انا لا اعرف تاريخ انشاء معسكر او ميدان بسماية للتدريب العسكري بالتحديد ؛ الا ان الشهادات الموثقة تؤكد وجود هذا المعسكر في عقد السبعينات من القرن المنصرم , وتقع هذه المنطقة على مسافة 10 كم جنوب شرق مدينة بغداد، وهي جزء من محافظة بغداد.
كانت منطقة البسماية تستخدم من قبل الجيش العراقي كميدان للرمي ؛ فبعد اكمال الجنود دورتهم الاولية في التدريب والتي تستمر لمدة 45 يوم , وذلك عندما يطلب منهم اداء الخدمة العسكرية الاجبارية ؛ يلتحق البعض منهم بمعسكر بسماية للتدريب على الرمي .
وبما ان حكومات الفئة الهجينة - ولاسيما النظام التكريتي البعثي الصدامي العفن - لا تؤمن بالتخصص ولا تحترم المؤسسات والدوائر الحكومية والاهلية , ولا تراعي عناوين واهداف هذه الدائرة او تلك المؤسسة ؛ فكل شيء – في نظرهم القاصر – من اجل العنف وديمومة النظام البوليسي والارهابي والدموي ؛ فلا تستغرب عزيزي القارئ عندما تسمع بأن عصابات الفئة الهجينة والطغمة التكريتية الصدامية وجلاوزة البعث السافل قامت بإعدام مجموعة من الشباب العزل في مدرسة ابتدائية او حديقة او ساحة عامة للعوائل ؛ فضلا عن استخدامها للمعسكرات والدوائر الحكومية لهذا الغرض الشيطاني الاجرامي ؛ بل وصلت الدناءة والخسة لهؤلاء الاوغاد ان حولوا بيوت العبادة والمساجد الى مسالخ بشرية للذبح والتعذيب والاجرام بعد العام 2003 ولن تجد لأخلاقهم الرذيلة وسماتهم الحقيرة تبديلا .
وقد تم تحويل معسكر او ميدان بسماية للرمي والتدريب الى ساحة اعدامات وبالجملة ؛ وذكر بعض الشهود العيان انهم التحقوا للتدريب بهذا المعسكر في الاعوام – ( 1976 و1977 ) – وقد جيء ب 160 مواطن عراقي اعزل لتنفيذ احكام الاعدام بحقهم ؛ ومن المعروف لدى الكثيرين أن ساحات معسكر بسماية اعدم فيها مئات الشيوعيين بعد إلغاء الجبهة الوطنية التقدمية ؛ فقد غدر البعثيون والصداميون بالشيوعيين ونكثوا بوعودهم كالعادة ؛ وانقضوا على الشيوعيين كالوحوش الضارية ؛ علما ان اغلب ضحايا الحزب الشيوعي من ابناء الاغلبية العراقية ؛ اذ ان ابناء الفئة الهجينة لا ينتمون للحزب الشيوعي واما ابناء السنة الكرام فنسبة انتماءهم للحزب الشيوعي قليلة جدا وفي حال القاء القبض عليهم يتم اخراجهم من المعتقلات واعفاءهم من الاعدامات بسبب كثرة ( الواسطات ) والمحسوبيات بينهم وبين الانظمة الهجينة الحاكمة ؛ اما الشيوعي الشيعي الشروقي الشعوبي والمعبر عنه في دوائر الفئة الهجينة ب : ( ش ش ش ) فهذا مقتول لا محالة ومعدوم قطعا , فهو لا حول ولا قوة , ليس له من ناصر سوى الخالق في السموات العلى وماركس المدفون تحت الثرى .
و كانت منطقة بسماية ايضا مقرا للكتيبة 999 او ما يعرف بالمكعب : وهي مقر الاستخبارات ؛ اذ كانت كتيبة استطلاع تنفيذ الاعدامات وتنفيذ مهام خاصة و تظم مجموعة ضباط ومراتب قوات خاصة واستخبارات ... وكان اغلب ان لم نقل كل منتسبيها من ابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة ؛ بالإضافة الى وجود الوحدات الانضباطية والتي تنفذ الاوامر .
وليت الأمر اقتصر على الاستخبارات العسكرية و وحدات الانضباط العسكري وباقي صنوف قوى الامن الهجينة والتكريتية والصدامية بل هب جميع اعداء العراق والامة العراقية ولاسيما اعداء الاغلبية العراقية ؛ للانقضاض على ابناء العراق الكرام والقضاء عليهم وبلا رحمة ؛ اذ شاركت فلول وضباع حزب البعث السافل بهذه المجازر الرهيبة ايضا ؛ و كانت حفلات قتلة البعثية تقام كل يوم احد واربعاء من كل اسبوع , حيث يتم اعدام العديد من الشباب العراقيين في عقد الثمانينات من القرن المنصرم .
