سأكلمه بصراحة :
لقد رأيتك ؛ رأيتك بالأمس ، رأيتك تمنحها ( لايكا ) كبيرة . لا بأس ؛ انها انسانة ، مثلي تماما ، و تحتاج - مثلي - الى من يشجعها و يدعمها . لكنها قد تكون مثلي أيضا ؛ تحتاج الى من يربت على كتفيها فعلا ، قدتكون - مثلي - ملهوفة على يد طبيعية من لحم و دم ، يد تشمها ، تلمسها ،تحس بدفئها ... اذا كانت كذلك ، فتلك القبضة البيضاء ، ذات الابهام المرفوع ، لن تنفعها ، و لو كبرت .
صحيح ، لقد اتبعت - مشكورا - القبضة البيضاء ، بمديح استثنائي : جملة طويلة ، من خمس كلمات او ست ، تخللها وجهان صفراوان مبتسمان ، و تبعها آخران ... هذا جيد ، لكن صديقتنا قد تكون مثلي، محتاجة الى كلام حقيقي : فم يتحرك ، و أسنان تظهر ، و صوت يسمع ... اذا كانت كذلك ،فلا القبضة ، و لا التعليق سينفعانها.
لكن ماذا تفعل اذا كانت يد زوجها خشنة غليظة ، و كلامه قبيح و مزعج ؟ ماذا تفعل ؟ ربما يجدر بنا اذن أن نكثف من طباعة قبضاتنا البيضاء ، ذات الابهام المرفوع ، على صفحتها ، و علينا أن نكثر من كتابة التعليقات على ما تكتبه ، و على ما لا تكتبه .
لكن ، عندما تأوي صديقتنا المسكينة الى فراشها - و هي لا بد فاعلة مهما طالت حياتها الالكترونيه - لن تسعفها كثافة لايكاتنا ، و لا كثرة تعليقاتنا ؛ في ذلك الوقت العصيب ، ستتلفت حولها فلن تجد أحدا ، لن تلمسها أي يد ، و لن ترى أي وجه ، ستبحث ، ستتحسس الفراش ، ستجده باردا ، انها مشتاقة ليدين حقيقيتين ؛ يدين من لحم و دم ، يدين تضمانها فتشعر بالأمان و الحنان ، ستبحث و تبحث ، و لن تجد شيئا ... تبا ماذا تفعل وقتها ؟ : ستلج صديقتنا عالمها الالكتروني من جديد : مرحى ، ها هي الأيدي البيضاء تزين حياتها ثانية ، ها هو الكلام الجميل يتبع كلامها ، و يتبع ، لا كلامها .
بوركت اذن يا عزيزي ، و بوركت لايكاتك ، و لا فض فوك ، اقصد لا فض فوه جهازك .
أما عني ، فلا تقلق بشأني ، سأضحي من أجل صديقتنا المسكينة ، و أمثالها من المحرومين ، سأستغني - ما شاء قلبك - عن قربك ، و سأدعو لك بالتوفيق في مهمتك الإنسانية النبيلة .
أنهت صاحبتنا كلامها ، و تولى الرسول الالكتروني - المسنجر - ايصاله الى زوجها البعيد - في الغرفة المجاورة - ثم ، بعد ثوان ، ظهرت يد كبيرة مقبوضة ، ذت إبهام مرفوع ، ثم وجوه صفراء كثيرة .
تمددت على فراشها ، مدت يديها الى الفراغ ، ألصقت جسدها ب (لا شيء) ، حاولت النوم مع ال ( لا أحد ) ...