بعد مباراةٍ مثيرةٍ بالأمس بين تشيلسي والليفر، وتحدث الكثيرين من المهتمين بالناحية التكتيكية عن أسلوب كلوب في الضغط العكسي وكيف أنه كان دواءً مثالياً للارتداد المباشر الذي هو أسلوب أنتونيو كونتي؛ وؤال الكثير ممن يريدون معرفة ماهذا الأسلوب؟ هذا المقال بإذن الله سيملك الجواب.
مكافحة الضغط كانت كلمةً غريبةً في تكتيكات كرة القدم في آخر خمس سنوات لكنه بدأ بجذب الانتباه من الإعلام حديثاً. بسبب نجاح برشلونة وبوروسيا دورتموند و(حالياً) ليفربول، مكافحة الضغط تم وضعها على أنها واحدٌ من أهم أسباب نجاحهم وألقابهم. دورتموند، على وجه الخصوص، تم تعريفهم بهذا الأسلوب. ولكن على كلٍ، فإن الإعلام يظهر قلةٍ في استيعاب حقيقة مكافحة الضغط وماهيته.
ماهو مكافحة الضغط؟
مكافحة الضغط تعني أن تضغط على خصمك مباشرةً بعد خسارة الكرة، أي أن تضغط كمجموعة منظمة في حالة التحول الدفاعي. الفريق بأكمله يطارد الكرة، وفي حالاتٍ مثالية، يكسبونها فوراً من الخصم. الهدف منه له مبدئان أساسيان: أن تمنع الارتداد المباشر من خصمك وأن تكسب الكرة. الإنجليز وحتى الإسبان والطليان، يطلقون عليه الضغط العكسي (وهو ما سنستعمله في مقالنا) وليس مكافحة الضغط؛ في النهاية فإن إرتداد الخصم المباشر يتم الضغط عليه. في 2008، يورغين كلينسمان تحدث عن الضغط العكسي وقال أنه "العلاج السريع لخسارة الكرة" مصيباً قلب الموضوع.
كيف يستعمل الشخص الضغط العكسي بنجاح؟
هنالك العديد من الشروط المسبقة للحصول على ضغطٍ عكسيٍ ناجح. العامل المحدد هو تمركز اللاعبين بشكلٍ عام وأسلوب لعبهم قبل المحاولة بعكس الضغط. على اللاعبين اللعب على مقربةٍ من بعضهم حتى يتمكنوا من الضغط كوحدةٍ واحدة في لحظة خسارة الكرة وهو ما يحصل عند اللعب بتمريرات قصيرة. وفي نفس الوقت، لايجب عليهم الالتصاق ببعضهم البعض بحيث يهملون تغطية المساحة الكافية. عادة، الطريقة الحسنة في التعامل مع الكرة وهي بحوزتك والتمركز الجيد خلف الكرة يأتون يداً بيد.
بعض المدرببين يستعملون القاعدة الأساسية وهي (شغل أقل المناطق الممكنة بلاعبين فرديين، لكن أكبر مسافة ممكنة بين اللاعبين ضمن تلك المناطق لكيلا يشغلو نفس المساحة.) لجعل التمركز سهلاً للفهم؛ على الرغم من أن قاعدة بسيطةً كتلك، بعض الجوانب تضيع في تعقيدات الضغط العكسي.
العديد من الفرق أيضاً تواجه مشكلة متى عليهم التوقف عن الضغط، أي متى يجب علي التوقف عن الضغط حين لا أستطيع كسب الكرة؟ متى يجب علي البدء من جديد؟ لكم من المدة يجب عليك الضغط وبكم لاعب؟ هذا على وجه الخصوص إشكالية لأن الاستحواذ على الكرة في تغيرٍ دائم. ولهذا، هنالك نظريةٌ شائعة، قاعدة الخمس ثواني. فوراً بعد خسارة الكرة الفريق يجب عليه أن يضغط بالسرعة القصوى وبكل شدة وقوة لمدة خمس ثواني.
إذا لم يتحصل الفريق على الكرة خلال خمس ثواني ولم تكن هنالك فرصة في الاستحواذ عليها مرةً أخرى، يجب عليهم أن يتحولوا إلى خطتهم الدفاعية. بالاعتماد على الفريق، الوقت قد يختلف. ينصح بتدريب المبادئ الاستراتيجية للضغط العكسي بهدف تطوير حالة مرنة في وقت محدد للضغط العكسي.