وقد ذكر احد الشهود – من اهالي الكوت - انه في العام 1983 تم اعدام مجاميع من الشباب والرجال الواسطيين في منطقة بسماية ومنهم : المرحوم سعيد زاجي والحاج ثامر وعلي الحلاق ؛ وقال ان المرحوم سعيد زاجي هرب 15 يوم ولأسباب قاهرة ... بينما ذكر احد الشهود ان اخاه الجندي محمد ادهم ابراهيم كان من ضمن ضحايا الحملة الدموية في معسكر بسماية , فقد اعدم وهو في ريعان شبابه - كان عمره 21 عاما - .
وقد ادلى بشهادته المواطن ثامر بدن قائلا : (( في عام 1983 كنت جنديا في مدرسة قوات الحدود في بغداد ؛ وكنت اشاهد الباصات المحملة بالجنود الهاربين او المتغيبين ؛ ففي كل اسبوع يأتون بوجبة من الجنود للالتقاء بأهاليهم وتوديعهم قبل تنفيذ احكام الاعدام بحقهم ؛ وكانوا كلهم من منتسبي الوية و وحدات قوات الحدود فقط ؛ وكنت اشاهد تلك المشاهد المؤلمة واكاد اموت جزعا لهول ما ارى , اذ تأتي عوائل الضحايا والنساء ترتدي السواد وهن يصرخن وتجري الدموع من عيونهن كالماء المنهمر بينما الاطفال ينظرون الى ذويهم بحيرة وتعجب ودهشة ... , تأتي العوائل لتشييع أبنائها إلى مثواهم الأخير ، وسط زبانية البعث وتكريت وصدام الذين يتطاولون على العوائل بالسب والشتم وينعتون الجنود بالجبن والخيانة ... وما ان تنطلق الحافلات بالجنود حتى تتبعها أصوات الصراخ والعويل و الاستغاثات بينما يرمق الجنود اهاليهم من خلف زجاج الحافلات وهم يبكون ... )) .
هؤلاء الاوغاد العملاء الجبناء الذين كانوا يسوقون شبابنا ورجالنا الى لظى المعارك الخاسرة ومقاصل الاعدامات والمقابر الجماعية ؛ كانوا يختبئون في المقرات الخلفية كالجرذان وخفافيش الظلام , وهم انفسهم الذين هربوا هروب الجبناء امام الامريكان في المعركة الاخيرة وسلموا مناطقهم من دون مقاومة وتواطئوا مع الامريكان لاحتلال العراق ... هؤلاء الانذال جميعهم هربوا من ارض المعركة ولم يقاوم فيهم احد ؛ اختبئوا كما القوارض في مجاري مياه الصرف الصحي وحفر الارض المظلمة ؛ ولهم اسوة في كبيرهم جرذ الحفرة صدام ابن صبحة الذي لم يطلق اطلاقة واحدة ضد جندي امريكي ؛ هؤلاء الاوغاد الذين تفننوا في قتل العراقيين واذلاهم وتعذيبهم لا يستحقون الجنسية والهوية العراقية ابدا .
وقد ذكر احد الشهود العيان انه في العام 1984 جيء بمجموعات كبيرة من الجنود الى معسكر بسماية وانزلوهم من الحافلات و وقف الجنود امام ضابط تكريتي معوق جالس على كرسي – ( كرسي معاقين )- ؛ فقال الضابط التكريتي : (( الي عله هاي الجهة اعدام والي عله هاي الجهة عفو )) ... ؛ بهذه الطريقة الاعتباطية والصورة الوحشية كانت تصدر الاحكام بحق العراقيين , وهي اشبه بمحاكمات قراقوش ؛ اذ تخضع للمزاج التكريتي والقوانين الصدامية الهزيلة والاجراءات البعثية التعسفية والمحاكم السريعة الصورية .
وقد ادلى المواطن زياد حازم بشهادته قائلا : (( ... أنه تم إعدام ما يزيد على ١٥٠٠ جندي هارب كانوا محتجزين في سجن الانضباط العسكري أي ما يسمى بسجن الحارثية ... , وكان يتم إعدام 150جندي يوميا ، وبثلاث باصات نقل يتم نقلهم من السجن المشار إليه إلى ميدان الرمي في بسماية ، ولفترة استمرت اسبوعين ... و كانت هناك تهيأ من جنود الانضباط العسكري : مجموعات زمر الرمي , وزمر حملة النقالات , وزمر الخدمات وغيرها ... وفي أحد الأيام كان الجندي الانضباط كريم حسين الخطاط من ضمن زمر النقالات ؛ اذ كان واجبهم نقل الجثث بعد تنفيذ حكم الاعدام ... وكان يقف قريبا من الباصات المحملة بالجنود الذي ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام ؛ فشاهد أحدهم يؤشر له يدق زجاج السيارة فحين اقترب منه عرف أنه اخوه فانهار باكيا ... فتم إرجاعه فورا إلى المعسكر ونفذ حكم الاعدام بأخيه ... ونقل خارج الانضباط العسكري فيما بعد ... )) .
