للحلول الجذرية للمشكلات علي المدي البعيد .

ولكن عجباَ ترصد علي عكس هذا الاِتجاه الواعي تردداَ ممتداَ ومنتشراَ بين كافة الفصائل حتي منها المتضررة بعمق من السياسات الحالية وتوابعها ، تردداَ من مجرد فكرة التغيير العميق بل تراها تتصدي بتشنج بعيداَ عن موضوعية الحوار أو حتي حالة الاِسترخاء النفسي وتقبل الجدل والحوار علي أقل تقدير ، وتمادياَ لحدود التخوين والذم والاِهانة للأخر .

فمن أين هذا التناقض ياتري ؟؟ وأي تباين صارخ هذا بين الوعي المادي بالواقع والفهم الواعي للواقع ؟؟ أطرفٌ ثالث يندس مابين الواقع والعقل الاِجتماعي الواعي للواقع ، يُحرِفْ الرؤية كالمنشور الزجاجي العابر من خلاله الضوء ؟؟ لابد والأمر كذلك اِن اِنتبهنا لحقيقة التعددية لمتغيرات الرصد للوقائع وفهمها ، فالأمر ليس أحادي الجانب وليس العقل الواعي في حالة حياد أبداَ عند النظر للأشياء والمفاهيم ، ذاك حال المثقفين قبل أن يكون حال العامة بل يمتد والعجب للمبدعين في أعلي طبقاتهم ، وهو ما ترصده نظريات الفكر والنقد ، وهو ليس بخافي ولا عجيب أمره .

فكيف يكون المخرج ؟ ومن أين النجاة من تلك الأشكالية ؟ وهي بيت القصيد والمنجي الأول من هذا التناقض بين الوعي والفهم الواعي ، وهو ما لا يمكن التقدم نحو التغيير بدونه ، بل هي المعركة الفاصلة بين النظر والعمل وحشد الجماهير خلف فكرة التغيير الأصيل لا المداواة والتسكين وعلاج العَرض لا المرض ، اِنً الأمر جدٌ حيوي ولا مناص من التصدي له وحل اِشكالياته ، وهو محل اِطلالة أخري .