من هم العجم ؟
العجم : مصطلح يطلق على أي شخص غير عربي ، وهذا الاسم استخدم بكثرة بعد ظهور الإسلام في الجزيرة العربية ، فقد ذكر في آيات القرآن ، كما أن النبي محمد استخدمه في العديد من أحاديثه ، وعلى الرغم من أنه استخدم لوصف جميع الأجناس خلافا للعرب ، إلا أن هذه الكلمة قصد بها أقواما أكثر من غيرهم فيما بعد .
فقد تم وصف شعوب بعينها بالعجم ، وذلك اختلف بحسب الأماكن التي عاش فيها العرب عبر التاريخ ، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والأندلس وأسيا ، ففي تلك المناطق سمي الغريب بالعجمي ، والغريب كان يطلق على أقرب شعب أجنبي من العرب .
في شبه الجزيرة العربية، استخدم (العجم) لوصف الفرس ، فقد كانوا أول الحضارات الرئيسة التي واجهها العرب في أثناء نشرهم للإسلام، وعلى الرغم من المساهمة التي قدمها الفرس في الحضارة الإسلامية ، إلا أنهم لم يعتمدوا اللغة العربية أبدا كلغة أم .
لم تكن كلمة العجم تستخدم للإهانة والاستنقاص من الأجانب كما يشاع ، ولم يتم وصف مجموعة عرقية واحدة بهذا الوصف ، وعلى الرغم من أنه كان دائما يتم تحديد مجموعة معينة ، فذلك كان بسبب الاتصال المباشر والدائم بين تلك المجموعة والعرب ، ولم يقم عامة العرب بالتعامل مع من يصفونهم بالعجم بالتحقير أو الانتقاص ، وفي نفس الوقت لم يواجه العجم مشكلة مع هذه الكلمة في البدء ؛ لذلك كان يعد انتشار لقب فلان العجمي في بعض البلدان العربية امرأ مألوفا واعتياديا .
فمن حيث اللغة ، تعني كلمة عجم : عكس العرب ؛ أي إنّها تطلق على كلّ شخص لا ينتمي إلى أصول عربيّة سواءً أكان ناطقاً باللغة العربية أم لا، ويمكن القول بأنّ العجم هم جميع البشر باستثناء العرب .
وآيات القرآن تؤكد أنه لا يوجد فرق بين العربي والعجمي إلا بالتقوى ، ولم يتم استخدام هذه الكلمة يوما من أجل الإساءة إلى اقوام أجنبية ، لكن الاعتقاد بذلك ، قد يكون جراء التوتر السياسي والديني بين إيران والشيعة من جهة والعثمانيين ورعاياهم من جهة اخرى في القرون الأخيرة , مما جعلها تحمل دلالة سلبية وعنصرية وطائفية احيانا .
وعلى الرغم من كل هذه التعريفات الواضحة والتي تشمل كل شعوب بني البشر بالعجمة ان كانوا من غير العرب ؛ تم التعامل مع اعاجم الكرة الارضية كلهم كأنهم اصحاب المعلقات السبع الا الايرانيين المغضوب عليهم , و الذين ساهموا مساهمة كبيرة في رفد الاسلام والمكتبة العربية على صعيد المعارف السياسية والادارية و الدينية واللغوية والادبية والثقافية العامة وكانوا من اقرب الشعوب لسكان الجزيرة والشام واليمن ؛ فهم وحدهم المساكين قد بقوا عجما بينما تحولت المعمورة قاطبة الى عرب اقحاح لا لشيء سوى انهم كانوا من اتباع الامام علي ثم صاروا من اعداء العثمانيين ورعاياهم من الاعاجم الحقيقيين والكفار الحاقدين – اغلب سبايا العثمانيين من نصارى ويهود اوربا واسيا وفقهيا يطلق عليهم مصطلح الكفار - .