وللعلم قد تم دفن بعض ضحايا الاعدامات في نفس الموقع التابع للاستخبارات العسكرية في بسماية ؛ وعلى اجساد هؤلاء الضحايا العزل الكرام ابناء الامة العراقية بنيت اليوم عمارات وشقق مجمع بسماية ؛ الا يستحقون منا نصبا تذكاريا يذكر ابناء المجمع الجميل بهؤلاء الذين عارضوا النظام الاجرامي وارادوا للعراق والعراقيين حياة افضل ...؟! .
وقد ادلى المواطن سليم محمد بشهادته قائلا : (( ... انا كنت من ضمن مجموعة من الجنود الجرحى ونقلونا إلى المحكمة الخاصة في الرشيد باعتبارنا جرحى حرب وقد اعطونا ( كرفان ) ونحن جنود متروكون ....وكانت المحكمة تحكم على الجنود الهاربين من الصباح في الساعة الثامنة صباحا وتستمر إلى المساء ... وكان يرسلون على أهالي الجنود ليواجهوهم قبل يوم من الإعدام... وكان كل يوم أربعاء يحملون الجنود بالباصات إلى معسكر بسماية .... واتذكر ان من ضمن القضاة الذين يحاكمون الجنود ضابط مسيحي ... ؛ وقد بقينا في الرشيد لمدة 3 اشهر ونحن نرى محاكمات الجنود الصورية يوميا ومن الصباح حتى المساء ... )) .
قتلوا الآلاف من الجنود العراقيين الغيارى ولأسباب تافهة وتهم ملفقة وبتهمة الهروب الجاهزة ؛ وهم هربوا و استسلموا جميعا بعد سقوط النظام الهجين للأمريكان ؛ بدأ من قائدهم العار وحتى اصغر ضابط منهم يا لهم من سفلة جبناء وقتلة عملاء ... .
وقد مر الدكتور حميد عبدالله على هذا الموضوع مرور الكرام كعادته في برنامجه : (( تلك الأيام / قصة اعدام مئات الجنود العراقيين في منطقة ( بسماية) )) ؛ اذ نقل لنا مجزرة اخرى من مجازر موقع بسماية الشهيرة والتي يعرفها اغلب العراقيون من الذين عاصروا تلك الايام الدموية السوداء ؛ نقلا عن السفير العراقي السابق المنكوس الهجين عوض فخري – والمتهم باغتيال طالب السهيل - في كتابه : (( اوراق سفير عراقي )) ؛ اذ قال المدعو حميد عبدالله نقلا عن المجرم عوض المصري او الاعظمي – ( لا يوجد فرقا يذكر فما هو الا شخصا هجينا وليس عراقيا اصيلا ) (1) - : فقد شهد المدعو عوض فخري والذي رجع الى العراق من عمله الديبلوماسي و التحق عام 1983 بالخدمة العسكرية كضابط احتياط - لأنه من الدورة العشرين وهذه الدورة طلبوا منها الالتحاق - وتم تنسيبه الى الدائرة القانونية , وطلب منه اللواء المجرم راغب فخري الذهاب الى منطقة بسماية لأداء مهمة , و يقول : عندما ذهبت طلب مني احد الضباط هناك الاشراف على تحديد ابعاد الرمي والاشراف القانوني على الاعدام ... ورأيت رجل دين هناك وظيفته تلقين الجنود الشهادة وهنالك ضباط وجنود ... وهنالك ممثلين عن دائرة الاستخبارات العسكرية والدائرة القانونية و دائرة التوجيه السياسي و الدائرة الطبية ... ثم جأني ضابط وقال لي : اترى الباصات التي تقف في الجهة اليسرى وتلك التي تقف على الجانب الايمن ؟ ؛ هؤلاء كلهم محكومون بالإعدام , لكننا الان سنقوم بإعدام الباصات التي تقف على الجانب الايسر وهم بضع مئات ؛ واما الباصات التي تقف على الجانب الايمن فهم يعرفون انهم محكومون بالإعدام الا ان القيادة العليا اطلعت على اوراقهم الرسمية واصدرت عفو بحقهم ؛ ومع ذلك نحن لم نخبرهم بذلك ؛ كي يروا الموت بأم اعينهم ومن ثم نطلق سراحهم ... ؛ ويكمل المدعو عوض قائلا : وبدأ تنفيذ الاعدام وبدأت الجثث تتساقط ؛ واثناء الاعدام تعالت صيحات الجنود اذ قال احدهم : (( انا مسيحي اريد رجل دين مسيحي للاعتراف )) وثاني قال : (( انا بسبب الفقر والعوز اضطررت للهرب من الجيش )) وثالث قال (( انا اطفالي ما عدهم خبز يأكلون )) ورابع قال (( اريد اكتب وصيتي لزوجتي حتى تزوج بناتي تبعا لوصيتي )) وهكذا ؛ الا ان الرصاص انهمر عليهم كالمطر ولم يلتفت اليهم احد ولم يأبه بهم مطلقا ... )) وحملوا الجثث في سيارات الايفا العسكرية مكدسة بعضها فوق بعض الى جهات مجهولة .
