الموسم الماضي كان ناجحاً جداً بالنسبة لمونشنغلادباخ. فقد أنهوا الموسم في الترتيب الثالث، الأفضل لهم منذ موسم 1986/87، مع 66 نقطة، أعلى مجموع نقاط لهم منذ تم إعتماد نظام الثلاث نقاط في ألمانيا. هذا كان يعني أنهم تأهلوا إلى دور المجموعات في دوري الأبطال منذ أن تم إعادة صياغتها في بدايات الـ90، وهي أول مرة لهم أيضاً يشاركون في مسابقة أوروبية لأندية النخبة منذ عام 1977/78، عندما أخرجهم بطل تلك النسخة ليفربول في نصف النهائي.
لقد كان المدرب روكروندي الذي قام بالمهمة لغلادباخ حين انتصروا في 12 من أصل 17 مواجهة وحافظوا على 10 شباك نظيفة. مع انتصارات لابد من الوقوف عليها ضد كلٍ من بايرن ميونخ، دورتموند، ولفسبورغ وباير ليفركوزن والتي قادتهم للمركز الثالث والذي لم يتوقعه الكثيرون في بداية الموسم. هم الآن يتجهون إلى دوري الأبطال مع كتيبتهم الشابة والموهوبة، لقد نظروا إلى المستقبل ليحققوا إنجازاتٍ أكبر فيه والذي كان اختباراً حقيقياً للعمل الذي قام به المدرب لوسيان فافري والإدراة لإعادة بناء التشكيلة بعدما باعوا الكثير من لاعبيهم المهمين أمثال: ماركو رويس، دانتي، رومان نيوستادتير، تيرشتيغن وخوان أرانغو في الماضي القريب.
وكنتيجة لما انتهوا به الموسم الماضي، غلادباخ دخلوا موسم 2015/16 مع الكثير مما يتطلعوا إليه مع الفرصة ليكونوا من بين نخبة أوروبا، وقد كانوا من المتوقع لهم بالنهاية بين أفضل أربعة هذه السنة في البوندسليغا. مرة أخرى، خسروا الكثير من لاعبيهم المهمين في الانتقالات الصيفية مع ذهاب ماكس كروز إلى ولفسبورغ وعودة كريستوفر كرامر إلى ليفركوزن بعد انتهاء صفقة إعارته، ولكن مرة أخرى تعاملت إدارة غلادباخ بذكاء في تعويضهم.
وجاؤوا بواحد من أفضل لاعبي البوندسليغا لارس ستيندل بقيمة قليلة مقارنةً بأدائه 3ملايين يورو من هانوفر، والمدافع الشاب الموهوب نيكو الفيدي من زيورخ بقيمة 4ملايين يورو، نيكو شولز بنفس القيمة من هيرثا بيرلين، وأندريس كريستينسن على سبيل الإعارة من تشيلسي. وأيضاً أبقوا على نجمهم ثورقان هازارد في الـ(بوروسيا بارك) بشكلٍ دائم بعدما تعاقدوا معه من تشيلسي بقيمة 8ملايين يورو وأحضروا أيضاً السويسري الدولي جوسيب درميك من ليفركوزن بقيمة 10ملايين يورو، أكبر صفقة انتقال لهم في الصيف. المسرح يبدو أنه جاهزٌ لغلادباخ للاستمرار بالعمل الجيد على نفس أو ربما أقوى من وتيرة الموسم الماضي.
ماحدث لم يكن في الحسبان البتة. الفريق خسر أول خمس مباريات في الدوري من الموسم الجديد وبعد الخسار بـ(1-0) من كولن، لوسيان فافري بشكل غير متوقع وصادم قام بتقديم استقالته. النادي تم تركه في قاع الترتيب مع نقاط عددها 0 ومركز لا يحسدون عليه في بداية مشوارهم، شيء لم يتوقعه أحد.
