بعد  تحرير العراق من اخر حكومة هجينة دموية  , واحتلال بغداد  عام 2003 ؛  كان العراق كله يكره  النظام التكريتي الصدامي البعثي من شماله الى جنوبه  -  باستثناء بقايا العثمنة وشراذم البعث وزبانية صدام وايتام النظام - , كراهية لا حدود لها وبغض لا مثيل له  ؛ فقد تسبب النظام الارهابي بقتل وتشريد وتعذيب وتدمير الملايين من ابناء الامة العراقية  ,  مع خسائر اقتصادية ضخمة و غير مسبوقة  صيرت المواطن العراقي جائعا محروما و فقيرا ذليلا وعاطلا عن العمل .

ومع كل  تلك الخسائر الكبيرة  و الجرائم الرهيبة والمقابر الجماعية والمجازر المروعة  التي ارتكبها النظام البائد ورجاله وعوائله الهجينة  وعصاباته المارقة  ؛ لم يتم محاكمتهم بما يستحقون , وقد ظن العراقيون ان مجرمي وجلادي الطغمة الصدامية سيحاكموا محاكمة عادلة تشفي غليل الملايين من الضحايا من خلال إعدامهم جميعا وبأبشع الطرق التي عرفها البشر ... وان الشعب العراقي سوف يتولى سحلهم في الشوارع وسلخ جلودهم  ... فهم من سن طرق الموت الشنيعة والبادئ بالظلم اظلم  , ولا يفل الحديد الا بالحديد ,  والشر لا يدفع الا بالشر  ؛ اذ قد  بلغ عدد المقابر الجماعية حتى عام 2019 أكثر من 600 مقبرة جماعية و تجاوز عدد المفقودين المليون شخص !!. (1) 

 من كان سيعترض على التنكيل بهؤلاء القتلة الأوغاد والسفاحين الانذال ؟ 

كان العراق  أجمع يئنّ من جرائمهم ومجازرهم  ومصائبهم ، وكانت  عصابات الفئة الهجينة  الهاربة من وجه العدالة – عام 2003-   أضعف من ان  ترفع صوتها بأي اعتراض على إرادة  ابناء واحرار الامة العراقية  وقتذاك   . 

و  رغم أن أسباب الكراهية كلها قائمة واستحقاقات التنكيل بصدام  والقادة الصداميين والبعثيين والطائفيين  أكثر من أن تُحصى،   ؛  لم يحاكموا كما اراد الشعب وتمنت الامة العراقية ؛ بل ان من يتابع محاكمات رجال العصابة الصدامية والطغمة البعثية يصاب بالدهشة ويشعر بالحيرة  بسبب اصرار الحكومة العراقية والامريكان على تطبيق ارقى حالات التعامل بالرحمة والعطف وسعة الصدر والاحترام  معهم , وتطبيق مبادئ حقوق الانسان على اعتى وانجس واقذر المجرمين والجلادين والارهابيين الذين عرفهم التاريخ العراقي المعاصر ؛ وكانت المفاجأة أن كل رجال النظام الدموي  انكروا التهم الموجهة لهم  ولم يشعروا بتأنيب الضمير قط ,  بل جاءت زمرة  من المحامين السفلة المرتزقة للدفاع عنهم... ؛  و الناس تشاهد هذه المهزلة وتلك المسرحية  على مضض  .

ألم يكن ممكنا أن يُعدَم  هؤلاء  بيد الشعب العراقي ؟ أو أن تمنع   عنهم الرعاية الصحية والزيارات والطعام الآدمي حتى يموتوا صبرا ؛  كما كانوا يفعلون مع العراقيين الضحايا  , او ان  يتعرضوا للأعمال الشاقة جزاءا بما خربوه  او ان يوضعوا في صناديق حديدية وتطوف بهم السيارات وسط شوارع المدن ؟