وكالعادة حاول المدعو حميد ايجاد تفسير لكلام المدعو عوض بخصوص جملة : (( بضع مئات )) والبضع تعني : ما فوق الثلاثة وما دون التسعة ؛ وبناءا عليه قال المدعو حميد فلنفترض انهم 300 فقط , ويريد منا هذا المنكوس ان نتصور ان الكاتب الهجين عوض فخري لا يتفوه بكلمة الا وهو يقصد معناها اللغوي الدقيق وكأنه سيبويه او الفراهيدي ؛ وهم في حقيقة الامر لا يميزون بين الهر والبر ويخبطون خبط عشواء ؛ وطالما حاول حميد عبدالله التخفيف من بشاعة جرائم النظام بل وتبييض صفحته في بعض الاحيان , والحقيقة ان اعداد الضحايا المتواجدين في الباصات لا يعلم بها الا الله ؛ نعم قد ادلى المواطن البصري علي المطيري بشهادته قائلا : (( ... الكثير من الانضباطية الذين نفذوا الاعدام في بسماية عندما عادوا الى اهلهم تكلموا عن اعداد الجنود المعدومين وكان العدد بالضبط ٤٨٠ جندي واحدهم في البصرة اعرفه من اهل الزبير – من اهل السنة - فقد عقله بعد مدة من تنفيذه تلك الاعدامات الكثيرة ؛ وقد ذهب هذا الجندي الى احد رجال الدين في البصرة واخبره بما جرى , فقال له رجل الدين : بان توبته لا تقبل مالم يدفع دية القتلى ... )) .
وادلى المواطن ابو ماجد الاسدي بشهادته ايضا قائلا : (( حكم على اخي احمد حسن بالإعدام رميا بالرصاص وكان معه حوالي ٤٥٠ شخص كلهم قضوا بالإعدام في بسماية بتاريخ 18 / 3 / 1985)) .
ولعل احدكم يسأل لماذا تم الافراج عن الباصات التي تقف في الجانب الايمن ؟ وهنالك عدة اجوبة على ذلك منها :
- لعل الجنود الهاربين في تلك الباصات هم من ابناء المحافظات التالية : ديالى – كركوك – صلاح الدين – الانبار – الموصل – او بتعبير ادق من ابناء الطائفة السنية الكريمة والعوائل البعثية ؛ وعندما نظرت القيادة في اوراقهم عرفتهم حق المعرفة مع وجود المحسوبيات والشفاعات .
- الاحكام في عهد المجرم صدام احكام صورية اعتباطية مزاجية ؛ تخضع لمزاج افراد العصابات التكريتية والصدامية والبعثية .
- اعفاء الجنود في الباصات المتوقفة على الجانب الايمن من ميدان القتل يدخل ضمن مخطط صناعة الرعب لان هؤلاء سينقلون مشاهد الاعدام المرعبة بطريقة مخيفة تجعل المتلقي لا يفكر في شيء يثير غضب الحكومة القذرة والتي هي ليست سوى عصابة لا تؤمن بدين ولا بخلق ولا بإنسانية .
في الوقت الذي كان يعاني فيه الجندي العراقي من الفقر والعوز ؛ اذ ان راتب الجندي المكلف آنذاك عشرين دينار فقط بحيث لا يستطيع شراء بيت او سيارة او يعيش عيشة كريمة ؛ في حين كان العامل المصري يحول شهريا مئات الدولارات من ثروات الجنوب العراقي الى مصر ؟!