على الرغم من أن بداية الموسم كانت سيئة جداً كما يمكن للجميع تخمين ذلك، لم يكن هناك سبب مقنع لماذا ترك فافري الفريق مبكراً جداً حتى قبل أن يعلن عن استقالته. النتائج ربما تكون سيئة، لكن هنالك أيضاً بعض الإصابات لأهم لاعبي الفريق من الموسم السابق أمثال: مارتن سترانزل، ألفارو دومنيغيز، هافارد نوردتفيت وفابيان جونسون كما أنه كان هنالك العديد من اللاعبين الجدد الذين مازالوا يتأقلمون ولذلك فهو من المفهوم لماذا من الصعب أن تحظى بنتائج فورية، حتى إن لم يجب أن تكون بالسوء الذي رأيناه.
هذه المشاكل المبكرة كانت تعني أن فافري مضطرٌ أن يشرك قلوب دفاعٍ مختلفيت في كل مباراة من المباريات الخمس: مارفين شولز، كريستنسن، رول براورز، وتوني جانتشكي يقومون بالمداورة كل أسبوع مع غياب المخضرمين سترانزل ودومينغيز. كما كان هنالك لاعبون تم تبديلهم في الوسط مع كون أمثال: نوردفيت، جونسون، وأندري هاهن مصابين، ما جعل باتريك هيرمان يلعب في الجناح الأيسر بدلاً عن مركزه المفضل في الجناح الأيمن. كما أنه كان هنالك تجارب أداءٍ أسبوعية لمن سيكون الزوج المثالي لرافاييل في خط الهجوم بعد بيع كروز ومع إعطاء الفرص لكلٍ من هازارد ودرميك، لكن كلاهما لم يستغل الفرصة المعطية له في بداية الجولات.
لم تكن هناك تشكيلة أساسية موحدة. كل شيء كان يتغير من مباراة لأخرى بالاعتماد على من سيكون متوفراً للعب وهذا، بالإضافة إلى الفورمة السيئة التي كان يمر بها بعض أهم لاعبي الفريق مثل: جرانيت تشاكا ورافاييل، اصطحبت غلادباخ إلى المركز الذي وصلوا إليه في خمس جولات فقط. وبشكل فجائي، فقط بعد أشهر من انتهائهم في المركز الثالث والتأهل للأبطال، غلادباخ وجدوا أنفسهم في المركز الأخير في البوندسليغا ومدربهم فافري قد قرر الاستقالة بشكل غير متوقع. لقد كان موقفاً سيئاً ومهمن كان خليفته فهو في وضع لا يحسد عليه، لقد كان يتطلب الكثير من العمل والصبر للخروج من هذا المأزق.
بديله اتضح أنه أندري شوبرت، رجلٌ مع ماضٍ مغمور كلاعب في الدوريات المتوسطة والذي اكتسب مصداقيته التدريبية من تدريب أندية مثل: بادربورن، ساينت بولي، والمنتخب الألماني تحت 15 سنة. على الرغم من أنه تم تعيينه على أنه مدربٌ مؤقت، فإن تعيينه أتى مفاجئًا كما أتت استقالة فافري فلم يكن أحد ليضعه حتى بين اختياراته لتدريب الفريق. ومع ذلك، المسؤولية تم إلقائها على عاتقي شوبرت لإعادة الأوضاع كما كانت في السابق.
وهو لم يفعل ذلك وحسب، بل استطاع العودة بالفريق إلى أوروبا مرة أخرى فقط في ظرف 6 مباريات. وقد استطاع تحقيق نتائج مذهلة في أوروبا بتعادلين ضد أبطال إيطاليا (ووصيف دوري الأبطال سنة 2015)، جوفينتوس وكما استطاع تحقيق انتصاراً مذهلاً على حاملي اللقب إشبيلية (4-2)، عودة غلادباخ الدراماتيكية في فترة قصيرة أدت إلى تجديد عقد شوبرت لسنتين إضافية وتعيينه كالمدرب الرئيسي للفريق حتى يونيو 2017 وإلغاء عقده المؤقت.
شوبرت استطاع تحقيق سلسلة من 10 مباريات من دون خسارة من اللحظة التي استلم فيها الفريق، شيء لم يكن ليتوقعه أحد. الطريقة التي حقق بها كل ذلك كان من خلال تعديلات بسيطة. بدأ فوراً بالإبقاء على خطة فافري الـ(4-4-2) كالتشكيلة المبدئية للفريق، لكن مع بعض التغييرات في التشكيلة بما أن بعض اللاعبين المصابين بدأوا بالعودة.
