كان ياما كان.. يا سادة يا كرام، كان هناك بيت كبير عمره أكثر من ٧٠٠٠ سنة، بناه أجدادنا العظماء وصنعوا حضارة يتحدث عنها جميع الجيران، إلى الآن يتحدثون عنها وعن العظماء، ولكن من بنى هذه الحضارة ليس العظماء كما يعتقدون، ولكن بُنيت بمجهود الفقراء.
ومات أجدادنا العظماء وورثهم أحفادهم العظماء، وهتف الجيران بأسماء العظماء، وظل الفقراء يشيدون ويعمرون بدمائهم، وظل العظماء يتوارثون ويتباهون بميراثهم. ومرَّ الزمان وبقي الحال كما هو الحال.
ومرت أزمنة على نفس الحال إلى أن ظهر مجموعة من الفقراء ثاروا على العظماء، وبعد الثورة أصبحت مجموعة الفقراء عظماء ونسوا أنهم من الفقراء، وأصبح الفقراء فقراء يشيدون ويبنون ويموتون.
ودائمًا توجد مجموعة أفراد هم أصحاب مبدأ، ومبدؤهم هو أن لا يكون عندهم مبدأ. دائمًا يرقصون ويهتفون إلى أي عظيم، ويذهب العظيم ويقفون على رفاته ليهتفوا ويرقصوا لمن يليه. وقالوا عن العظماء (قولنا هنبني وادي احنا بنينا) وظل الفقراء يبنون ويموتون والعظماء يقولون (قولنا هنبني وادي احنا بنينا).
مات العظماء وبقي الفقراء ينزفون، ومن عظيم إلى عظيم، حتى جاء اليقين وتجمع الفقراء في يوم مثل اليوم في مكان واسع وكبير قالوا عنه إنه ميدان التحرير. وتنحى عظيم وخرج أصحاب المبدأ ليسبوا وينحروا في هذا العظيم.
وجاء عظيم وظل الفقراء كما هم فقراء، إلى أن خرجوا منقلبين. فجاء عظيم وخلع عظيمًا، وخرج مرة أخرى أصحاب المبدأ يسبون ويلعنون في من رحل ويغنون ويرقصون إلى الجديد وقالوا في هذا العظيم (تسلم الأيادي تسلم يا عظيم بلادي).
وبقي العظيم وانحدر الحال إلى أسوأ الأحوال وزادت الأسعار وزادت معها الديون وجاع الفقراء ثم مات الفقراء جوعًا وفقرًا ولم يبقَ غير العظماء، عاشوا في راحة وسعادة، وتطور العلم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أغناهم عن وجود الفقراء، وأصبحت الآلات بديلة الفقراء يبنون ويشيدون.
ولكن بدون ألم أو معاناة، ولا ينزفون ولا يموتون. وقال العظماء: ما أجهلنا! كان الفقراء يأكلون ويشربون ويسرقون ويكذبون، وكان منهم من يثور علينا، وهذه الروبوتات لا تفعل أي شيء غير إسعادنا، ولا يوجد لها متطلبات.
وتوتة توتة خلصت الحدوتة. مش هقول حلوة علشان كانت منكوبة.