لابد من تسليط الاضواء على معمعة الساحة العراقية وتسمية الاشياء ب اسمائها من دون لف ودوران ؛ فقد حاول الكثيرون أن يعطوا للصراع التاريخي والمعاصر في العراق وصفا وعنوانا غير الوصف والعنوان الذي يمثل جوهر الخطر ولب الصراع وحقيقة الامر ؛ محاولة منهم لتزييف الحقائق وقلب الوقائع , او لتنجب مخاطر الاعداء المحتلين وابناء دول الجوار المتربصين – هذا على صعيد الخطر الخارجي - ؛ او لعدم الاصطدام بالفئة الهجينة والغرباء والدخلاء والعملاء المرتبطين بالخارج , او هروبا من الاقتتال مع اتباع الخط المنكوس – هذا على صعيد الداخل - ؛ فاستغلت حكومات الفئة الهجينة ومؤسساتها الاعلامية هذا الواقع المرتبك وحشدت جنودها المؤدلجين وكتابها المنكوسين لتوصيف الصراع المعقد والمتعدد الوجوه والجهات على انه صراع ضد الفرس المجوس او الشعوبية او الرجعية او الامبريالية او الصهيونية او خونة الامة العربية ... الخ ؛ واخيرا تم وصفه على انه صراع بين من اصطف مع المحتل او جاء معه او بسببه ، وبين من وقف ضده ورفض التجربة السياسية الديمقراطية الجديدة برمتها .
وهو توصيف لا يمكن قبوله إذا نظرنا إلى حقيقة الأمر، و طبيعة المستنقع العراقي , وتعقيدات المشهد السياسي ؛ فهؤلاء العملاء والغرباء والدخلاء والمنكوسون يتحاشون الخوض في أصل الصراع وجوهره ؛ ويعرضون الامور على غير حقيقتها الكلية وتفاصليها الجزئية وكما قيل : ( الشيطان يكمن في التفاصيل ) ؛ فالصراع قديم قدم التاريخ انه صراع الحق والباطل والخير والشر والاصيل والدخيل والظالم والمظلوم والحاكم والمحكوم ؛ انه صراع المحتلين والمستعمرين ومرتزقتهم وعملائهم وخدمهم واتباعهم وجنودهم وبقاياهم ... مع العراقيين الاصلاء ابناء البلاد الغيارى ؛ انه صراع العراقيين ضد الاحتلال المغولي والعثماني والايراني والاعراب الغزاة والانكليزي والامريكي ؛ انه صراع الامة والاغلبية العراقية ضد الحكومات الهجينة الطائفية العنصرية المتعاقبة والتي جاء بها المحتل البريطاني ؛ انه صراع العراقيين الاصلاء مع بقايا العثمنة ورعايا الانكليز وشذاذ البلدان العربية الغرباء الدخلاء ؛ انه صراع الحضارة والاصالة العراقية مع كل ما هو دخيل وغريب ... .
مصاديق هذا الصراع متعددة ومتغيرة حسب السياقات التاريخية والارهاصات والتغيرات السياسية والاقتصادية والمخاضات الاجتماعية والتحولات الثقافية والفكرية العراقية ... ؛ الا ان الامر الثابت في المعادلة لطرفي الصراع هو : ان حب العراق وتفضيل مصالحه العليا وتقديم سكان العراق الاوائل والقدامى والاغلبية من الامة العراقية والحفاظ على تاريخها وعاداتها وتقاليدها وانجازاتها والاحتفاء بها يمثل الطرف الوطني الاصيل ؛ بينما يمثل الطرف الاخر : المنكوسون والعملاء والدخلاء والغرباء الذين يعملون لصالح الدول الاخرى ويسعون في الحاق الضرر والاذى بالعراق والعراقيين الاصلاء وتشويه سمعة الامة والاغلبية العراقية وتفضيل الغرباء والاجانب والدخلاء عليها ... .
فمهما حاول البعض من توصيف الامور بأوصاف خيالية لا تمت للحقيقة بصلة ؛ لا يفلح في ذلك ؛ لأننا سوف نطالبه بإيجاد مصداق خارجي واحد على ارض الواقع يصدق دعواه ؛ عندها لن يجد هجين يحب العراق والاغلبية العراقية او دخيل يساعد اصيل قط ؛ اذ كان توصيفه للصراع هو ما ينبغي أن يكون ، لا ما هو عليه الأمر كما هو كائن فعلا.