و من عجائب  الدهر , و من اقذر  مشاهد وحالات الاستهتار بمشاعر العراقيين ,  وتجاهل الام واوجاع ملايين الضحايا  من الامة العراقية ؛ ان يبنى قبرا للمجرم صدام وكذلك ابناءه السفلة القتلة , بل أن قبره صار مزارا للصداميين الارهابيين الجدد من شراذم  ومرتزقة ومجرمي  الفئة الهجينة والبعثية ، الذين صاروا يحيون ذكراه ويستلهمون منه انجس معاني الانحطاط  والاجرام والارهاب والدجل والكذب والعنصرية والطائفية والدموية والتخريب والتدمير  ... ثم صلت عليه الغجرية( ساجدة عبيد )  وناحت على قبره ؛ وخلفها جميع الشواذ والمنحطين وشذاذ الافاق الساقطين والمرتزقة المجرمين والخونة الارهابيين  ... ، حتى  هب رجال الاغلبية العراقية  الغيارى إلى إزالة  هذا المرقد الشيطاني الظلامي  , وتهديم قبور الجلادين  الشياطين ,  وحرق رفاتهم   ؛ كي يذهبوا كما ذهب السفاحون من قبلهم  إلى مزابل التاريخ مُشيَّعين باللعنات ودعوات الايتام والارامل والامهات الثكالى .

 ومن العجب ان يكون المجرم  العميل صدام الذليل التافه بكل ما لهذه الكلمة من معنى ؛ والذي لم يفعل في حياته القذرة شيئا مهما غير كونه سفاحا دمويا وغدارا خسيسا  وخادما ذليلا للقوى الدولية الكبرى ؛ ومن ثم  يلقى القبض عليه مختبئا كالجرذان في الحفرة القذرة والوسخة ؛  رمزا وطنيا وقائدا عربيا ؛ بل   ينتهي أمره إلى أن يصبح ملهما لأبناء الفئة الهجينة وشذاذ ومرتزقة وحمقى البلدان العربية  .

نعم اضحت الظاهرة الصدامية منتشرة ومدعومة من قبل اعداء العراق والامة العراقية ؛  وعليه يجب ان تعم موجة من الكراهية  والبغض للصداميين والبعثيين  بين  اوساط  ابناء الامة العراقية فضلا عن كل ابناء الاغلبية الاصيلة ؛ وينبغي تشريع القوانين التي تجرم هذه الظاهرة ولابد من تدخل الوزارات والدوائر الحكومية  المعنية وكذلك منظمات حقوق الانسان  لإيقاف كافة النشاطات الاعلامية والثقافية والفكرية  المشبوهة والتي تمجد بأزلام ومجرمي النظام البائد . 

فمن الضروري ان تبقى الذاكرة الجمعية للامة العراقية حية ولا تنسى ما حدث لها اثناء فترة حكم الانظمة الطائفية الهجينة ولاسيما النظام البعثي الصدامي الاجرامي , وان يقتص الشعب من المجرمين الجناة والجلادين الطغاة . 

واليكم بعض الامثلة على  تجارب الامم والشعوب المتحضرة في كيفية محاربة واستئصال الحركات الاجرامية والعنصرية ؛ هكذا تحارب الامم المتحضرة التي تحترم نفسها  وتاريخها وانسانيتها و وطنيتها الفكر الشوفيني  المتطرف والعنصري والطائفي المقيت  وتشجب  افعاله الاجرامية والارهابية ؛ وليس كما يفعل ابناء الفئة الهجينة من قلب الوقائع وتزوير الحقائق والاشادة بالزمن الدموي الاغبر وجلاوزته والطعن بتضحيات الامة العراقية ؛ او كما يفعل ( غمان ومخانيث وثولان  ) ومرتزقة الاغلبية من خلال غض النظر عن النشاطات البعثية والتحركات الارهابية وسيطرة الصداميين على وسائل الاعلام حتى اضحت مواقع التواصل الاجتماعي – ( الفيس بوك  , وال تيك توك و الانستغرام  , وغيرها ) -  مواقع اعلام صدامية  وترويج للجرائم البعثية والطائفية والافكار الهدامة ... . 

فقد أعلنت محكمة ألمانية أن الشرطة ألقت القبض على مسنة تبلغ من العمر 96 عاما متهمة بتقديم المساعدة على القتل في معسكر اعتقال نازي إبان الحرب العالمية الثانية ... , واتُهمت ( إيرمجارد فرتشنر ) بالمشاركة حين كانت تعمل على آلة كاتبة بمعسكر – وكان عمرها 18 سنة -  الاعتقال ( شتوتهوف )  في الفترة من 1943 إلى 1945 .