وكالعادة انبرى احد الكتاب المنكوسين من ايتام النظام الهجين البائد والمدعو إبراهيم محمد في مقالته التافهة : ((حميد عبد الله شهادات مطعون بها ! والمتفيهقون! )) للدفاع عن النظام السابق وتكذيب هذه القصص الحقيقية والاحداث الدموية والتي يعرفها القاصي والداني ؛ قائلا : (( ... تحدث في كتابه عن اعدام اعداد كبيرة من الجنود العراقيين وانه ارسل مندوبا عن وزارة الدفاع لمراقبة عملية الاعدام والسؤال المهم لماذا ترسل وزارة الدفاع من يراقب اعدام الجنود الهاربون من الخدمة العسكرية .. قصص من خيال عوض فخري وتلقفها حميد عبد الله !!... )) ؛ قد انكر هذا الكاتب المنكوس شخص المدعو المجرم عوض فخري وعده من المجاهيل علما انه عمل في وزارة الخارجية وتبوءا العديد من المناصب ؛ وقد التحق بالخدمة العسكرية في وزارة الدفاع في الدائرة القانونية لأنه حقوقي فذهب ممثل عن الدائرة القانونية للإشراف على الاعدام ؛ فاين العجب في ذلك ايها المنكوس ؟!
ايها الكذوب الافاك كلنا يعلم ان النظام الهجين بقضه وقضيضه يشارك في كافة حفلات الاعدام والتعذيب ؛ اذ تشارك كافة الدوائر والمؤسسات في ذلك بدأ من منظمة الطلائع والفتوة والحزب والاتحاد العام لنساء العراق فصاعدا ؛ بل ان النظام يطلب احيانا من ذوي المقتول قتل ابنهم بأنفسهم او التفرج على اعدامه كما حصل مع بعض التكارتة والعراقيين .
كانت الاعداد التي تمت تصفيتها في معسكر بسماية هائلة وتعد من المجازر الرهيبة بل ومن جرائم الحرب الوحشية والتصفية العرقية والطائفية ... ؛ واني اعتقد جازما بأنه في حال توفر الاحصائيات الحقيقية المغيبة وتدوين شهادة الجنود العراقيين الاحياء وتسجيل ملاحظاتهم وذكرياتهم عن عدد الجنود العراقيين الذين اعدموا في الحرب العراقية الايرانية من فرق الاعدامات التكريتية والصدامية الخسيسة لبلغت أعدادا مرعبة لا تقل كثيرا عن إعداد الذين سقطوا في ساحات الوغى ... .
وقد ادلى المواطن محمد الكربلائي بشهادته قائلا : (( اني كنت بالعام ١٩٩١ مسجون بسجن رقم واحد , بسبب بالانتفاضة وكنت حينها عسكريا و تم اعتقالي في كربلاء... وكانوا قبل الاذان يأخذون ( منشات نيسان ) حافلات معبأة بالمعتقلين ويذهبون بهم الى منطقة بسماية لإعدامهم هناك ... ونحن كنا ننتظر دورنا في الاعدام هناك الا ان انهم اصدروا عفوا فشملني العفو وقتذاك وكنت قريب من الموت لولا رحمة الله ... )) .
كانت الامة العراقية ولاسيما الاغلبية تشرب من كأس الموت الزؤام اكثر مما تشرب من الماء ؛ ففي كل يوم جريمة وبين سنة واخرى تخوض حربا لا ناقة لها فيها ولا جمل ؛ وها هو التافه السفاح دوحي ابن صبحة يعترف في احدى لقاءاته التلفزيونية الموثقة بعد عام 1990 قائلا ما معناه : (( ...ان دول الخليج دفعته لحرب ايران او ما خلونه انشوف القوى الخيرة منها ... )) حتى شاعت هذه المقولة المنكوسة بين اوساط العربان : (( منا المال ومنكم الرجال )) ... وفي المحصلة الاخيرة فقدنا المال والرجال معا , ولم تقف تلك الدول معنا بل مارست دورا تخريبيا وتامرت على العراق واعتبرت الاموال التي دفعت في حرب النيابة والوكالة ديون على العراق .
في تلك السنوات الدموية العجاف والايام السوداء وبينما كان العراقيون يساقون الى الموت الاحمر وحدانا وزرافات ومدن العراق تدمر ونخيله يحترق ... كانت الدول الخليجية تبني وتتطور وترفل بالأمن والامان وينعم مواطنوها بالتنمية وتطوير الكفاءات العلمية والفنية وممارسة التجارة والاستثمارات ... وكان لسان حالهم ما قاله المطرب الكويتي حسين جاسم : (( الفرحة طابت يا هوى والسعد غنا ...)) ؛ اما نحن فكان البعثيون والصداميون يعلموننا على الرمي بالكلاشنكوف والتهيؤ للذهاب الى جبهات القتال الانتحارية الخاسرة والصراخ بأعلى اصواتنا : بروح بالدم نفديك يا صدام ؛ وكلنا يعلم علم اليقين وكما اعترف بذلك بعض رجالات الفئة الهجينة بان الهدف من الحرب العراقية الايرانية هو ضرب الشيعة بالشيعة والقضاء عليهم جميعا ؛ وهذا الهدف المشترك اتفق عليه اعراب الخليج والطغمة الهجينة والامريكان والبريطانيين والمصريين والاردنيين ومن لف لفهم من القوى الحاقدة .