وعليه لابد لنا من التعامل الجاد والصادق والحازم مع الحقيقة كما هي بلا رتوش , فعلينا أن نتعامل مع الأمور كما هي عليه ، لنعود بها إلى ما ينبغي عليه أن تكون.
ان الصراع بين العراقيين الاصلاء واعداء العراق صراع قديم متجدد ؛ فهو اكبر من الصراع الطائفي والعنصري والقومي والمناطقي والفئوي والسياسي ؛ فالصراع الحقيقي لا ينطبق عليه وصف الصراع الطائفي تمام الانطباق ؛ فالصراع الطائفي قد يفهم منه أنه بين متطرفين ينتمون لدين واحد ... , بينما حقيقة صراعنا مع الاعداء الخارجيين والمنكوسين : انه صراع وجودي انعكست نتائجه واثاره على كافة تفاصيل حياتنا كما عانى منه اسلافنا سابقا ... .
ولا تحسبن صراع ابناء الفئة الهجينة مع الامريكان او العرب او غيرهما ولأسباب معينة وفي مراحل زمنية محددة ؛ صراع مبادئ او بين العدو وعدوه ؛ انما هو صراع اشبه بالمناوشات الشكلية والمسرحيات السياسية و على الاغلب سببه تقاطع المصالح او المطالبة بالمزيد من الامتيازات ، وليس المبادئ والوطنية كما يدعون ؛ وهذا شيء طبيعي بين ابناء الفئة الهجينة وايتام صدام فهم حملوا السلاح ضد الامريكان بأوامر الامريكان انفسهم ؛ عزاءا لهم عما فقدوه من كرسي السلطة المطلقة وامتيازاتها الكثيرة والتي تمتعوا بها طوال 83 عام ؛ بالإضافة الى تحقيق الكثير من الاهداف المنكوسة والمشبوهة ومنها : اشغال الحكومة والجيش العراقي بالعمليات العسكرية , و تحميل خزينة الدولة تبعات العمليات الارهابية والتي كلفت العراق مليارات الدولارات , وتعطيل عملية البناء والاعمار والتنمية , واكمال مسلسل حكومات الفئة الهجينة بقتل اكبر عدد من ابناء الاغلبية والامة العراقية من خلال العمليات والنشاطات الدموية الارهابية , اثر دعوتهم لكل قتلة وذباحة العالم الغرباء والاجانب والدخلاء من امثالهم ؛ اذ دخل العراق عن طريقهم 83 جنسية ارهابية من مختلف اصقاع الارض لتدمير العراق وقتل اهله الاصلاء ؛ كي تخلوا الاجواء العراقية للأجانب السفاحين وشذاذ الافاق الذباحين وشراذم وفلول المرتزقة الارهابيين .
والصراع بين ابناء العراق الاصلاء وبين بقايا العثمنة ورعايا الانكليز العملاء والغرباء والدخلاء من الذين حصلوا على الجنسية العراقية لاحقا ؛ بدأ عام 1920 عند بوادر تشكيل اول حكومة عميلة هجينة غريبة , وعندها اتخذ القرار بتعريب هؤلاء الدخلاء وتخوين الاغلبية والامة العراقية الاصيلة واقصاءها عن مواقع القيادة وحرمانها من الثروات والخيرات العراقية وادخالها في دوامة البؤس والعوز والفقر والحرمان والجهل والتخلف والمرض والامية والسجون والقتل والمطاردات والاعتقالات والحروب العبثية والمعارك الخاسرة ؛ لإهلاك اكبر قدر ممكن من سكان البلد الاصلاء .
فالصراع مع قوى الفئة الهجينة والخط المنكوس والاعداء ... صراع وجود لا صراع امتيازات وحدود ... ان صراعنا معهم اما ان نكون او لا نكون ؛ واما ان يبقى العراق او ينتهي لا سامح الله ؛ ان صراعنا معهم هو مفتاح النصر والسلام والازدهار او قد يكون النهاية المؤلمة .