وقد جاء خبر في جريدة (Detroit free press)  يتكلم عن تحديد يوم لمحاكمة حارس نازي  عمل في احدى مخيمات الاحتجاز النازية بين عامي  ١٩٤٢ و ١٩٤٥؛  عمره ١٠٠ سنة في المانيا ..!

اذ تمت إدانة المشرف السابق على أحد المعسكرات النازية :  ( جون ديميانيوك ) ، و لم تعد المحاكم الألمانية تصر على إثبات الذنب الفردي في هذه القضايا ، وهو ما يكاد يكون من المستحيل تحقيقه ؛  ويكفي إثبات أداء الخدمة في معسكر وقعت فيه عمليات قتل جماعي بشكل واضح .

واليكم مثال اخر :  اذ  طرد "المعهد التقني الأميركي" في نيوجرسي  ، مدرساً إيرانياً لمادة علم الاجتماع، يدعى  : ( جيسون رضا جرجاني ) ، وذلك بعد اتهامه بالعنصرية والترويج للنازية ، وبسبب تأييده العلني لهتلر وإقامته علاقات وطيدة مع مجاميع النازيين الجدد والتنظير لتيار من العنصريين الإيرانيين المؤمنين بنظرية تفوق العرق الآري النازية ؛ واتخذ المعهد هذا القرار بعد ما نشر طالب سويدي مناهض للعنصرية يدعى  : ( باتريك هرمانسون ) ، تقارير صحافية استقصائية عن مواقف وخطابات جيسون رضا جرجاني ، خلال تجمعات لجماعات يمينية متطرفة في أميركا .

ونشر ( هرمانسون )  وثائق ومشاهداته ورصده لنشاطات جرجاني في قالب نصوص وفيديوهات عبر مواقع وصحف معتبرة، كصحيفة "نيويورك تايمز".

ولا يخفي جرجاني في كلماته وتصريحاته احترامه وتبجيله لشخصية هتلر، كما يقترح "تجميع المسلمين في مكان واحد والزج بهم في معسكرات منعزلة" كمعسكرات هتلر...!! 

الشعوب الحية والامم المتحضرة لا تنسى من اساء اليها ولا تغفر للمجرمين والجلادين ولا تغض الطرف عن جرائهم ومجازرهم ... ؛ و ليس هناك أصعب على الإنسان من العيش في وجع الذاكرة ، فكيف بالشعوب ؟! 

حقيقة أنّ ما تعرض له  العراق  وما تعرض له الشعب العراقي العظيم من  حكومات الفئة الهجينة ولاسيما الطغمة التكريتية الصدامية ... حقاًّ وفعلاً قد كان من أبشع  كبوات التاريخ المعاصر  ومن أوجاع الماضي الاليم ... وبالطبع هذا الاجرام  يجب ألّا ينسى  ولو بعد مائة عام  وأكثر ، فأوجاع الماضي لا يمكن أن تغيب وصرخات العراقيات الفاقدات تبقى عالقة في الذاكرة  ؛  و مما  لا شك فيه  أنّ الشعوب لا تنسى ولا يمكن أن تنسى ؛  فالتاريخ سيتوقف عند لحظة تاريخية قد كانت موجعة وقاسية ودموية ؛ وعليه يلزم استحضار  ذلك  التاريخ المؤلم وتلك الحروب العبثية الخاسرة والمجازر والمقابر الجماعية  والسجون والمعتقلات الرهيبة والسنوات العجاف السوداء ؛  وإحياء تلك الاحداث  في ضمير الأمة العراقية  والمجتمع  العراقي من خلال اعداد الكثير من الدراسات والبحوث والندوات والمؤتمرات وانتاج الافلام والبرامج والمسلسلات واصدار الصحف والمجلات التي تعنى بهذا الجانب  ، وهذه المهمة الإنسانية والوطنية  كما تقع على عاتق الحكومات العراقية المنتخبة كذلك تقع على عاتق منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان وغيارى واحرار ومثقفي الامة العراقية  ؛  لئلّا تنخدع  الامة العراقية  مرّة أخرى بالأساليب الشيطانية  والمناهج المنكوسة  والدعايات  البعثية  والقومجية والصدامية والطائفية المقيتة  ؛ إذْ إنّ  رجال الفئة الهجينة وايتام النظام البائد وشراذم البعث والقومجية  لا يألو جهداً في بسط النفوذ والسيطرة مرة اخرى و بأساليب مختلفة ، فالأقنعة قد تتغيّر ولكن تبقى الأسس والمباني المنكوسة والحاقدة ثابتة لا تتغير.