ومن المهم أن يتجاوب الفريق بشكلٍ سريع ومع التوقع المثالي. عند تغير الاستحواذ، يجب على اللاعبين أن يكونوا قد بدأوا بالركض؛ تالياً، من المهم للاستجابة الحركية وردة الفعل المميزة أن تكون حاضرة وتكون صحيحة في توقع ماذا سيفعل الخصم بالكرة بعد كسبها وماذا سيفعلون بها بعد استرجاعها. على اللاعبين أن يتوقعوا دائماً أن الاستحواذ سيأتيهم، لكن في نفس الوقت يجب عليهم تقدير الحالة بنسبة مئوية والتصرف وفقاً لها. مراقبة شكل الفريق وحالته مهم جداً.
الجوانب التكتيكية التي تؤخذ بعين الاعتبار.
هنالك بعض الجوانب التي يجب أن تنفذ لضغطٍ عكسي صحيح. حجب منتصف الميدان مهمٌ لتنفيذٍ ناجح. في منتصف الميدان، الخصم لديه الكثير من الخيارات حينما نأتي لتدوير الكرة، مساحة الرؤية، والتمرير. حتى إذا قوس أحد اللاعبين جريه لحجب منطقة معينة من الملعب، الخصم سيكون لديه الجانب الآخر كله من الملعب للعمل فيه. بطريقةٍ مثالية، الخصم الذي يحصل على الكرة سيتم إجباره على اللعب إما على الأطراف أو أن يعود للوراء إلى مرماه بعيداً عن منتصف الميدان. هنالك، لن يكون لديه فرصة لتدوير الكرة وخياراته ستكون محددة، مما سيحرمه من أهم وأسرع طريق للمرمى، بما أن كل إرتدادٍ مباشر سيأخذ وقتاً طويلاً.
بطريقةٍ مثالية، الخصم سيكون محاصراً من المنتصف إلى الخارج، مجبرينه على اللعب للخلف أو بتمريرات جانبية وهكذا سيتم عزله عن زملائه في الفريق. وهذا بطبيعة الحال سيعزز السؤال عمن كسب الكرة. بعض الفرق تحاول أن تقطع عن خصومهم الكرة وتهاجمهم. وهو شيء جيد، بما أنك لن لن يتم التفوق عليك في اللعب وأقرب ممرر سيكون لديه فرصة في استرجاع الكرة. لكن، وفي نفس الوقت، يمكن للخصم التحرك بحرية، ويبطؤوا المباراة، وإعطاء أنفسهم خياراتٍ أكثر.
اختيارٌ آخر وهو الركض مباشرة باتجاه حامل الكرة؛ الخصم يتم ضغطه بأكثر قسوةٍ ممكنة، الواحد لايمكنه تحديد ما إذا كان عليه أن يقوم بتخفيف سرعته أولاً أو البدء بالحركة المشؤومة "مسافة كرة السلة" حين يقوم بالتحدي على الكرة. وكنتيجة لذلك، الخصم يملك وقتاً أقل، الرتم سريع، ويمكنك الهجوم بقسوةٍ أكثر. وفي نفس الوقت، ستخسر التحدي بشكلٍ أكبر، أو يتم التفوق عليك في اللعب وترتكب الأخطاء.
طريقةٌ أخيرة هي الركض وراء الخصم بتأني. لن يتم تبطيء الرتم على الخصم، لكن أول لاعب يقوم بالضغط العكسي لن تكون لديه أي نية في الحصول على الكرة. بمجرد ما أن يسلم خصمه الكرة يعود إلى مركزه الأساسي في ظل التغطية. وكنتيجة لذلك، الإيقاع هنا سيكون سريعاً جداً والخصم سيتم إجباره على عملٍ معين بحيث سيكون العمل للفريق الضاغط أسهل بكثير للتعامل معه. اللاعب التالي حينها يهجم وسيستطيع كسب الكرة بسهولةٍ أكبر. نقطة جانبية مثيرة: بعد أن يتم استعادة الكرة، يمكنك فوراً لعب تمريرة تخليص للاعب الذي يكون قد جرى خلف دفاع الخصم. "التخليص" هنا تعني أن المسافة تكون مناسبة، والمساحة مكتسبة، والزميل يعلم من الحالة السابقة أنه قد تعدى الخصم.
ماهي متغيرات التغطية؟
هنالك بشكلٍ مبدأي أربعة متغيرات للتغطية في الضغط العكسي.