جوليان كورب، والذي لعب العديد من المباريات مع فافري ولكن لم يعطَ الفرصة كأساسي، تم إقحامه كالخيار الأول في مركز الظهير الأيمن مع تغيير مركز جانتشكي لقلب الدفاع ليرافق كريستنسن في ظل غياب سترانزل ودومنيغيز، والذين غابا أغلب مباريات الموسم. جونسون استعاد مركزه في الجناح الأيسر بعد عودته من الإصابة وهيرمان تم إعادته إلى الجناح الأيمن، لكنه لم يصمد كثيراً قبل أن يمزق أوتار كاحله ويتم إستبداله مرة أخرى بإبراهيما تراوري.
التغييرات الملحوظة بشكل كبير كانت، إدخال الفتى الصغير ذو الـ(19) سنة محمود داهوود في منتصف الملعب للعب بجانب جرانيت تشاكا، ولارس ستيندل، والذي شغل ذلك المكان من قبل مع فافري، تقدم للأمام ليشارك رافاييل في الهجوم. لقد كانت حركة أعطت الكثير من الإبهار حيث أثبت داهوود نفسه على أنه واحدٌ من أفضل لاعبي الوسط في البوندسليغا هذا الموسم وستيندل أكمل تسجيله للأهداف من الموسم الماضي، مسجلاً 7 في الدوري و14 في كل المسابقات.
مع شوبرت، أمثال: تشاكا، رافاييل، وستيندل عادوا لفورمتهم المعهودة ولعبوا بأفضل ما يمكنهم في مسيرتهم المهنية، كما فعل جونسون، والذي سجل 8 أهداف هذه السنة. غلادباخ لعبوا مع شوبرت كرة قدم مثيرة وهجومية مع تنظيم وإلتزامٍ دفاعي أقل مما كان مع فافري، مسفرةً عن شباك نظيفة أقل وهجوم مدمر. هذا سيوضح بشكل أفضل بحقيقة أن غلادباخ هم ثاني أعلى فريق في تسجيل الأهداف بعد بايرن منذ أ، تولى شوبرت المهمة في الجولة الـ6، بينما وبنفس المعدل يمتلك الفريق أسوء خط دفاع بعيداً عن فرق القاع الـ5. بالنسبة لفريق كان يمتلك ثاني أفضل دفاع في ألمانيا منذ سنة مضت فقط، الفروقات بين تدريب شوبرت وفافري واضحٌ للعيان.
مع شوبرت، غلادباخ هزموا أمثال: بايرن، شالكة، ولفسبورغ، ومفاجأة هذا الموسم أيضاً هيرثا بيرلين وقد فعلوا ذلك من خلال لعب كرةٍ هجومية بدلاً من القبوع في الخلف واللعب على المرتدات كما فعلوا مع فافري. الانتصار على البايرن ربما كان أفضل ما شاهدناه من فلسفة شوبرت، لكنها الآن تعرف بأنه المباراة التي بدأت معها فعلياً حقبة أندري شوبرت مع بوروسيا مونشنغلادباخ.
بعد أن لعب بخطة فافري الـ(4-4-2) لمدة 3 أشهر منذ وصوله، شوبرت جهز الفريق لرسم الـ(3-4-1-2) الغير معهود ضد البايرن مع إعطاء المدافع الشاب نيكو الفيدي ذو الـ18 عاماً مشاركته الكاملة مع الفريق لأول مرة كقلب دفاع ثالث بجانب نوردفيت وكريستنسن مع كورب وأوسكار ويندت كأجنحة خلفية لكن مع مهام هجومية أكثر. جونسون أدخل إلى وسط الميدان بجانب تشاكا ومع داهوود المتقدم للأمام على الرغم من إعطاءه مسؤوليات في الرجوع وتكوين خط وسط ثلاثي عندما لاتكون الكرة بحوزة غلادباخ. لم تكن هكذا في المباراة بم أن مراكز اللاعبين تغيرت خلال مجريات اللقاء كما تغير الرسم الفني أيضاً، لكن هكذا كان تمركزهم بشكٍ عام في بداية المباراة.