وبعد كل تلك الحقائق الدامغة ؛ قام  ( ثولان وغمان ومخانيث الاغلبية ) والساسة العملاء الجبناء بتقديم التنازلات تلو التنازلات لمجرمي وجلادي الفئة الهجينة والطغمة الصدامية و زبانية البعث السافل ؛ فقد بلغني عن البعض ان هنالك  (423) ألف بعثي من نصف مليون عراقي بالخارج يتقاضون رواتب أغلبهم لم ير العراق منذ 20 سنة ... ؛ بل ان المعلومات تفيد بأن الحكومة العراقية وطوال 12 عاما تدفع رواتب لعراقيين في الخارج يصل عددهم الى نصف مليون شخص، معظمهم لم تطأ قدمه ارض العراق منذ 20 عاما، وتتكبد مبالغ طائلة تتراوح  ما بين 6.5 - 7 مليار دولار سنويا.

وتؤكد المعلومات ان نحو 423 ألف شخص من هؤلاء هم من أجهزة نظام صدام الدموي -  عسكريين وسياسيين وقادة حزبيين – بل ان بينهم أفراد من عائلة المجرم  صدام ، وعائلة  المجرم عزت الدوري وأبناء عمومته السفاحين ، وأبناء  المجرم طارق عزيز، و المجرم سبعاوي، والسعدون، والراوي وغيرهم من كبار أركان نظام البعث الارهابي  والقتلة التكارتة ؛ وتصل رواتب بعضهم  الى أربعة ملايين دينار شهريا ... , وتتولى وزارة المالية تحويلها الى دول اللجوء عبر فروع مصرف الرافدين ومصارف أخرى... , بل نقل لي احدهم ان احد المطلوبين الكبار ( ال 55 ) من زبانية النظام البائد قد برأته المحكمة و هو الان  يعمل جاهدا  على رفع الحجز عن املاكه الكثيرة والمسروقة من ثروات الجنوب والتي تقدر ب مليارات الدنانير   ؛ بينما لا زال قيد مصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة و الذي يتعلق بضحايا الاغلبية في عهد المجرم السارق صدام موجودا في وزارة المالية ولم يرفع الحجز الى هذه اللحظة ...!! 

وتشير تلك المعلومات الى أن الحكومة العراقية دفعت لكل منهم رواتب تراكمية  و بأثر رجعي اعتبارا من 2003 ، حيث ان اقرار تلك الرواتب جاء في 2008 بموجب عملية ابتزاز سياسي فرضتها الكتل السنية  الارهابية مقابل إنهاء وجود تنظيم القاعدة الاجنبي الارهابي الغاشم ، وكذلك مقابل التصويت  على رواتب فئات شيعية وكردية متضررة من النظام السابق بينهم ضحايا الانفال ومخيم رفحاء... . 

وتؤكد المعلومات، أن جميع البيانات والاتفاقات الخاصة بعراقيي الخارج لم تخضع لتدقيق الأجهزة الرقابية للدولة إطلاقا منذ إقرارها وحتى هذا اليوم، وتتضمن فساد مالي هائل، وهناك مئات حالات الوفيات لأشخاص بالخارج مازالت رواتبهم جارية منذ سنوات.

ان هؤلاء ( المخانيث والغمان ) قد تجاوزا الحدود وبالغوا في التنازلات المهينة , وارخصوا دماء الاغلبية , وكرموا القتلة الجلادين والذباحة الارهابيين واعطوهم الكثير من  الحقوق والامتيازات والمكاسب وكلها من ثروات الجنوب العراقي واموال العراقيين الاصلاء .

..................................................................................

  • هذا لا يعني انني من الذين يؤمنون بتطبيق عقوبة الاعدام او الدعوة لأخذ الثأر خارج نطاق المحاكمات القانونية العادلة ؛ بقدر ما انقل ما يجيش في صدور العراقيين وما يعتمل في نفوسهم وما يدور في مجالسهم .