في التنظيم الموجه للرجل في الضغط العكسي، اللاعب يبحث عن خصمٍ لتغطيته فور خسارة فريقه للكرة. وآخر يجري، ويقطع الطريق على الخصم، ويجبره على حركة تابعة للتحرك الذي قام به. عادة التمريرة تأتي للاعب فقط بعد أن تحدث عملية استعادة الكرة. كل خيارات التمرير المتاحة القريبة يجب أن توضع تحت ضغطٍ فوري، حتى لا يمكن للخصم التحرر والهروب من الضغط. بايرن تدربوا على هذا الأسلوب مع يوب هانكس.
اختيارٌ آخر وهو الضغط العكسي الموجه للمساحة. هنا، هنالك اعتبارٌ صغير للخصم. بدلاً من ذلك، اللاعب يركز على حامل الكرة، والكرة نفسها، والمساحة المحيطة بحامل الكرة. الفريق بأكمله يضغط في اتجاه الكرة ويبحثون عن توليد أكبر ضغط ممكن. هذا الضغط يجب أن يولد أخطاء، مما يمكن الفريق أن يغطي ويدعم أول لاعب يضغط، ويمتصون معاً خيارات التمرير المتاحة في ظل تغطيتهم. هذا الضغط الشديد غالباً ما يسبب خسارة الخصم للكرة أو تشتيتها بعيداً. دورتموند استعملوا هذا الأسلوب مع كلوب (كما يفعل الليفر الآن).
في الضغط العكسي الموجه لمسار التمرير الخصم أيضاً سيتم وضعه تحت الضغط من قبل لاعب، لكن هنا، كما في نسخة التوجه للرجل، الخصم مسموحٌ له بالقيام بالتمريرة الأولى. مع التباين في نسخة الضغط العكسي الموجه للرجل، وعلى كل حال، مستقبل الكرة لايتم الهجوم عليه، لكن التمريرة نفسها. الهدف هو الإيقاع ببعض الخصوم ثم، بعد أن يتم تمرير الكرة، أن يستعيدوا الكرة بمرونة، الإيقاع بالتمريرة، أو -إذا أخذت الأمور منحنى خاطئ- جعل لاعبين يقومون بالضغط على مستقبل الكرة. برشلونة استعملوا هذا الأسلوب غالباً مع بيب.
أما بالنسبة للضغط العكسي الموجه للكرة، الفريق يتوجه للضغط على الكرة بدون النظر إلى خسارتهم في تركيبة الفريق. هذا يعني أن، على اليد الأولى يمكن للفريق تحقيق أقصى قساوة وسرعة، ولكن على اليد الأخرى، سيكون غير حصيناً ومعرضاً للاختراق. في السبعينيات تدربت هولندا وأياكس على هذا الأسلوب كما فعل فريق (SV Grodig) مع مدربهم أدي هوتر موسم 2013/14.
ومع ذلك، الشخص لا يجب عليه أن يعتقد (والمدرب لايجب عليه أن يطالب) بأن نوعاً معينا من التغطية يجب القيام به. إنه غالباً يعتمد على الحالة والخيارات المتاحة، والتي يتم تقديمها من قبل شكل الفريق وكيفية خسارة الكرة. وفي أغلب الحالات هو مزيج من كل هذه التغطيات.
لماذا الضغط العكسي مهم؟
إنه من الواضح لنا جميعاً أن الضغط العكسي هو مجمعة تكتيكية، من الصعب الوصول إلى حالاتها المثالية، وتتطلب الكثير من الجهد البدني. السؤال هو وبطبيعة الحال، لماذا يجب علي تدريب الضغط العكسي وماهي المميزات. العامل الأكثر أهمية هو الاستقرار الدفاعي.
*الاستقرار الدفاعي!
في كرة القدم الحديثة، أغلب الفرق يمكنها التحول من هجوم لدفاع ومن دفاع لهجوم بسرعة؛ اللاعبون يهرعون للهجوم بأقصى سرعة، اللاعبون مع الكرة هم الموهوبون تكنيكياً، ومع الكرة في أقدامهم يمكنهم اختراق المساحات ولعب تمريرات جيدة. اللاعبون أيضاً مدربون بشكلٍ جيد تكتيكياً بحيث أن رأٍس الحربة أو الأجنحة يكونون قد بدأوا بالبحث عن مساحات لشغلها واستغلالها، مما يجعل الهجوم المرتد أخطر أكثر. علاوة على ذلك، إنه في اللحظة التي يخسر فيها الفريق الكرة يكونون فيها غير منظمين، بينما العديد من الفرق قد بدأت فلسفةً في التحولات العمودية السريعة.
