مس " ميري " 

لا أستطيع أن أزيحها اليوم من مخيلتي ، تلك المدرسة الطاعنة في السن و الصمت ، 

أكره استحضار صورتها .. و في كل مرة أفعل أشعر بثقل يجثم على صدري و تغرق منابت شعري بالعرق .. 

اليوم .. أتذكرها لكن بطريقة مختلفة ، أشعر بالحزن على حالها 

حزينة جدا على بشرتها المجعدة و على ظهرها المقوس ، 

حزينة جدا .. لأنها عندما كانت تحاول وضع أحمر الشفاه كانت تخفق في ذلك ! 

كان يتعذر عليها العثور على كيان شفتيها ، شفتاها كانتا مجعدتين 

و مضمومتين داخل تجويف فمها .. أحمر الشفاه كان هالة مبعثرة في مكان ما 

منتصف الوجه .. أرغب بتفحص شفتي أمام المرآة و وضع أحمر شفاه 

ثم التقاط مئة صورة .. توثق حدودهما ! 

ثم أريد أن أجمع شعري و ألتقط ألف صورة أخرى ، 

قبل أن تعبث الخطوط و تقتسم بشرة وجهي 

عائلة أبي .. لا يعمرون !

و يرحل معظمهم قبل أن يبلغوا الستين كما رحل أبي ، 

أنا .. أحبهم و أشبههم 

ما يدعو للاطمئنان بأني سأرحل قبل أن أتجعد كثيرا و ترتسم هالات غامضة 

حول شفتي و عيني كما كان حال مس ميري ..