الحكيم والشباب والرؤية المستقبلية ...

رحيم الخالدي

كل الدول الغريبة غيرت المسارات القديمة، في مسائل إختيار الشخصيات صاحبة العمر الأكبر،  وأصبحت تعتمد على الكفاءآت الشابة في إدارة الدولة، وتركت أيديولوجية الخبرة والعمر والى ما ذلك من الأمور، التي كانت تعتمد عليها في السابق إعتماداً كليا، ودأبت على إستثمار الأفكار من خلال التخطيط الإستراتيجي الجديد، ليتم مراجعتهُ والاستفادة من بعضها، وترك الباقي منها لأنه لا ينسجم مع التطلعات والعصر الحديث والتكنولوجيا المتطورة، واليوم كثير من الدول المتقدمة تعتمد على الشباب، ورئيس وزراء كندا وغيره من الشخصيات المرموقة مثالا! وبعظهم أعمارهم تجاوزت الأربعين قليلا  . 

المتظاهرين الذين خرجوا ولازالوا يخرجون للتظاهر، إن لم نقل كلهم فمعظمهم من الشباب، ويمتلكون الخبرة والدراية، وبعظهم يحملون شهادات عُليا تؤهلهم ليكونوا بمناصب تليق بمحصلهم العلمي، وهؤلاء إن لم يحتضنهم الوطن فمن سيكون ؟ هل بلاد الغرب لا يفهمون ! ويعطونهم كل الثقة في إدارة كثير من المفاصل المهمة، وهنالك من أبدع وصعد لمراتب كبيرة، ونال ثقة وإستحسان المجتمع الذي يعيش في وسطه، ألسنا أولى بشبابنا؟ وليس دول الغرب بإحتضانهم ومنحهم كل الفرص الممكنة! وتشجيعهم  ليبدعوا ويخدموا أفضل من الهجرة، التي شبعت منهم دول الجوار إضافة لباقي دول الغرب .

على مدى السنوات الأخيرة، ومنذ تسلم السيد عمار الحكيم مقاليد رئاسة المجلس الأعلى، وهو المتصدي وصاحب المبادرات، التي يطلقها بين الحين والآخر، وهي تصب كلها في مصلحة الوطن والمواطن بشكل وآخر، ولو تم الأخذ بما طرحه من مبادرات، لتجاوزنا كثير من العقبات التي ألمّت بنا، واليوم يجدد طرح تخفيض عمر الترشيح، والتسابق لمن يجد في نفسه الكفاءة والمقدرة في التصدي، عليه واجب إنقاذ البلاد مما نحن فيه، ولنغادر مرحلة الاعتماد على الشخوص، وترك الاتكال على عامل العمر، ولم يعد الحصول على العلم صعوبة لمن يريد، وهذا أيضاً حافزاً جديداً تعطيه هذه المبادرة، ليكون التصدي من قبل الشباب لتحمل المسؤولية .

تحديد المُعَطّل أمر لابد أن يكون السمة التي نبدأ منها في الإصلاح الحقيقي، وتجاوز الروتين الذي نخر المجتمع العراقي بات اليوم مشكلة كبيرة، ولم نرى من الحكومة تحريك أيِّ ساكن على طول السنوات المنصرمة، من عمر الديمقراطية التي أوجعتنا في قلوبنا، وفقدنا ثمن ذلك خيرة من شباب العراق، سواء من المقاتلين في القوات الأمنية أو الحشد الشعبي، أو المدنيين الذين تم إستهدافهم بالمفخخات التي ضربت المحافظات العراقية، وبغداد نالت حصة الأسد! وكل ذلك يجب أن يكون وفق خبرة الشباب العراقي، الذي يمكنه تحمل المسؤولية، وقد خبروها خلال الثلاثة عشر الماضية، من عمر الديمقراطية .

فسح المجال أمام الشباب في تبوأ المناصب في إدارة الدولة، وإستثمار ما لدى الشباب من طاقة وحيوية ولكبار السن وخبرتهم أهمية لا يمكن الإستغناء عنها، وبعد إنتهاء فترة حكم الحزب الواحد، والبدأ بمرحلة التنوع ومن كل الأطياف، التي تشكل ألوان الطيف العراقي، والسير نحو إدارة شبابية كما في سائر الدول المتقدمة، والإستفادة من الأساتذة الكبار في تصحيح بعض الأخطاء، التي وقعت بها الحكومات السابقة، سواء من الهدر في المال العام، أو الإهمال أو الفساد أو الهيمنة من بعض الأحزاب للوزارات، والمديريات والهيئات، أو جعل المناصب وتوابعها عائلية ملك صرف وكأنها ارث! وهذا يمكن معالجته من خلال دمج الشباب وإعطائهم فرصة لخدمة بلدهم .