وسيرا على هذا النهج العنصري والطائفي تم اتهام كل شيعة العالم بالعجمة فيما بعد ؛ ولو رجع الزمان القهقرى الى الوراء الان لوصف الدجالون المنكوسون بني هاشم والعلويين الاشراف وجماجم العرب الذين قاتلوا مع الامام علي في معارك الجمل وصفين بالأعاجم بلا خجل ولا حياء من محكمة التاريخ و حقائقها الناصعة ؛ وكل هذا التحريف والتخريف والتشويه والتدليس وخلط الاوراق الذي حصل انما من أجل تعريب بقايا العثمانيين ومن لف لفهم كميشيل عفلق وساطع الحصري وغيرهما وعوائل ال ( جي ) من الرعايا الاجانب ؛ ومراجعة عابرة لما كتب في ذم الشعوبية والاستنقاص من العجم واتهام عرب العراق وسكانه الاصلاء بالعجمة ؛ يتبين لنا بان الكتاب الطائفيين والعنصريين الذين قد شنوا تلك الحملات والفوا الكتب والدراسات هم من مجهولي الاصل وعديمي النسب وبعضهم من ذراري لقطاء وغلمان المماليك ومن شذاذ الافاق من التبعية العثمانية ؛ فهم لا يمتون للنسب العربي والاعراق العراقية القديمة بصلة .
وقد سار الشيخ عبد الرحمن السويدي على خُطا ابيه ومن شابه اباه فما ظلم ؛ فقد قرض ابوه كتابا بعنوان : (( المؤذن بالطرب في الفرق بين العجم والعرب ) لمؤلفه العثماني مصطفى الصديقي ؛ اذ كانت وما زالت مهمة هؤلاء الاوغاد الدجالين بيان الفروق بين العرب والايرانيين فقط واغفال الاختلافات بين العرب والاتراك والمغول والتتار و القوقاز والروس والانكليز والافارقة والهنود والافغان والغجر والاكراد ... الخ ؛ اذ هاجم العجم وتحامل عليهم في كتاباته ؛ والغاية الحقيقية من كل هذه الاجراءات والمؤامرات والترهات حصر الاغلبية العراقية وشيعة البلدان الاسلامية في زاوية ضيقة للاستفراد بهم والعمل على سحقهم ومصادرة حقوقهم , وتمزيق شملهم وجعلهم بلا عمق استراتيجي يدعمهم ويساندهم عند الحاجة والضرورة كما هو حال اغلب القوميات والشعوب والطوائف الدينية في العالم عندما يطلبون النجدة إلى ابناء جلدتهم وطائفتهم في حال التعرض لخطر التطهير العرقي و الابادة والقتل والتهميش والتهجير ؛ واني لأعجب لهؤلاء الاعاجم الذين يذمون العجم وهم منهم بل لعل العجمة اقرب لهم من ابناء الاحرار الفرس الذين صاغوا ارقى القصائد العربية على الرغم من عدم عروبتهم , ولعل المثل الشعبي القائل : (غراب يقول لغراب...وجهك اسود ) ينطبق على حالتهم الشاذة هذه .
وهذه الشرذمة الغريبة والتشكيلة المنكوسة والمكونة من شتى القبائل والاقوام الاجنبية الوافدة مع الاتراك الينا تحاول جاهدة التشبث بالعرق العربي من خلال خطوتين وهما : الاولى في تعيير العجم ونبزهم بمناسبة ومن دونها كما تعير العاهرة بدعارتها , ولعل العبارة البغدادية القديمة والتي نقلها لنا حسن العلوي في احدى لقاءاته التلفزيونية – ان صدق في نقله - : ( عظم عجمي ب قبرك ) تعبر عن شيوع ثقافة الانكشارية والمماليك والاتراك والطائفيين والعنصريين تجاه الايرانيين وقتذاك ؛ والثانية التشدق بالعروبة والثرثرة في ادعاء الانتساب للعرب الى حد الهذيان اللافت للنظر , وكأنهم في سباق مع ظل عقدة الغربة ومجهولية الاصل وعدم الانتساب للعراق الذي يلازمهم ، لعلهم يسبقونه , وطالما ارشدتنا التجربة والاستقراء الى ان الذين يكثرون من الكلام عن الشرف والنزاهة هم بلا شرف ولا نزاهة , وكذلك أولئك الغرباء الذين صدعوا رؤوسنا بشعارات القومية العربية والعروبة على مدى عقود ، وهم من الاعاجم بل هم من أسوأ أنواع الخونة والعملاء الذين عملوا جاهدين على تفتيت الشعوب العربية والتآمر عليها واهانتها , اذ ان بينهم وبين العروبة بونا شاسعا .