إذا كان هنالك فريق يحاول التراجع إلى مراكزهم الدفاعية، عندها يمكن للخصم التقدم في الملعب تزامناً مع تراجعهم مما يسكبهم المساحة وأيضاً الخطورة للهجمة. الضغط العكسي، على كل حال، يدفع بالخصم للخلف ويمنع ذلك. وبهذه الطريقة فهو يمنح الاستقرار الدفاعي؛ بإستثناء التطبيق السيء، بطبيعة الحال. ومع ذلك، فإن الضغط العكسي يمنع إرتداد الخصم ويجعل من الصعب على الخصم أن يردوا الضغط العكسي الذي طبقته عليهم.
تجنب المساحات الضائعة وقلة التنظيم.
هذا الجانب يأتي يداً بيد مع الأول. حتى إذا استطعت كسب الكرة بشكل دائم مع مستوى جيد مشابه للضغط العكسي بالتراجع، لن تجنبك المساحات الضائعة والتنظيم. حتى بعد أن تستعيد الكرة ستكون متراجعاً بشدة في مناطقك الدفاعية وبشكلٍ دفاعي بحت. الفائدة العظمى من الضغط العكسي هي أن الكرة طبيعياً تسترجع بتنظيم وشكل هجومي بحت وفي مناطق عليا من الملعب وبعيداً عن مرماك. وبكونك أنك كنت المستحوذ قبل لحظاتٍ قليلة، لاعبوك كانوا متمركزين للهجوم. وبالإضافة لذلك، الخصم غالباً سيتحرك للخارج مما سيفتح لك مساحات لم تكن متاحة قبل؛ هذا التآزر يضمن الفائدة العظيمة الثالثة، الحضور الهجومي المتزايد.
هجوم متحسن
بعد أن تكسب الكرة في مناطق عالية من قبل الضغط العكسي، يمكنك أن ترد الهجوم ضد فريق قد تحول للهجوم للتو. سيكونون في شكلٍ سيء جداً وبديناميكية غير مرغوبة، لأنهم يريدون أن يبدؤوا بتشكيلة واسعة المدى وعميقة هجومياً آتية من أخرى ضيقة المدى؛ بينما في نفس الوقت فريقك سيكون متراصاً حول الكرة.
بينما سرعة الخصم وتحوله تم إفسادهم وفريقك في شكلٍ ووضعٍ أفضل، يمكنك الهجوم فوراً على خصمك الذي بدأ بالتراجع أو أن تدور الكرة إلى مناطق أعلى في الملعب. تصريح يورغن كلوب عن الضغط العكسي لم يأت من فراغ حين قال (الضغط العكسي هو أفضل صانع لعب في العالم.).
لماذا يعمل الضغط العكسي؟
يجب أن يكون محط اهتمام من المدربين لماذا يعمل الضغط العكسي دائماً. إنه من المهم أن يقوم فريقك بالحركة الأولى في الضغط العكسي. إذا تراجعت أو ترددت، سيصبح الخصم هو صاحب الفعل وأنت ستصبح صاحب رد الفعل. وهكذا، ستبع قرارات الخصم بدلاً من صنع قراراتك بنفسك. الأفضلية في اتخاذ القرار أو القيام بالخطوة الأولى هي أنك أنت من ستضع القواعد وتلعب بقواعد محددة. وستضعك في مكان أفضل للتصرف وتحدد مالذي ستفعله تالياً. التطبيق بحد ذاته سيصبح سؤالاً في التنفيذ؛ أكبر فوائد الخطوة الأولى.
هذه الوظائف ليست نظرية فقط ولكن في التدريب أيضاً فهو شيء مهم من الجانب التكنيكي والتكتيكي. الخصم يجب عليه أن يتوقع خلال محاولة استعادة الكرة كيف يهجم. هذا ينبع من خلال النظر إلى الحالة والبحث عن خيارات التمرير، إلى حقيقة أنه يجب عليه أن يتعامل مع الكرة منذ استلامها وهو أحياناً أكثر صعوبةً وتكنيكياً معقدٌ أكثر من استلام كرة قوية وصعبة. للوصول إلى حالة ملائمة لتلقي هذه الكرة، (متضمناً اتخاذ القرار) تأخذ وقتاً ويمكن استغلالها من خلال ضغطٍ عكسي سريع وشرس.
هنالك فرصة ضئيلة في أن يستلم أي لاعب الكرة بدون أن يتم الضغط عليه. وهذا هو أكبر أسباب نجاح الضغط العكسي.
تمت الترجمة من قبل: nedhal_1420_N7@