لقد كان تغييراً مفاجئًا ولكنه وصل إلى حد الكمال مع تسليم غلادباخ بايرن أول هزائمهم في الموسم. هذا كان يعني أن شوبرت سيستمر مع رسمه الفني (5-4-1)، لكن بعد أسبوعٍ واحدٍ فقط، فريقه تم هزمه من ليفركوزن بخماسية نظيفة. على الرغم من ذلك، فلقد استمر بالتجريب وتجربة رسوم فنية جديدة، باحثاً عن الرسم المناسب لفريقه ليضع بصمته ويبني الفريق على رؤيته الخاصة بدلاً عن إكمال تراث فافري.
لقد عبث بالعديد من المتغيرات، متضمنة (5-4-1) و(3-4-3) وحتى(5-3-2) بينما كان يبحث عن النظام المثالي الذي سيسمح له باللعب بكرةٍ هجومية ولكن مع المزيد من التوازن الدفاعي حتى يتم التعامل مع المشاكل في الخلف بطريقةٍ أفضل. السبب في كونه استعمل رسماً فنياً مع مدافعٍ إضافي كان في أنه يريد الإبقاء على رجلٍ إضافيٍ في الخلف (كما يفعل المجنون بيلسا) والذي سيساعده في التعامل مع المرتدات حينما يترك الفريق الكثير من الرجال في الهجوم.
مدرب غلادباخ الجديد اعتمد نظام الثلاثة مدافعين منذ انتصاره على البايرن، مع بعض التغييرات الجوهرية من بدايته الأساسية مع الـ(4-4-2) بتحريك نوردتفيت إلى قلب الدفاع بدلاً عن وسط الملعب، مع وجود داهوود الذي ضمن مركزه الأساسي هناك، بجانب الفيدي وكريستنسن مع إصابة جانتشكي والتي ستغيبه على المدى الطويل.
فابيان جونسون غير مركزه وأصبح غالباً يلعب كجناح خلفيٍ أيمن في نظام الـ5 مدافعين مع كون كورب وتراوري الرجال الغريبين في الخارج وتقديم هازارد لنفسه كلاعبٍ عادي، لاعباً بجوار ستيندل ورافاييل في الهجوم أو حتى خلفهم كصانع لعب. في بعض الأحيان، شوبرت قام بالكثير من التغييرات والتي لم تترجم بإعطائه النتائج التي كان يتحصل عليها سابقاً، لكن إصراره على التجريب بدلاً من العودة إلى الـ(4-4-2) تظهر أنه يريد أن يجعل فريقه خاصاً به وليس الاستمرار على نفس المنوال الذي قام به سابقوه في المواسم الماضية.
غلادباخ لم يتحولوا بشكلٍ كامل إلى أفكار شوبرت بعد على أرضية الملعب وفي الحالة الدفاعية هم مازالوا يملكون مشاكلهم، لكنهم مازالوا يسجلون الأهداف وهم يتحولون إلى فريقٍ مرنٍ تكتيكياً ومتنوعٌ أكثر مما كانوا سيكونون عليه مع فافري والذي سيتعفن مع طرقه البدائية حتى النهاية. سواءً استطاع شوبرت تحقيق النجاح في ما فعله السويسري في غلادباخ واضحٌ للعيان، لكن كونه منفتحاً ويقوم بالتجارب حين الضرورة، عندها قد يفعل يوماً ما يطمح إليه.
صاحب الـ44 عاماً قاد المهور (لقب غلادباخ) إلى المركز الـ5 مع تبقي 4 مباريات فقط على نهاية البوندسليغا، بعد أن تولى مهمتهم وهم بدون نقاط بعد 5 جولات، وهو على ما يبدو أن غلادباخ سيلعبون في أوروبا الموسم القادم أيضاً. لقد أخذ لعب الفريق الهجومي إلى مستوىً آخر خلال فترته ويريد أن يبني هوية في النادي على طريقته الخاصة. بينما النادي لايمكنهم وضع أهدافٍ له مع التغييرات التي يريد شوبرت القيام بها، هنالك شيءٌ واحدٌ مؤكد: أندري شوبرت هو مدربٌ موهوبٌ جداً ويمكنه الذهاب بعيداً في عالم التدريب. مع عقله وأفكاره، غلادباخ يمكنهم الذهاب بعيداً.
تمت الترجمة من قبل: nedhal_1420_N7@