وقد علق الكثيرون على الفيديو الذي نشره المدعو حميد عبدالله واغلب العراقيون علقوا بما زاد عن حلقة حميد عبدالله وادلوا بمئات الشهادات الحية المؤيدة لتلك المجزرة ؛ ولكن شذاذ البلدان العربية كعادتهم المنكوسة في محاربة العراق والعراقيين تعليقاتهم سلبية , واليك هذا التعليق المنكوس لاحد الفلسطينيين الحاقدين : ((انا من متابعيك من فلسطين ... اتمنى عليك عدم الايغال في هذه القصص الدموية... فمعرفه الحقيقة لا تبرر ان يكره الإنسان كل شيء... مثل هذه القصص تجعلنا نكره العراق وتاريخها خصوصا وان ما حدث بعد صدام كان أكثر دموية وتنفيرا ... بشروا ولا تنفروا... يسروا و لا تعسروا ))
ايها الملعون ما انت الا مرتزق اجير وافاك حقير ؛ وقد خبرناكم طويلا وعرفنا جوهركم الخسيس , اذ كنتم قتلة وزبانية جحيم في قوى الامن الهجينة والبعثية والصدامية او مرتزقة في الجيش العراقي او جواسيس على الشعب العراقي ؛ ولعل اجرام فرقة ابو العباس الفلسطيني في قمع وقتل الثوار الاحرار وتدمير وتدنيس المقدسات والمراقد المقدسة عام 1991 تبقى وصمة عار على جبين هؤلاء النواصب المرتزقة ؛ ومما شهد به المواطن جاسم محمد العماري بهذا الصدد : (( ... في احد المعارك الخاسرة اندحر الجيش وانا قفلت راجعا كباقي الجنود في العام 1988 , وكان امر الفوج فلسطيني حقير , وقد رفع تقريرا عني يقول فيه انني هربت الى جهة مجهولة لمساعدة العدو ... , وحكمت بالإعدام ولم التحق بالجيش بعدها ابدا وقضيت كل عمري مختبئا في الاهوار ومن ثم هاجرت الى ايران ولم ارجع الا بعد سقوط النظام ... )) .
مالك انت ايها المنكوس والشأن العراقي ؟ ان كنت رجلا فأذهب وحرر الارض التي باعها اسلافك الخونة للصهاينة .
واليكم شهادة احد الاطباء حول معسكر بسماية : (( ... في بداية سنة 2001 عينت في مؤسسة مدينة الطب في بغداد وهي عبارة عن مجمع طبي كبير متعدد الاغراض والاختصاصات كطبيب متخصص في الباطنية والجراحة العامة , و كان العمل مضنياً ومرهقاً ومقتضياته تكابد من ظروف الحصار وتداعياته المدمرة وهو يفتقد الى تلك الضروريات التي يحتاجها مجمع كبير ، كمدينة الطب من ادوية ، ومعدات، وخدمات واتصالات علمية ... لم يمض على تعييني سوى أشهر معدودات ، حتى أوكل الى هذه المؤسسة الانسانية العريقة مهمة قذرة لا تتناسب ودورها ورسالتها ، فبدلاً من تعميق وتحسين كفاءتها في خدمة الموطنين وعلاجهم ومكافحة الامراض ، انقلبت الامور نحو مهمة غريبة حينما جرى احضار مرضى من لون مختلف واعراض ملتبسة، وبدلاً من تطبيبهم جرى امراضهم وتدميرهم والفتك بهم وتشويهم، فبين يوم وأخر كان يجري تجميع بعض الا طباء في احدى القاعات المنزوية في مدينة الطب، لكي يشاهدوا عمليات صلم الاذان، وسل الالسن، ووشم الجباه بكاوية كهربائية مفزعة وقطع الايادي ربما بتخدير غير كافي ، كعقاب وانتقام ينسجم وسياسة النظام السادية وبطشه ازاء من لا يراهم يستسلمون لمراسيمه واستبداده، وكالعادة لا تعرف من هؤلاء , ولأي سبب احضروهم، واية محكمة حكمتم لينالوا هذا اللون من العذاب الوحشي ... وأين ... في مؤسسة وجدت لتخدم الانسان وتشفيه من علله...؟!
