عمار الجادر:

في الأمس أبي واليوم أنا وغدا ولدي

حكاية لها مدلول:

(( توفي أحد شيوخ العشيرة, ولم يخلف بعده الا فتى مريض, فأجتمع وجهاء العشيرة في حيرة من أمرهم, وبقليل من الغرور بأنفسهم, كل أدعى الشيوخية له, أتفقوا على أن يذهبوا للفريضة, وهو الحاكم العاقل, فقرر الفريضة أن يسألهم سؤال, ومن يجيب فهو شيخ العشيرة, وافقوا على ذلك, فسأل قائلا: (( من هو الامس واليوم وغدا)), فبهت الجميع ولن يجيبوا, فقال الفريضة ليس فيكم من يخلفه أليس له ولد؟! قالوا بلا, ولكن مريض, قال: (( أئتوني به)), فقدم الفتى, و أجتاز الجلوس حتى جلس في صدر الديوان جنب الفريضة, فسأله الفريضة نفس السؤال, فقال الفتى: (( الامس أبي, واليوم أنا, وغدا ولدي)), فقال الفريضة هذا شيخكم))

لقد كان هناك فريضة عاقل, وكذلك كان في القوم قليلا من المروءة حيث أحتكموا الى العاقل, ولكننا اليوم نعيش الهوج المجتمعي, وداء الشيوخية دون حق, ومجتمعنا مع الاسف حكم الغبي الفاسد, وركن لعلة في نفسه.

أشد ما أحزنني و أنا أتابع برنامج ( الأرض الحرام) على قناة دجلة, أن يخاض في السياسة من قبل نكرات المجتمع, وكان ضيف الحلقة ( كاظم الصيادي), الذي حكمت سخرية القدر, أن يجلس مجلس ممثلا عن الشعب, وليس هذا فقط, ولكن العجب العجاب, أن يقوم النكرة بتقييم المعرفة, وهو يشير الى القائد السليل, وصاحب الأرث الطويل, سماحة عمار الحكيم, ويشير اليه بأنه حديث عهد بالسياسة؟! فكان لزاما على العقلاء والكتاب, أن يبرئوا ذمتهم أمام المجتمع, و أن يقفوا بالمرصاد لمثل تلك النكرات, التي لم تجلب الا الويل والدمار لشعب العراق.

من هو كاظم الصيادي؟! وكيف شيخ على العشيرة؟! ولم يكن سوى شخص من عرب العشيرة, ان لم نقل كان عبدا من عبيد أحد الوجوه, ولكن خصيان العشيرة بدأت تقيم الشيوخ, و أقزام الصدفة, بدأت تقيم خطاب هام الجبال الشامخة في السياسة والدين, فكان حال البلاد من سيء الى أسوء, ولم يرعوي الهمج في سبب دمار البلاد, فلا زالوا يقاتلون الحسين بغضا بأبيه, وهكذا بح صوت الرشد في النجف الاشرف, وقلت حيلة الحكماء في تحديد شيخ العشيرة, لئلا تخلوا المرحلة من عقول شمخت بحكمتها وعلمها, فشيخنا من لا يعرف الا لحظته, فلا يعرف غده فضلا عن أمسه, وتركنا من ينضر للمستقبل البعيد, ويحكم في يومه, لأنه سليل الامس الشامخ.

من هوان الدهر أن ينزل علي بمنزل معاوية, وشتان بين الثرى والثريا, وبات واضحا عندما نجد من يترك مرجعية الرشد الغنية, ويتبع أهوجا فسد في البلاد ثمان سنين خلت, و يقيم أبن المرجعية وسليلها, من قبل نكرة من نكرات المجتمع, ففي الامس حنان البعث تقول: ( فلوسك فلوس الخلفك) قاصدة عمار الحكيم, وللأنصاف نقول : (( ما كان لكم هذا ولا لأهلكم)), ف ( ال الحكيم), شجرة جذورها ثابتة, وفرعها يناطح السماء, ومن أنتم حتى تكونوا شيوخا, ولكن سبق و أن قلنا: (( لستم بشيوخ ولكنكم عجبتم الرعيان)), وعاجب الرعيان كاظم.