هذه ليست مزحة فعلاً كنت أخاف أن أرسب فيها أكثر من الرياضيات والإنجليزي وغيرها من المواد. لازلت أذكر تلك اللحظة التي اتصلت فيها على أحد المدرسين في المرحلة المتوسطة لأسأله هل نجحت في التعبير أم لا، "يا أستاذ محمد هل نجحت في التعبير؟" فأنفجر ضاحكاً في سماعة الهاتف وقال لي هل تمزح! تخاف من الرسوب في التعبير قلت نعم، قال لا أحد يرسب في التعبير!

مشكلتي يا كرام عندما أكون في مواجهة الورقة وقد طلب منا المدرس الكتابة عن موضوع ما تهرب الكلمات والأفكار من عقلي وكأنني شخص أُمّي لم يقرأ ولم يكتب من قبل. وتبدأ عندها حالة الولادة المتعسرة لمحاولة تركيب بضع كلمات لكي أملأ الورقة وأحصل فقط على الدرجة الدنيا، كان عقلي في تلك اللحظة يتمزق لكي يُخرج لي عدة أسطر محاولاً إلصاقها مع بعضها البعض لينتج عنها قطعة رتيبة ليس لها أي طعم أو لون.

كنت أستغرب جداً وخاصة في الاختبارات النهائية عندما يعطوننا الورقة الخاصة بالتعبير والمسماة "فرخ" (وهي ورقة تتكون من أربعة أوجه مقسمة على شكل مربعات صغيرة) أن بعض الطلاب مشاء الله لا قوة إلا بالله يملئونها عن بكرة أبيها، وأنا أعاني في أول أربعة أسطر وكل سطر كان يبدأ بإن وإن، وكنت في سباق مع الوقت أحاول فقط أن أملاء الصفحة الأولى، كانت فعلا تجربة مريرة.

أعتقد أن أحد أسباب هذه المعناة أنني لم أدرك في وقت مبكر أن التعبير هي حالة مزاجية إبداعية تحتاج جواً وبيئة خاصة، وأحيانا هذه الحالة من الإبداع أو الإلهام تأتي من غير إرادتك في وقت غير متوقع فإذا لم تستغل الفرصة وتفرغ هذه الأفكار والإلهامات في وقتها تضيع منك ومن النادر استرجاعها.