ولتغدو دار الحكمة والشفاء الى مجرد مسلخ بشري يسترخص فيه الانسان وكرامته الى متناهيات الاذلال، كان المنظر مريعاً و مأساويا، والاطباء الحاضرون يستغرقهم، خوفاً مركباً، وشروداً ذهنياً والكل يتراجف ويختض رعباً ، وصراخ المعذبين يهز القاعة والدماء تسيل من المناطق المقطوعة ورائحة اللحم البشري المشوي المثيرة تنفذ الى الانوف والنفوس مباشرة، مستقطعة منا كل معنى وحس انساني ونحن في ذروة الذهول والشرود... لقد تكرر هذا المشهد الوحشي اياماً وليالي وأشهراً وما أن انتصفت سنة 2002... حتى وجدت نفسي منقولاً الى معسكر بسماية الخاص بفدائيي صدام دون اعتراض أو سؤال وعلي البقاء في ذلك المعسكر الرهيب ليلاً ونهاراً دون النزول الى المدينة أو الاتصال بالأهل كانت هذه الشروط صارمة وعلي قبولها وأنا صاغياً ...
:معسكر الرعب في بسماية : ...؟
يقع هذا المعسكر المخيف قرب مدينة الصويرة جنوب بغداد تقريباً 65 كيلومتر. وهو خاص بفدائيي صدام كموقع للتدريب والتأهيل العسكري والقتالي ،يديره ضباط غير مرتبطين بالقوات العسكرية ، ويشرفون على اعداد قتلة من نوع خاص يرتبطون مباشرة بعدي صدام حسين ويتمتعون بصلاحيات استثنائية مفتوحة وتوكل اليهم المهمات القذرة التي تتطلب مواصفات خاصة ، انهم ( فدائيي صدام) بزيهم الاسود وتنظيمهم المخيف المنتشر في اغلب محافظات العراق والذي يعد بعشرات الالاف وصفوفهم تغص وتفيض بكل من تناولته الدونية وأستمرأ السكن في مستنقعات الرذيلة وغطس في عار حضيضها، وهم انعكاسُ لدونية النظام وسفالته ونسخاً حقيرة لرموزه وانحطاطها الاخلاقي .
في البدء كان تدريب فدائيي صدام يقوم على احضار تشكيلة من الحيوانات , كالكلاب، والاغنام، واحياناً الذئاب، والافاعي واستخدامها ، ، كشواخص لمهارات القسوة والعنف فيقومون بتمزيقها بأسنانهم وأيديهم أو ركلها بأرجلهم وكان يجري تطبيق ضربات الكارتيه المميتة عليها.
في بداية تموز 2002 تغير الامر بصورة جذرية ومخيفة، عندما بدأت تتقاطر فجر كل يوم تقريباً في حدود الساعة الخامسة صباحاً سيارات عسكرية خاصة بفدائيي صدام وهي تحمل مجاميع بشرية وهم بالطبع مواطنون عراقيون من مختلف الأعمار والمناطق ليجر قتلهم والاجهاز عليهم بطريقة بشعة وقاسية وغريبة.
كان العدد حسب التقدير(50) شخصاً او ربما أكثر لأنه ليس بالإمكان الاطلاع على هوية القادمين بهذه السيارات ومعرفة عددهم فذلك محظورا... في القاعات المخصصة للتدريب يجري انزالهم وتقسيمهم الى مجموعات ويخصص أفرادها ويفرزون وفقاً لنوعية التدريب المطلوب إخضاعهم له بوصفهم أهدافاً بشرية... لمتدربي فدائيي صدام والتي تتراوح تصنيفاتها بين الذبح بالسكاكين أو الطعن بها أو قطع الرؤوس بالسيوف، أو القتل بواسطة ضربات الكاراتيه، أو الخنق، لم يتسن لي رؤية ما يحدث فذلك يجري في قاعات مغلقة ودون السماح لغير المتدربين الاقتراب من هذه المواقع أو رؤية ما يحدث بداخلها ، لكنني كطبيب كنت اعرف الكيفية التي يحدث فيها الموت من معاينة الجثث ونوع الكدمات والضربات والطعنات التي تتلقاها الضحية والمدة المحتملة لوفاتها.
في هذا الموقف المريع تواجه الضحية الواناً من العذاب المنفلت وتكابد فيه مزيجاً من الرعب والفزع والالام الفظيعة بخاصة عندما يجري اطالة تعذيبها على ايدي قتلة قساة بلا ضمير ... في حالات كثيرة يتجنب القتلة احضار كل جثث ضحاياهم بسبب ما نالها وما تعرضت له من تشويه شديد جراء قسوة الضرب والتمثيل الذي طال كل نواحي الجسد لفحصها، وطبعاً دون الحاجة الى تنظيم شهادة وفاة، بل فقط تأكيد موت الضحية من خلال المعاينة والفحص التي يقوم بها الطبيب يومياً، وتأكد لي أن بعض الضباط كانوا يشرفون على هذه العمليات بالتناوب وسمعت ما كان يدور هنالك من خلال الثرثرة التي تترادف على السنتهم تبجحاً وتشفيا بالضحايا وهم يسردون وقائع تلك المشاهد الدموية ومعاناة وصراخ الضحايا وهم يواجهون جلادين بلا انتماء ولا أدنى أحساس.
في الحقيقة كان التعتيم شاملاً ولم اعرف هوية أو انتماءات الضحايا السياسية ، وكان المشرفون على المعسكر يرددون كلمة خونة أو جواسيس أو عملاء.
وقد لاحظت مراراً ان من بين الضحايا من كانوا دون سن الثامنة عشرة وكما عرفت لاحقاً ان الضحايا كانوا لا يعرفون المصير الذي سيتعرضون له ولا الغاية من جلبهم الى معسكر الموت هذا.
لقد استمر الحال لأكثر من شهر قضيته في هذا المكان المشؤوم وكأنه دهراً مديداً أوسعتني أيامه المفزعة، عذاباً، ورعباً، وقهراً وأوقعتني تداعياته في جحيم الكآبة والوجوم.
كانت تجربة مريرة وقاسية أعدت فها ترتيب منطلقاتي وأفكاري بصورة جذرية, بعد رحلة العذاب هذه جرى نقلي الى مكان أخر دون أن تفارق ذاكرتي فظاعة المشاهد الدامية بلونها الغريب والمفجع ...)) (2) .
وقد شهد احدهم قائلا : (( ... وقد رأيت بأم عيني عملية قطع اذن احد الضباط وهو برتبة عقيد ركن استخبارات اتهمه عدي انه سبه وسب والده دون دليل، كما عرفت من بعض الضباط داخل معسكر بسماية ان عمليات اعدام كانت تتم في السجون هذه احيانا، بل ان احد الضباط حدد لي بالضبط مكان دفن جثث المعدومين الذين لا تسلم جثثهم الى اهاليهم ولا حتى يتم ابلاغ الأهالي عن اعدام ابنائهم... )) (3) .
وصدق الكاتب طلال شاكر عندما قال : (( ... عندما يتأمل المرء هذه البانوراما المرعبة ويستحضر أجواءها بذهن تأملي ويتساءل هل كان صدام حسين وبعثه عراقيون حقاً ... أم هم ينتمون الى كائنات جاءت من خارج كوكبنا ... )) .
هذه قوانين واجراءات كائنات الفئة الهجينة ولقطاء تكريت والتي كانت تطبق على ابناء الجنوب والوسط العراقي ؛ اذ كان يساق الجنود الابطال والمواطنون الاحرار الى حفر الموت الاحمر ؛ بينما يتنعم ابناء تكريت والفئة الهجينة بخيرات العراق في قصورهم واوكارهم الخلفية ويحيون الحفلات الماجنة ويعيشون الليالي الحمراء مع زمر الكاولية وشلل الدعارة ؛ ففي هذه المنطقة الامنة يغني المطرب سعدون جابر بينما يرقص وزير الدفاع المجرم عدنان بن خيري الشاذ مع ابن اخته المجرم قصي ... وفي مكان اخر يسهر المجرم علي الكيماوي مع الكاولية حتى الصباح الباكر ... وبهذه الصورة البائسة كان يدار العراق , ويذبح العراقيون ؛ ومن هنا تعرف ان قبل مجزرة سبايكر الرهيبة ؛ حدثت مئات المجازر الدموية .
.............................................................................................
- عندما اسمع اسم عوض يتبادر الى ذهني حارات القاهرة او ازقة فلسطين ؛ وهو من الأسماء ثنائية الجنس هذا يعني أن تسمية عوض تصلح للمذكر والمؤنث أيضًا ؛ وهو غير منتشر في العراق بل لا يعد من الاسماء المتداولة في العراق بل في العالم العربي ايضا ؛ فهؤلاء يختلفون عنا بكل شيء حتى بأسمائهم واخر دعوانا : (( عليه العوض ومنه العوض كما يقول اخوتنا المصريين )).
- مقالة فدائيي صدام: وغرائب الموت في معسكر بسمايا..شهادة طبيب..؟ / طلال شاكر .
- مقالة قائد "فدائيي صدام" لـ القبس : فارس الناصري يقود العمليات في وسط العراق / للكاتب مهدي السعيد .